«مسلم» يؤدي الراب من أجل التمرد على الحالات الاجتماعية الشاذة ومظاهر القهر والظلم في المجتمع، لكنه في الوقت نفسه «رابور» يدعو إلى تخليق الحياة العامة ولا يدعو إلى الفوضى. إنه يقول عن نفسه مفتخرا إن الآباء يطلبون منه أن يوصل، عبر أغانيه، رسائل معينة إلى أبنائهم لأنهم يستمعون إليه أكثر مما يستمعون لوالديهم. انطلاقا من هذه الفلسفة الخاصة في مزج التمرد بالدعوة إلى الأخلاق، يشق «مسلم» طريقه بقوة وسط ميدان تشتد فيه المنافسة يوما بعد آخر. إنه أحد أبرز مغني الراب في المغرب، وكلمات أغانيه دعوة للتأمل في توجه جيل جديد من الشباب. - قلت إنك معجب بمغني الراب الراحل توباك شكور وكان بودك لو تشاركه عملا فنيا. لماذا هذا الإعجاب بشكور بالضبط؟ وبماذا يتميز عن غيره من باقي مغني الراب؟ > توباك شكور لم يكن مجرد مغني راب، بل كان صاحب مبادئ ومواقف، إذ منذ بدايته في الغناء وهو يتحدث عن المشاكل والقمع اللذين كان يعيشهما السود في المجتمع الأمريكي، بالإضافة إلى أنه كان شاعرا في كتاباته وذا أداء رائع لازالت معه إلى حد الآن شركات الإنتاج تعاود نسخ ألبوماته بالرغم من أنه توفي سنة 1996. إن الراب ليس مجرد غناء، ليس مجرد لحن وكلمات موزونة ومقفاة. إنه يوصل رسائل إنسانية ويحمل مبادئ، وإذا لم يكن الراب محملا بهذه القيم الإنسانية فلا معنى له على الإطلاق. - في كل الأحوال، رحل شكور عن هذا العالم، فمع أي من مغني الراب الأحياء تحلم أن يجمعك عمل مشترك حاليا؟ > هناك العديد من المغنين، من بينهم «دوك بوند»، و«ماك شاوم»، و«أونيكس»، كلهم لديهم مستوى عال وجيد في الأداء، وأنا من أشد المعجبين بهم لأنهم يمثلون الصورة الحقيقية لفن الراب. - تقول إن الراب فن مبادئ، وأيضا هو فن انضباط. هل لهذا السبب سميتم إحدى فرقكم باسم «قشلة»؟ > «القشلة» كلمة دارجة تعني ثكنة عسكرية، واختيارنا لهذا الاسم لم يكن اعتباطيا، فنحن كفريق ننتمي كلنا لعائلات متوسطة، وفي الاسم دعوة إلى كل واحد منا، كفرقة أولا وكأشخاص مدنيين ثانيا، أن يكون عسكريا، ليس بمفهوم حمل السلاح، ولكن أن نكون منضبطين ومحاربين ومكافحين في هذه الحياة لضمان عيش كريم، بمعنى آخر أن تكون عسكريا يعني أن تكون رجلا. - يعتقد الكثيرون أن الراب فن لا يحتاج إلى تكوين موسيقي كبير، ألا يجعل ذلك الراب قبلة لكل من هب ودب؟ > نعم أتفق معك، فن الراب لا يحتاج إلى تكوين مدرسي أو الانضمام إلى معهد موسيقي، وهناك ظاهرة أصبحت بادية للعيان لأن من لديه علم بتقنية التسجيل يشتري ميكروفونا بأربعين درهما ويعمل على دندنة بعض الكلمات ويسمي نفسه مغني راب. هؤلاء إن أسعفهم الحظ فإن أغانيهم لن تفوت حتى عتبة المكان الذي غنوا فيه. وفي أحسن الأحوال فإن أغانيهم تصل إلى أسماع أصدقائهم، أما الوصول إلى الجمهور العريض وكسب وده وإعجابه فهذا يتطلب الكثير من الجهد والعمل والمثابرة، وسهر الليالي أيضا. الجمهور في البداية والنهاية هو الفيصل والحكم فيما هو جيد أو رديء، والبقاء للأقوى، وأقصد الكلمات الجيدة والأداء المقنع، وأكثر من هذا وذاك هو الصدق. إن جمهور الراب على قدر كبير من الذكاء بحيث يمكنه أن يتعرف على الفنان الصادق ويميزه عن غيره. وأنا شخصيا، منذ أن بدأت مسيرتي في ساحة الغناء ظهرت عدد من مجموعات الراب كأفراد أو كفرق، لكن معظمهم تخلوا عن فكرة الغناء ووقفوا في منتصف الطريق لأنهم لم يضيفوا أي شيء لهذا الفن ولم يلاقوا النجاح المنشود. من أجل الوصول إلى النجاح في هذا الميدان يجب أن تكون الموهبة حاضرة بقوة وباستمرار، بالإضافة إلى التميز على مستوى الصوت والأداء ثم الكلمات حتى تتمكن من إضافة بصمتك وإثبات نجاحك في هذا الفن. على سبيل المثال في الولاياتالمتحدة كل الشباب مهووسون بالراب ولديهم محاولات عديدة، لكن المشهورين يمكن عدهم على رؤوس الأصابع. - هل تتوجه في أغانيك إلى الشباب فقط أم إلى كل الفئات العمرية؟ > أنا أتوجه إلى طبقة الشباب عموما بحكم أنني أنتمي إلى هذا الجيل وأحكي عن معاناته من خلال تجارب عشتها أو عايشتها. فالفنان وليد بيئته ويتأثر بها، لكن هذا لا يمنعني من التوجه إلى عموم الناس، وفي كثير من كلمات الأغاني التي أؤديها هناك توجه نحو الجميع، توجه نحو الآباء والأبناء على السواء.