أفادت مصادر من مكاتب إيداع اللوائح الانتخابية بعدد من الباشويات والعمالات أن الإقبال على إيداع لوائح المرشحين لخوض الانتخابات المقبلة ما يزال «ضعيفا»، رغم مرور ستة أيام على انطلاق عملية تقديم الترشيحات. وبينما فسرت تلك المصادر ضعف الإقبال بالصراعات داخل الأحزاب السياسية حول ترؤس لوائحها الانتخابية وكذا غياب المرشح المناسب، مما يؤخر عملية تقديم اللوائح النهائية لترشيحات تلك الأحزاب، أشار خبير في التواصل السياسي إلى أن المسألة تتعدى الصراع بين المرشحين على مجرد احتلال مرتبة معينة داخل اللوائح إلى سيادة نوع من عدم المسؤولية والثقة في العملية السياسية برمتها. وما تزال أحزاب كثيرة بالعاصمة الرباط لم تحسم بعد في لوائحها الانتخابية، بعد مرور أربعة أيام على بدء فترة تقديم الترشيحات، التي ستستمر إلى غاية ال29 من الشهر الجاري، في الوقت الذي حسمت بعض الأحزاب الأخرى في لوائحها، لكن بعد مخاض كبير، تقول مصادر حزبية. ومن اللوائح التي حسم فيها مبكرا لائحة عمدة مدينة الرباط عمر البحراوي، المرشح بدائرة اليوسفية، باسم حزب الحركة الشعبية، ولائحة التجمعي سعد بنمبارك، رئيس مقاطعة حسان، الذي يواجه منافسة شديدة في الاستحقاقات المقبلة من طرف كل من لحسن الداودي، وكيل لائحة العدالة والتنمية، وعبد الرحيم مساعف بنهمو، عن حزب الأصالة والمعاصرة. وفي دائرة السويسي حسم مبكرا كذلك في لائحة التجمع الوطني للأحرار لفائدة رئيس المقاطعة فوزي الشعبي، القادم إلى حزب الحمامة من حزب التقدم والاشتراكية، وكذلك الشأن بالنسبة إلى برقية وكيل لائحة حزب الاستقلال الذي منحته اللجنة التنفيذية للحزب تزكية وكيل لائحته. في مقابل ذلك، ذكرت وزارة الداخلية بأنه إلى حدود يوم الثلاثاء الماضي تم سحب 6 ملايين ونصف بطاقة من قبل الناخبين في الاستحقاقات المقبلة، التي يراهن فيها المسؤولون على الرفع من نسبة عدد المشاركة، بعد الإقدام على إخراج مدونة الانتخابات إلى حيز الوجود، والقيام بعدد من الإجراءات التحفيزية للتشجيع على الذهاب إلى صناديق الاقتراع. ولم تتمكن «المساء» من معرفة ما إذا كانت وزارة الداخلية تتوفر على معطيات أولية بخصوص أعداد الترشيحات، إذ ظل هاتف مسؤول التواصل بالوزارة يرن دون إجابة. في سياق ذلك، اعتبر عبد الرحيم العمري، الباحث في مجال التواصل السياسي والأستاذ الجامعي في كل من جامعتي بني ملال ومونريال بكندا، أن عدم إقبال الناخب والمنتخب على العملية السياسية بالمغرب له ترسبات قديمة ومختلفة، منها بالخصوص فقدان الثقة لدى المواطن في العملية السياسية برمتها، وفقدانه الثقة في المؤسسات، سواء المحلية أو التشريعية، وكذا مؤسسة الحكومة، مضيفا أن المواطن يجد نفسه عند كل استحقاق انتخابي أمام سؤال عريض وخطير عن الجدوى من إقدامه على الإدلاء بصوته إذا كان هناك ما يسمى ب«حكومة ظل» تقف أمامها الحكومة المنتخبة عاجزة عن تدبير الشأن الوطني، وكذلك حول كثرة اللجان المكلفة بمجال التنمية والمشاريع الكبرى. وأضاف العمري، في تصريحه ل«المساء»، أن الانتقال الديمقراطي، الذي كثر الحديث عنه منذ حكومة عبد الرحمان اليوسفي، لم يتم الحسم فيه بعد، مما جعل المواطن يحس بنوع من عدم الثقة في المحيط السياسي، مؤكدا على أن الإقبال من طرف المواطن على العملية الانتخابية، لن يتم الرفع من مستواه إلا في ظل جو ملائم يعطي صوت الناخب قيمته الحقيقية في صنع القرار، وهذا لن يتم إلا بوجود منتخب حر ونزيه. إلى ذلك، ذكرت مصادر من باشوية مدينة سيدي سليمان أنه إلى حدود صباح أمس الجمعة، لم يتقدم إلى مصالح الداخلية لتقديم الترشيحات سوى حزب واحد، إذ في الوقت الذي أرجعت فيه تلك المصادر ضعف الإقبال على تقديم الترشيحات إلى الإجراءات القانونية الواجب اتباعها وجمع الوثائق المطلوبة، أشارت مصادر أخرى إلى صعوبة إتمام اللوائح من طرف الأحزاب، التي يصل فيها العدد إلى 31 مرشحا، مما جعل أحد الأحزاب يستنجد بماسح أحذية وآخر ببائع سجائر بالتقسيط، من أجل سد العجز الحاصل في لائحتهما مقابل مبلغ مالي زهيد، تقول تلك المصادر.