قال الملك محمد السادس إن الحكومة تنكب على إعداد قانون خاص بمناهضة العنف ضد النساء، فيما سيتم قريبا تنصيب هيئة للمناصفة ومناهضة كافة أشكال التمييز، باعتبارها هيئة دستورية. وأكد الملك، في رسالته التي وجهها إلى المشاركين في أشغال المنتدى العالمي الثاني لحقوق الإنسان، الذي انطلقت أشغاله مساء أول أمس الخميس بمراكش، أن المغرب يعتبر المسألة الحقوقية من المحاور الرئيسية لسياساته العمومية، لاسيما من خلال اعتماد ميزانيات تأخذ بعين الاعتبار البعد الخاص بالنوع. وهي نفس المقاربة التي أقرتها الأممالمتحدة كآلية رائدة، مضيفا «أننا نعرف أن أمامنا الكثير مما ينبغي القيام به»، مشيرا في هذا الصدد إلى أن هناك قانون الخدمة في البيوت، الذي يعني بالأساس الفتيات، والذي يوجد حاليا قيد التداول داخل البرلمان. وأشار الملك في رسالته، التي تلاها وزير العدل مصطفى الرميد، أن الرهان الأول في انشغالات المغرب يتعلق بمسألتي المساواة والمناصفة، المدرجتين في دستور المملكة، باعتبارهما أهدافا ذات طبيعة دستورية، مبرزا أنه منذ عام 1995 أقرت 189 دولة عضوا في الأممالمتحدة، إعلان بكين وأرضية العمل الخاصة به، لتأطير إدماج مقاربة النوع الاجتماعي ضمن السياسات والاستراتيجيات والبرامج المتبعة في كافة الدول. وأكدت الرسالة الملكية أن عملية تقييم النتائج المحققة والتحديات ظلت قائمة منذ مؤتمر بكين، في أفق انعقاد قمة قادة ورؤساء الدول المقررة من لدن الأممالمتحدة، خلال شتنبر 2015، وفق مقاربة تشاركية، على المستويات الوطنية والإقليمية والدولية. وأشار الملك إلى أن «المغرب وهو يتقدم بخطى حثيثة على درب الديمقراطية، الذي لا حد لكماله، لجدير بأن يفتخر، بعد خمس عشرة سنة من الجهود المشتركة، بحصيلة مشرفة من الإنجازات، تشمل ميادين حيوية، من قبيل العدالة الانتقالية، وحقوق المرأة، والتنمية البشرية، ورد الاعتبار للثقافة الأمازيغية كمكون أساسي للهوية المغربية، وتوطيد المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، وتدبير الحقل الديني، على أساس المبادئ والتعاليم والمقاصد السمحة للإسلام. كما أن أوراشا ذات تأثير كبير على حماية حقوق الإنسان، توجد قيد الإنجاز في مجال العدالة والصحافة، والمجتمع المدني، والحكامة الترابية، وحماية الفئات الهشة. وتماشيا مع هذا التوجه، ووفاء منها بتعهداتها المدرجة في ميثاقها الأساسي، فإن المملكة المغربية ما فتئت تعمل على تعزيز ممارساتها المعيارية»، يقول الملك، قبل أن يضيف أنه بعد «انخراطها في الآليات الأساسية لحقوق الإنسان، أقدمت المملكة على الرفع التدريجي للتحفظات، التي كانت قد قدمتها خلال التصديق على هذه الآليات». وأكد الملك أن المغرب يوطد هذا الاختيار، «الذي لا رجعة فيه، لفائدة حماية حقوق الإنسان والنهوض بها»، مشيرا إلى أنه في بداية هذا الأسبوع «قمنا بتقديم أدوات تصديق المملكة المغربية على البروتوكول الاختياري للاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، وذلك بهدف إحداث آلية وطنية للوقاية، في غضون الأشهر القادمة. وهكذا سيصبح المغرب ضمن الثلاثين بلدا التي تتوفر على آلية من هذا القبيل». وأشاد الملك بالنقاش الدائر حول عقوبة الإعدام، بمبادرة من المجتمع المدني، والعديد من البرلمانيين ورجال القانون. وسيمكن هذا النقاش من إنضاج وتعميق النظر في هذه الإشكالية، مشيرا إلى أن توفير الحماية من كل أشكال انتهاك حقوق الأطفال يشكل «انشغالا دائما لدينا. وهو ما يجسده الدعم المستمر، الذي نقدمه لعمل المرصد الوطني لحقوق الطفل». وعبر الملك عن تضامنه وتعاطفه مع ضحايا آفات الانطواء على الذات، ورفض الآخر، والتعصب بسبب مبررات عرقية، أو قراءة منحرفة لنبل رسالات الأديان، في مناطق عديدة من العالم، مؤكدا أن حقوق الإنسان «ازدادت أهميتها منذ مؤتمر فيينا، وأضحت من المحددات الجوهرية، التي لا محيد عنها في حياة الأمم، وفي العلاقات الدولية»، قبل أن يضيف «غير أن هذا الطابع الكوني، الذي ما فتئ يعرف اتساعا، قد أصبح يواجه بعض الانحرافات، وتحديات غير مسبوقة يجب رفعها». وأكد الملك أن إفريقيا «لا يمكنها أن تظل مجرد مستهلك لقوانين دولية، تمت صياغتها في غياب تام للقارة، كما أنها لا ينبغي أن تظل، دائما، موضوع تقارير دولية وتقييمات خارجية»، مشددا على أن إفريقيا «بلغت درجة من النضج، تؤهلها لاحتلال المكانة، التي تستحقها ضمن الهندسة الدولية لحقوق الإنسان، والنهوض بدورها كاملا في هذا المجال».