كشف مصدر مطلع أن عجز الحكومة عن إيجاد تمويل لصندوق التكافل العائلي جعل مشروع القانون الخاص به مجمدا على مستوى الأمانة العامة للحكومة، في الوقت الذي تفيد فيه آخر الإحصائيات بالارتفاع المهول لعدد القضايا الرائجة في موضوع النفقة خلال السنوات الأخيرة، وكذا عدد القضايا المعروضة على مستوى كفالة الأطفال المهملين. وحول أسباب هذا التأخير، أكد عبد المالك زعزاع، محام وعضو منتدى الكرامة لحقوق الإنسان، في اتصال هاتفي مع “المساء”، على أن «محاكم الأسرة تصدر يوميا العديد من الأحكام التي تهم النفقة لفائدة الزوجة المطلقة وأبنائها، لكن هناك صعوبات واقعية وعملية، وأحيانا قانونية تقف في وجه تنفيذها، وفي كثير من الملفات يفضل الأزواج السجن بدل أداء النفقة، لاسيما إذا تعلق الأمر بأداء مبالغ كبيرة، ليس في استطاعتهم أداءها». وأضاف زعزاع أن «المسألة تنتهي باعتقال الأب بتهمة إهمال الأسرة وتشرد الأطفال، في حين ترفض بعض النساء إدخال الزوج المطلق للسجن تحت ضغط الأبناء الذين يعتبرون الضحية الأولى في هذه المعادلة». وحسب المتحدث ذاته، تطرح اليوم ضرورة التسريع بإخراج هذا المشروع إلى الوجود، لاسيما أن الكل يتحدث اليوم عن الدولة الاجتماعية، التي يجب عليها أن تسير في اتجاه الحل الاجتماعي الأنجع للعديد من المشاكل. من جهتها، ترى بسيمة الحقاوي، رئيسة منظمة تجديد الوعي النسائي، أن مدونة الأسرة كانت قد نصت خلال المصادقة عليها على إحداث صندوق التكافل العائلي كآلية أساسية لضمان تفعيل ناجع لمدونة الأسرة. وتضيف الحقاوي أن «تجميد صندوق التكافل العائلي إلى حد الساعة ليس إلا مؤشرا آخر على فشل هذه الحكومة، على اعتبار أن التكافل العائلي كان من ضمن التزامات الحكومة منذ خمس سنوات مضت»، مؤكدة أن «هذا المشروع يعتبر من الركائز التي جاءت بها مدونة الأسرة لكون بنودها تكفل للمرأة وأبنائها النفقة في حالة الطلاق، وفي حالة عسر الزوج وعدم تمكنه من دفع المبلغ سيقوم صندوق التكافل العائلي بهذا الدور، وتجميد الصندوق يعني بالأساس إفراغ المدونة من محتواها». في نفس الصدد، أفادت فوزية العسولي، رئيسة الرابطة الديمقراطية لحقوق المرأة، أن مدونة الأسرة تعرف تأخرا من حيث الممارسة. وأشارت إلى أن البحث في الموارد الكفيلة بضمان تفعيل الصندوق يعد مطلبا استعجاليا كان على الحكومة أن تفعله منذ مدة طويلة. وتضيف العسولي: «لا يعقل أن هناك ورشا إصلاحيا يعد من أهم مكتسبات هذا العهد لا يزال مرتبطا بإجراء تفعيلي لنص أساسي في قانون الأسرة ألا وهو تنفيذ النفقة، خصوصا وأن المحاكم تعج بقضايا النفقة التي يستعصي تنفيذ أحكامها والتي لن تجد حلا لها في غيابه». كما توصي رئيسة الرابطة الديمقراطية لحقوق المرأة بضرورة تفعيل صندوق التكافل العائلي والمطالبة بإيجاد موارد قارة له في الميزانية العامة للدولة نظرا للمآسي التي تعاني منها النساء الحاضنات.