أصدر الفنان والناقد عزام مدكور كتابا وصفيا وتحليليا باللغة الفرنسية، تحت عنوان «وضعية الفنون التشكيلية بالمغرب»، منطلقا من كون الإبداع تمظهرا للتراث المحلي والكوني وهو رأسمال رمزي يجب المحافظة عليه واستثماره وإنقاذه من نزعات الانتحال والسرقة والتقليد الأعمى والتهجين السلبي، فالإبداع، من منظور عزام، نسق فني قائم الذات يراهن على الإعلام والتنظير والمقاربة النقدية، فهو إطار مرجعي ينفتح على مسارات تعبيرية أخرى، ويتأسس على إحقاقات العلوم والصناعة. من هنا، فالصورة الفنية هي بدرة للرؤية الفنية للعالم والأرضية الصلبة لكل فكر جمالي ونقد بصري. يتساءل مدكور في تضاعيف هذا الكتاب حول إبداعية الفن بالمغرب وحول إمكانية الحديث عن سياسة فنية وثقافية تنشغل بالمحافظة على الفن وتنميته بشكل معقلن ورصين ومستدام. من أبرز القضايا التي أثارها الكاتب في هذا المؤلف النقدي: قضية الفن في علاقته بالفضاء العمومي، حيث استحضر تجربة جامع الفنا وتجربة فضاء الناس التي أقامتها الجمعية الوطنية للفنون التشكيلية في إطار انفتاح الإبداع على الناس وخلق حوار تفاعلي مع المبدعين أثناء إنجاز أعمالهم الفنية. على مستوى مساءلة قنوات العمل الفني بالمغرب طرح المؤلف إشكالية ترويج الأعمال الإبداعية في المغرب وسقوطها في مأزق الهاجس التجاري الذي أصبح العملة الصعبة ولازمة السوق الفنية بالمغرب أمام غياب شروط التخليق والتقنين والهيكلة، كما تناول بالدرس والتحليل محدودية المعارض الفنية وافتقارها إلى معايير الانتقاء والجودة، مما يحول في نظره دون النهوض بالمسألة الإبداعية وتأهيل شروط إعدادها وإنجازها. يعتبر هذا الكتاب امتدادا لمؤلفات سابقة للكاتب«تأملات في الفن» و«مدينة الفنانين«إذ يقترح على متتبعي الإبداع الفني بالمغرب قراءة أفقية للمسألة الفنية في ضوء المحاور التالية :النقد الفني، الإعلام الفني، أروقة العرض، حقوق التأليف، موقع الفن داخل المجتمع، التظاهرات الفنية بكل من الدارالبيضاء ومراكش وأصيلة، قيمة الأحداث الفنية. يقول عزام في مقدمة مؤلفه:«وضعية الفنون التشكيلية بالمغرب موضوع محدد، لكن عناصره ملتبسة وعائمة، هناك ندرة الأبحاث النظرية التي تناولت هذا الموضوع بالمغرب وهناك قلة المقاربات التي تعرضت له بالمساءلة والتحليل والوصف، ما يهم النقد في الفن هو العمل الإبداعي الذي يشكل عالما من الأفكار والأحاسيس والقيم المسبقة والصراعات والإحباطات والطموحات. هذا العمل هو الذي يغذي العمل الفني ويعززه ويحلله وينشره أو يدمره، ومن هنا ينشأ العمل الفني في العزلة أو أمام الجمهور في الهواء الطلق.