هبات رياح قوية مع تطاير الغبار وتساقطات ثلجية مرتقبة يومي الاثنين والثلاثاء بعدد من مناطق المغرب    التساقطات المطرية ترفع نسبة ملء السدود ببلادنا إلى 34.81 بالمائة    البحيري: سعداء بالتتويج بلقب البطولة    المغربي إيغامان يقود رينجرز لفوز مثير    لا أيمان لمن لا أمانة له ...    الأدوية الأكثر طلبا خلال رمضان المضادة للحموضة و قرحة المعدة!    إحياءا لروح الوحدة والاستقلال.. وفد من الشرفاء العلميين يزور ضريح محمد الخامس ترحما على روحه الطاهرة    الغلوسي: الفساد يتمدد بفعل غياب الديمقراطية وقوى الفساد تنشر التخويف وتُشرّع لنفسها    اندلاع حريق مهول بحي المهاجرين العشوائي بتزنيت يسائل سياسات الإيواء والاندماج    حفل موسيقي مميز يُلهب أجواء المركز الثقافي ليكسوس بحضور جمهور غفير    الأعمال الفنية الرمضانية: تخمة في الإنتاج ورداءة في الجودة    إغلاق السوق المركزي لبيع الأسماك بشفشاون: قرار رسمي لحماية الصحة العامة وتنظيم النشاط التجاري    أوديسيه: المغرب "إلدورادو حقيقي" للمستثمرين و"وجهة حلم" للمسافرين    إسبانيا تُمدد فترة التحقيق "السري" لنفق سبتة بعد تسجيل تطورات    شبهة التهريب الدولي للمخدرات تتسبب في توقيف سائق شاحنة بطنجة    ترامب يجمّد عمل إذاعات أمريكية موجهة إلى الخارج    عواصف وأعاصير تخلف 33 قتيلا على الأقل في الولايات المتحدة    رياح وتساقطات ثلجية الاثنين والثلاثاء    الأرصاد الجوية تحذر من أمواج عاتية    ارتباك النوم في رمضان يطلق تحذيرات أطباء مغاربة من "مخاطر جمّة"    السلطات تمنع محامين إسبان موالين للبوليساريو من دخول العيون    "الثقافة جزء من التنمية المحلية" عنوان أجندة مجلس مقاطعة سيدي البرنوصي    انخفاض جديد في أسعار المحروقات بالمغرب..    اتحاد طنجة يكرس سلسلة تعادلات الوداد و يرغمه على تعادله الرابع تواليا    الإهانة في زمن الميغا امبريالية: عقلانية التشاؤم وتفاؤل الإرادة.    عشرات الآلاف يتظاهرون في صربيا ضد الفساد    في اليوم العالمي لمكافحة الإسلاموفوبيا    ستشهاد 6 فلسطينيين من بينهم أسيرة محررة لأول مرة منذ وقف النار.. يرفع حصيلة العدوان على غزة إلى 48 ألفا و572 شهيدا    المُقاطعة أو المجاعة !    العدالة والتنمية يحمل الحكومة مسؤولية التأخير في إعادة إيواء متضرري زلزال الحوز    وزير الداخلية الفرنسي يهدد بالاستقالة إذا ليّنت باريس موقفها مع الجزائر    نسيم عباسي يتيح أفلامه السينمائي للجمهور عبر "يوتيوب"    ضبط أزيد من 18 ألف قنينة من المشروبات الكحولية في مخزن سري بالناظور    حالة الطقس ليوم غد الاثنين: أمطار، ثلوج، ورياح قوية بعدة مناطق    المغرب وموريتانيا يعززان التعاون الإعلامي في عصر التحولات الرقمية    تطبيق "تيليغرام" يسمح بتداول العملات المشفرة    مصرع 51 شخصا في حريق بملهى ليلي في مقدونيا الشمالية    من الناظور إلى الداخلة.. عضو في كونفيدرالية البحارة يكشف عن التلاعب بأسعار السمك    الجزائر واكتشاف البطاقة البنكية: بين السخرية والواقع المرير    المغرب يتصدر إنتاج السيارات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا    "آتو مان" أول بطل خارق أمازيغي في السينما: فيلم مغربي-فرنسي مستوحى من الأسطورة    البطولة الاحترافية "إنوي" للقسم الأول (الدورة ال 25).. الفتح الرباطي يتغلب على الشباب السالمي (4-2)    السكتيوي يستدعي 32 لاعبا لإجراء تجمع إعدادي تأهبا ل"شان" 2024    الإيقاع بشبكة نصب في الناظور.. انتحلوا صفة قاض للاحتيال على سيدة    فوزي لقجع.. مهندس نجاح نهضة بركان وصانع مجدها الكروي    استمرار ضطرابات الجوية بالمغرب طيلة الأسبوع المقبل    ملكة الأندلس تتربع على عرش الجماهيرية دون منازع    تتويج "عصابات" بجائزة "فرانكوفيلم"    فيضانات وانهيارات أرضية تجتاح شمال إيطاليا (فيديو)    نهضة بركان يتوج بالدوري الاحترافي    نهضة بركان يدخل تاريخ الكرة المغربية بأول لقب للبطولة الوطنية    تأثير مرض السكري على العين و عوارض اعتلال الشبكية من جراء الداء    أبرز المعارك الإسلامية.. غزوة "بني قينقاع" حين انتصر النبي لشرف سيدة مسلمة    الغذاء المتوازن و صحة القلب في رمضان !!    فرنسا تعلن استيراد الحصبة من المغرب    أهمية الفحوصات الطبية خلال شهر رمضان    ظاهرة فلكية نادرة مرتقبة فجر يوم غدٍ الجمعة    أداء الشعائر الدينيّة فرض.. لكن بأية نيّة؟    









قصص تتصيد حياة الظلال والفضاءات المضغوطة
نوافذ أخرى في «بيت لا تفتح نوافذه» للقاص هشام بن الشاوي
نشر في المساء يوم 12 - 06 - 2009

صدر مؤخرا مؤلف قصصي عن دار سعد الورزازي بالرباط، بعنوان «بيت لا تفتح نوافذه» للقاص هشام بن الشاوي، متضمنا اثنى عشرة قصة منها :خطأ تمارسنا هذه الحياة، أسعدت حزنا أيها القلب، أوراق مهربة، نصوص ليست للنشر، بيت لا تفتح نوافذه، امرأة فوق كل الشبهات.. ومن الملاحظ أن العنونة أتت في الغالب جملا أو شبهها تخبر بحالة أو مشهد، لكن بصيغة النفي. وعليه في تقديري، ينبغي قراءة هذه العناوين كنصوص صغيرة مثيرة للأسئلة والإشكالات عبر نماذج وإطارات قصصية مفتوحة بقوة الإحالة على اليومي وكثافته. وبالتالي، يكون القارئ مطالبا بالبحث عن تجليات ذلك في المتن القصصي لهذه المجموعة الزاخر بالمفارقات والتي تم تشخيصها في مرآة الحكي.
حياة صغيرة:
مجموعة «بيت لا تفتح نوافذه» لا تنتقي موضوعات محددة؛ بل تطرح تلك المواجهة بين الشخوص واليومي في أخذ وجذب، في سلب وتحد، في مطاردة وانفلات. هكذا يمكن القول إنها قصص تتصيد حياة الظلال والفضاءات المضغوطة في الذوات من شدة الوطء الناتج عن الإكراه والخلل. وبالتالي تسعى الذات إلى أن تسرد ذاتها هنا، عبر سارد من صفاته الأساسية الغربة في واقع الحكاية وفي الكتابة نفسها، باعتباره متيقظ الوعي بشكل حاد. وبقدر ما يطرح الكاتب عبر سارده حياة ما، لها أفعالها وأحلامها، هذا فضلا عن علاقاتها الاجتماعية ضمن فضاءات تنبسط كامتداد طبيعي لذلك، يطرح جماع حالات ومواقف لمسارات ومصائر. وهو ما أدى إلى التداخل والتشابك بالمكان الذي يعكس الحالات واللحظات المكتظة. وإذا أردنا تشخيص المسارات والبرامج السردية في المجموعة، نلاحظ أن الأفعال في القصص تنطلق من وقائع شبه عادية؛ وهي مطروحة للعيان (كدح، علاقات، سخط...) إلى التمركز في نقطة الذات الحاكية، فيواكب ذلك تأملات واستبطانا، ثم يعود السارد بكامل عنفه إلى نفس الأفعال في صدام متعدد الأوجه (نفسي، اجتماعي، فكري.. ). تقول المجموعة القصصية في قصة بعنوان «أوراق مهربة»: «يقول المؤلف الثالث:
في زمن ما.. زمن ظلامي على أي حال..في عالم سفلي لا يستحق إلا أن تتبول عليه من مرتفع ما حتى لا تغرق رجلاك وسط ال..
(نسمع جلبة وصفيرا.. يختفي صوت الراوي، ويتعلل « أحدهم « أن عطبا فنيا وراء انقطاع (اختفاء ؟!) صوته..).
ينطلق صوت أنثوي دافئ محفوف بموسيقى ناعمة: أيها الحضور الكريم! رجاء، لا تنزعجوا، ولا تهتموا بمتابعة هذا الفصل المسرحي اليتيم، فلدواع سياسية (وتنطق السين ثاء غنجا) فرض علينا بثه، ولا تنسوا أن مؤلفه يعاني من عقدة أوديب وعقد أخرى..!!»
تقنيات سردية:
من الضروري التنصيص هنا، أن المحكي الذاتي في مجموعة «بيت لا تفتح نوافذه» من خلال السارد يسعى إلى إثارة قضايا وإشكالات مجتمع وحياة، بناء على أفعال خاصة من قبيل العلاقة العاطفية بين الرجل والمرأة، دعارة، فوارق، غربة، عبث، غربة الكاتب والكتابة في مجتمع لا يأبه... قصص بن الشاوي هنا تقول المحيط ببوح فائض عن كل الطابوهات والسلط العديدة في الحياة المغربية والعربية. نقرأ في قصة «خطأ تمارسنا الحياة » في نفس المجموعة ص 7 : « لم أكن أكره جارتي لذاتها، لكني أمقت أن تتنقل من فراش إلى آخر، حتى ولو لم تكن أختي.. تقول لي، بصوت مبلل بالدموع : هذا الصباح، اقترضت عشرين درهما..لأذهب إلى السوق...لأن الكلب الذي (...) البارحة، لم يعطني (سنتيما).. الخبز «مر»، ورعاية ثلاثة إخوة يتامى « أمَرُّ «..!»
تبدو المفارقات في مرآة الكتابة السردية بارزة الأضلاع والأقطاب عبر أفعال ومصائر شخوص ؛ يتقعر معها الحكي بين التذكر والاستيهامات. فتكون الحكاية في المقابل عبارة عن مقاطع ومشاهد، عوض إخضاع الحدث لنسق الحكاية. وهو ما أدى إلى توارد الأحداث بشكل خطي لكن بطريقة تصعيدية، أو يمكن القول إن الأفعال تولد حالات، فتكون بذلك اللحظات مشهدية. وفي هذا السياق لا بد من لفت النظر للفراغات والبياضات التي تتخلل هذه النصوص؛ لخلق اختصار قصصي وفتح أفق الدلالة على تعدد شبيه بتفاصيل اليومي أي أن الحكاية متعددة المسالك.
على سبيل الختم:
سعت هذه القصص مع هشام بن الشاوي إلى تمثل حرارة واقع مطبوع على الجلد بوعي إشكالي في صدام مع اليومي وعلاته، مع الخواء واللامعنى، مع منطق الحكاية الباردة، الشيء الذي أدى إلى تدفق حكائي، لا يعبر فقط، بل يبوح بالأسئلة الحارقة بكيفية ساخرة، بما في ذلك السخرية من الذات والكتابة... وطالما أن عدم التصالح مع الذات والعالم يولد سخرية وكتابة مركبة تنضح بالتعدد الخلاق... وليس ذاك بعزيز على قاص متعدد الاهتمام، ولي اليقين أن بن الشاوي سيغني قصصه، ويذهب بها إلى أقصاها وأقساها، لتقوله فقط كقلق مركب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.