شهدت الأسابيع الأخيرة فصول توتر ملحوظ بين وزارة الداخلية وعدد من النواب البرلمانيين فيما وصف بأنه «إعلان للحرب» من طرف شكيب بنموسى على ممثلين للأمة داخل المؤسسة التشريعية. وشكلت حالة النائبة البرلمانية عن حزب التقدم والاشتراكية عائشة القرش آخر فصول هذا التوتر، بعدما طالبت وزارة بنموسى أمس الاثنين بتحريك دعوى قضائية لاستجلاء ملابسات قضية بعثها رسالة إلى الأمير مولاي رشيد بشأن ما قيل إنها «واقعة مريبة». وجاءت رسالة القرش، أياما قليلة بعد رسالة كان قد وجهها النائب البرلماني عن حزب العدالة والتنمية عبد العزيز أفتاتي إلى السفارة الفرنسية، بخصوص الحالة الصحية للمستشار الجماعي بمدينة وجدة نور الدين بوبكر أثارت غضب الداخلية التي وصفتها بأنها «تصرف غير مسؤول» و«لجوء مرفوض» إلى جهات أجنبية في قضية وطنية داخلية. وفسر أستاذ القانون الإداري بجامعة المحمدية رشيد لبكر «التحركات الجديدة» لوزارة الداخلية بأنها محاولة منها للحفاظ على هيبتها أمام سهام النقد اللاذع التي دأبت الأحزاب السياسية على توجيهها إليها. وقال لبكر ل«المساء» إن «الأحزاب المغربية اكتشفت وصفة سحرية ترى أنها مفيدة لها سياسيا حيث تبرزها في موقع المظلومة باتهام الداخلية بالتموقع لصالح تيارات معينة ضد أخرى، وهو ما يكون قد أزعج وزارة شكيب بنموسى». وأضاف الأستاذ الجامعي أن ردة فعل الوزارة اقتضت تحريك مساطر قانونية ضد عدد من النواب والأحزاب، مشيرا إلى أنه «لا يمكن وصف هذه التحركات بأنها استراتيجية جديدة للوزارة في تعاملها مع الأحزاب والنواب»، متوقعا أن ينتهي هذا التوتر مع انتهاء تداعيات نتائج الانتخابات الجماعية الأخيرة وتشكيل مجالس البلديات. وفي سياق العلاقة المتوترة بين الداخلية والنواب حمل بيان للوزارة، وصف بأنه «شديد اللهجة»، بداية الشهر الجاري بشدة على نواب برلمانيين ينتمون إلى حزب عبد الإله بنكيران عقب مناقشات ساخنة بلجنة الداخلية واللامركزية والبنيات الأساسية بخصوص ما جرى في انتخابات تشكيل مجلس بلدية مدينة وجدة. وقال بنموسى إن العدالة والتنمية «عمل على تعكير الجو الطبيعي والعادي للاستحقاقات الأخيرة في عدد من المدن، بما في ذلك مدينة وجدة، حيث ركز في إطار خطته المبنية بالأساس على التشويش والاستهلاك الإعلامي، على الادعاءات الكاذبة والتصريحات المغرضة وذات الطبيعة السياسوية». وهو التصريح الذي عبرت مؤسسات حزبية منها العدالة والتنمية والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية عن رفضها له، موضحة أنه «محاولة للضغط على النواب وثنيهم عن أداء دورهم في نقد ما يرونه خرقا للقانون». في غضون ذلك، ما تزال محاكمة النائب البرلماني عن حزب بنكيران «مصطفى الإبراهيمي» بتهمة الاعتداء على رجل أمن مستمرة، ومن المفترض أن تكون الجلسة الثانية قد عقدت أمس الاثنين بالمحكمة الابتدائية بوجدة، بعدما تم تأجيلها الاثنين الماضي. وشرح الإبراهيمي في وقت سابق ل «المساء» أنه تم اعتقاله مساء الجمعة 3 يوليوز الجاري بمقر الشرطة بالمدينة الحدودية، وتم استجوابه مع ساعات الصباح الأولى ليوم السبت، حيث أقر أنه تعرض ل «تعنيف لفظي» من طرف المحققين. ولم تبدأ تحركات وزارة الداخلية مع قضية مدينة وجدة، بل سبق لها أن قررت فتح تحقيق يوم 17 ماي الأخير في «ملابسات الادعاءات التي وردت في تصريحات عضو مجلس المستشارين المصطفى الكانوني الفائز في الانتخابات الجماعية الأخيرة بجماعة سيدي التيجي (دائرة عبدة بإقليم آسفي)، حول تلقيه عرضا من رجلي سلطة لمدهما بمبلغ مالي ليضمنا له رئاسة المجلس الجماعي». وخلص بحث أولي إلى أنه لم يثبت وجود أي دليل يؤكد ما قاله المستشار البرلماني، وهو ما جعل الداخلية تعقب على النتيجة بقولها إنه «واعتبارا لخطورة التهم الموجهة إلى رجلي السلطة والتي تم بثها مباشرة على أمواج الإذاعة وشاشة التلفزة، فقد تقرر فتح تحقيق في الموضوع للوقوف على ملابسات هذا الادعاء« مضيفة أن الإدارة الترابية ستبقى محتفظة بكامل حقوقها المكفولة لها قانونا في هذا الباب».