لقاء يجمع وهبي بجمعية هيئات المحامين    نهاية أزمة طلبة الطب والصيدلة: اتفاق شامل يلبي مطالب الطلبة ويعيدهم إلى الدراسة    الحكومة: سيتم العمل على تكوين 20 ألف مستفيد في مجال الرقمنة بحلول 2026    أسعار الغذاء العالمية ترتفع لأعلى مستوى في 18 شهرا    هولندا.. إيقاف 62 شخصا للاشتباه في ارتباطهم بشغب أحداث أمستردام    التصفيات المؤهلة لكأس إفريقيا لكرة السلة 2025.. المنتخب المغربي يدخل معسكرا تحضيريا ابتداء من 11 نونبر الجاري بالرباط    الطفرة الصناعية في طنجة تجلعها ثاني أكبر مدينة في المغرب من حيث السكان    دوري الأمم الأوروبية.. دي لا فوينتي يكشف عن قائمة المنتخب الإسباني لكرة القدم    امستردام .. مواجهات عنيفة بين إسرائيليين ومؤيدين لفلسطين (فيديو)    من مراكش.. انطلاق أشغال الدورة الثانية والعشرين للمؤتمر العالمي حول تقنية المساعدة الطبية على الإنجاب    الحجوي: ارتفاع التمويلات الأجنبية للجمعيات بقيمة 800 مليون درهم في 2024    هذه الحصيلة الإجمالية لضحايا فيضانات إسبانيا ضمن أفراد الجالية المغربية    المغرب يشرع في استيراد آلاف الأطنان من زيت الزيتون البرازيلي    ظاهرة "السليت والعْصِير" أمام المدارس والكلام الساقط.. تترجم حال واقع التعليم بالمغرب! (فيديو)    بيع أول لوحة فنية من توقيع روبوت بأكثر من مليون دولار في مزاد    "إل جي" تطلق متجرا إلكترونيا في المغرب    الأمانة العامة للحكومة تطلق ورش تحيين ومراجعة النصوص التشريعية والتنظيمية وتُعد دليلا للمساطر    توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت    كوشنر صهر ترامب يستبعد الانضمام لإدارته الجديدة    بورصة البيضاء تستهل التداول بأداء إيجابي    بعد 11 شهرا من الاحتقان.. مؤسسة الوسيط تعلن نهاية أزمة طلبة كلية الطب والصيدلة    هزة أرضية خفيفة نواحي إقليم الحوز    "أيا" تطلق مصنع كبير لمعالجة 2000 طن من الفضة يوميا في زكوندر        نقطة واحدة تشعل الصراع بين اتحاد يعقوب المنصور وشباب بن جرير    الهوية المغربية تناقَش بالشارقة .. روافدُ وصداماتٌ وحاجة إلى "التسامي بالجذور"    مصدر من داخل المنتخب يكشف الأسباب الحقيقية وراء استبعاد زياش    بحضور زياش.. غلطة سراي يلحق الهزيمة الأولى بتوتنهام والنصيري يزور شباك ألكمار    الجولة ال10 من البطولة الاحترافية تنطلق اليوم الجمعة بإجراء مبارتين    طواف الشمال يجوب أقاليم جهة طنجة بمشاركة نخبة من المتسابقين المغاربة والأجانب    الجنسية المغربية للبطلان إسماعيل وإسلام نورديف    مجلة إسبانية: 49 عاما من التقدم والتنمية في الصحراء المغربية    متوسط عدد أفراد الأسرة المغربية ينخفض إلى 3,9 و7 مدن تضم 37.8% من السكان    رضوان الحسيني: المغرب بلد رائد في مجال مكافحة العنف ضد الأطفال    ارتفاع أسعار الذهب عقب خفض مجلس الاحتياطي الفدرالي لأسعار الفائدة    كيف ضاع الحلم يا شعوب المغرب الكبير!؟    تحليل اقتصادي: نقص الشفافية وتأخر القرارات وتعقيد الإجراءات البيروقراطية تُضعف التجارة في المغرب        تقييد المبادلات التجارية بين البلدين.. الجزائر تنفي وفرنسا لا علم لها    إدوارد سعيد: فلاسفة فرنسيون والصراع في الشرق الأوسط    طوفان الأقصى ومأزق العمل السياسي..    حظر ذ بح إناث الماشية يثير الجدل بين مهنيي اللحوم الحمراء    المنصوري: وزراء الPPS سيروا قطاع الإسكان 9 سنوات ولم يشتغلوا والآن يعطون الدروس عن الصفيح    طلبة الطب يضعون حدا لإضرابهم بتوقيع اتفاق مع الحكومة إثر تصويت ثاني لصالح العودة للدراسة    خمسة جرحى من قوات اليونيفيل في غارة إسرائيلية على مدينة جنوب لبنان    إسبانيا تمنع رسو سفن محملة بأسلحة لإسرائيل في موانئها    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    جرافات الهدم تطال مقابر أسرة محمد علي باشا في مصر القديمة    "المعجم التاريخي للغة العربية" .. مشروع حضاري يثمرُ 127 مجلّدا بالشارقة    قد يستخدم في سرقة الأموال!.. تحذير مقلق يخص "شات جي بي تي"    الأمازيغية تبصم في مهرجان السينما والهجرة ب"إيقاعات تمازغا" و"بوقساس بوتفوناست"    الرباط تستضيف أول ورشة إقليمية حول الرعاية التلطيفية للأطفال    وزارة الصحة المغربية تطلق الحملة الوطنية للتلقيح ضد الأنفلونزا الموسمية    خبراء أمراض الدم المناعية يبرزون أعراض نقص الحديد    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    برنامج الأمم المتحدة المشترك المعني بالسيدا يعلن تعيين الفنانة "أوم" سفيرة وطنية للنوايا الحسنة    كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    مختارات من ديوان «أوتار البصيرة»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أغنياء الخليج.. مدللون داخل مستشفيات فرنسا العمومية
السياحة الطبية تدر الملايين على فرنسا الفرنسيين يتخوفون من انتشار المرضى فوق العادة
نشر في المساء يوم 25 - 05 - 2014

بهدف ملء صناديقها المالية، تلجأ المستشفيات العمومية الفرنسية لاستقبال نوعية خاصة من المرضى، لديهم ما يكفي من الأموال لتقبل أداء فواتير علاج باهظة الثمن. هؤلاء المرضى لا يترددون في فرض شروطهم الخاصة على الأطباء والعاملين والإدارة. وهذا ما حدث مع أمير سعودي حل مؤخرا بباريس لتلقي العلاج، لكنه قام بحجز طابق كامل بمستشفى عمومي فرنسي، وهو ما خلف حالة من الاستهجان داخل المجتمع الفرنسي.
قد يظهر عاديا أن يلجأ شخص أجنبي لتلقي العلاج بفرنسا. لكن الأوساط الطبية والرأي العام الفرنسي استيقظ على خبر قضية خلفت جدلا كبيرا داخل فرنسا، واعتبرتها أمرا غير مقبول. القضية ترتبط بأحد أمراء الخليج، الذي دخل أحد المستشفيات الفرنسية من أجل إجراء عملية جراحية على الكتف داخل قسم جراحة العظام الذي يشرف عليه البروفيسور فيليب هاردي، وذلك بين 8 و13 ماي المنصرم. هذا الأمير قام بحجز 9 غرف داخل المستشفى و7 أماكن لركن السيارات. أما مبلغ فاتورة العلاج التي أداها الأمير، فوصل لنحو 270 ألف أورو، حسب المعطيات التي حصلت عليها صحيفة «لوفيغارو». ومثل سائر المرضى الأجانب الذين لا يحصلون على العلاج في إطار التأمين على المرض، توجب على هذا الأخير أداء نسبة 30 في المائة إضافية مقارنة بالأشخاص المنخرطين في أنظمة التأمين بفرنسا، وهو الإجراء الذي أقرته فرنسا منذ بضعة أشهر فقط. بيد أن الأمير، أعلم الطاقم الطبي في لحظة خروجه من المستشفى أنه عازم على العودة في وقت لاحق، بعد رضاه عن نتيجة العملية الجراحية.
قبل ذلك كشفت صحيفة «لوكانار أونشيني» الساخرة أن أميرا خليجيا قام «بحجز» طابق يتشكل من تسع غرف وغرفة جلوس، في مستشفى «أمبرواز باري.» وأضافت أن إدارة المستشفى قامت بعدة تحسينات بناء على طلب الأمير من ضمنها بناء حمام وتغيير كراسي وتمكين الوفد المرافق له وحراسه من الانترنت والاتصالات الهاتفية».
واضطرت إدارة المصالح الصحية لمنطقة جنوب باريس إلى إصدار بيان توضيحي على موقعها الإلكتروني اعترفت فيه بأن غالبية ما كشفته الصحيفة الساخرة كان صحيحا، لكنه لا يشكل خرقا للقانون بل «إن إقامة الأمير وفرت دعما ماليا للدولة من دون التعرض لمصالح مواطنيها.»
عطلة 8 ماي
لم يعد الفرنسيون يعتبرون قيام شخص أجنبي لديه ما يكفي من الثروة باختيار مستشفيات بلادهم العمومية لتلقي العلاج أمرا استثنائيا. فبشكل دوري يحل العديد من رؤساء الدول والشخصيات الأجنبية بمستشفيات باريس من دون أن تخلف زياراتهم أي ضجيج. لكن في هذه المرة كان عدد الغرف التي تم حجزها سببا وراء ظهور انتقادات كبيرة. كان عددها «زائدا عن الحد»، يرى جراح شهير. «أكيد أن العملية الجراحية تمت برمجتها تزامنا مع عطلة 8 ماي حتى لا يكون هناك أي تأثير على تقديم العلاجات لباقي المرضى. لكن ماذا كان سيحدث لو لم تكلل العملية الجراحية بالنجاح واضطر الأمير للمكوث داخل المستشفى لأكثر من شهر كامل؟ ما الذي كان سيحدث حينها للمرضى الفرنسيين الراغبين في العلاج داخل المستشفى العمومي؟» يتساءل آخر.
وفي الواقع، فإن آلاف الأغنياء الأجانب يقصدون المستشفيات العمومية الفرنسية في كل سنة، للحصول على الخدمات الطبية. ومنذ سنة 2014، وصل عددهم إلى ألف مريض حصلوا على العلاج على يد الأطباء الفرنسيين. من جانبه صرح مارتن هيرش، مدير المساعدة الاجتماعية بمستشفيات باريس أنه يطمح لاستقبال 3 آلاف مريض أجنبي قبل نهاية السنة الحالية. هذا الأخير يتوقع الحصول من وراء ذلك على 8 ملايين أورو من الأرباح، ما سيمكن من تقليص عجز خدمة المساعدة الاجتماعية بنسبة 15 في المائة، التي وصلت نسبة العجز بها نحو 60 مليون أورو خلال 2013.
ومن أجل استقطاب المزيد من المرضى، لا يتعين على المستشفيات العمومية منافسة المصحات الخاصة بالأراضي الفرنسية فحسب، بل الدخول في منافسة مع مؤسسات صحية لبلدان أخرى كألمانيا وانجلترا. وحتى وقت قريب، كانت دولة كالكويت تلجأ إلى برلين وميونيخ من أجل إجراء 40 في المائة من العمليات الجراحية على العظام، يتحسر طبيب فرنسي. «يتعين أن نستوعب أن هؤلاء المرضى الأغنياء يجوبون كافة أرجاء العالم ويزورون أفضل الأطباء قبل اختيار الطبيب الذي سيجري العملية الجراحية»، يوضح طبيب جراح يلتقي، في إطار المساعدة الطبية العمومية، بشكل متواصل بالمرضى من الكويت، والمملكة العربية السعودية، وقطر، وليبيا، الذين حلوا بفرنسا خصيصا لتلقي العلاج.
أحيانا يفرض في تلك اللقاءات الضيف شروطه على المضيف. «حل أمير من أبو ظبي من أجل الحصول على الاستشارة الطبية، ثم طلب مني بعد ذلك إن كان بوسعه أن يصلي داخل مكتبي. ذهبت وجلبت له ثوبا صلى عليه»، يحكي أحد الأطباء. يتم اختيار الجراحين بفضل شهرتهم وسمعتهم التي تصل إلى خارج الحدود، وكذا بفضل شبكة معارفهم. فحينما يسافر بعضهم إلى الخارج من أجل المشاركة في الملتقيات، أو لتقديم الاستشارة، أو للمشاركة في محاضرات داخل الكليات، فإنهم يربطون الاتصالات في عين المكان، ويشرعون بعدها مباشرة في استقبال المرضى.
بالنسبة لفرنسا، فإن تقديم العلاج داخل مستشفياتها العمومية للمرضى الأجانب ينبغي أن يصاحبه أداء الفواتير. وخلال سنة 2013، وصلت قيمة الفواتير الطبية غير المؤداة عشرات الملايين أورو، وهو ما دفع خدمة المساعدة العمومية لوضح «لائحة سوداء بأسماء الهيئات الأجنبية المرفوضة»، أو المرضى الذين لم يقدموا مبلغ فواتير العلاجات التي حصلوا عليها. وإذا كان ملف مريض معين يدل على أن إحدى الهيئات المدرج اسمها داخل اللائحة السوداء هي من ستتكلف بمصاريف مكوثه وعلاجه، فإن المستشفيات الفرنسية سترفض تقديم العلاجات لفائدته.
الأداء المسبق
هذه اللائحة التي تم تحيينها يوم 21 فبراير 2013، والتي اطلعت عليها صحيفة «لوفيغارو» توضح أن خدمة المساعدة العمومية بمستشفيات باريس تعتبر سفارة العراق، وسفارة الكويت ومكتبها العسكري، وسفارة ليبيا ومكتبها الشعبي، جهات لا تؤدي مبالغ العلاج. نفس الأمر ينسحب على سفارات البنين، وغينيا، والنيجر، وكذا وزارة المالية ووزارة الصحة بموريتانيا. ولذا أصبح لزاما على المرضى من هذه الدول أداء فواتير علاجهم بأنفسهم، قبل التمكن من ولوج المستشفيات العمومية الفرنسية. «خلال السنة الماضية، اضطرت مريضة من إحدى دول الخليج إلى الانتظار داخل بهو المستشفى، حينما قيل لنا أن نرفض استقبالها لأن اسم بلادها مدرج ضمن القائمة السوداء التي تعدها خدمة المساعدة العمومية»، تتذكر سكرتيرة مصلحة التشريح بأحد المستشفيات الكبرى بباريس. «وفي الأخير، ظهر أن المصالح الإدارية وقعت في الخطأ، لتتمكن المريضة من الحصول على العلاج الطبي..» وحسب مارتن هيرش، فإن الأداء المسبق لا يتم سوى في 60 في المائة من الحالات، ما يظل غير كاف.
أحيانا يطلب أغنياء دول الخليج تنقل الأطباء الفرنسيين إلى خارج بلادهم من أجل تقديم العلاج لهم داخل إقاماتهم. وهذا ما أسر به جراح فرنسي قام قبل بضعة أشهر بالتوجه نحو الخليج من أجل تقديم العلاج لأحد الوجهاء. «كان ذلك خلال نهاية الأسبوع أثناء وقت الفراغ الذي أحصل عليه»، يوضح هذا الأخير. تم التكلف بجميع مصاريف رحلة هذا الطبيب الفرنسي، ووجد في استقباله لحظة وصوله سيارة «ليموزين»، وطاقما طبيا مؤلفا من 40 شخصا، ناهيك عن تلقيه تعويضا قيمته 10 آلاف أورو نقدا. «ألعب دور «روبين هود»، يقول مارتن هيرش، «ففي هذا الوقت بالذات نحتاج لكافة الوسائل من أجل تقديم العلاج لذوي الحاجة (...) الحصول على المال من هؤلاء المرضى الأغنياء الذين لديهم كافة الإمكانيات، لا يدهشني أبدا».
نتائج عكسية
تسع غرف داخل مستشفى عمومي لمريض واحد لم تمر مرار الكرام على الرأي العام الفرنسي، خاصة أن الأمر يتعلق بأمير من إحدى دول الخليج، الذي دخل بين 8 و14 ماي مستشفى «امبرواس-باري». ومن أجل دواع أمنية، تمت الاستجابة لطلب تخصيص جزء من مصلحة جراحة العظام التي يشرف عليها البروفيسور هاردي، الذي وقع الاختيار عليه بسبب سمعته، لفائدة الأمير الخليجي والفريق المرافق له وأفراد عائلته.
كما تم جلب حمامات للاغتسال متنقلة وتم وضعها داخل الغرف التي حجزها الأمير. إلا أنه تمت إزالة تلك الحمامات مباشرة بعد رحيله، وفقا للتوضيحات التي قدمتها خدمة المساعدة العمومية لمستشفيات باريس، ومثل أي مريض يستقبله المستشفى، لم يتم اختيار ممرضات ومساعدي أطباء بعينهم للسهر على راحة الأمير. الخبر الذي كشفت عنه صحيفة «لوكانار أونشيني»، أعاد فتح النقاش بفرنسا حول استقبال المستشفيات العمومية الفرنسية للأغنياء من الدول الأجنبية.
من جانبها ردت خدمة المساعدة العمومية لمستشفيات باريس على لسان مديرها العام، مارتن هيرش، في حوار مع أسبوعية «لوجورنال دو ديمونش»، بكون التخلي عن تقديم العلاجات لهذه النوعية من المرضى ستكون له «نتائج عكسية». هذا الاستقبال لم «يتم على حساب المرضى الفرنسيين»، يوضح هيرش، الذي أعطى تفاصيل حول كون هذا الصنف من تحمل علاجات المرضى الأجانب يكون مرتفعا بنسبة 30 في المائة مقارنة مع الفرنسيين المنخرطين في أنظمة الضمان الاجتماعي. كما يتحمل نفس المرضى مصاريف متطلباتهم الخاصة من الأغذية ودرجة الراحة التي يودون الحصول عليها. هيرش لم يقدم مبلغ الفاتورة التي أداها الأمير الخليجي، لكنها قد تصل إلى عشرات الآلاف من الأورو، لاسيما أن ثمن المكوث بغرفة واحدة بالمستشفى يساوي على الأقل ألف أورو لليلة الواحدة.
بفضل هؤلاء المرضى تمكنت المستشفيات العمومية الفرنسية من ربح مليونين و500 ألف أورو منذ يناير المنصرم، فيما تطمح خدمة المساعدة العمومية لمستشفيات باريس إلى جمع 8 ملايين أورو متم السنة الحالية، من خلال استقبال ما يزيد عن 3 آلاف من المرضى الأغنياء، ما سيمكن من خفض العجز الذي يقارب 60 مليون أورو. اليوم، يمثل عدد المرضى الأجانب الذين يؤدون واجبات التطبيب كاملة نحو 0.5 في المائة من مجموع الأشخاص الذين يلجون المستشفيات العمومية الفرنسية. هذا الرقم مرشح للارتفاع إلى 1 في المائة، من دون أن يتجاوز هذه العتبة، حتى لا يتم التأثير على تقديم الخدمات الصحية العمومية. هذه النسبة التي تم إقرارها جاءت ثمرة للمشاورات بين الأطباء.
السياحة الطبية
تأتي خطوات هيرش إتماما لما بدأته سلفه ميريل فوغير، التي سبق لها التوقيع على شراكة، تم فسخها مؤخرا، مع شركة لبنانية من أجل المساعدة في تطوير السياحة الطبية. لكن هذه الاستراتيجية أثارت مخاوف عديدة.
«ما يزعجني حقيقة، هو السجاد الأحمر الذي بسط أمام هذا المريض، خاصة في السياق العام للضغط المفروض على المساعدة الطبية التي تقدمها الدولة»، توضح إيزابيل بورن، الفاعلة النقابية، التي تعارض نقابتها تطوير هذه النوعية من الأنشطة. بدورها تندد الكونفدرالية العامة للشغل بفرنسا بهذه الممارسة. «لا يمكن بأي حال انتقاء المرضى أو السماح لهم بالحصول على بعض الامتيازات بناءا على ثروتهم، فذلك يعارض قيمنا وأهداف استقبال ومنح العلاجات بالتساوي للجميع»، توضح ممثلة النقابة، روز-ماي روسو.
«الأطباء ليست لديهم وجهة نظر موحدة بخصوص كيفية التعامل مع هؤلاء الزبناء الأغنياء. هل ينبغي استغلال ثرواتهم كمصدر لتحقيق ربح مادي مهم؟ بعضهم يعارض هذه الفكرة بشدة، وذلك في سبيل المساواة في الحصول على العلاج. الاستقبال الخارج عن المألوف الذي حظي به الأمير سيعزز موقفهم»، يسجل البروفيسور بيرنار غرانجر، عن حركة الدفاع عن المستشفى العمومي. «أتفهم الأسباب التي تقف وراء النقاش المثار حول الموضوع. إذا قال لي الجميع إن هذا الأمر جيد، وبأنه ينبغي الانتقال لنسبة 10 في المائة أو حتى 15 في المائة، سيساورني حينها قلق عميق»، كما أكد هيرش لصحيفة «لوموند».
من جانبها لا تقف الحكومة الفرنسية غير مبالية أمام الأرباح التي يمكن أن تدرها هذه الشريحة من المرضى على المستشفيات العمومية الفرنسية المرموقة، في الوقت الذي تحرص فيه دول أخرى على توفير كافة التسهيلات لمجيء مثل هؤلاء المرضى. هذه المهمة عهدت إلى الخبير الاقتصادي جون دي كيرفاسدوي من قبل الوزيرين ماريسول تورين ولوران فابيوس. وسيقدم الأول ما توصل إليه من نتائج عما قريب.
مريض «هاي كلاس»
«أمر لم نشهد له مثيل»، حسب أحد العاملين بالمستشفى الذي كشفت صحيفة «لوكانار أونشيني» الساخرة أن أميرا خليجيا، حجز به طابقا من تسع غرف وغرفة جلوس، من 8 حتى 13 ماي، في مستشفى «أمبرواز باري.» ومثل سائري مستخدمي المستشفى الذين تحدثوا لوسائل الإعلام من دون الكشف عن أسمائهم، أصاب هذا الأخير «الذهول» بسبب ظروف استقبال الأمير، الذي قالت صحيفة «لوباريزيان» إنه من السعودية. وبطلب من هذا الأمير قامت إدارة المستشفى بإدخال عدة تحسينات من بينها بناء حمام وتغيير كراس وتمكين المقيمين معه من وفده وحراسه من الانترنت والاتصالات الهاتفية. ورغم أن المستشفى معتاد على استقبال «الأمراء والأميرات، والنجوم، والعديد من الشخصيات»، فإنه لم يشهد أبدا استعدادات كتلك التي شهدها أثناء وجود الأمير السعودي.
وحسب المعلومات التي كشفت عنها «لوكانار أونشيني» فإن المستشفى العمومي الفرنسي، «خصص لاستقباله جناحا كاملا تابعا لمصلحة جراحة العظام» للأمير. وخلال ستة أيام، «تم حجز 9 غرف وغرفة للجلوس بالطابق السابع الذي يطل على أشجار غابة «بولوني» وحلبة سباق الخيل «لونغشون»». «هذا السيد حظي باستقبال الشخصيات المهمة. لم يسبق لأي مريض أن شغل نفس المساحة التي شغلها هذا الأخير»، كما صرح بذلك أحد العاملين بالمستشفى لصحيفة «ميترونيوز». «كان هناك ما بين 30 و40 شخصا يرافقونه، بمن فيهم الحراس الشخصيين، وأفراد عائلته.. من جانب آخر، عهد لمصالح المستشفى القيام بوضع الحواسيب والهواتف، وشاشات التلفزيون، ومرشات الاستحمام داخل الحمامات»، يضيف هذا الأخير. فضلا عن ذلك تضاف إلى قائمة التحسينات خدمة تسليم الورود، وشاحنات الممونين التي كانت تجلب الأكل إلى المستشفى.. «بطبيعة الحال، لم يؤد المستشفى تكاليف كل تلك الخدمات» يوضح هذا العامل بسخرية بارزة.
من جانبها أصرت إدارة المستشفى على التوضيح بأن «الأثاث الذي استعمل، والذي كان في غالبيته عبارة عن كراسي وأرائك، تم جلبه من المخزون الاحتياطي للمستشفى. وبموافقة من المصلحة الطبية، حصل المريض على خدمات ممون بما أن المستشفى لا يستطيع توفير الطعام بالجودة التي يطلبها المريض. أما بالنسبة للسيارات الفارهة المأجرة التي كانت مركونة داخل المستشفى»، فإنها لم «تزعج باقي السائقين». «وإذا كانت الأجواء صاخبة شيئا ما بالداخل، فإنه لم يقم أي مريض أو أي فرد من عائلات المرضى بتقديم شكاية بسبب الإزعاج»، يوضح عامل بالمستشفى يتمنى ألا يتكرر هذا الأمر كثيرا.
* عن «لوفيغارو«و»لوموند»


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.