في الوقت الذي ارتفعت فيه أصوات تدعو إلى تفعيل المادة 5 من قانون الأحزاب قصد التصدي إلى ظاهرة الترحال السياسي، وإلى إلغاء الانتداب الانتخابي لكل مخالف للقانون، نجد أصواتا أخرى ترى أن هذه المادة تعارض الفصل التاسع من الدستور، ومن بينها آراء أساتذة في القانون الدستوري. وتنص المادة 5 من قانون الأحزاب على أنه «لا يمكن لشخص، يتوفر على انتداب انتخابي ساري المفعول في إحدى غرفتي البرلمان تم انتخابه فيها بتزكية من حزب سياسي قائم، أن ينخرط في حزب سياسي آخر إلا بعد انتهاء مدة انتدابه أو في تاريخ المرسوم المحدد، حسب الحالة، لتاريخ الانتخابات التشريعية العامة الخاصة بمجلس النواب أو بمجلس المستشارين بالنسبة لأعضاء البرلمان المؤهلين للترشيح لهذه الانتخابات». في حين تنص الفقرة الأخيرة من الفصل التاسع من الدستور على أنه يضمن لجميع المواطنين «حرية تأسيس الجمعيات وحرية الانخراط في أية منظمة نقابية أوسياسية حسب اختيارهم، ولا يمكن أن يوضع حد لممارسة هذه الحريات إلا بمقتضى القانون». ويرى محمد الدويري، أستاذ في القانون الدستوري، في تصريح ل «المساء»، أن «الدستور أسمى من قانون الأحزاب الذي يدخل ضمن القوانين العادية، ولذلك فإن تفعيل المادة 5 من قانون الأحزاب سيتعارض مع الفصل 9 من الدستور، كما يتعارض مع الأنظمة الداخلية للبرلمان، وهو ما جعل هذه المادة تبقى حبرا على ورق». وأكد الدويري أن القانون العادي لا يحال وجوبا على المجلس الدستوري، مثل القوانين التنظيمية أو الأنظمة الداخلية، إلا إذا تمت إحالته من قبل الأشخاص المنصوص عليهم في الفقرة الثالثة من الفصل 81 من الدستور، والتي تقول إنه «للملك أو الوزير الأول أو رئيس مجلس النواب أو رئيس مجلس المستشارين أو ربع أعضاء مجلس النواب أو أعضاء مجلس المستشارين أن يحيلوا القوانين قبل إصدار الأمر بتنفيذها إلى المجلس الدستوري ليبت في مطابقتها للدستور». وبالرغم من أن قانون الأحزاب يتضمن عقوبات مالية في حق الرحل السياسيين فإنه لم يسبق أن تم تطبيقه، فحسب المادة 55 من قانون الأحزاب فإنه «يعاقب دون الإخلال بتطبيق الأحكام المنصوص عليها في المادة 52 أعلاه بغرامة من 20 ألفا إلى 100 ألف درهم الشخص الذي ينخرط في حزب سياسي دون مراعاة أحكام المواد 5 و6 و26 من هذا القانون أو يقبل عن عمد انخراط أشخاص لا تتوفر فيهم الشروط المنصوص عليها في نفس المواد». ولذلك فإن قانون الأحزاب عجز عن تقييد ظاهرة الترحال السياسي لتعارضها مع الدستور، وهو ما جعل المشرع يصدر قانون الأحزاب باتفاق مع وزارة الداخلية والأحزاب السياسية دون عرضه على المجلس الدستوري الذي كان حتما سيقضي بعدم دستورية المادة 5 من القانون المذكور، حسب رأي الدويري. الرأي نفسه يشير إليه محمد ضريف، الباحث في العلوم السياسية، الذي قال إن إشكالية الترحال السياسي جد معقدة، وتجسد تقاطعا ما بين ما هو سياسي وما هو قانوني دستوري، موضحا، في تصريح ل«المساء»، أن موضوع الترحال السياسي طرح أول مرة عندما تشكل مجلس المستشارين في سنة 1997 الذي كان نظامه الداخلي يتضمن فقرة تمنع ترحال المستشارين على الأقل، وتمنع أن يتم التغيير لمدة لا تقل عن ثلاث سنوات، وعندما عرض الأمر على مجلس المستشارين رفضه، وقال إنه يتناقض مع الفصل 9 من الدستور. ويبقى الحل في رأي الدويري، أن يقع التزام سياسي بين الأحزاب ويلتزم كل شخص بالبقاء في حزبه طيلة مدة الانتداب الانتخابي.