سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الغالي: التدخلات الأجنبية وجدت في الحياة المدنية المفتوحة عاملا خصبا لخلط بعض الأوراق قال إن الصراع بين الداخلية والجمعيات صحي في الحدود التي لا تمس بالتوازن والإخلال به يؤدي إلى عواقب غير محمودة
يرى محمد الغالي، أستاذ السياسات العامة بجامعة القاضي عياض، في هذا الحوار، أن طرح مسألة الصراع، الذي قد ينظر إليه من بعض الجوانب على أنه نتيجة لعيوب في كيفية إدارة وتدبير ملفات الشأن العام، خاصة ذات الطبيعة الحقوقية، يجعل في المحك مسؤولية المجلس الوطني لحقوق الإنسان وأدواره كمخاطب مؤسساتي دستوري في تأطير النقاشات العمومية، وعليه استمرار تناول الصورة بهذه الطريقة على أساس أنها صراع بين الجهات الحقوقية والسلطات العمومية. كما يطرح أكثر من أي وقت مضى القيام بتقييم موضوعي لدور المجلس والوقوف عند مختلف نقاط الضعف، التي جعلته غير قادر على أن يؤمن به الجميع كمؤسسة دستورية فوق كل الاعتبارات وكفيل بضمان وتحقيق تمثيلية الجميع في إطار مبادئ والتزام تحقيق الأمن الحقوقي للجميع. يمكن إعطاء مجموعة من التفسيرات في هذا الباب. منها ما هو مرتبط بكيفية تدبير العلاقة بين السلطات والجهات الحقوقية، ومنها ما هو متعلق بالتزامات الجهات الحقوقية، على اعتبار أن مرجعيتها تتجاوز الحدود الوطنية إلى ما هو إنساني كوني في المعادلة. بالنسبة للتفسير الأول، في اعتقادي تباطؤ السلطات العمومية في إحداث هيئات للتشاور والحوار في مجموعة من القضايا ذات الاهتمام المشترك ترك فراغا كبيرا في هذا المجال وجعل خطاب السلطة يظهر وكأنه خطاب يصرف بشكل عمودي، مما يوحي إلى الطرف الآخر وكأنها رُزنامة من التعليمات التي يجب التقيد بها، هذا في الوقت الذي يجب فيه التأسيس لتقاليد وممارسات حميدة في مجال الاستشارات العمومية فيما يساعد على تحقيق التفاعل والانخراط بالنسبة لمختلف المعنيين في مختلف القضايا ذات الطابع الحقوقي وغيرها، فالتوتر يحيل من جوانب متعددة على حالة نفسية تعبر عن عدم استجابة العرض العمومي المتمثل في تدخلات السلطات العمومية من خلال الحلول المقدمة، لسقف التطلعات، مما يعكس خصاصا في قنوات التواصل ويخلق حالة التجرد من قيم الاعتراف المتبادل. كما أن غياب هذا النوع المؤسس على قنوات مؤسساتية دائمة للتواصل يخلق شرخا على مستوى تقدير الالتزامات المتبادلة. فخطاب السلطة وممارساتها تنطلق من مشروعية وشرعية ممارسة السيادة الوطنية، وتكييف التدخلات مع ما يتماشى والمصلحة القومية الوطنية التي تعتبر صاحبة الأولوية وتحصينها من المخاطر الخارجية التي قد تكون المرجعيات الخارجية وتوجهاتها سببا لها.. بينما المنظمات الحقوقية تكون لها ارتباطات عابرة للحدود الوطنية، وتحركاتها في الغالب مقيدة بدفاتر التحملات التي تفرضها الجهات المانحة أو الداعمة، والتي تكون في الغالب جهات أجنبية، مما يطرح في مجموعة من السياقات حدود الاستقلالية والقدرة على السيادة في القرار لدى هذه المنظمات الحقوقية. - إلى أين يسير التوتر بين السلطات والجهات الحقوقية؟ في اعتقادي يبقى هذا التوتر داخل دائرة المتحكم فيه، على اعتبار أن الظرفية جد حساسة وتستدعي توحيد وتنسيق مختلف الجهود والإرادات فيما يخدم المصلحة الوطنية، خصوصا بعد المصادقة على دستور 2011، الذي أعطى إمكانيات مهمة في موضوع تدبير وإدارة الصراعات المؤسساتية بين مختلف المتدخلين في الشأن العمومي، سواء كانوا أشخاص القانون العام أو أشخاص القانون الخاص. وعليه يبقى هذا الصراع في دائرة المتحكم فيه لكن باستحضار الروح الإيجابية، التي تلتزم بمقتضيات الدستور من هذا الطرف أو ذاك، والتحرر من الوصفات والتدخلات الأجنبية التي وجدت في الحياة المدنية المفتوحة، وخصوصا على مستوى التوظيف السيء لمجموعة من الجمعيات، عاملا خصبا لخلط بعض الأوراق من أجل تضبيب الصورة، خاصة ما يتعلق بالاختيارات الاستراتيجية الوطنية الكبرى المتعلقة بملف الوحدة الترابية، والاختيارات المتعلقة بالاختيار الديمقراطي والحكامة، وهي كلها خيارات تهدد وضعيات جهات أجنبية وحتى أطراف داخلية مصلحتها لا تتحقق من خلال الطي النهائي لمشكل الوحدة الترابية، أو السير بخطى ثابتة في طريق تحقيق دولة مؤسساتية يسودها حكم القانون والشفافية والنزاهة وربط المسؤولية بالمساءلة والمحاسبة وتحقيق العدالة وتكافؤ الفرص بين الجميع. - هل نحن مقبلون على صراع بين الطرفين؟ كما أشرت في السابق، الصراع يبقى ظاهرة صحية في الحدود التي لا تمس بالتوازن، والذي قد يقود الإخلال به إلى عواقب غير محمودة، فأي سير في هذا الاتجاه سيضر بمصداقية الجميع تجاه المواطنين والمواطنات. في اعتقادي طرح مسألة الصراع، الذي قد ينظر إليه من بعض الجوانب على أنه نتيجة لعيوب في كيفية إدارة وتدبير ملفات الشأن العام، خاصة ذات الطبيعة الحقوقية، يجعل في المحك مسؤولية المجلس الوطني لحقوق الإنسان وأدواره كمخاطب مؤسساتي دستوري في تأطير النقاشات العمومية، وعليه استمرار تناول الصورة بهذه الطريقة على أساس أنها صراع بين الجهات الحقوقية والسلطات العمومية يطرح أكثر من أي وقت مضى القيام بتقييم موضوعي لدور المجلس والوقوف عند مختلف نقاط الضعف، التي جعلته غير قادر على أن يؤمن به الجميع كمؤسسة دستورية فوق كل الاعتبارات وكفيل بضمان وتحقيق تمثيلية الجميع في إطار مبادئ والتزام تحقيق الأمن الحقوقي للجميع. وعليه قيام المجلس الوطني لحقوق الإنسان بأدواره الدستورية كاملة هو الضمانة الحقيقية لانضباط الجميع في القيام بأدواره، دون تداخل أو تطاول في ذلك للبعض على البعض الآخر، وبالتالي التحرر من مشاهدة صور تنصيب جمعية أو منظمة حقوقية لنفسها كبديل عن الدولة وهيئاتها في خدمة المواطنين والمواطنات وتلبية حاجياتهم.. - ما هي انعكاسات هذا الصراع وطنيا ودوليا؟ متطلبات المرحلة الانتقالية التي يعيشها الجميع بعد المصادقة على دستور 2011، تفرض تضافر وتوحد مختلف الجهود لإنجاح هذه المرحلة الانتقالية، وبالتالي أي منهجية في التعامل يمكن أن تقود إلى تعويم الصراع بإدخال أطراف خارجية أو خدمة أجندتها بحجة الكونية الإنسانية كقاعدة في الحكم على التصرفات والأفعال، فيمكن أن يقود هذا الوضع إلى تداعيات سلبية تمس بمصداقية المؤسسات الدستورية أولا، على اعتبار أن الدستور يتوفر على كل الآليات الكفيلة بإدارة وتدبير الصراعات والتحكم في تدفقاتها الزائدة، التي يمكن أن تخل بالتوازن وكذلك التشكيك في مصداقية مختلف الفاعلين وتبخيس المجهودات التي يقومون بها، سواء كانوا أحزابا أو جمعيات أو غيرها، كما أن شركاء المغرب قد يمس هذا الصراع بمستوى ثقتهم في أهمية التحولات التي عرفها المغرب في مختلف الأصعدة، مما قد يفتح المجال أمام التشكيك في الخط الائتماني الذي توفره الدولة المغربية على صعيد مختلف المستويات السياسية والاقتصادية والمالية والاجتماعية والحقوقية، وهذا الخط الائتماني هو الضمانة للحفاظ على تقديم الولاء للدولة بدل ظهور بدائل أخرى قد تضعفها كما هو الشأن في مجموعة من البلدان خاصة الإفريقية والعربية (ليبيا، سوريا، العراقلبنان، اليمن ..) حيث فقدان الدولة كإطار معاصر لمستويات معينة في الأداء لأدوارها جعل الولاء يستقر في مستوى القبيلة أو الطائفة. تقارير «الجمعية» حول الصحراء تُوتّر العلاقة مع الداخلية المهدي السجاري العلاقة المتوترة بين بعض الجمعيات الحقوقية، وبشكل خاص الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، وبين وزارة الداخلية لم تكن وليدة اللحظة التي وجه فيها محمد حصاد اتهامات إلى هذه الجمعيات بالتشكيك في عمل المصالح الأمنية وخدمة أجندة خارجية، وتلقي تمويلات من جهات أجنبية، بل تمتد إلى محطات سابقة عبرت فيها وزارة الداخلية بشكل صريح عن انتقادها للتقارير «السوداء» للجمعية المغربية، خاصة خلال بعض الأحداث التي شهدتها الأقاليم الجنوبية. ففروع الجمعية المغربية في عدد من مدن الصحراء المغربية دأبت على إصدار تقارير قاتمة حول الوضع الحقوقي، خاصة في بعض لحظات التوتر التي تشهد مواجهات بين انفصاليين والقوات العمومية، حيث توجه فروع الجمعية اتهامات إلى قوات الأمن بتعنيف المتظاهرين ومداهمة البيوت، وهو الأمر الذي تنفيه السلطات بشكل قاطع. وبرز التوتر الحاد بين الطرفين في الرد القوي لوزارة الداخلية على ما تضمنته بعض تقارير الجمعية من اتهامات للقوات العمومية بمداهمة البيوت والتدخل العنيف في حق محتجين خلال أحداث سيدي إفني السنة الماضية، وهو الأمر الذي ردت عليه الداخلية بوصف تلك الاتهامات بكونها «مجرد مزاعم الهدف منها تأليب الساكنة واستمالة عطفها». البيان شديد اللهجة، الذي صدر آنذاك عقب تقرير لفرع للجمعية المغربية حول الأحداث التي شهدتها المدينة، عبر عن استهجان الوزارة ل«أسلوب المغالطة الذي دأبت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان على نهجه وذلك بإصدارها تقارير منحازة وبعيدة عن الحقيقة، ولا تمت للعمل الحقوقي الجاد والموضوعي والمسؤول بصلة». وتضمنت اللغة الشديدة التي جاء بها البيان استغراب الوزارة من «استمرار الجمعية في التحامل على قوات حفظ الأمن التي تتهمها بطريقة ممنهجة بارتكاب أعمال مشينة أثناء تدخلاتها للحفاظ على النظام العام، متجاهلة أن المهمة الأساسية لهذه القوات هي ضمان سيادة القانون وحماية أرواح وممتلكات المواطنين طبقا لما تقتضيه الإجراءات القانونية». رد الجمعية المغربية لحقوق الإنسان على موقف الداخلية جاء على شكل تنديد بما وصفته بلغة «التهديد والتخويف»، التي استعملتها الوزارة في بياناتها الصادرة ضدها، واعتبرت أن الداخلية تحاول «محاصرة الجمعية والتقليل من تقاريرها». جمعيات تتهم الداخلية ب«معاقبتها» على مواقفها الحقوقية لم تكن اتهامات وزير الداخلية لبعض الجمعيات بخدمة أجندة خارجية لتمر دون أن تخلف من ورائها زوبعة كبيرة، وصلت حد مطالبة العصبة المغربية لحقوق الإنسان بإقالة وزير الداخلية، محمد حصاد، وتقديم اعتذار للمنظمات الناشطة في مجال حقوق الإنسان. الجمعيات سارعت إلى اعتبار تصريحات حصاد محاولة للتضييق على نشاطها في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان، و»عقابها» على عدد من المواقف التي عبرت عنها في قضايا ادعاءات التعذيب وغيرها، بعدما اتهم حصاد جمعيات حقوقية بتوجيه اتهامات واهية للمصالح الأمنية بالاختطاف والتعذيب والاعتقال التعسفي. الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، التي وجدت نفسها أكثر الجمعيات المعنية بتصريحات حصاد، اعتبرت أن «محاولة وزير الداخلية خلط الأوراق لطمس الحقائق في ما يتعلق بالتعذيب محاولة يائسة، لأن الوقائع، كما تصريحات المسؤولين أمام المفوضة العليا لحقوق الإنسان وتقارير المقررين الأمميين ومنظمات المجتمع المدني، تؤكد وجود حالات عديدة منه، والمنتظر هو الكشف عن المتورطين في هذه الحالات، ومساءلتهم وتقديمهم للمحاكمة العادلة». لكن العلاقة المتوترة ستزداد احتقانا بين الجمعيات، وبشكل خاص بين الجمعية المغربية لحقوق الإنسان ووزارة الداخلية، بعدما تم منع المخيمات الصيفية الحقوقية للجمعية، وهو الأمر الذي اعتبرته خطوة تندرج في سياق «الهجمة» التي تشنها السلطات ضد عملها الحقوقي. ربط الجمعية المغربية قرار المنع ب«تضييق» السلطات على أنشطتها سيزداد حدة بعدما تم منع مخيم شبابي دولي لمنظمة العفو الدولية «أمنيستي» بمدينة بوزنيقة، وهو القرار الذي بررته السلطات بعدم إقدام مسؤولي المنظمة على مباشرة مساطر الإشعار والحصول على ترخيص في هذا الشأن. لكن منظمة العفو الدولية كان لها رأي آخر في تفسير هذا القرار، إذ ذهب محمد السكتاوي، مدير فرع المنظمة بالمغرب، إلى القول بأن قرار المنع يأتي «عقابا للمنظمة التي تناهض التعذيب في المغرب». وأكد أنه «لا يمكن القيام بهذا الإجراء في حق هؤلاء الشباب، والمغرب عضو في مجلس حقوق الإنسان، وهو يتهيأ لاستقبال منتدى عالمي للمدافعين عن حقوق الإنسان، فهو قرار يأتي متناقضا تماما مع دستور 2011 الذي أعطى الأولوية لحقوق الإنسان». الحكومة والعلاقة المتوترة مع الجمعيات الحقوقية خديجة عليموسى ارتفعت حدة التوتر بين الحكومة وجمعيات المجتمع المدني في الآونة الأخيرة، بسبب تصريحات محمد حصاد وزير الداخلية، التي اتهم فيها الجمعيات الحقوقية بالتشكيك في عمل الأجهزة الأمنية وتوجيه تقارير مغلوطة للمنظمات الدولية، تستغل لضرب الوحدة الترابية. تصريحات حصاد، التي اعتبرتها الجمعيات مستفزة، كانت في منتصف شهر يوليوز الماضي، خلال جلسة الأسئلة الشفوية، بمجلس النواب خلال الدورة الربيعية المنصرمة، حيث اتهم وزير الداخلية الجمعيات الحقوقية باستغلال فضاء الانفتاح والحريات من أجل اتهام الأجهزة الأمنية بارتكاب أعمال واهية، على حد تعبيره. جاء كلام وزير الداخلية في سياق حديثه عن ما أسماه تقديم الجمعيات، التي تعمل تحت غطاء حقوق الإنسان، مزاعم كاذبة ومفبركة في حق مصالح الأمن، تتعلق بملفات التعذيب وممارسة الاختطاف والاعتقال التعسفي، من أجل خلق ونشر التشكيك في الإجراءات الأمنية. ما تقوم به الجمعيات الحقوقية، في هذا المجال يدخل في إطار «حملة مدروسة للإساءة إلى مصالح معينة وخلق الفوضى وضرب وحدة المغرب»، حسب رأي حصاد الذي يعتبر أن هذه الجمعيات، التي لم يحددها، تحصل على دعم مالي سخي يفوق في بعض الأحيان 60 في المائة مما تملكه الأحزاب السياسية». ورغم استغلال الجمعيات لفضاء الانفتاح والحريات، فإن السلطات العمومية تحرص على عدم المس بهذا الفضاء، كما أن ذلك لن «يثني عن استكمال الورش الحقوقي تطبيقا لمضامين الدستور، لكون المكتسبات تقتضي منا التحلي باليقظة والتصدي بحزم لكل التهديدات الإرهابية»، يقول حصاد الذي أكد أن تلك الجمعيات تقدم ملفات وتقارير مغلوطة للمنظمات الدولية، يتم استغلالها من طرف خصوم الوحدة الترابية. تصريح وزير الداخلية أثار غضب الجمعيات الحقوقية التي طالبت الوزير بتقديم اعتذار أو تقديم استقالته، لأن ما صدر عنه يشكك في مصداقية عملها، وزادت حدة التوتر عندما منعت وزارة الداخلية أنشطة «تربوية وتكوينية» للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، ومنع تنظيم مخيم شبابي دولي لفرع منظمة العفو الدولية في المغرب بمدينة بوزنيقة بدعوى «عدم اتباع الإجراءات الضرورية». ولم تكن هذه هي المرة الأولى التي تصطدم فيها الجمعيات الحقوقية مع الحكومة، بل إن دعوى قضائية رفعتها جمعيات ضد رئيس الحكومة، بسبب تصريحاته خلال شهر يونيو الماضي والتي اعتبر فيها أن دور المرأة داخل البيت تراجع بفعل خروجها للعمل، وهو ما اعتبرته الجمعيات بمثابة تمييز ضد المرأة، كما أن نشر لوائح الجمعيات المستفيدة من الدعم الأجنبي كان قد أثار بعض الجمعيات الحقوقية ومنها الجمعية المغربية لحقوق الإنسان التي كانت قد انتقدت الخطوة. كما سبق لبسيمة الحقاوي، وزيرة الأسرة والتضامن، أن أغضبت الجمعيات النسائية بسبب اتهامها للجمعيات بتشويه صورة المغرب في الخارج عبر استغلال ملف اغتصاب الأطفال. التمويل الأجنبي.. مصدر قلق للدولة وحافز عمل للجمعيات عاد الحديث عن التمويل الأجنبي للجمعيات الحقوقية إلى الواجهة، مؤخرا، بسبب حديث وزير الداخلية عن ذلك بالبرلمان. هذا الموضوع يثير اهتمام الرأي العام، خصوصا أن للمال حساسية قد يختلط فيها الحقوقي بالسياسي وإمكانية توظيف الجمعيات من لدن جهات خارجية تستغل تقاريرها من أجل ضرب مصالح المغرب. وفي هذا السياق يقول محمد النشناش، رئيس المنظمة المغربية لحقوق الإنسان، إن «التمويل الأجنبي ضروري، لكن في حدود المصلحة العامة ووفق القوانين المغربية وما يتماشى مع الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان التي صادق عليها المغرب». تحفظ المسؤولين الحكوميين بالمغرب عن التمويل الأجنبي للجمعيات الحقوقية كان يقتضي منهم أن يدلوا بأسماء الجمعيات التي يقصدونها مع ذكر مصادر التمويل، يقول رئيس المنظمة المغربية لحقوق الإنسان ل«المساء»، الذي انتقد إطلاق الشبهات بدون مبرر، موضحا أن الأمر يتطلب أن يتم تحديد الهدف وتكون للعدالة كلمتها، سيما أن للدولة إمكانيات من أجل مراقبة حسابات الجمعيات. وبخصوص التمويل الأجنبي للمنظمة المغربية لحقوق الإنسان، يوضح النشناش أنها تتم وفق شروط، وأنها تنبني على تمويل برامج محددة يكون متفقا عليها سلفا بين المنظمة المغربية لحقوق الإنسان والهيئة المانحة، ويتعلق الأمر بالاتحاد الأوروبي وبعض المنظمات الألمانية. وتلجأ المنظمات الحقوقية إلى الدعم الخارجي لأن الدولة لا تمنح لها أي دعم، بل تستغل إمكانياتها الذاتية للمتطوعين في إدارتها المركزية وفي فروعها، وفق ما أكده رئيس المنظمة المغربية لحقوق الإنسان. وعرف وصول الحكومة الحالية إثارة ملف التمويل الأجنبي بعدما نشر الحبيب الشوباني، وزير العلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني، خلال مناقشة مشروع الميزانية لسنة 2013 لوائح الجمعيات المستفيدة من الدعم الأجنبي، والذي بلغ خلال سنة 2011 أزيد من 14 مليارا و57 مليون سنتيم، تلقته 352 جمعية، بينما تلقت 279 جمعية أكثر من 14 مليارا و64 مليون سنتيم في 2010. ومن الجمعيات الحقوقية التي صرحت بتلقيها الدعم الأجنبي الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، التي تلقت ما مجموعه 2 مليون درهم و919 ألفا و932 درهما، خصصته لتمويل مشروع «نشر ثقافة حقوق الإنسان بالمغرب» والدعم المؤسساتي لكل أنشطة الجمعية وتمويل الافتحاص الإداري والمالي للجمعية، وكذا جمعية عدالة، التي توصلت بمبلغ 206 آلاف و490 درهما لتمويل نشاط خاص بمذكرة الإصلاح حول القضاء» خلال سنة 2009. ما نشره الشوباني أثار حينها غضب الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، التي اعتبرت أن ذلك ليس سرا من الأسرار لأن ما كشف عنه الوزير لم يكن سوى المعطيات التي قدمتها الجمعية بنفسها للأمانة العامة للحكومة في إطار القانون، وقامت بنشر ميزانيتها السنوية التي تفوق 30 مليون درهم، تمثل فيها المساهمة الخارجية أقل من 15 في المائة، فيما لا يتعدى حجم الدعم المالي للدولة 0,3 في المائة، بما قدره حوالي 70 ألف درهم في السنة. وأشارت الجمعية، في بيان لها، إلى أن 85 في المائة من ميزانية الجمعية يوفرها أعضاؤها. وإذا كان التمويل الأجنبي يظل ضروريا بالنسبة للجمعيات من أجل الرفع من مردوديتها وتنفيذ برامجها بسبب ضعف تمويل الدولة، فإنه يظل مصدر قلق وإزعاج بالنسبة للدولة، لأنها تخشى استغلاله من أجل المس بمصالح المغرب.