ترى رقية المصدق، أستاذة القانون الدستوري في كلية الحقوق بفاس، أن التشرذم الذي تشهده الساحة السياسية فرض طريقة جديدة في تدبير التحالفات، مضيفة أن الدولة كان لها دور في انهيار التوازنات الحزبية. - إلى ماذا تحتكم بنظركم التحالفات التي تعقدها الأحزاب السياسية المتباينة من حيث أيديولوجياتها، أثناء تأسيس مجالس الجماعات؟ < أولا، لابد من الإشارة إلى الطبيعة المحلية للانتخابات، والتقاربات على المستوى المحلي، لأن التحالفات التي من الممكن أن تجريها الأحزاب على المستوى الوطني، يمكنها أن تتغير تماما على المستوى المحلي، وهذا غالبا ما تتحكم فيه المصالح، ووزن المنتخبين المحليين داخل الجماعة الحضرية أو القروية وفي بعض الأحيان تحكمه حتى العلاقات الشخصية أو العائلية مابين المنتخبين دون مراعاة لانتماءاتهم السياسية المتباينة.و يمكن أن أرجع هاته التحالفات أيضا إلى نمط الاقتراع المعتمد، إذ أنه حتى لو بدا حصول تغير في أنماط الاقتراع، إلا أنها تبقى قريبة من الاقتراع الاسمي الذي كان سابقا. وأضيف أن التشرذم الذي يطبع المشهد الحزبي بالمغرب حاليا،فرض طريقة جديدة في تدبير التحالفات، عكس ما كان عليه الوضع في عهد علال الفاسي. - ألا تشكل هذه التحالفات بين أحزاب متباينة، ازدواجية في الخطاب السياسي، وألا تظنين أنها تساهم في تهجين المشهد الحزبي، وبالتالي ترسيخ العزوف؟ < معلوم أن نتائج هاته التحالفات التي غالبا تحتكم إلى مبدأ المصلحة لا غير، ستنعكس سلبيا على المشاركة السياسية للمواطنين، ورغم أن التصريحات الرسمية التي أعلن عنها عقب الانتخابات، أشارت إلى أن المشاركة ارتفعت إلى 52 في المائة، فهذا يدعونا إلى الاستفسار عن العوامل التي ساهمت في رفع تلك النسبة، والتحقق من خلو استعمال المال واستغلال النفوذ لكسب أصوات الناخبين. لأنه لايعقل أن يكون قد وقع تغيير فعلي في قناعات المواطنين، بالشكل الذي تم الإعلان عنه. وأود أن أشير إلى أن التشرذم في المشهد الحزبي الذي كانت تدعو إليه الملكية منذ الاستقلال سار بشكل سريع، إلى حد أنه فاق الأهداف المتوخاة منه، هذا المنعطف الانتخابي الذي شهدته الساحة السياسية ازدادت حدته منذ 2002 ، وهو الذي ساهم في انهيار كلي لكافة التوازنات السياسية والتوجهات الفكرية المرتبطة بالتناوب الإرادي التوافقي التي كانت شائعة في فترة التسعينيات ، وأظن أن الدولة كان لها دور في هذا الانهيار، إلى جانب أحزاب الحركة الوطنية من موقعها الحكومي. وأظن أن ظهور وافد جديد في المشهد الحزبي، وخدمة الدولة له ومسايرة جميع مراحله إلى أن أخذ شكل حزب الأصالة والمعاصرة ساهم في بعثرة تلك التوازنات، وساهم في إنهاك الأحزاب السياسية الموجودة على الساحة، عبر ترسيخه لظاهرة الترحال السياسي، واستقطابه للأعيان. - هل هذه التحالفات ستساهم بنظرك في فرز نخب محلية متجانسة فيما بينها قادرة على تدبير أمثل للشأن المحلي؟ < هاته التحالفات ستفرض لامحالة برامج سياسية متباينة فيما بينها نظرا لاختلاف التوجهات الحزبية، كما سيسجل نوع من تهافت الأحزاب السياسية الوطنية للظفر بعقد تحالفات مع حزب الأصالة والمعاصرة لتحقيق مصالحها الانتخابية نظرا لكونه الحزب الذي حصل على حصة الأسد. - هل هاته التحالفات ستساهم في إعادة تشكيل أحزاب يمين ووسط ويسار واضحة الخطط والأهداف؟ < أكرر أنه منذ 2002، سلكت التوازنات السياسية منعطفا آخر، ولا أظن أنه ستتم إعادة تشكيل كتل على المدى القريب، تحتكم لمنطق عقلاني، لأن هاته المسألة تتطلب قناعات حزبية، ونقدا ذاتيا من طرف الأحزاب السياسية.