« هناك من الرجال من يُعجبوننا عندما نُبحر معهم في صفحات التاريخ الدموي العميق، ونرى النفس البشرية على حقيقتها عندما تتحوْل إلى وحش لا يشبع من سفك الدماء، ولا يغمض جفنه قبل التمثيل بالآخرين...، نؤْسَر بحكاياهم لحظات وصولهم إلى السلطة أو التربّص بخصومهم قبل أن تقشّعر أجسادنا لحظات، نبدأ معها بتلاوة تفاصيل عملياتهم وكيفيات تنفيذها، حيث الدم والقتل أرقى أساليبهم، لكننا نتردّد عن الإعجاب بهم عندما نعي جبروتهم وسفكهم الدماء بمُسميات العدالة أو الضمير الحي، دون رحمة وشفقة ودون الشعور بالرأفة أو الخجل ودون الإحساس بإمكانية وصولهم إلى المصير المؤلم الذي يُساق إليه الآخرون، وهناك إعجاب آخر بحواء ذات الأنامل الناعمة والإبتسامة المُشرقة والقدود الميّاسة التي تتحوْل سريعا من خانة الآدمية إلى خانة الوحشية والدموية، وتتحوْل فيها من مخلوق وديع لطيف إلى ثعبان شرير يلدغ كل من يقترب منه، وقد استقرت فوق قبر معد لدفن أحدهم...إنهم رجال ونساء عبروا بوابة الشر وأصبحوا أشهر السفاحين في التاريخ».. «...في أحد الأيام الصيفية المُشمسة والهادئة، وبينما كان الصغير يقرأ أحد الكتب التاريخية التفتَ إليه بن غوريون وأخذ يقول له: لا تقرأ يا صغيري ...لا تقرأ يا ارئيل فأنت لا تصلح إلا للقتل، ونحن نريد قتلة أكثر ممّا نريد مُثقفين حتى نبني دولتنا اليهودية...»، بهذه الكلمات شقّ شارون طريقه الدموي، حيث القتل والتدمير حتى اشتهر (من بين ما اشتهر به ضمن القيادات الصهيونية) بالرجل الأكثر إجراما وتعطشاً للدماء الفلسطينية، ومنذ أن بدأت بواكير النكبة الفلسطينية عام 1948 ...». ولد إرئيل صموئيل مردخاي شرايبر الملقب بإرئيل شارون في قرية ميلان الفلسطينية، التي أصبحت فيما بعد تحمل اسم مستوطنة كفار ملال عام 1928 لأسرة بولندية تعمل في الزراعة بعد أن فرّت إلى فلسطين خوفا من بطش النازيين، قبل أن يتقمص موقعه لدراسة التاريخ وعلوم الاستشراق في الجامعة العبرية بالقدس الشريف، وينتقل منها إلى استكمال تحصيله الجامعي بكلية الحقوق بجامعة تل أبيب عام 1956 رافضا بذلك طلبات والده ورغبته في استكمال ابنه الصغير دراسته بكلية الزراعة، وينطلق حينها للانخراط سريعا في عصابات الهاغاناة الصهيوينة الإجرامية التي أخذت ترتكب المجازر تلو المجازر في حق أبناء الشعب الفلسطيني. يروي محمود متولي في كتابه الشهير (طغاة التاريخ ) بالقول «....كانت البوادر الأولى لإجرام شارون وتعطشه للقتل قد بدأت منذ الصغر، حيث كان يحمل العصا الطويلة ويبدأ بضرب أبناء جيله لتخويفهم وإخضاعهم لسيطرته وحكمه، قبل أن ينضم سريعاً إلى عصابات الهاغاناة الصهيونية، ويقود إحدى فرق المشاة التابعة لها في العام 1948، ويصبح ولاؤه حينها للمقاتلين أكثر من ولائه للوطن، خاصة بعد أن نجح أحد أفراد فرقته في إنقاذ حياته ونقله إلى مكان آمن بعد إصابته بجروح بليغة جراء إحدى الغارات التي قام بها على بعض الحقول الفلسطينية، حتى أصبحت تلك العقيدة ( عقيدة الولاء للمقاتلين) من العقائد الأساسية لديه شخصيا، قبل أن تسري فيما بعد داخل أروقة الجيش الإسرائيلي وفيالقه المتعدّدة «. يقول شارون»....إنني أتعهد إليكم ولنفسي بأنني سأستمر في القتل والتدمير والنهب لكل ما هو فلسطيني حتى أموت، فالفلسطيني الصغير سيصبح كبيرا وسيقاتلنا بعد حين وعلينا أن نبدأ بالتخلص منهم صغارا حتى ولو كانوا لا يزالون في بطون أمهاتهم...»، وهي تصريحات أكدها فيما بعد ضابط الموساد (الينري مارن) في مذكراته التي حملت عنوان (مذكرات متقاعد) بالقول «... كان شارون يطلب من رجال الموساد القيام بأعمال يندى لها الجبين، بل ويبادر شخصيا بالقيام بها متى عجز هؤلاء عن تنفيذها لأي سبب كان، ينفذ أعماله وهو يتلذّذ بقتل الفلسطينيين وإراقة دمائهم، كان شخصاً مُتعطشاً لدماء الفلسطينيين حتى أن الأمر وصل به إلى الاحتفال بعيد ميلاده عن طريق إطفاء شموع خاصة، وهي معلقة على رؤوس الأطفال الفلسطينيين، الذي يتم اختطافهم والتشويه بجثثهم وحرقها فيما بعد.... ، وكلما تعالت صرخات الأطفال كلما تعالت ضحكاته وقهقهاته التي لا تتوقف، وأذكر جيدا تلك العملية التي قام بها وبمناسبة عيد ميلاده بخطف خمسة أطفال فلسطينيين من منطقة الجليل وهم يلعبون في الشوارع واقتيادهم إلى منزله وبدأ بتشويه جثثهم وقطع رؤوسها ووضع الشموع عليها قبل أن يعمد إلى حرقها دون أن يتجاوز في ذلك الساعة والنصف فقط.... لقد كان متعطشا للدم الفلسطيني..». «... كان شارون قد أخذ يحمل العديد من الصفات داخل الجيش الإسرائيلي كالمقاتل الشرس والفتاك السفاح، خاصة بعد أن اتجه رفقة فرقته الخاصة ( الشياطين) إلى تدمير قرية قبْية العربية الفلسطينية شمال منطقة القدس وعلى الحدود الأردنية في الخامس عشر من أكتوبر 1953 على رؤوس أصحابها وقتل جلّ الفلسطينيين بعد أن بلغ عددهم أكثر من 200 فلسطينيا، لقد كانت قواته تحاصر القرية الصغيرة من كل جانب خشية هروب أحد أفرادها قبل أن تبدأ نيرانهم بدك القرية دكاّ، ويبدأ موسم حصاد رؤوس الفلسطينيين كما كان يقول، لقد كان قاتلا وسفاحا مُتعطشا للدم الفلسطيني حتى رحيله قبل سنوات قليلة فقط وبعد إصابته بجلطة دماغية فقدَ معها الوعي وبقي في حالة الموت الإكلينيكي لسنوات طويلة، كان سفاحا بمعنى الكلمة ويثير بعض المخاوف داخل القيادات الإسرائيلية التي لم تستطع منعه من ارتكاب جرائمه، بل كانت تذهب إلى تبريرها في بعض الأحيان، كما فعلت بعيد ارتكاب شارون لمذبحة صبرا وشاتيلا عام 1982 التي عدّت من أخطر المحطات الإجرامية في حياة شارون بعد أن صمّم ونفذ العملية وسهل للجناة فعلتهم وفتح لهم الطريق بعد احتلال بيروت، مُتخذا لها شعارا دمويا ألا وهو (بدون عواطف) حتى قتل أكثر من 3500 فلسطيني ومثّل بجثثهم وبقر بطونهم وقطع أطرافهم في مناظر تقشعّر لها الأبدان وتصحو معها الضمائر .....، لقد ارتكب جريمتة بدم بارد وبإيعاز وتغطية وتبرير من الحكومة الإسرائيلية التي برّرت العملية بالانتقام الإسرائيلي على مقتل امرأة يهودية قبل ذلك بأيام قليلة «. معادي أسعد صوالحة