كانت لحظة قوية تكثفت فيها كل معاني الأمل والإصرار على المستقبل، حينما اجتمع نشطاء الحركة الحقوقية العالمية القادمين من مشارق الأرض ومغاربها، شمالها و جنوبها، تحت خيمة واحدة بباب إغلي بمراكش ، في افتتاح المنتدى العالمي لحقوق الإنسان مساء الخميس 27 نونبر الجاري، حيث احتشد الآلاف من المشاركين الذين يدفعهم حماسهم وقناعتهم الراسخة بالانتصار الإيجابي لغد أفضل لكل البشر، ليصوغوا لحظة تضامنية كونية من أجل الكرامة البشرية، ورفع الحيف والمهانة خارج اي اعتبار عقائدي أو ثقافي أو لغوي، وبعيدا عن حواجز للون والعرق والجنس. افتتاح المنتدى، تحققت فيه كل دلالات الكونية المستحقة لحقوق الإنسان، تحدثت فيه لغات مختلفة، و حضرت على منصته كل الوان البشرة، و تمثلت فيه كل القارات . فشكل بحق انطلاقة رمزية لكل ما تتضمنه فكرة الكونية من تعددية واحترام للتنوع و المساواة. وجوه كثيرة ملأت المكان من رموز الحركة الحقوقية، ومن المدافعين عنها من عوالم السياسة والفن والثقافة، ومن ضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، الذين حولوا معاناتهم السابقة إلى طاقة تنفجر في وجه الظلم و تنتصر للحرية و تناضل لتصحيح أخطاء التاريخ و ما رسخها بسبب فهم خاطئ من ميز و حيف واضطهاد للبشر . منصة الجلسة الافتتاحية لم تكن جبهة للبلاغة و تنميق العابارات الجاهزة، و إنما واجهة صريحة لبعث رسائل قوية، و طرح الهموم الكونية حول واقع حقوق الإنسان في عالم متحول تحرك إيقاعه الأزمات و الأحداث المأساوية من حروب و مجاعات و فقر و تطرف و فوارق صارخة . مثلما كانت لحظة شفافة لتقاسم ذلك القلق الصادق بخصوص مآل هذه الحقوق و الاستفادة الفعلية منها في كل بقاع الأرض . لتتجمع كل هذه الرسائل في مبدأ واحد هو كلية هذه الحقوق و شموليتها و عدم قابليتها للتجزيء وشكلت الرسالة الملكية في افتتاح اشغال المنتدى العالمي لحقوق الانسان حدثا بارزا نظرا لما تتضمنه من مواقف قوية جعلت مايفوق الخمسة الاف من الحاضرين يقاطعون وزير العدل الذي تلا هذه الرسالة بالتصفيق في غير ما مرة، وتطرقت الرسالة الملكية الى ملفات حقوقية في مواضع كانت من اكبر الملفات التي شكلت احدى اهم القضايا التي ناضلت من اجلها المنظمات الحقوقية بالمغرب ومن ضمنها عقوبة الاعدام، والمساواة والمناصفة بين الرجل والمرأة وقضية الهجرة ومحاربة الميز العنصري، الرسالة الملكية كانت قوية بطرح اسئلة عميقة على المنتدى لنقاشها وهكذا قالت الرسالة الملكية بأن اجتماع المدافعين عن حقوق الإنسان اليوم، يكتسي أهمية خاصة، لاسيما وأنه يأتي في سياق التحولات والتحديات التي يشهدها العالم، والتي تتطلب إجابات شاملة ومدروسة وجماعية. فالنظام الدولي لحقوق الإنسان يشهد تحولات عميقة. كما أن إشعاع القيم العالمية لحقوق الإنسان وتملكها، يمر اليوم عبر انخراط أوسع لبلدان الجنوب، ولهيئات المجتمع المدني وللمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، في مسار تطوير الآليات الدولية والإقليمية لحماية هذه الحقوق والنهوض بها. كما تعززت الأنظمة القانونية الداخلية بنصوص دستورية تدعم الضمانات الخاصة بحقوق الإنسان والحريات الأساسية. وتحدثت الرسالة الملكية عن التحولات العميقة التي عرفتها الأجندة العالمية لحقوق الإنسان فإذا كان الجيلان الأول والثاني من حقوق الإنسان لازالا يتبوآن مكانة الصدارة، فقد برزت مواضيع جديدة، من قبيل حماية حقوق الأشخاص المسنين، وحقوق الإنسان في العصر الرقمي، والمقاولة وحقوق الإنسان، والتأهيل القانوني للفقراء، وقابلية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للتقاضي. مبرزة أن حقوق الإنسان ازدادت أهميتها منذ مؤتمر فيينا، وأضحت من المحددات الجوهرية التي لا محيد عنها في حياة الأمم، وفي العلاقات الدولية. واستطردت الرسالة الملكية عن أن هذا الطابع الكوني، الذي ما فتئ يعرف اتساعا، قد أصبح يواجه بعض الانحرافات، وتحديات غير مسبوقة يجب رفعها. ففي مناطق عديدة من العالم، يؤدي الانطواء على الذات، ورفض الآخر والتعصب، بسبب مبررات عرقية، أو قراءة منحرفة لنبل رسالات الأديان، إلى انتهاكات صارخة للحقوق الأساسية، بما فيها أقدس هذه الحقوق، ألا وهو الحق في الحياة. وقالت الرسالة الملكية إذا كان لا ينبغي التشكيك في كونية حقوق الإنسان، فالكونية لا تعني أبدا التعبير عن فكر أو نمط وحيد، بل يجب أن تشكل في جوهرها، نتاجا لدينامية انخراط تدريجي، عبر مراحل، تصل بها إلى درجة من التملك الفردي والجماعي، تجد فيه التقاليد الوطنية والثقافية مكانها الطبيعي، حول قاعدة قيم غير قابلة للتقييد، دون تعارض أو تناقض معها.مشددة على أن الكونية تكتسب مشروعية أكبر، حينما تمثل التنوع الإنساني وتحميه، وعندما تتبناها كل شعوب وثقافات العالم، وتساهم في صنعها وبلورتها. وقال جلالة الملك في ذات الرسالة بأن الدول النامية، وإفريقيا بصفة خاصة، تطمح إلى لعب دور فاعل في عملية إنتاج القوانين في مجال حقوق الإنسان، ولا ترضى بأن تظل مجرد مواضيع للنقاش والتقييم، أو حقل للتجارب. مؤكدا على ان إفريقيا التي لم تساهم في وضع القانون الدولي لحقوق الإنسان، مطالبة اليوم بإغنائه، بثقافتها وتاريخها وعبقريتها، ليسهل عليها تبنيه. ولا يمكنها أن تظل مجرد مستهلك لقوانين دولية، تمت صياغتها في غياب تام للقارة. كما أنها لا ينبغي أن تظل، دائما، موضوع تقارير دولية وتقييمات خارجية. فإفريقيا بلغت درجة من النضج، تؤهلها لاحتلال المكانة التي تستحقها ضمن الهندسة الدولية لحقوق الإنسان، والنهوض بدورها كاملا في هذا المجال. لأن الكونية -تضيف الرسالة الملكية - منظومة مشتركة بين الجميع. أما المسار الذي يؤدي إليها فيتسم بالخصوصية. ذلكم هو الشعار الذي ترفعه إفريقيا المسؤولة والمتشبعة والملتزمة بحقوق الإنسان. فإفريقيا لا ينبغي أن تظل إلى الأبد محط سجالات ونقاشات بشأن حقوق الإنسان. كما أنها تطمح إلى إسماع كلمتها، وتقديم مساهمتها في بلورة قواعد وقيم ذات طابع كوني حقيقي. كما أن إفريقيا لا تريد ولن ترضى بأن تكون على هامش قضية هي أيضا قضيتها. وركزت الرسالة الملكية على ثلاث رهانات من الاإشكاليات. ويتعلق الرهان الأول بمسألتي المساواة والمناصفة، المدرجتين في دستور المملكة، باعتبارهما أهدافا ذات طبيعة دستورية، منذ المراجعة الدستورية ليوليوز 2011. فمنذ عشرين سنة خلت، وتحديدا عام 1995، أقرت 189 دولة عضوا في الأممالمتحدة، إعلان بكين وأرضية العمل الخاصة به، لتأطير إدماج مقاربة النوع الاجتماعي ضمن السياسات والاستراتيجيات والبرامج المتبعة في كافة الدول. وقد دعا الإعلان الدول الأعضاء إلى النهوض بالأهداف المتمثلة في المساواة والتنمية والسلم، لفائدة كافة النساء، وذلك من خلال التأكيد على أن الحقوق الأساسية للنساء والفتيات في شموليتها، غير قابلة للتصرف، وهي جزء لا يتجزأ من المنظومة الكونية لحقوق الإنسان. وتحدثت الرسالة الملكية في هذا الصدد على ان المغرب يعتبر هذه المسألة من المحاور الرئيسية لسياساته العمومية، لاسيما من خلال اعتماد ميزانيات تأخذ بعين الاعتبار البعد الخاص بالنوع. وهي نفس المقاربة التي أقرتها الأممالمتحدة كآلية رائدة. واشارت الرسالة الى ان أمامنا الكثير مما ينبغي القيام به. فهناك قانون الخدمة في البيوت الذي يعني بالأساس الفتيات، والذي يوجد حاليا قيد التداول داخل البرلمان. كما تنكب الحكومة على إعداد قانون خاص بمناهضة العنف ضد النساء، فيما سيتم قريبا تنصيب هيأة للمناصفة ومناهضة كافة أشكال التمييز، باعتبارها هيأة دستورية. أما الرهان الثاني، فتشير الرسالة الملكية أنه مرتبط بأهداف التنمية لما بعد 2015.مبرزة أن المملكة المغربية تؤيد التوجه الرامي إلى وضع حقوق الإنسان في صلب هذه الأهداف الجديدة، مما يستوجب انخراطا أقوى في اللقاءات الإقليمية والدولية، المبرمجة إلى غاية شتنبر 2015. اما الرهان الثالث الذي تحدثت عن الرسالة الملكية فيتعلق بحركات الهجرة الدولية وطالبي اللجوء. حيث يقول جلالة الملك انه مع بلوغ عدد المهاجرين 240 مليون مهاجر سنة 2012، فإن حركات الهجرة أصبحت تشكل، في جل أنحاء العالم، موضوع انشغال ونقاش متواصلين، يسائلان السلطات العمومية وهيئات المجتمع المدني والمجموعة الدولية. وقالت الرسالة بأن المقاربات المثيرة للجدل تتواصل وتتفاقم، بالرغم من كون تقرير برنامج الأممالمتحدة الإنمائي لسنة 2009، قد شدد على الدور المحوري للتحركات البشرية داخل المجتمع، في تحقيق التنمية البشرية. إن تطور تدفق الهجرة جنوب جنوب، أصبحت تواكبه تدفقات متوالية للهجرة النسوية، وبروز شبكات جد متطورة متخصصة في المتاجرة بالبشر، وكذا تنوع مواصفات المهاجرين واللاجئين، وارتفاع مستوياتهم الاجتماعية والثقافية، علاوة على ظاهرة هجرة القاصرين. وبالإضافة إلى ذلك، فإن الحروب الأهلية تجبر الملايين من البشر على سلوك طريق المنفى، حيث يتم استقبالهم في غالب الأحيان ببلدان الجوار، كما هو الشأن بالنسبة لإخواننا السوريين، لينضاف لاجئون جدد إلى اللاجئين الفلسطينيين، الذين تستمر معاناتهم منذ عقود من الزمن. في الكثير من الدول، ما فتئ إقصاء المهاجرين وأبناؤهم، يتطور ويتفاقم، بتحريض من التيارات السياسية المتطرفة. كما أصبحت إشكاليات التعايش والتساكن مطروحة وبإلحاح، في جميع المجتمعات. وفي الوقت الذي تتواصل فيه هذه التطورات، فإن الاتفاقية بشأن حقوق المهاجرين وأسرهم، كآلية رئيسية لحقوق الإنسان في هذا المجال، لم يتم التوقيع والمصادقة عليها إلا من طرف بعض دول الجنوب وقال جلالة الملك في رسالته بأن المغرب، اختار تفعيل سياسة جديدة للهجرة، ترتكز على مقاربة إنسانية، وتتماشى مع دستورنا الجديد ومع التزاماتنا الدولية. وقد انطلقت عملية استثنائية لتسوية وضعية المهاجرين في يناير 2014، على أن تنتهي في متم دجنبر. وتتوخى هذه العملية تسوية أوضاع كل الأشخاص المتوفرة لديهم الشروط الضرورية. ودعت الرسالة الملكية المجتمع الدولي إلى استئناف المفاوضات بطريقة أكثر فاعلية، بهدف تحقيق حكامة دولية وجهوية لحركات الهجرة، في أعقاب الحوار رفيع المستوى، الذي أطلقه الأمين العام السابق للأمم المتحدة، السيد كوفي عنان. وقال الملك محمد السادس في نفس الرسالة بان المغرب اختار بمحض إرادته السيادية الخالصة، الشروع في إصلاحات عميقة وإرادية، تستجيب لتطلعات وانتظارات مواطنينا. وقد مكن هذا المسار المتجدد والشامل، الذي توج باعتماد دستور جديد، من تعزيز دولة الحق والقانون والديمقراطية، كخيار لا رجعة فيه.وأنه وهو يتقدم بخطى حثيثة على درب الديمقراطية، الذي لا حد لكماله، لجدير بأن يفتخر، بعد خمس عشرة سنة من الجهود المشتركة، بحصيلة مشرفة من الإنجازات، تشمل ميادين حيوية، من قبيل العدالة الانتقالية، وحقوق المرأة، والتنمية البشرية، ورد الاعتبار للثقافة الأمازيغية كمكون أساسي للهوية المغربية، وتوطيد المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، وتدبير الحقل الديني، على أساس المبادئ والتعاليم والمقاصد السمحة للإسلام. مشيرا الى أن أن أوراشا ذات تأثير كبير على حماية حقوق الإنسان، توجد قيد الإنجاز في مجال العدالة والصحافة، والمجتمع المدني، والحكامة الترابية، وحماية الفئات الهشة. وتماشيا مع هذا التوجه، ووفاء منها بتعهداتها المدرجة في ميثاقها الأساسي- تقول الرسالة الملكية- فإن المملكة المغربية ما فتئت تعمل على تعزيز ممارساتها المعيارية. فبعد انخراطها في الآليات الأساسية لحقوق الإنسان، أقدمت المملكة على الرفع التدريجي للتحفظات التي كانت قد قدمتها خلال التصديق على هذه الآليات. وأكدت الرسالة الملكية علىان المغرب يوطد هذا الاختيار، الذي لا رجعة فيه، لفائدة حماية حقوق الإنسان والنهوض بها. وفي هذا الصدد، فإننا قمنا في بداية هذا الأسبوع، بتقديم أدوات تصديق المملكة المغربية على البروتوكول الاختياري للاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللا-إنسانية أو المهينة، وذلك بهدف إحداث آلية وطنية للوقاية، في غضون الأشهر القادمة. وهكذا سيصبح المغرب ضمن الثلاثين بلدا التي تتوفر على آلية من هذا القبيل. وأشادت الرسالة بالنقاش الدائر حول عقوبة الإعدام، بمبادرة من المجتمع المدني، والعديد من البرلمانيين ورجال القانون. وسيمكن هذا النقاش من إنضاج وتعميق النظر في هذه الإشكالية. الرسالة الملكية ايضا تطرقت الى مسألة توفير الحماية من كل أشكال انتهاك حقوق الأطفال التي تسكل انشغالا دائما لدى جلالة الملك. وهو ما يجسده الدعم المستمر الذي تقدمه لعمل المرصد الوطني لحقوق الطفل. وذكرت الرسالة الملكية بمصادقك المغرب على الاتفاقية المتعلقة بحقوق الطفل، وبالبروتوكولين الاختيارين لهذه الاتفاقية، الخاصين بإقحام الأطفال في النزاعات المسلحة وبيع الأطفال، ودعارة الأطفال، وأفلام الخلاعة المستغلة للأطفال.كما شكلت الحماية الدستورية للأطفال، منعطفا حاسما في مسلسل تعزيز المنظومة الوطنية للحماية القانونية للطفل، وختمت الرسالة الملكية بالاشارة الى ان المغرب يعتزم المصادقة على البروتوكول الاختياري الثالث للاتفاقية المتعلقة بحقوق الطفل، الذي يحدد المسطرة اللازمة لتقديم العروض. . . كلمات الشخصيات التي تناوبت على منصة الإلقاء في الافتتاح، مثلت حلقات متكاملة من خطاب منسجم . مثلا، خوسي لويس رودريكيز زاباثيرو رئيس الحكومة الإسبانية السابق، نادى بأن الأوان قد آن لتصحيح أخطاء التاريخ . لأن حقوق الإنسان هي مثلنا لأعلى وتتطلب احترام الحقوق الاساسية لكل بني البشر . وقال زاباتيرو " في هذه اللحظة علينا أن نتذكر أن مجموعة من الطلبة قد اختفوا في المكسيك، و أن هناك نساء محتجزات في نيجيريا و العراق .. علينا أن نتذكر النساء المعنفات و المستغلات، و النساء اللائي يتعرضن للاسوأ بسبب اختياراتهن الجنسية . علينا أن نتذكر أن هناك تعذيب، وهناك صحفيون اغتيلوا بسبب الفكر الفاشي و المتطرف." وقال أيضا " ليس هناك ما يسمو على قيمة الإنسان. فالحرية هي ما يجعلنا بشرا حقيقيين، إنها قوتنا الكبرى، والعنف لا يؤدي إلا إلى الحقد و التدمير ويولد مزيدا من التفرقة . و الأفكار التي تغذي العنف والانتقام، هي أفكار هدامة ." وفي سياق تأكيده على كونية حقوق الإنسان قال خوسي رودريكيز زاباثيرو"يجب ان نعلن انه ليس لحقوق الإنسان حدود ولا دين ولا لون ولا عرق ولا جنس، بل هي مطمح كل البشر . يجب ان نتذكر أن حقوق الإنسان لا تنتمي لأية ثقافة كيف ما كانت، ولا لأية إيديولجيا، بل هي وبالأساس و في عمق جوهرها حقوق كونية و عالمية . فجميع الناس يطمحون إلى أن يكونوا أحرا، كانوا مؤمين أم غير مؤمنين، بيض أو سود، نساء أو رجال .." وقال أيضا في كلمته التي لاقت تفاعلا حارا من قبل الآلاف ممن حضروا جلسة الافتتاح "ينبغي أن نؤكد إيماننا بحقوق الإنسان، وأن نصفق لآليات الأممالمتحدة لدعم هذه الحقوق و تعزيزها وحمايتها . فحب الخير هو الذي يحركنا عندما نعترف بهذه الحقوق " وبخصوص أجندة 2015 قال زاباثيرو" يجب ان يكون هدفنا فيها هو تحقيق المساواة بين الرجال والنساء، فذلك يجعلنا نتخطى تمييزات أخرى، مثلما ينبغي القضاء على الفقر والمجاعة، والوصول غلى تعبئة تاريخية ضد العنف ضد النساء " ونادى زاباثيرو بالاستمرار في الدفاع عن حقوق الإنسان، حيث قال " نطمح لأن يكون القرن 21 قرن الديمقراطية و حقوق الإنسان في كل مكان من العالم، يجب نناضل من اجل السلم والتعايش، ونتعلم كيف نصل إلى التوافقات التي تضمن ذلك." وعبر عن يقينه بأن عقوبة الإعدام ستُلغى نهائيا بفضل هذا النضال . خاتما كلمته بنبرة مشحونة بالإصرار" في دفاعنا عن حقوق الإنسان لن نعرف الملل أبدا " السيدة إيديس سلفاني سكرتيرة حقوق الإنسان بدولة البرازيل البلد المبادر لتنظيم اول منتدى من اجل التزيع العادل للثروات و الموارد بين الشعوب. و قالت إنه لا ينبغي أن نفرض على الفقراء أن يدفعوا ثمن الأزمة الاقتصادية، لأننا نعرف جميعا أن الجشع والتعطش إلى المال هو الجذر الحقيقي لهذه الأزمات " وطالبت السيدة إيديس سيلفاني بإرساء سياسات عمومية اكثر قوة وفعالية لتعزيز حقوق الإنسان، لأن التحدي الأكبر، كما قالت، هو أن نجعل كل الناس متساويين في هذا الكوكب . المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية السيدة فالو بنسودة، دعت في كلمتها إلى التصدي لظاهرة إفلات المسؤولين عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان من العقاب . مؤكدة إلى أن الوقت قد حان، لجعل الحكومات المترددة، تنضم إلى ميثاق روما . وقالت في هذا الصدد "أدعو الحكومات لوضع تدابير لإنهاء ظاهرة الإفلات من العقاب . يجب أن نضمن المساءلة عن الجرائم التي تنتهك حقوق الإنسان، وجرائم الإبادة الجماعية و جرائم الحرب . " أما السيدة فلورانس ديلفيي رئيسة الاتحاد الدولي لمناهضة عقوبة الإعدام فأكدت من جهتها أن الحكم بالإعدام على شخص، يمس الحق المقدس في الحياة، وحق عدم التعرض لمعاملة حاطة بالكرامة . وعبرت عن طموحها في أن يكون القرن 21، قرن إلغاء عقوبة الإعدام مثلما كان القرن 19 قرن إلغاء العبودية، والقرن العشرين قرن تجريم التعذيب . وتحدث السيد شودرلي صابر حسني رئيس الاتحاد الدولي للبرلمانات في كلمته، عن التحديات التي تواجه العالم و التي تؤثر على درجة الاستفادة الفعلية للناس من حقوقهم الأساسية. ومنها التطرف وغياب التسامح والتحولات المناخية .. وقال إن هناك سبيل وحيد لحل النزاعات هو الحوار السياسي، والحروب لا تخدم الديمقراطية ولا تؤمّن احترام الحقوق والتنمية. ومن ثمة فالتمثيل والشفافية والمساءلة هي السبيل إلى تجنب النزاعات . وعبر عن قناعته أن الديمقراطية و حقوق الإنسان ستكون مسالة حاسمة بعد سنة 2015، للبرلمانيين دور كبير في هذا المنحى، حيث أن مهمتهم لا تقتصر على التشريع فقط، وإنما ضمان أن أحكام الدستور والقوانين تنفذ على أرض الواقع، وأن الحقوق يستفيد منها الناس فعليا . وقال أيضا "إن الديمقراطية وحقوق الإنسان وجهان لعملة واحدة يكملان بعضهما البعض، وينبغي الاستجابة لكل الحقوق دون تمييز " وبعث الرئيس الفلسطيني محمود عباس برسالة غلى المنتدى تلاها نيابة عنه السفير الفلسطيني بالمغرب ذكر فيها بالانتهاكات الجسيمة التي ترتكبها سلطات الاحتلال لحقوق الفلسطنيين، ومطالبا بالإيقاف الفوري لعمليات هدم بيوتهم، وبتهديم الجدران العازلة . مثلما طالب بإطلاق سراح المعتقلين الفلسطينيين ورفع الحصار عن قطاع غزوة و إعادة حإعماره . لحظة قوية أخرى في الجلسة الافتتاحية للمنتدى العالمي لحقوق الانسان مثلتها الكلمة العفوية ذات الدلالات العميقة للسيدة نعيمة عمار والتي قالت بأنها جاءت من جماعة غريس بإقليم الراشيدية ممثلة لجميع النساء السلاليات بمختلف نقط المغرب من شماله الى جنوبه ومن شرقه الى غربه، وقالت بأنها وكل النساء المغربيات تطالبن بحقهن في أراضي الجموع، مركزة على انه لابد ان نزيل عنا الاهانة و"الحكرة" ولابد ان نكون متساوين مع الرجل، وقالت بانه رغم كفاحهن فلازالت المأساة في مجال الحقوق والمناصفة فيما يتعلق باراضي الجموع، حيث اعطت مثالا بامراة مغربية تدعى مريم والتي رغم ان لها مائات الهيكتارات من اراضي الجموع الا انها تعيش في مرآب.. وقالت السيدة نعيمة عمار " نريد وضع حد لهذا التمييز ونريد ان تتحول المذكرات الى قانون ونريد ان يتحول ماهو مكتوب في الاوراق الى فعل ناجز، لان الواقع شء وما في الورق شيء آخر.." وقد وقفت القاعة مسترسلة لهذه المرأة في عدة مرات بل رددت شعارات خاصة من النساء مساندة لها. وتوالت على منصة الافتتاح شخصيات أخرى ممثلة لمنظمات دولية مشتغلة في هذا مجال حقوق الإنسان. ويشارك في المنتدى العالمي الذي ستختتم أشغاله يوم غد الأحد 30 نونبر أزيد من سبعة آلاف مشارك ومشاركة من مائة دولة . ويمثل المنتدى فضاء للتفكير التعددي التشاركي في قضايا حقوق الإنسان، في ظل المستجدات الحقوقية التي يعرفها العالم. وتنظم أشغاله في خمسين منتدى موضوعاتي والعشرات من الورشات واللقاءات، إضافة إلى عشرين نشاط ثقافي موزعة على فضاءات مختلفة بالمدينة الحمراء .