فرنسا توجه الاتهام لموظف في قنصلية جزائرية باختطاف أمير ديزاد.. قنبلة دبلوماسية في قلب باريس    فراقشية الصحافة.. من يوقف هذا العبث؟    "كارولينا الجنوبية" تواصل تنفيذ أحكام الإعدام بالرصاص    عشرات الجيوش تلبي دعوة المغرب وأمريكا للمشاركة في "الأسد الإفريقي"    الغابون تفتح مراكز الاقتراع الرئاسي    باعة إيرانيون جوالون يتلمسون الأرزاق في جنوب العراق    سي هون يغادر سباق "رئاسة كوريا"    المنتخب الوطني المغربي لكرة القدم داخل القاعة يفوز وديا على نظيره الصيني (8-0)    ميسي يقترب من تجديد عقده مع إنتر ميامي    توقعات أحوال الطقس ليوم السبت    زلزال بقوة 6.2 درجات يضرب قبالة سواحل بابوا غينيا الجديدة دون أضرار    تفاصيل وفاة شخص كان موضوعا رهن الحراسة النظرية بالبيضاء    ليلة استثنائية في الرباط .. الموسيقار عبد الوهاب الدكالي يعود إلى الغناء    ترامب يستبدل صورة أوباما في البيت الأبيض بلوحة تظهره وهو ينجو من محاولة اغتيال    العصبة المغربية لحقوق الإنسان تراسل وزير الداخلية بشأن حرمانها من وصل الإيداع    الولايات المتحدة وفرنسا تمران للسرعة القصوى بتنسيق مع المغرب لإغلاق ملف الصحراء المغربية بشكل نهائي    كيوسك القناة | جيتكس إفريقيا المغرب.. نسخة ثالثة كبرى لبناء مشهد رقمي إفريقي    العيون .. حرق وإتلاف كمية مهمة من المخدرات و الأقراص المهلوسة    مديرية التعليم بالناظور تشرف على تمرير الرائز الدولي PISA بثانوية طارق بن زياد    الوداد الرياضي يستقبل درع كأس العالم للأندية بحفل في الدار البيضاء    الوداد يحتفل بمشاركته في مونديال الأندية بمهرجان فني    طنجة.. مصرع شاب في حادث دراجة نارية قرب مركز الحليب    تونس: عريضة تطالب قيس سعيد بالتنحي وتحذر من خطر انهيار الدولة    حملة أمنية واسعة بطنجة لمواجهة الجريمة وتعزيز الشعور بالأمن    فتح تحقيق تقني إثر حادث تعرضت له طائرة تابعة لشركة "إير أوسيان "بفاس        لغيدي يحصل على جائزة فرنسية تكريمية    فتح تحقيق إثر حادث تعرضت له طائرة تابعة لشركة (إير أوسيان) على مدرج مطار فاس    الدرهم يرتفع بنسبة 3% مقابل الدولار بين فبراير ومارس 2025    الزمامرة تهزم شباب السوالم بالبطولة    كوت ديفوار تتجاوز السنغال بركلات الترجيح وتواجه المغرب في النصف    مهرجان "عرس الصحراء" في قلب درعة تافيلالت: سحر الفن في الراشيدية والريصاني    وزارة التجهيز تكشف تفاصيل سقوط طائرة بفاس وتفتح تحقيق    كيوسك القناة | قراءة في أبرز عناوين الصحف الاقتصادية الأسبوعية    12 مليار درهم للمقاولات الصغرى مهددة بالتبخر كما حدث مع 13 مليار درهم للمواشي    حكاية مدينتين "التبادل الثقافي بين طنجة وجبل طارق " عنوان معرض تشكيلي نظم بعاصمة البوغاز    نشرة إنذارية: أمطار رعدية ورياح قوية مع تطاير الغبار بعدد من مناطق المملكة من الجمعة إلى الأحد    تأجيل مهرجان تطوان لسينما المتوسط    مجلس المستشارين.. افتتاح أشغال الدورة الثانية من السنة التشريعية 2024-2025    الذئب الرهيب يعود من عالم الانقراض: العلم يوقظ أشباح الماضي    محمد صلاح يجدد العقد مع ليفربول    شراكة بين "اتصالات المغرب" و"زوهو"    الدول المنتجة للنفط في مأزق.. أسعار الخام تهوي لأدنى مستوى منذ الجائحة    الذهب يرتفع ويسجل مستوى قياسيا جديدا    السياحة.. المغرب يسجل أرقاما قياسية خلال الربع الأول من سنة 2025    المغرب يدعو إلى تضافر الجهود الدولية لضمان سلامة الأجواء في مناطق النزاع    الاحتكار آفة الأشْرار !    نجاة الرجوي: "مشاركتي في حفل تكريم عبد الوهاب الدكالي شرف كبير"    وفاة مدرب ريال مدريد السابق الهولندي ليو بينهاكر عن عمر 82 عاما    السلطات الصحية بجنوب إسبانيا تتأهب لمواجهة "بوحمرون" القادم من شمال المغرب    سلطات مليلية تحتجز كلب "مسعور" تسلل من بوابة بني انصار    آيت الطالب يقارب "السيادة الصحية"    دراسة: أدوية الاكتئاب تزيد مخاطر الوفاة بالنوبات القلبية    العيد: بين الألم والأمل دعوة للسلام والتسامح    أجواء روحانية في صلاة العيد بالعيون    طواسينُ الخير    تعرف على كيفية أداء صلاة العيد ووقتها الشرعي حسب الهدي النبوي    الكسوف الجزئي يحجب أشعة الشمس بنسبة تقل عن 18% في المغرب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يا له من بلد غريب!!
نشر في المساء يوم 22 - 10 - 2014


المشهد 1:
تصل بسيارتك إلى شارع تعوّدت على المرور عبره يوميا. غير أنك تجد الشارع مغلقا، ليس بسبب أشغال أو فيضان أو إعادة تمثيل جريمة، بل لأنك تجد خيمة كبيرة تم نصبها بسرعة وكأن «شمْهرُوش» قام بذلك في لمح البصر.
القضية وما فيها أن أحد سكان ذلك الشارع يقيم عرسا، ولكي «يُعرّس» جيدا فإنه يجب أن «يُهرّس» القانون ويعبث بحق الناس في المرور. صاحب العرس قام بذلك بدون ترخيص، وإذا كان نافذا فإنه ربما استشار القايْد شفويا فسمح له بذلك، أحيانا بدون مقابل، وأحيانا مقابل صحون من البسْطيلة والدجاج المشوي.
المشهد 2:
في طريق رئيسي يمارس سائق دراجة نارية بثلاث عجلات (التّْريبُورْتور) سباق الرالي مع نفسه ومع الآخرين. السائق يبدو «مقرْقب» ولا يعبأ بشيء اسمه القانون أو الأخلاق، لذلك يمسك طرفا من المقود بيده اليسرى وسيجارة محشوة بالحشيش بيده اليمنى. صاحب الدارجة النارية لا يبدو آبها لمن حوله، وإذا أوقفه شرطي المرور فسيعتبر نفسه مظلوما لأنه مجرد حمّال بسيط و»محْكور» والكل يريد إهانته والاعتداء عليه، وإذا طالبه شخص ما بضرورة التحلي بأخلاق الطريق فإنه سيعتبره «حكّارا» ضد الفقراء مثل باقي أفراد المجتمع.
المشهد 3:
توجد على يمينك سيارة مرقمة بإسبانيا، يبدو أن سائقها مستعجل ليسبقك لأسباب ما. تقرر أن تكون مهذبا نحوه فتبطئ السير وتسمح له بالمرور، فمن يدري لعل معه مريضا أو أشخاصا مسافرين يخافون أن يتأخروا عن موعد الطائرة أو «الكارْ».. وربما «البابُورْ». تتوقع، كما تتوقع أشياء كثيرة، أن يقوم السائق بحركة مجاملة أو تحية نحوك. فعلا، يفعل ذلك، فيُخرج يده من السيارة، لكن ليس لكي يومئ إليك بتحية، بل لكي ينفض سيجارته أمام وجهك كعربون تحية. تتساءل مع نفسك: أين تعلم هذا السائق كل هذا الأدب؟ هل عندما كان في المغرب أم بعد أن هاجر إلى إسبانيا؟ لا تنتظر الإجابة، بل تلوم نفسك لأنك منحت «الحلّوف» حق أسبقية لا يستحقه.
المشهد 4:
منذ أن خلق الله البشرية صنع المارة طريقا خاصا بهم للمرور، وصنعت العربات طرقا خاصة بها. لكن هذه القاعدة غير معمول بها بالمرة في المغرب. المشاة يعتبرون طرق السيارات حقا لهم، والسيارات تعتبر الأرصفة حقا طبيعيا لها. الناس يتركون الأرصفة ويسيرن جنبا إلى جنب مع السيارات، وأصحاب السيارات يصعدون إلى الأرصفة لكي يركنوا سياراتهم. في ظل هذه الخلطة العجيبة، يبدو وكأن البشرية عادت إلى مراحلها الأولى، مرحلة ما قبل ظهور العجلة.
المشهد 5:
الشارع لا يبدو مكتظا، والسائقون يبدون مشغولين جدا ويستعجلون الوصول إلى أشغالهم أو العودة إلى منازلهم. فجأة، تظهر فتاة أنيقة تمشي متباطئة على الرصيف وتختلس النظرات إلى السيارات. كل صاحب سيارة يعتقد أنها تختلس النظر إليه. فجأة، ينسى كل أولئك السائقين أشغالهم، وكل واحد يتسابق من أجل شيء واحد.. أن تكون الفتاة «الشاردة» من نصيبه.
المشهد 6:
الذي اخترع إشارات المرور الضوئية بألوانها الثلاثة يبدو أنه نسي لونا رابعا؛ ففي المغرب لا يعترف السائقون بهذه الأضواء الثلاثة، وهم في حاجة ماسة إلى ضوء رابع بين الأصفر والأحمر.
يشتعل الضوء الأخضر فتنطلق السيارات كالسهام وتثور أبواق السيارات الخلفية منبهة السيارات الأمامية إلى ضرورة الإسراع. فجأة، يشتعل الضوء الأصفر، لكن مشكلته أنه يشبه كثيرا الضوء الأخضر لذلك لا يقف فيه أحد.
بعد ذلك يشتعل الضوء الأحمر، لكن «حْموريّته ماشي حْتى لْهيه»، لذلك «يحرقه» كل من استطاع إلى ذلك سبيلا، والذي يقف فيه يفعل ذلك مضطرا لا بطلا، وعندما يفعل ذلك يحس وكأنه غير محظوظ بالمرة ويرفع رأسه إلى السماء متألما وكأنه يقول «لماذا أنا يا رب؟ لماذا لم تخلق لونا آخر قبل الأحمر ليسمح لي بالمرور أنا أيضا؟».
المشهد 7:
في المغرب، يعرف الناس الأحزاب جيدا ويحصونها واحدا واحدا. لكنهم ينسون حزبا كبيرا وفاعلا ومؤثرا، وهو حزب حراس السيارات.
في بلدان العالم المتحضر يحرس السيارات أشخاص مهذبون ونظيفون وقنوعون، أو يشتغلون في إطار شركات قانونية لها دفتر تحملات واضح ومسؤوليات واضحة. أما المغرب، فمسألة حراسة السيارات هي في منزلة ما بين المنزلتين.. بين الصدقة وقطع الطريق.
تنفح الحارس درهما فلا تعرف هل سيشكرك أم سيلعنك؛ أما إن لم تعطه شيئا فتوقع أن تصل معه إلى الكوميسارية أو المستعجلات.
كل صاحب سيارة في المغرب يؤدي ضريبة سنوية للدولة، لكن لا أحد ينتبه إلى تلك الضريبة الخفية التي يؤديها أصحاب السيارات يوميا للحراس. في كثير من المرات، لا ترى الحارس إلا بعد أن تهم مغادرا الشارع. هو لم يساعدك في شيء، لكنه يريد المقابل. أحيانا، تقف وتبقى داخل سيارتك وحين تهم بالمغادرة يقف مطالبا بدرهم.
يا له من بلد غريب!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.