وسط حضور أمني وازن في وسط مدينة خنيفرة، صباح الجمعة الماضية، «تفرج» العشرات من المواطنين والصحفيين المحليين، على مشاهد من إعادة تمثيل عملية سطو على وكالة تابعة للقرض الفلاحي بطريقة متطورة، وسرقة مبلغ مالي في خزنتها يقدر بحوالي 231 مليون سنتيم، دون أن تسقط العصابة إلا بالصدفة. لكن المشاهد التي تمت إعادة تمثيلها لم تكن وحدها تحمل كل توابل الإثارة والتشويق، خاصة وأن سن المنفذين الرئيسيين للعملية لا يتجاوز 21 سنة. فقد كشفت التحريات عن سلسلة كبيرة من السرقات كان أفراد العصابة هم منفذوها في مدينة خنيفرة، وعدد من المناطق المجاورة...ما جعل عددا من المتتبعين المحليين يصفون عملية السقوط المفاجئة لعناصر العصابة بأكبر عملية سقوط لمتهمين يرجح أنهم كانوا من الأركان الأساسية في موجة اعتداءات شهدتها مناطق الأطلس المتوسط، إلى حد حديث بعض الحقوقيين محليا، عن وجود «انفلات أمني». وقبل أن يشارك المتهمان في تنفيذ عملية السطو على الوكالة البنكية، فقد شاركا في تنفيذ أزيد من 60 سرقة في كل من مريرت وخنيفرة والحاجب وأزرو ، ضمنها ما يقرب من 23 سرقة بمريرت ، و23 سرقة بأزرو، و7سرقات بالحاجب، وكان من أبرز هذه السرقات التي حيرت المحققين قبل فك لغزها سرقة وكالة للتأمينات، قبل التخلص من صندوقها في بلدة مريرت. وكشفت التحريات على أن أفراد العصابة متورطون في سرقات أخرى في مدينة خنيفرة، منها عملية سطو على مبلغ مالي يناهز 6 ملايين سنتيم بمستودع شركة للمشروبات الغازية. فيلم مثير وعلى غرار حكايات أفلام هوليود المثيرة، وفي ليلة 18 يناير الماضي أي ليلة قبل تنفيذ العملية، استغل أفراد الشبكة موجة تساقطات كثيفة شهدتها المدينة، ومعها موجة برد قارس حبست أنفاس السكان في بيوتهم، وعمدوا إلى قطع التيار الكهربائي من عمود كهربائي مجاور للوكالة، في ترتيبات أولية للعودة في الليلة الموالية لتنفيذ السرقة الكبيرة التي ظهر من خلال التحضيرات على أنها كانت محور تخطيط مدروس بعناية.. فقد فكر أفراد العصابة مليا في السبل التي من شأنها إحباط محاولة تسجيل كاميرات المراقبة التابعة للوكالة لعملية تنفيذ الهجوم، واهتدوا إلى أن قطع التيار الكهربائي لمدة تفوق 24 ساعة لن يمكن كاميرات المراقبة من الاحتفاظ بتسجيلاتها، اعتقادا منهم أن هذه الخطوة تعتبر بمثابة مدخل أساسي لارتكاب «جريمة مثالية»، لن تفك خيوطها أبدا.. وفي ظلمة ليلة 19/20 يناير الماضي، تسلق أفراد العصابة الحائط القصير المؤدي إلى الواجهة الخلفية لمقر الوكالة، وأزاحوا السياج الحديدي لإحدى نوافذه الخلفية، ولأن باب المكتب الذي توجد فيه الخزنة أبقي مفتوحا والمفاتيح فوق المكتب، فقد تمكنوا من الدخول بسهولة، والاستحواذ على المبلغ المالي الكبير، قبل أن يقرروا وهم فرحين بالغنيمة المغادرة بكل سهولة أيضا..دون أن يتوجسوا من أعين كاميرات المراقبة...بينما كانت هذه التصريحات المدوية سببا كافيا لاعتقال مدير الوكالة والموظف المكلف بالخزينة في الوكالة، بغرض تعميق التحريات حول ملابسات القضية، خاصة وأن البنوك تصر على ضرورة اتخاذ إجراءات احترازية في التعامل مع الخزنات والمكاتب وكاميرات المراقبة، وما يتعلق بالمعطيات الرقمية السرية للتحكم في شؤون الوكالة..وقالت المصادر إن التحقيق مع العنصر الخامس في الشبكة، وهو في حالة فرار، ستكشف معطيات أخرى عن موضوع الناقلة التي استعملها أفراد العصابة لتهريب المبلغ المالي الكبير الذي تم الاستحواذ عليه في هذه «الغزوة» المثيرة. الصدفة وتعود أولى محطات السقوط المدوي لأفراد هذه العصابة بمدينة خنيفرة إلى يوم 8 مارس الجاري، حيث تقدم رجل مسن لمصالح الشرطة ببلدة مريرت، متهما شابين بالاعتداء عليه، ومحاولة سرقته، وهو في طريقه في وقت مبكر من الصباح في اتجاه السوق الأسبوعي ل»أكلموس»، وتمكن هذا المسن لاحقا من التعرف عليهما وهو يتجول في البلدة رفقة أحد أبنائه، ما دفعه إلى الاستعانة بمواطنين آخرين ل»اعتقالهما»، وتقديمهما لمصالح الشرطة. ولم يكن أحد من عناصر الأمن المكلفين بمتابعة ملف الاعتداء على هذا المسن يعتقد أن «الصيد» الذي سقط بين أيديهم بمحض الصدفة هو «صيد ثمين»، وبأن بدء التحقيقات معهما، وملاحقتهما بأسئلة تهم سوابقهم، سيؤدي إلى فك العشرات من الألغاز التي تتعلق بالسرقات المدوية التي نفذت في عدد من مدن وبلدات الأطلس المتوسط، دون أن ينجح رجال الأمن في الوصول إلى منفذيها، فيما أغرق مسلسل الاعتداءات عددا من المواطنين في بحر الرعب والهلع... تصريحات وأقر الشابان، في طور التحقيقات معهما، أنهما ينتميان للعصابة التي نفذت الهجوم على وكالة القرض الفلاحي ليلة الأحد/الاثنين 19/20 يناير الماضي، وسردا أسماء متهمين آخرين، وقدما لرجال الأمن تفاصيل دقيقة حول العملية التي مكنتهم من الحصول على مبلغ مالي يقدر ب231 مليون سنتيم. وفي تصريحاتهم أمام عناصر الضابطة القضائية، أورد المتهمان بأن لهما ثلاثة شركاء آخرين ساهموا في تنفيذ عملية السطو على وكالة القرض الفلاحي. ومن المفاجئات المتتالية في هذا الملف أن عضوين من أفراد العصابة الآخرين المتهمين بالضلوع في العملية يوجدان رهن الاعتقال بالسجن المحلي بمكناس، بعدما تم اعتقالهما بناء على تحريات أكدت تورطهما في تنفيذ عملية سطو على محل لبيع الهواتف في منطقة «حد واد إفران»، بينما المتهم الخامس مازال في حالة فرار. وخلصت التحريات إلى أن التخطيط لهذه العملية يعود إلى لقاء سابق بين أفراد المجموعة في السجن بينما كانوا يمضون عقوبات سابقة. وأومأ أحد أعضاء المجموعة إلى رفاقه إلى أن هذه العملية ستمكن من الحصول على مبالغ مالية كبيرة.