بعد وفاة الملك عبد الله عاهل المملكة العربية السعودية يوم الجمعة أصبح الملك سلمان بن عبد العزيز الحاكم الجديد للبلاد وآخر ملوكها ممن ولدوا قبل اكتشاف النفط في أكبر دولة مصدرة للنفط الخام في العالم. وسيقود الملك سلمان البلاد وسط الاضطرابات بالمنطقة والتي سببتها الحرب في العراق وسوريا إلى جانب المنافسة مع إيران القوة الشيعية والتهديد المتمثل في تنظيم القاعدة بجزيرة العرب ومقره اليمن المجاور. ويعتقد أن العاهل السعودي الجديد يبلغ من العمر 79 عاما. أما الأمير مقرن الأخ الأصغر غير الشقيق للملك سلمان ورئيس المخابرات السابق فسيصبح ولي عهد البلاد. وكان الأمير مقرن عين وليا لولي العهد في مارس آذار. ويعرف عن الملك سلمان اعتداله وقدرته على التعامل مع رجال الدين المحافظين والقبائل القوية إلى جانب تفهمه لمطالب الشعب السعودي الذي يمثل الشباب نسبة كبيرة منه. وسيكون له القول الفصل في الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية التي بدأت في عهد الملك الراحل عبد الله. وقال روبرت جوردان الذي كان سفيرا للولايات المتحدة في الرياض بين عامي 2001 و2003 "بدا لي أنه يتصرف بكياسة ازاء التوازنات الحساسة التي يتعين عليه الحفاظ عليها لدفع المجتمع قدما مع احترام تقاليده وأساليبه المحافظة." يسيطر الملك سلمان على واحدة من أكبر المجموعات الإعلامية في العالم العربي. وتشير برقية دبلوماسية أمريكية مسربة مؤرخة في عام 2007 ونشرها موقع ويكيليكس إلى أن العاهل السعودي الجديد يعتقد أن الديمقراطية لا تلائم المملكة المحافظة ويميل للحذر فيما يتعلق بالإصلاحات الاجتماعية والثقافية. شغل الملك سلمان منصب أمير الرياض لقرابة 50 عاما وهو دور انطوى على العمل عن كثب مع المحافظين المتمسكين بالتقاليد والخبراء الفنيين الليبراليين إذ أشرف على تطوير العاصمة السعودية لتتحول من بلدة صحراوية إلى مدينة حديثة كبيرة. ولكن حين توفي شقيقاه الأمير سلطان والأمير نايف بفاصل عام بين وفاتهما عين الملك سلمان في البداية وزيرا للدفاع ثم وليا للعهد. وكوزير للدفاع ادار الملك سلمان الوزارة الأعلى إنفاقا بالمملكة والتي استطاعت تعزيز العلاقات مع حلفاء مثل الولاياتالمتحدة وبريطانيا وفرنسا من خلال شراء كميات كبيرة من الأسلحة. وفي أسرة آل سعود الحاكمة يعرف الملك سلمان بأنه متدين ومتفتح نسبيا. وقال دبلوماسي سابق في الرياض أجريت معه مقابلة بشأن عملية الخلافة في المملكة "إنه ذكي وسياسي وعلى اتصال بالقاعدة المحافظة لكن عقليته حديثة أيضا." أمير الرياض حين كان أميرا للرياض من عام 1962 إلى عام 2011 كان للملك سلمان اتصالات بالحكومات الأجنبية أكثر من غيره من كبار أفراد الأسرة الحاكمة. وفي إطار هذا الدور أيضا كان مسؤولا عن الفصل في الخلافات بين أفراد الأسرة الحاكمة فكان في قلب أهم هيكل للسلطة بالمملكة. يطل مكتب الأمير على أهم ميدان بالرياض فإذا عمل أيام الجمعة كان يستطيع مشاهدة تنفيذ أحكام الإعدام بحد السيف. وتشير برقية مسربة نشرها موقع ويكيليكس إلى أن الملك سلمان خلال اجتماع مع السفير الأمريكي في مارس اذار 2007 قال إن الإصلاحات الاجتماعية والثقافية التي يدعو لها الملك عبد الله يجب أن تجرى ببطء خشية رد فعل سلبي من جانب المحافظين. كما كان يرى أن النظام الديمقراطي لا يناسب المملكة مشيرا إلى الانقسامات الإقليمية والقبلية وقال للسفير إن حل الصراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين ضروري من أجل استقرار الشرق الأوسط. وقال جوردان إن الملك سلمان رفض في البداية أن يصدق أن سعوديين شاركوا في هجمات 11 سبتمبر أيلول على الولاياتالمتحدة لكن موقفه تغير بعد ظهور أدلة متزايدة على أن 15 من جملة 19 نفذوا الهجمات كانوا من السعوديين. وأضاف "إنه لا يقبل بأي شيء تقوله الولاياتالمتحدة دون تفكير لكنه في الوقت نفسه يفهم أهمية العلاقة التي تتجاوز النفط." السلطة الملكية بملامحه القوية يقال إن الملك سلمان يشبه والده الملك عبد العزيز آل سعود أكثر من أي من اخوته. وبوصفه أحد ابناء الملك عبد العزيز الذين يعرفون باسم "السديريين السبعة" وهم ابناء أقرب زوجاته إلى قلبه حصة بنت أحمد السديري كان الملك سلمان في قلب السلطة الملكية لعشرات السنين. ويشمل اخوته الأشقاء في أسرة بها أكثر من 30 أخ غير شقيق الملك الراحل فهد والأمير سلطان والأمير نايف ووزير الداخلية السابق الأمير أحمد. ولد الملك سلمان عام 1936 بالرياض التي كانت في ذلك الحين واحة من المنازل المبنية بالطوب اللبن داخل مملكة جديدة لم تكن قد اكتشفت النفط بعد وكانت تعتمد على العائدات من الحج والعمرة وانتاج التمور ورعي الإبل. لكن ابنه الأمير سلطان بن سلمان أصبح أول رائد فضاء عربيا فذهب في بعثة على متن مكوك الفضاء الأمريكي ديسكفري عام 1985. ويشغل الأمير سلطان حاليا منصب وزير السياحة بينما يشغل ابن آخر هو الأمير عبد العزيز منصب نائب وزير النفط. خلال خمسة عقود أدار خلالها الرياض وما حولها أشرف الملك سلمان على تطوير العاصمة من بلدة صحراوية إلى مدينة حديثة كبيرة يسكنها 4.6 مليون نسمة. تلقى الملك سلمان تعليمه في "مدرسة الأمراء" التي أنشأها في قصر الملك عبد العزيز إمام المسجد الحرام وهو ما يشير إلى الأهمية التي أولاها الملك للدين في المملكة التي أسسها