توصلت دراسة تناولت المبادرة الوطنية للتنمية البشرية إلى أن بعض الجميعات تكونت بمناسبة إطلاق هذا المشروع من أجل الاستفادة من الريع النقدي الذي تتيحه. جاء ذلك خلال الندوة التي نظمتها الجمعية المغربية للعلوم الاقتصادية بالرباط يومي الجمعة والسبت الماضيين، حيث تجلى أن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية التي تحاول خلق أنشطة مدرة للدخل، تحيط بها حدود تتمثل أساسا في تعدد المشاريع مما يجعل النتائج مشتتة. ولاحظ المتدخلون أن البنيات التحتية التي يتم توفيرها في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشريةلا يتم استعمالها في الغالب من طرف الساكنة التي من أجلها أحدثت، بل تستغل لأغراض شخصية من قبل القائمين عليها. وحاولت العديد من المداخلات خلال الندوة تحليل التنمية البشرية في ارتباطها بالسياسة الاقتصادية، حيث تم الاستناد إلى ما توفره على هذا المستوى نظرية الاقتصادي الهندي الحاصل على جائزة نوبل، أمارتيا سين، حيث شدد بعض المتدخلين على ضرورة الاتكاء على هذه المقاربة من أجل تقييم النظام الاقتصادي والاجتماعي والسياسات العمومية. وشدد المتدخلون على أن التنمية البشرية لا يجب اختزالها في استعمال المؤشرات أو محاربة الفقر، بل يفترض أن ينظر إليها من زاوية توسيع مجال الحريات، التي يتوفر عليها الأفراد، فهي مرتبطة بمجال و أهمية الحريات وقدرات الرفاه التي تتاح للأشخاص. وتكتسي هذه المقاربة أهميتها من كونها تشدد على البعد السياسي في التنمية البشرية التي يتم تقييمها من زاوية مدى إتاحتها ممارسة الحريات. بعض المتدخلين حاولوا اختبار السياسية الاقتصادية في المغرب على ضوء مقاربة أمارتيا سين، حيث تم التوصل إلى أن السياسة الاقتصادية في المغرب تعاني من عجز ديمقراطي مزدوج، فهي ليست محددة انطلاقا من نوع من النقاش الذي ينصب على التوجهات العامة، في نفس الوقت يتم البحث عن مشروعية السياسة الاقتصادية بالرجوع إلى رأي الخبير الذي يباركها، علما أنه لا يخضع لرقابة ديمقراطية. وتجلى العجز الديمقراطي الذي يميز السياسة الاقتصادية في المغرب، كذلك، في ما تمت ملاحظته من تفاقم البطالة التي تمثل نوعا من النكران للحريات والحرمان من الفرص، والذي يترسخ مع عدم القدرة على الولوج للخدمات الصحية والتعليم.. وأكد المشاركون في الندوة أن مؤشرات التنمية ليست ذات معنى، ما دامت تتعلق بترتيب فقط، بل إن ما يجب الحرص عليه هو تجاوز المؤشرات والتركيز على مدى مساهمة السياسة الاقتصادية في توسيع مجال الحريات وتقليص الفوارق الاجتماعية.