اتجاه التحقيق الإداري والقضائي في فاجعة انهيار العمارات الثلاث، في حي بوركون بالدار البيضاء، إلى إلصاق مسؤولية فاجعة السنة بعامل بناء بسيط هو أمر مضحك مبكٍ، بالمعنى الذي تقول عنه العرب: «شر البلية ما يضحك». تعليق دم 23 شخصا، وهو رقم مرشح ربما للارتفاع، إضافة إلى عشرات المصابين إصابات متفاوتة الخطورة، في رقبة عامل لا يملك غير «الملاسة»، هو ما يسميه المغاربة ب«طاحت الصومعة علقو الحجام». من سيصدق من العائلات المكلومة والجيران والرأي العام الوطني والدولي أن المسؤول عن انهيار ثلاث عمارات هو عامل بناء بسيط، قبل أن يباشر أشغال ترميم محل تجاري ملحق بإحدى العمارات، بدون ترخيص؟ الكل في المغرب يعرف أن التساهل في الغش في البناء والتساهل في ترك الناس تحت سقوف يبدو انهيارها، للعادي والبادي، قريبا أمرٌ معمول به ومسموح به من طرف السلطة التي تبرر ذلك، حينا بتعنت السكان في مغادرة مساكنهم المهددة، وحينا بانعدام إمكانيات إيواء سكان الدُّور الآيلة للسقوط. المشكل في المغرب يتجاوز المقدم، وحتى القايد والمقاول.. ليصل إلى السياسات الحكومية التي تضع الحق في الحياة، وهو أقدس حق من حقوق الإنسان في كل الشرائع السماوية والوضعية، في أسفل سلم أولوياتها. ما حدث في بوركون، لو حدث في دولة تحترم حياة مواطنيها لاستتبعته استقالة الوزير المعني بالقطاع، وفتح فيه بحثان: الأول يسوق المسؤولين المباشرين عن الفاجعة إلى السجن، والثاني يبحث عن وضع حد لعدم تكرار مثل هذه الفواجع التي تتكرر سنويا، ولن تكون فاجعة بوركون آخرها.