يشكل الوسط الأسري فضاء مهما للطفل من أجل تنشئة نفسية متوازنة...فالأسرة تجعل طفلها يرتبط ارتباطا نفسيا ووجدانيا مع بيئته ومحيطه الخارجي، وتنمو فيه بذور الشخصية الإنسانية المتوازنة. والاستقرار الأسري شرط مهم ليشعر الطفل بالأمن والحب، كونه شرط أساسي ومن أعمدة النمو النفسي والوجداني، وأحد مقومات الحياة الناجحة للطفل، لتحقيق استقلاله وبناء سمات شخصيته واتجاهاته الإيجابية نحو الآخر، ولن يتحقق ذلك إلا بانسجام أسري ووفاق العلاقات خاصة بين الوالدين. وتلعب الوسيلة المعتمدة من قبل الوالدين في التربية في المراحل العمرية للطفل الأولى دورا أساسيا في بنائه النفسي والاجتماعي التي تسهم في تشكيل معالم شخصيته، فالطفل في حاجة إلى: -الحب والاحتضان والأمن يقول حسان شمسي باشا: "لا يمكن للتربية أن تتم بدون حب، فالأطفال الذين يجدون من مربيهم عاطفة واهتماما ينجذبون نحوهم، ويصغون إليهم بسمعهم وقلبهم، ولهذا يجب على الأبوين أن يحرصا على حب الأطفال، وألا يقوما بأعمال تبغضهم بهما، كالإهانة، والعقاب المتكرر، والإهمال، وحجز حريتهم، وعدم تلبية مطالبهم المشروعة، وإذا اضطر الأبوان إلى معاقبة الطفل فيجب أن يسعيا لاستمالته بالحكمة كي لا يزول الحب الذي لا تتم التربية بدونه". -التقبل والاحترام والتقدير -التوافق في العلاقات بين الأبوين لتأثيرها الايجابي على نفسية الطفل، فالسعادة الزوجية تؤدي إلى تماسك الأسرة مما يخلق فضاء أسريا يساعد على نمو الطفل. العلاقات الجيدة بين الزوجين تؤدي إلى إشباع الاحتياجات النفسية للطفل مما يشعره بالأمن والتوافق النفسي. الاتجاهات الانفعالية المتوازنة داخل الأسرة تؤدي إلى استقرارها، مما ينعكس إيجابا على الصحة النفسية لكل أفرادها. التفكك والخلافات الأسرية لها نتائج وانعكاسات وخيمة على التنشئة النفسية للطفل وظهور أنماط من السلوك المضطرب لديه كالغيرة والأنانية وسوء التكيف. فالمشكلات النفسية للزوجين تهدد استقرار المناخ الأسري والصحة النفسية لكافة أفرادها. - المناخ العام بالبيت إذا كان يسود فيه المرح، والاحترام والتقبل والمودة، وهذا شرط ودور أساسي لأفراد الأسرة الواحدة لتوفير فضاء أسري مناسب ومتوازن للتنشئة النفسية للطفل، فبالإضافة إلى تلبية وإشباع الاحتياجات الأساسية للنمو (الأكل- اللباس-.....) هناك احتياجات في الغالب لا تحظى بالاهتمام لدى الأسر والعلاقات بين الوالدين في توفير فضاء أسري بالبيت من الأمن والطمأنينة والثقة بالنفس والآخرين وتجنب مشاعر الإحباط. -عدم إجبار الطفل على القيام بأعمال تستوجب مهارات عضلية خلال مرحلة النضج. 3 -يمتد دور الأسرة أيضا في تكوين الضمير، وهو النواة الأولى في خلية التنشئة النفسية المتوازنة للطفل، فالضمير هو محصلة القيم والتقاليد والأفكار والأخلاق والمثل العليا التي يكتسبها الطفل خلال مراحله الأولى من تنشئته الأسرية إلى جانب المدرسة كامتداد لهذا الدور التربوي الهام، إذ يتمكن من اكتساب مهارات التعامل مع البيئة الاجتماعية والجنس الآخر ويتمكن أيضا من التمييز بين الصواب والخطأ ومعرفة مبدأ الثواب والعقاب والفضيلة والرذيلة. 4 وعليه فالتفاعلات الأسرية تلعب دورا مهما في تشكيل السمات المميزة لشخصية طفلك، فالكثير من المشاكل الاجتماعية والنفسية التي تظهر في مراحل متأخرة في حياته تكون نتيجة أساليب التربية الخاطئة للطفل خلال المراحل الأولى من عمره الأولى وقد تعيق تكيفه الاجتماعي. محمد الأرضي