وجد رجال الشرطة القضائية، المكلفون بالتحقيق في ملف الاعتداء الجنسي على الأطفال المتخلى عنهم، صعوبة في الوصول إلى المعتدين. وعلى الرغم من مرور أكثر من أسبوع على بدء التحقيق في هذه القضية، فإن التحقيقات لم تسفر بعد عن وضع اليد على أي جان من الجناة. وطبقا للمصادر، فإن تعقد الملف يعود إلى تصريحات مترددة ل8 أطفال يقيمون بجمعية الوفاء للأطفال المتخلى عنهم ويتابعون دراستهم بمدرسة ابتدائية قريبة من مقر هذه الجمعية. وإلى جانب تضارب تصريحات هؤلاء الأطفال، فإن كلتا المؤسستين لجأت إلى «التخلص» من الاتهامات ورمي الكرة في مرمى الطرف الآخر. وهذا ما زاد من التأثير على تصريحات هؤلاء الأطفال. وسادت حالة من الخوف في صفوف تلاميذ الابتدائية والخيرية بسبب «الاقتحام» المتكرر لرجال الشرطة لفضاء المؤسستين واستماعهم إلى عدد من الأطفال والتلاميذ. ففي الوقت الذي تتمسك فيه إدارة الجمعية بالتأكيد على أن الاعتداء الجنسي مورس على الأطفال بمراحيض ابتدائية الوحدة من قبل قاصرين يكبرونهم في السن، قال مدير الابتدائية، في تقرير له، إن الأطفال المعتدى عليهم أكدوا له أن «اغتصابهم وممارسة الجنس عليهم لمرات متعددة» تم بقلب الجمعية من طرف الحارس الليلي، بالإضافة إلى طفلين آخرين يلجان الدار مع أميهما. ورغم إبعاد أميهما مؤخرا من الدار، فإن الطفلين، المتهمين من قبل تقرير مدير الابتدائية، لا يزالان يرتادان مقر الجمعية، وذلك بالنظر إلى علاقتهما الطيبة بخادمات ومربيات أخريات. ويتعرض الأطفال لضغوطات من قبل المؤسستين لإبعاد التهمة عن كل منهما. ويشير تقرير مدير الابتدائية إلى أن بعض الأطراف في هذه المؤسسة الخيرية هددتهم ب«القتل إن هم أفشوا السر». وهو نفس الاتهام الذي توجهه إدارة الخيرية إلى إدارة الابتدائية. وفي ظل هذه الاتهامات المتبادلة بين الطرفين، وجدت إدارة الابتدائية صعوبة بالغة في مواجهة سيل من عائلات الأطفال الذين يدرسون بالمؤسسة، تطالب بتنقيل أبنائها إلى مؤسسات تعليمية أخرى مخافة أن يتعرضوا بدورهم لاعتداءات جنسية. وعمدت أكثر من أسرة إلى إجراء خبرة طبية على بناتها مخافة أن يكن تعرضن للاغتصاب بعد تفجر هذا الملف. وطالبت جمعية أمهات وآباء تلاميذ مدرسة الوحدة الجهات المسؤولة بالكشف عن الحقيقة كاملة وتسليم الجاني أو الجناة إلى العدالة. ودخلت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان على خط هذا الملف، إلا أنها وجدت بدورها صعوبة في تدوين التصريحات المتناقضة للضحايا. واستمعت «المساء» إلى تصريحات بعض هؤلاء الأطفال في أحد أقسام الابتدائية، وبحضور أحد مسؤوليها. وقال وحيد اليوسفي، طفل يبلغ من العمر 7 سنوات ويتابع دراسته في المستوى الثاني، إنه تعرض للاعتداء الجنسي في قلب الخيرية من قبل طفلين آخرين، قبل أن يتراجع عن أقواله، موضحا أن إدارة الابتدائية طلبت منه ألا يصرح بأنه تعرض للاعتداء في قلب الابتدائية. واتفق كل من مكرم لشقر، طفل ذو 10 سنوات، ودليل الحنصالي، طفل يبلغ من العمر 6 سنوات، وخالد غسان، ويبلغ بدوره 6 سنوات، على أنهم تعرضوا للاغتصاب في قلب الابتدائية. وقالوا إن إدارة هذه المؤسسة، رفقة بعض مدرسيها، طلبوا منهم أن يقولوا عكس ذلك. فيما لم يستبعد عبد الرحمان بالرحمون، مدير الابتدائية، في تصريح ل»المساء»، أن يكون الأطفال قد كانوا يتعرضون لعملية تخدير في المؤسسة الخيرية قبل ممارسة الجنس عليهم. ودعا إلى إجراء بحث دقيق وشفاف للوصول إلى المعتدي، مضيفا أنه لا يجب السكوت على هذا الإجرام.