انطلقت، يوم أمس الأربعاء، الحملة الانتخابية لإجراء انتخابات الغرف المهنية لانتخاب ممثلي غرف التجارة والصناعة والخدمات والفلاحة والصيد البحري والصناعة التقليدية، وسط مخاوف سياسيين من تكرار سيناريو جماعيات 12 يونيو الماضي، التي تميزت بعدد من «الخروقات»، بحسبهم، مما أدى إلى بروز خريطة سياسية أتت بحزب الأصالة والمعاصرة، الذي تأسس قبل أسابيع فقط، على رأس قائمة الأحزاب السياسية. واعتبر نقيب هيئة المحامين والفاعل السياسي اليساري، محمد أقديم، أن لا بشائر تفيد بأن الاقتراع الخاص بانتخاب أعضاء الغرف المهنية، في 24 من الشهر الجاري سيتم بعيدا عن «استعمال المال وارتكاب مزيد من الخروقات، بل ستتم إعادة نفس سيناريو الانتخابات الجماعية الماضية»، مشيرا إلى أن هناك «جهات تريد أن تخوض في مجال السياسة لكن بوسائل غير نظيفة، بما فيها استعمال المال للتأثير على الناخبين في مختلف الاستحقاقات، مغلفة ذلك برفع شعارات مختلفة تعلن عكس ما تخفي». وأضاف أقديم، الذي لم يتمكن من الفوز في جماعيات 12 يونيو الماضي، حيث خاضها كوكيل للائحة تحالف اليسار الديمقراطي الذي ضم الحزب الاشتراكي الموحد والطليعة الديمقراطي الاشتراكي والمؤتمر الوطني الاتحادي، أن «مسألة النزاهة في الانتخابات في المغرب أصبحت موضوع تساؤل كبير، في ظل الاستعمال المفرط للمال»، قبل أن يزيد بنوع من التهكم، «ينبغي في المستقبل وضع سقف مالي أمام المرشحين لخوض غمار الانتخابات، وأن يوضع مثلا مبلغ 500 مليون أو مليار سنتيم كشرط لخوض هذه الانتخابات». وكانت الانتخابات المهنية سنة 2003 عرفت مشاركة 26 حزبا سياسيا بالإضافة إلى عدد مهم من المستقلين، واحتل فيها حزب الاستقلال المرتبة الأولى بحصوله على 317 مقعدا متبوعا بحزب التجمع الوطني للأحرار الذي احتل المرتبة الثانية ب 288 مقعدا، بينما جاء المستقلون والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في المرتبة الثالثة ب227 مقعدا، ثم الحركة الشعبية ب 208 مقاعد والاتحاد الديمقراطي (130 مقعداً) والحركة الوطنية الشعبية (123 مقعدا) وحزب التقدم والاشتراكية (102 مقعد). وبلغ عدد الترشيحات المقدمة في صنف غرف التجارة والصناعة والخدمات، ما مجموعه 5596 ترشيحا برسم 872 مقعدا المخصصة لها، منها 2786 ترشيحا برسم صنف التجارة و1245 ترشيحا برسم صنف الصناعة و1565 ترشيحا برسم صنف الخدمات. وأفاد بلاغ لوزارة الداخلية أن عدد المرشحين لغرف الفلاحة في الدوائر التابعة لها (عددها 622 دائرة انتخابية) بلغ ما مجموعه 2190 ترشيحا. أما بالنسبة لغرف الصناعة التقليدية، فإن عدد المرشحين برسم 558 مقعدا المخصصة لها بلغ ما مجموعه 4265 مرشحا، منهم 3084 مرشحا برسم هيئة الصناعة التقليدية الفنية والإنتاجية و 1181 مرشحا برسم هيئة الصناعة التقليدية الخدماتية. وفيما يتعلق بغرف الصيد البحري، فقد بلغ عدد الترشيحات المودعة برسم 127 مقعدا المخصصة لها 294 ترشيحا، تقدم بها 58 مرشحا برسم الهيئة الناخبة للصيد في أعالي البحار و 128 مرشحا برسم هيئة الصيد الساحلي و92 مرشحا برسم هيئة الصيد التقليدي و 16 مرشحا برسم الهيئة الناخبة لمؤسسات تربية الأحياء المائية والأنشطة الساحلية. في سياق ذلك، عبر مصدر من حزب الأصالة والمعاصرة، الذي سيخوض غمار الانتخابات المهنية المقبلة لأول مرة، عن تفاؤل حزبه بتحقيق ما وصفه ب «نتائج إيجابية» في الاستحقاقات المقبلة، مذكرا بما تم تحقيقه في جماعيات 12 يونيو الماضي، والذي جعل العديد من «الخصوم» يعبرون عن رفضهم للنتائج المحصل عليها من طرف مرشحي الحزب، نافيا أن يكون حزبه يستعمل أي نوع من «الإغراء»، قبل أن يختم أن كل ذلك هو محض «افتراءات وادعاءات تحتاج إلى البينة لإثباتها، وأن حزبه ليس مسؤولا ولا يمكن أن يتحمل مسؤولية ضعف الأحزاب وتفكك المشهد السياسي في البلاد». وفي الوقت الذي لعب فيه المستقلون دورا مهما في استحقاقات سنة 2003 المهنية، حيث فاز 275 مرشحا مستقلا، محتلين المرتبة الثالثة من بين 2162 هم أعضاء جميع الغرف المهنية، يتوقع أن يمثل «الوافد الجديد» منافسا مهما بالنسبة إلى باقي الأحزاب السياسية. وبعد أن نفا علمه بنسبة تغطية الأحزاب المشاركة في هذه الانتخابات و«عدم اهتمامه» بها رغم أهميتها في رسم مكونات الغرفة الثانية، باعتبارها انتخابات «متحكما فيها»، أكد العضو في اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال، محمد الخليفة، أنه على مدى التاريخ الانتخابي في المغرب ومنذ سنة 1960، حيث عرفت الانتخابات بعضا من النزاهة، والتي أدت إلى تقسيم الاتحاد الوطني وحزب الاستقلال، وظهور «الفديك»، كانت كل هذه الاستحقاقات المهنية الموالية «متحكما فيها»، باعتبار أنها «تمثل مصالح ضخمة لأشخاص يعرفون كيف يديرون مصالحهم»، «ورغم تدخل وزارة الداخلية، من خلال بلاغ وزير الداخلية القاضي بمنع الممتنعين عن أداء الضرائب من خوض هذه الانتخابات، فإن هؤلاء قادرون على خوض هذه الانتخابات، وبالتالي الفوز بها لقضاء مصالحهم عبر خلق مجالس متحكم فيها مسبقا»، يقول الخليفة في تصريحه ل«المساء».