يعتبر مسلم أن أغاني الراب ليست كلها مرتبطة بالشارع، ويرى أن التزامه الغنائي يفرض عليه إنتقاد الواقع. - من أنت كشخص وليس كمغني راب؟ < أنا مواطن مغربي طنجاوي، عمري 28 سنة، ابن حي سبيلة الجماعة، واسمي محمد الهادي المزوري.. - «مسلم» إذن اسم الشهرة.. لماذا اخترت هذا الاسم؟ < (يقبل يديه من الجهتين) الحمد لله أني اخترت هذا الاسم وما حصلتْشي فشي اسم آخر. - وكيفاش مشيتي للراب؟ < كان ذلك قبل 12 عاما تقريبا حين جذبتني هذه الموسيقى كثيرا. لقد نشأت في حي شعبي معروف في طنجة وأنا ابن الشعب وأعكس معاناته. وأتذكر أني عندما سمعت أول مرة أغاني الراب الأمريكية لم أكن أفهم فيها شيئا، لكني كنت أحس أن مغني الراب يريد أن يوصل شيئا مهما من خلال الموسيقى ونبرة الصوت. - تقصد أنها موسيقى صاخبة وصوت غاضب وكلمات قوية؟ < تماما. بعد ذلك استمعت لمغنين كثيرين في الراب وطالعت الكثير من كلمات الأغاني، ولا زلت أذكر أني في سنة 1996، عندما كنت مراهقا، تأثرت كثيرا بأغنية «جنة المجرمين» في فيلم حول مدرسة بها تلاميذ مشاغبون.. بعد ذلك خضت أول تجربة وغنيت أغنية لا أذكر تفاصيلها بالضبط. كانت تجربة أنجزتها بشكل بدائي حيث كنت أطلق الموسيقى من جهاز وأبدأ في الغناء وأسجل نفسي على راديو كاسيط، ثم طورت وسائلي الذاتية شيئا فشيئا. - تستعمل في أغانيك كلمات قوية وتتحدث عن الحكرة، سواء من جانب السلطة أو من جانب المفسدين. < أغني عن بيئتي وبيئة أبناء جيلي، وكلمات الأغاني أكتبها بنفسي، والمعاناة التي لم أعشها بنفسي أكيد أن آخرين مثلي عانوها. بصراحة لا أتتبع السياسة بعمق، لكني أغني بعفوية وأحاول أن أعكس ما يعانيه الناس. أنا أحاول أن أكون لسان الشعب، لسان المهمشين والشباب مثلي. الراب هو هادا.. الغناء عن الحكرة والشباب والحياة اليومية بأدق تفاصيلها. - هل سبق لك أن تعرضت لمضايقات من السلطة مثلا؟ < (يصمت قليلا).. طبعا. آخر مرة زارني شخص يرتدي بذلة أنيقة في متجري ووجه إلي تهديدا مبطنا، وقال لي إن إحدى أغنياتي مست شيئا ما. سألته مست ماذا. فأجابني بأنه يتم تحليلها.. ثم انصرف. فهمت أنه يريد إخافتي.. لكننا نعكس انشغالات الشباب وهمومهم ولا نهتم بهذه الأمور. عموما، ليست كل الأغاني مرتبطة بالزنقة والشارع. أنا أعتبر الأغنية التي أديتها حول والدتي، والأم بشكل عام، أحسن الأغاني. نحن شباب ونتعلم أشياء كثيرة في الشارع، ونحن متمردون، لكن ذلك لا يمنعنا أبدا من التقرب إلى الوالدين وكسب رضاهما. - تشتغل في فرقة اسمها «زنقة فلوو».. لماذا هذا الاسم؟ كما أنك حافظت بنسبة كبيرة على اللهجة الطنجاوية في أغانيك. < «زنقة فلوو» ربما معناها «تيار الزنقة». أما اللهجة فذلك أمر طبيعي لأني طنجاوي أبا عن جد، لكني أصبحت أعمل من أجل أن يفهمني جميع المغاربة لأن جمهوري عريض وموجود في المغرب كله، وهذا ما ألاحظه بجلاء في العروض التي أقيمها في عدد من المدن المغربية وخصوصا في الدارالبيضاء. أحيانا أدخل مصطلحات عربية أيضا لأن جمهوري خارج المغرب أيضا. وهذه مناسبة لكي أشير إلى ندرة القاعات في طنجة حيث نجد صعوبة كبيرة في استقبال الجمهور. أحيانا يدخل ربع الجمهور القاعة والباقي يبقى في الشارع. - كثير من الناس يقولون إن لهجتكم قوية وعبارات أغانيكم بذيئة، يعني أن الراب ليس فنا للأسر والعائلات. < أعترف بأني في البداية ارتكبت هذا الخطأ واستعملت عبارات يمكن أن تكون غير مقبولة، لكن مع مرور الوقت طورت أسلوبي كثيرا. ومنذ 2006 أصبحت ألبوماتي تسمع داخل المنازل وأتلقى في كثير من الأحيان تنويهات الآباء، وأحيانا يطلبون مني أن أمرر رسائل جدية للشباب لأنهم يسمعونني أكثر. أنا أريد أن أصحح معلومات خاطئة عند كثير من الناس لأنهم يعتقدون أننا نؤدي أغاني «للبراهش» وبدون معنى، وهم بذلك يحملون تصورا خاطئا عن الراب. - ماذا أعطاك الراب ماديا؟ < إذا «بغيت الفلوس» من الراب سأحصل عليها بسهولة، لكن ذلك سيتم مقابل بيع الكثير من المبادئ التي أؤمن بها. أولها أنني يجب أن أنضبط لشروط كثيرة، من بينها تخفيف حدة الانتقاد لكي تمر أغاني في الإذاعات والتلفزيون. أنا أنتقد الواقع والمجتمع وأي حاجة خايْبة فهاد البلاد. دابا كايْنين مجموعات من مغنيي الراب باعو الماتش وبداو كيغنّيوْ على أي حاجة ويلحسو الكابّا.. إنهم يريدون منا أن نقول إن المغرب بيخيرْ وننشط فقط، أما أن ننتقد فهذا ما لا يريدونه. - ما علاقاتك بالخاسر ديال كازا.. يعني الخاسر؟ < كان صاحبي ولكن... يعني ماشي صديق حميم ولكن التقينا في الدارالبيضاء وجاء عندي لطنجة. أنا أريد أن أقول إنني عندما كنت معروفا لم يكن البيغ قد ظهر بعد، والناس تحدثوا عن مسلم قبل أن يتحدثوا عن الخاسر. نحن نقود مدرسة في الراب، لكن الإعلام متركز في الدارالبيضاء.. وربما لأنني طنجاوي فأنا لا أحظى بحقي في الإعلام. وإذا قارنا بين كلمات ألبوماتي وكلمات ألبوماته سنجد فرقا كبيرا. هناك مسألة أخرى، وهو أن اسم «مسلم» يسبب للبيغ بعض الحساسية، ولا أعرف لماذا. - البيغ أصبح يغني في الحملات الانتخابية للأحزاب.. هل يمكن أن تقوموا بشيء مماثل؟ < عْلى هذا الأساس ما بْقاشي خاسر.. رْجع ضريّفْ. نحن نلتزم بمبادئ ولنا أخلاقيات نحترمها.. - لو طلب منكم فؤاد عالي الهمة أن تقدموا عرضا في تجمع لحزبه سترفضون؟ < لو أردنا المال فقط لحصلنا عليه بمختلف الطرق، بما فيها الإشهار، لكننا نرى أن للراب مبادئ وأخلاقيات. وعندما قدم الخاسر إشهارات فإن كثيرين عابوا عليه ذلك. إن جمهور الراب ليس غبيا، بل يؤمن بأن هذا الفن لا يجب أن ينتقد كثيرا من الأشياء ثم يسقط في النقيض.