حادثة سير مروعة بطنجة تودي بحياة فتاتين وإصابة شابين    الشاذر سعد سرحان يكتب "دفتر الأسماء" لمشاهير الشعراء بمداد الإباء    إصابة عنصر من القوات المساعدة بحروق خطيرة في حريق سوق بني مكادة بطنجة    المغرب ينجح في توقيف فرنسي من أصل جزائري مبحوث عنه دولياً في قضايا خطيرة    المغرب يعود إلى الساعة القانونية    افتتاح أخنوش رفقة ماكرون للمعرض الدولي للفلاحة بباريس يشعل غضب الجزائر    تذكير للمغاربة: العودة إلى الساعة القانونية    التحولات الهيكلية في المغرب.. تأملات في نماذج التنمية والقضايا الاجتماعية الترابية" محور أشغال الندوة الدولية الثانية    الأسير الإسرائيلي الذي قَبّل رأس مقاتلين من "القسام" من أٌصول مغربية (فيديو)    نهضة بركان يحسم لقب البطولة بنسبة كبيرة بعد 10 سنوات من العمل الجاد    فيروس غامض شبيه ب"كورونا" ينتشر في المغرب ويثير مخاوف المواطنين    مقتل شخص وإصابة عناصر شرطة في "عمل إرهابي إسلامي" في فرنسا    تمارة.. حريق بسبب انفجار شاحن هاتف يودي بحياة خمسة أطفال    الجيش والرجاء يستعدان ل"الكلاسيكو"    التعادل يحسم مباراة آسفي والفتح    اختتام رالي "باندا تروفي الصحراء" بعد مغامرة استثنائية في المغرب    منتخب أقل من 17 سنة يهزم زامبيا    توقيف عميد شرطة متلبس بتسلم رشوة بعد ابتزازه لأحد أطراف قضية زجرية    انطلاق مبادرة "الحوت بثمن معقول" لتخفيض أسعار السمك في رمضان    في أول ظهور لها بعد سنة من الغياب.. دنيا بطمة تعانق نجلتيها    الملك محمد السادس يهنئ العاهل السعودي    توقعات أحوال الطقس ليوم الاحد    أخنوش يتباحث بباريس مع الوزير الأول الفرنسي    تجار سوق بني مكادة يواجهون خسائر كبيرة بعد حريق مدمر    المغرب بين تحد التحالفات المعادية و التوازنات الاستراتيجية في إفريقيا    السينما المغربية تتألق في مهرجان دبلن السينمائي الدولي 2025    البطلة المغربية نورلين الطيبي تفوز بمباراتها للكايوان بالعاصمة بروكسيل …    مسؤول أمني بلجيكي: المغرب طور خبرة فريدة ومميزة في مكافحة الإرهاب    الرئيس الفرنسي يعرب عن "بالغ سعادته وفخره" باستضافة المغرب كضيف شرف في معرض الفلاحة بباريس    عجز الميزانية قارب 7 ملايير درهم خلال يناير 2025    "البيجيدي" مستاء من قرار الباشا بمنع لقاء تواصلي للحزب بالرشيدية    التخلص من الذباب بالكافيين يجذب اهتمام باحثين يابانيين    مساءلة رئيس الحكومة أمام البرلمان حول الارتفاع الكبير للأسعار وتدهور الوضع المعيشي    "الصاكات" تقرر وقف بيع منتجات الشركة المغربية للتبغ لمدة 15 يوما    مشروع قرار أمريكي من 65 كلمة فقط في الأمم المتحدة يدعو لإنهاء الحرب في أوكرانيا دون الإشارة لوحدة أراضيها    رئيسة المؤسسة البرازيلية للبحث الزراعي: تعاون المغرب والبرازيل "واعد" لتعزيز الأمن الغذائي    في حضور أخنوش والرئيس الفرنسي.. المغرب ضيف شرف في المعرض الدولي للفلاحة بباريس    رفض استئناف ريال مدريد ضد عقوبة بيلينغهام    بين العربية والأمازيغية: سعيدة شرف تقدم 'الواد الواد' بحلة جديدة    إحباط تهريب مفرقعات وشهب نارية وتوقيف شخص في ميناء طنجة المتوسط    الكوكب المراكشي يبحث عن تعزيز موقعه في الصدارة عبر بوابة خريبكة ورجاء بني ملال يتربص به    متابعة الرابور "حليوة" في حالة سراح    استثمار "بوينغ" يتسع في المغرب    السحب تحبط تعامد أشعة الشمس على وجه رمسيس الثاني    تحقيق في رومانيا بعد اعتداء عنيف على طالب مغربي وصديقته    الصين تطلق أول نموذج كبير للذكاء الاصطناعي مخصص للأمراض النادرة    رمضان 2025.. كم ساعة سيصوم المغاربة هذا العام؟    دراسة: هذه أفضل 4 أطعمة لأمعائك ودماغك    رفع الستار عن فعاليات الدورة الثالثة من مهرجان روح الثقافات بالصويرة    المؤتمر الوطني للعربية ينتقد "الجائحة اللغوية" ويتشبث ب"اللسانَين الأم"    حوار مع "شات جيبيتي".. هل الأندلس الحقيقية موجودة في أمريكا؟    "ميزانية المواطن".. مبادرة تروم تقريب وتبسيط مالية جهة طنجة للساكنة    الحصبة.. مراقبة أكثر من 9 ملايين دفتر صحي وتخوفات من ارتفاع الحالات    على بعد أيام قليلة عن انتهاء الشوط الثاني من الحملة الاستدراكية للتلقيح تراجع نسبي للحصبة وتسجيل 3365 حالة إصابة و 6 وفيات خلال الأسبوع الفارط    اللجنة الملكية للحج تتخذ هذا القرار بخصوص الموسم الجديد    أزيد من 6 ملاين سنتيم.. وزارة الأوقاف تكشف التكلفة الرسمية للحج    الأمير رحيم الحسيني يتولى الإمامة الإسماعيلية الخمسين بعد وفاة والده: ماذا تعرف عن "طائفة الحشاشين" وجذورها؟    التصوف المغربي.. دلالة الرمز والفعل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تهريب الأموال بالمغرب.. سياسيون ورجال أعمال وتجار مخدرات على رأس اللائحة
مؤسسات ‬دولية ‬تكشف ‬حصيلة ‬ضعيفة ‬لسياسة ‬العفو ‬التي ‬انتهجتها ‬الحكومة ‬مع ‬مهربي ‬الأموال
نشر في المساء يوم 23 - 12 - 2014

تجمع ‬أرقام ‬أغلب ‬التقارير ‬التي ‬أصدرتها ‬مؤسسات ‬دولية ‬بخصوص ‬تهريب ‬الأموال ‬خلال ‬سنة ‬2014، ‬أن ‬الحصيلة ‬الحكومية ‬في ‬معركة ‬استرجاع ‬الأموال ‬المهربة ‬هي ‬حصيلة ‬ضعيفة ‬جدا ‬إذا ‬ما ‬قورنت ‬بقيمة ‬الأموال ‬التي ‬تهرب ‬سنويا، ‬ولعل ‬إحدى ‬أبرز ‬المؤسسات ‬التي ‬يعتد ‬بها ‬عالميا ‬لدقة ‬أرقامها ‬هي ‬بنك ‬التسويات ‬الدولي، ‬والذي ‬أظهرت ‬أرقام ‬نشرها ‬في ‬النصف ‬الأخير ‬من ‬السنة ‬الجارية ‬أن ‬الشهور ‬الأخيرة ‬لسنة ‬2014 ‬سجلت ‬عودة ‬وتيرة ‬ارتفاع ‬الأموال ‬المغربية ‬إلى ‬الخارج ‬بعد ‬تراجع ‬طفيف ‬على ‬مر ‬السنتين ‬الأخيرتين، ‬فيما ‬تشير ‬الإحصائيات ‬والأرقام ‬ذاتها ‬إلى ‬أن ‬مصادر ‬هذه ‬الأموال ‬تبقى ‬في ‬أغلبيتها ‬من ‬الجريمة ‬والرشوة ‬والتهرب ‬الضريبي.‬
ورغم ‬الحصيلة ‬الضعيفة ‬لمبادرة ‬‮«‬العفو ‬‮«‬ ‬التي ‬انتهجتها ‬الدولة، ‬إلا ‬أن ‬الحكومة ‬المغربية ‬لا ‬يبدو ‬أنها ‬تتجه ‬إلى ‬تغيير ‬استراتيجيتها ‬لمطاردة ‬الأموال ‬المهربة ‬اقتضاء ‬بدول ‬أخرى ‬نجحت ‬في ‬استرجاع ‬مبالغ ‬طائلة ‬من ‬الأموال ‬المنهوبة ‬منها. ‬
فلماذا ‬لم ‬تقدم ‬الحكومة ‬المغربية ‬على ‬مطالبة ‬الدول ‬الأوربية ‬وأساسا ‬سويسرا ‬وبريطانيا ‬بمدها ‬بالحسابات ‬البنكية ‬للمغاربة ‬كما ‬فعلت ‬دول ‬أوربية ‬أخرى ‬ونجحت ‬في ‬استرجاع ‬ملايير ‬الدولارات ‬مثل ‬فرنسا.‬
يقول ‬بعض ‬العارفين ‬أن ‬السبب ‬قد ‬يكون ‬خوف ‬الحكومة ‬من ‬أن ‬تكشف ‬اللوائح ‬على ‬نافذين ‬ومسؤولين ‬مغاربة ‬كبار ‬في ‬الدولة، ‬مما ‬يضع ‬الحكومة ‬في ‬حرج ‬كبير ‬مشابه ‬لما ‬وقع ‬في ‬فرنسا ‬عندما ‬سربت ‬لائحة ‬بأسماء ‬فرنسيين ‬ممن ‬لديهم ‬حسابات ‬في ‬سويسرا، ‬وكان ‬موظف ‬في ‬أحد ‬البنوك ‬السويسرية ‬قد ‬أقدم ‬على ‬تسريب ‬لائحة ‬بأسماء ‬15 ‬ألف ‬من ‬رجال ‬الأعمال ‬الأوربيين ‬يمتلكون ‬حسابات ‬بنكية ‬في ‬سويسرا ‬ومتورطون ‬في ‬تهريب ‬الأموال، ‬المثير ‬أن ‬اللائحة ‬كشفت ‬أن ‬وزير ‬الخزانة ‬الفرنسية ‬‮«‬جيروم ‬كاوزاك‮»‬ ‬من ‬بين ‬أصحاب ‬الحسابات ‬البنكية ‬في ‬سويسرا ‬دون ‬التصريح ‬بذلك. ‬
حيث ‬يلجأ ‬بعض ‬المسؤولين ‬إلى ‬استغلال ‬نفوذهم ‬من ‬أجل ‬اقتناء ‬عقارات ‬أو ‬إقامة ‬مشاريع ‬دون ‬أن ‬تتوفر ‬فيهم ‬صفة ‬الاستيراد ‬والتصدير، ‬يقوم ‬هؤلاء ‬النافذين ‬المغاربة ‬ورجال ‬الأعمال ‬بنقل ‬حساباتهم ‬من ‬دول ‬أوربية ‬قد ‬تشدد ‬قوانينها ‬في ‬فتح ‬حسابات ‬بنكية ‬أو ‬لديها ‬قوانين ‬تجبر ‬المؤسسات ‬البنكية ‬على ‬كشف ‬لوائح ‬بأسماء ‬زبنائها ‬إلى ‬أبناك ‬في ‬سويسرا ‬وبريطانيا ‬لأنها ‬لا ‬تطالبهم ‬بمصدرها.‬
ضعف ‬المراقبة ‬الجمركية ‬أحد ‬أسباب ‬التهريب
يعد ‬ضعف ‬المراقبة ‬الجمركية ‬أحد ‬الأسباب ‬التي ‬تسهم ‬بشكل ‬غير ‬مباشر ‬في ‬سهولة ‬تهريب ‬الأموال ‬من ‬المغرب ‬إلى ‬الخارج، ‬وهو ‬ما ‬كشفته ‬النزاهة ‬المالية ‬العالمية ‬‮«‬ ‬التي ‬دعت ‬الحكومة ‬المغربية ‬إلى ‬تشديد ‬المراقبة ‬الجمركية ‬وتكوين ‬رجال ‬الجمارك ‬تكوينا ‬يسمح ‬لهم ‬بكشف ‬التلاعب ‬والتزوير ‬في ‬الفواتير ‬من ‬أجل ‬الحد ‬من ‬تهريب ‬رؤوس ‬الأموال ‬الذي ‬يضيع ‬على ‬المغرب ‬مبالغ ‬مالية ‬كبيرة.‬
وتطرقت ‬النزاهة ‬في ‬تقريرها ‬إلى ‬المبالغ ‬المالية ‬الكبيرة ‬التي ‬تفوت ‬على ‬المغرب ‬فرصا ‬استثمارية ‬وإنمائية ‬كبيرة، ‬وسجلت ‬أن ‬المغرب ‬فقد ‬ما ‬يناهز ‬10 ‬ملايير ‬دولار ‬في ‬عشر ‬سنوات ‬نتيجة ‬تهريب ‬رؤوس ‬الأموال ‬إلى ‬الخارج ‬حسب ‬ما ‬تكشفه ‬أرقام ‬متوفرة ‬في ‬مؤسسات ‬دولية، ‬فيما ‬يشكل ‬التلاعب ‬بفواتير ‬السلع ‬المصدرة ‬أو ‬المستوردة ‬الوسيلة ‬الأكثر ‬استخداما ‬لتهريب ‬الأموال، ‬ودعت ‬الهيئة ‬الحكومة ‬إلى ‬تشديد ‬المراقبة ‬الجمركية ‬للحد ‬من ‬تهريب ‬الأموال.‬
وكشف ‬تقرير ‬‮«‬غلوبل ‬فاينانس ‬انتغريتي‮»‬ ‬أن ‬المغاربة ‬هربوا ‬9977 ‬مليون ‬دولار ‬في ‬الفترة ‬الممتدة ‬بين ‬سنتي ‬2003 ‬و ‬2012، ‬في ‬الوقت ‬الذي ‬يصل ‬المبلغ ‬المهرب ‬سنويا ‬إلى ‬أكثر ‬من ‬900 ‬مليون ‬دولار ‬أمريكي. ‬
وإذا ‬كانت ‬سنة ‬2011 ‬قد ‬عرفت ‬انخفاضا ‬في ‬المبالغ ‬المهربة ‬حيث ‬لم ‬يتجاوز ‬المبلغ ‬المهرب ‬243 ‬مليون ‬دولار، ‬فقد ‬سجل ‬التقرير ‬أن ‬سنة ‬2012 ‬شهدت ‬عودة ‬المغاربة ‬إلى ‬تهريب ‬رؤوس ‬أموالهم ‬إلى ‬الخارج ‬بشكل ‬كبير ‬إذ ‬سجلت ‬السنة ‬تهريب ‬763 ‬مليون ‬دولار.‬
وصنف ‬التقرير ‬المغرب ‬في ‬الرتبة ‬59 ‬من ‬أصل ‬145 ‬دولة ‬شملها ‬تصنيف ‬المعهد، ‬فيما ‬يلجأ ‬المغاربة ‬إلى ‬تلاعب ‬بفواتير ‬السلع ‬المصدرة ‬أو ‬المستوردة ‬لغرض ‬التهرب ‬الضريبي، ‬وهو ‬ما ‬يكلف ‬تلك ‬الدولة ‬خسائر ‬مالية ‬كبيرة
ويعتبر ‬التقرير ‬أن ‬المعدل ‬السنوي ‬لتهريب ‬الأموال ‬إلى ‬الخارج ‬انطلاقا ‬من ‬المغرب، ‬بلغ ‬حوالي ‬مليار ‬و283 ‬مليون ‬دولار، ‬أي ‬حوالي ‬10 ‬مليارات ‬و905 ‬ملايين ‬درهم، ‬وأن ‬حجم ‬الأموال ‬المهربة ‬سنة ‬2010 ‬بلغ ‬980 ‬مليون ‬دولار، ‬مقابل ‬حوالي ‬2.‬4 ‬مليار ‬دولار ‬سنة ‬2009. ‬و1.‬8 ‬مليار ‬دولار ‬خلال ‬2008، ‬وحوالي ‬688 ‬مليون ‬دولار ‬سنة ‬2007، ‬وحوالي ‬792 ‬مليون ‬دولار ‬خلال ‬2006، ‬في ‬حين ‬سجلت ‬2005 ‬أعلى ‬نسبة ‬خلال ‬العشر ‬سنوات، ‬حيث ‬ناهزت ‬قيمة ‬الأموال ‬المهربة ‬3.‬7 ‬مليارات ‬دولار.‬
وكشف ‬التقرير ‬أن ‬الفترة ‬الممتدة ‬بين ‬سنتي ‬2005 ‬و ‬2009 ‬هي ‬الفترة ‬التي ‬شهدت ‬تهريب ‬رؤوس ‬أموال ‬كبيرة ‬فاقت ‬مليار ‬دولار، ‬فيما ‬تهريب ‬السلع ‬والرشوة ‬وغسيل ‬الأموال ‬وهشاشة ‬الأنظمة ‬المصرفية، ‬تشكل ‬الثغرات ‬التي ‬تتسبب ‬في ‬نزيف ‬مالي.‬
‬ولا ‬يعد ‬هذا ‬أول ‬تقرير ‬للنزاهة ‬الدولية، ‬فقد ‬سبق ‬أن ‬أصدرت ‬تقريرا ‬مماثلا ‬كشفت ‬فيه ‬عن ‬أنه ‬في ‬الفترة ‬بين ‬1970 ‬و ‬2008 ‬أي ‬ما ‬يقارب ‬أربعة ‬عقود ‬من ‬الزمن ‬فقد ‬المغرب ‬41 ‬مليار ‬دولار ‬أمريكي، ‬أي ‬أن ‬المغرب ‬يفقد ‬سنويا ‬ما ‬يقارب ‬15 ‬مليار ‬درهم ‬سنويا، ‬حيث ‬سجل ‬فقدان ‬المغرب ‬ل12 ‬مليار ‬دولار، ‬أي ‬ما ‬يقارب ‬100 ‬مليار ‬درهم، ‬ما ‬بين ‬1992 ‬و1999، ‬وذلك ‬بمعدل ‬أكثر ‬من ‬12 ‬مليار ‬درهم ‬سنويا.‬
كما ‬تكشف ‬المؤسسات ‬المالية ‬في ‬سويسرا ‬أن ‬ودائع ‬الأموال ‬المغاربة ‬ترتفع ‬في ‬كل ‬سنة، ‬ففي ‬سنة ‬2004 ‬مثلا ‬لم ‬تتجاوز ‬3 ‬ملايير ‬دولار، ‬لتصل ‬في ‬سنة ‬2007 ‬إلى ‬تسعة ‬ملايير ‬دولار. ‬
مؤسسة ‬بوسطن ‬بدورها ‬سبق ‬أن ‬أشارت ‬إلى ‬رقم ‬صادم ‬بخصوص ‬تهريب ‬الأموال ‬إلى ‬الخارج، ‬إذ ‬أوردت ‬المؤسسة ‬30 ‬في ‬المائة ‬من ‬ثروات ‬العائلات ‬الغنية ‬في ‬المغرب ‬موجودة ‬في ‬حسابات ‬بنكية ‬في ‬بنوك ‬سويسرا ‬وبعضها ‬في ‬بنوك ‬بعض ‬البلدان ‬الأوربية ‬في ‬مقدمتها ‬بريطانيا، ‬ليحتل ‬المغرب ‬بذلك ‬الرتبة ‬الثانية ‬في ‬شمال ‬إفريقيا ‬بعد ‬تونس ‬في ‬ما ‬يخص ‬تهجير ‬الثروات. ‬
وكانت»هيئة ‬النزاهة ‬المالية ‬العالمية‮»‬ ‬قد ‬كشفت ‬في ‬تقرير ‬سابق ‬أن ‬التهرب ‬الضريبي ‬يشكل ‬أغلبية ‬رؤوس ‬الأموال ‬المغربية ‬المُهربة، ‬بنسبة ‬تتراوح ‬بين ‬60 ‬و65 ‬في ‬المائة ‬من ‬41 ‬مليار ‬دولار ‬التي ‬أخرجها ‬أثرياء ‬البلاد ‬ليكدسوها ‬في ‬البنوك ‬السويسرية ‬والبريطانية ‬وغيرهما. ‬
يتم ‬تهريب ‬الأموال ‬بعدة ‬طرق ‬حسب ‬خبراء ‬الهيئة ‬الدولية، ‬مثل ‬تهريب ‬السلع ‬والمخدرات ‬والرشوة ‬وغسيل ‬الأموال، ‬كما ‬تكشف ‬الهيئة ‬أن ‬مهربين ‬يرفعون ‬قيمة ‬الواردات ‬ويقللون ‬من ‬قيمة ‬الصادرات، ‬حينها ‬تصبح ‬ملايين ‬الدراهم ‬خارج ‬المغرب ‬وتمر ‬تحت ‬أنظار ‬الجمارك. ‬
بنوك ‬دولية ‬تغري ‬المغاربة
تكشف ‬المؤسسات ‬الدولية ‬أن ‬ما ‬تنشره ‬من ‬أرقام ‬وإحصائيات ‬حول ‬تهريب ‬الأموال ‬يبقى ‬تقريبيا، ‬فالمهربون ‬يتفننون ‬في ‬ابتكار ‬الوسائل ‬من ‬أجل ‬تهريب ‬أموالهم، ‬مما ‬يصعب ‬رصد ‬هروب ‬هذه ‬الأموال، ‬لكن ‬بالرغم ‬من ‬ذلك ‬تظل ‬الأرقام ‬الصادرة ‬بين ‬الفينة ‬والأخرى ‬أفضل ‬كشف ‬لجريمة ‬تهريب ‬الأموال.‬
معدلات ‬تهريب ‬الأموال ‬المسجلة ‬لدى ‬المغاربة ‬شجعت ‬المؤسسات ‬المالية ‬السويسرية ‬على ‬استهداف ‬العائلات ‬الثرية ‬في ‬المغرب ‬بعروض ‬مغرية ‬ومتنوعة ‬من ‬أجل ‬دفعهم ‬لتهريب ‬أموالهم ‬إليها، ‬
وكان ‬تقرير ‬قد ‬كشف ‬عن ‬‮«‬عزم ‬قسم ‬لإدارة ‬الثروات ‬بمصرف ‬‮«‬ ‬يو ‬بي ‬أس‮»‬ ‬السويسري ‬تنويع ‬عروضه ‬لأثرياء ‬المغرب ‬عبر ‬عرض ‬الأنشطة ‬الاستثمارية ‬في ‬المغرب ‬تحت ‬أسماء ‬مؤسسات ‬مختلفة.‬
يأتي ‬اهتمام ‬المصرف ‬السويسري ‬بثروات ‬العائلات ‬المغربية ‬في ‬ظل ‬اعتماد ‬استراتيجية ‬جديدة ‬تهدف ‬إلى ‬تركيز ‬أنشطة ‬البنك ‬على ‬الأعمال ‬المصرفية ‬الخاصة ‬وعلى ‬عملياته ‬في ‬قطاع ‬الأنشطة ‬المصرفية ‬الاستثمارية ‬عبر ‬إغراء ‬العائلات ‬الغنية ‬في ‬مجموعة ‬من ‬الدول، ‬يعتمد ‬البنك ‬السويسري ‬كثيرا ‬على ‬خدمة ‬إدارة ‬الثروات ‬التي ‬يقدم ‬عروضها ‬المختلفة ‬إلى ‬العائلات ‬الثرية ‬في ‬مجموعة ‬من ‬الدول ‬التي ‬لا ‬تفرض ‬قوانينها ‬الكشف ‬عن ‬أسماء ‬أصحاب ‬الحسابات ‬البنكية ‬لديه. ‬
وعلى ‬خلاف ‬المغرب ‬فهناك ‬دول ‬أوربية ‬لها ‬قوانين ‬صارمة ‬تجاه ‬تهريب ‬الأموال ‬أو ‬التشجيع ‬عليه، ‬كما ‬سبق ‬أن ‬حدث ‬عندما ‬تورط ‬موظفو ‬البنك ‬السويسري ‬في ‬تشجيع ‬الفرنسيين ‬على ‬تهريب ‬أموالهم، ‬إذ ‬فرض ‬القضاء ‬الأوربي ‬على ‬فرع ‬البنك ‬في ‬فرنسا ‬غرامة ‬بأكثر ‬من ‬عشرة ‬ملايين ‬أورو، ‬بعد ‬تورط ‬موظفيه ‬في ‬تشجيع ‬الزبناء ‬الأثرياء ‬على ‬فتح ‬حسابات ‬مصرفية ‬في ‬سويسرا ‬للتهرب ‬من ‬دفع ‬الضرائب ‬في ‬فرنسا.‬
لعبة ‬القط ‬والفأر ‬بين ‬الحكومة ‬ومهربي ‬الأموال
يدعو ‬خبراء ‬الحكومة ‬المغربية ‬إلى ‬الاقتضاء ‬بالدول ‬الأوربية ‬من ‬أجل ‬الكشف ‬عن ‬حسابات ‬مغاربة ‬في ‬البنوك ‬السويسرية، ‬فقد ‬استطاعت ‬دول ‬مثل ‬فرنسا ‬واسبانيا ‬والبرتغال ‬وألمانيا ‬ممارسة ‬ضغوطات ‬على ‬سويسرا ‬وإجبارها ‬على ‬كشف ‬حسابات ‬بنكية ‬لمواطني ‬هذه ‬الدول ‬وفرضت ‬هذه ‬الدول ‬ضريبة ‬وصلت ‬إلى ‬20 ‬في ‬المائة ‬على ‬هذه ‬الأموال. ‬
بعد ‬أن ‬أظهرت ‬مبادرة ‬الحكومة ‬الأخيرة ‬بتبني ‬سياسة ‬العفو ‬عن ‬محدوديتها، ‬إذ ‬كشفت ‬الجهات ‬الرسمية ‬أن ‬الدولة ‬استعادت ‬ما ‬يقارب ‬2 ‬مليار ‬درهم ‬فقط ‬من ‬قيمة ‬أموال ‬المغاربة ‬المودعة ‬في ‬الخارج، ‬حيث ‬أقر ‬مواطنون ‬مغاربة ‬بامتلاكهم ‬أموالا ‬في ‬الخارج ‬إما ‬سيولة ‬نقدية ‬مودعة ‬في ‬البنوك ‬أو ‬استثمارات ‬في ‬البورصة ‬أو ‬عقارات، ‬وكانت ‬الحكومة ‬قد ‬قررت ‬تشجيع ‬المغاربة ‬لإدخال ‬أموالهم ‬إلى ‬المغرب ‬عبر ‬إصدار ‬قانون ‬للعفو ‬عنهم.‬ ‬
المغاربة ‬المهربون ‬لأموالهم ‬بدررهم ‬يتابعون ‬التطور ‬الدولي ‬في ‬مجال ‬مكافحة ‬تهريب ‬الأموال، ‬وتزامنا ‬مع ‬ضغوطات ‬الاتحاد ‬الأوربي ‬والولايات ‬المتحدة ‬الأمريكية ‬على ‬سويسرا، ‬مما ‬قد ‬يدفع ‬السلطات ‬السويسرية ‬إلى ‬إلغاء ‬السر ‬المصرفي ‬الذي ‬تعتمده ‬البنوك ‬السويسرية ‬وتبادل ‬المعطيات ‬الجبائية ‬بين ‬البلدان، ‬وهو ‬ما ‬يشكل ‬تهديدا ‬للمغاربة ‬خاصة ‬من ‬حاملي ‬الجنسيات ‬المزدوجة، ‬الأمر ‬الذي ‬دفعهم ‬إلى ‬تغيير ‬وجهة ‬أموالهم ‬في ‬الفترة ‬الأخيرة، ‬حيث ‬كشف ‬تقرير ‬حول ‬تهريب ‬الأموال ‬أن ‬بلدان ‬شرق ‬آسيا ‬كالتايوان ‬والتايلاند ‬تحولت ‬إلى ‬ملجأ ‬لعشرات ‬المغاربة ‬من ‬أجل ‬تهريب ‬أموالهم ‬إلى ‬بنوكها ‬في ‬ظل ‬ارتفاع ‬التواصل ‬التجاري ‬بينها ‬وبين ‬المغرب.‬
مكتب ‬الصرف ‬وضعف ‬المراقبة
إذا ‬كانت ‬النزاهة ‬المالية ‬الدولية ‬في ‬تقريرها ‬الجديد ‬قد ‬أقرت ‬بضعف ‬الجمارك ‬ودعت ‬إلى ‬تكوين ‬محترف ‬لرجالها ‬من ‬أجل ‬الحد ‬من ‬تهريب ‬الأموال، ‬فقد ‬سبق ‬للمجلس ‬الأعلى ‬للحسابات ‬أن ‬أشار ‬بدوره ‬إلى ‬ضعف ‬مكتب ‬الصرف ‬في ‬مراقبة ‬حركة ‬الأموال، ‬وكان ‬تقرير ‬المجلس ‬الأعلى ‬للحسابات ‬قد ‬سجل ‬قصورا ‬كبيرا ‬في ‬مراقبة ‬عمليات ‬المساعدة ‬التقنية ‬الأجنبية ‬وعمليات ‬تحويل ‬أرباح ‬الأسهم ‬للخارج، ‬والعمليات ‬التي ‬تقوم ‬بها ‬البنوك ‬وشركات ‬التأمين ‬وإعادة ‬التأمين ‬وشركات ‬الوساطة ‬بالبورصة ‬مع ‬الخارج، ‬وهو ‬قصور ‬أدى ‬إلى ‬قيام ‬الفاعلين ‬بنقل ‬أموال ‬للخارج ‬بشكل ‬مخالف ‬للقانون، ‬وكشف ‬التقرير ‬أن ‬مكتب ‬الصرف ‬تقاعس ‬في ‬مراقبة ‬عمليات ‬أدت ‬إلى ‬تهريب ‬أموال ‬قدرت ‬ب340 ‬مليون ‬درهم ‬من ‬طرف ‬شركات ‬للتدبير ‬المفوض، ‬وخلص ‬التقرير ‬أن ‬مكتب ‬الصرف ‬يفتقد ‬إلى ‬الحكامة ‬وهو ‬ما ‬يضعف ‬قدرته ‬على ‬ضبط ‬ومراقبة ‬تهريب ‬الأموال. ‬
وكان ‬مكتب ‬الصرف ‬قد ‬أشار ‬إلى ‬أن ‬المغرب ‬استرجع ‬ما ‬يقارب ‬671 ‬مليون ‬دولار ‬من ‬الأموال ‬المهربة ‬بالخارج، ‬بعد ‬مبادرة ‬الحكومة ‬لتشجيع ‬مهربي ‬الأموال ‬على ‬إعادتها ‬إلى ‬البلاد ‬بضمان ‬عدم ‬الكشف ‬عن ‬هوياتهم ‬أو ‬محاكمتهم، ‬في ‬وقت ‬كانت ‬الحكومة ‬تراهن ‬على ‬استرداد ‬نحو ‬571 ‬مليون ‬دولار ‬من ‬الأموال ‬المهربة ‬قبل ‬نهاية ‬العام ‬الجاري، ‬في ‬
الوقت ‬الذي ‬يعتبر ‬فيه ‬الخبراء ‬أن ‬الأموال ‬المهربة ‬من ‬طرف ‬أغنياء ‬المغرب ‬تكفي ‬لأداء ‬ديون ‬البلاد ‬أو ‬لتشييد ‬مئات ‬المدارس ‬والمستشفيات.‬


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.