حريق بمارينا طنجة يُثير استنفاراً واسعاً في صفوف السلطات    نقاش في طنجة حول تعزيز الإطار القانوني لمكافحة العنف ضد النساء    العثور على جثة سائح بلجيكي نواحي أكادير بعد سقوطه في منحدر صخري قبل أسابيع    أكادير .. العثور على جثة شخص يرجح أن تعود للسائح البلجيكي الذي اختفى عن الأنظار منذ أواخر نونبر المنصرم (سلطات محلية)    تتويجات اللاعبين بجوائز "كاف 2024"    المغرب يوقع بروتوكول "مقر الفيفا"    جوائز الكاف 2024.. المغربيان حكيمي وأمرابط ضمن منتخب السنة    بلعسال: الإرادة الملكية قادت المغرب إلى نهضة في مجال البنيات التحتية    المديرية العامة للأمن الوطني تهنئ الحكمة بشرى كربوبي    رئيس الحكومة يكشف عن تاريخ انتهاء أشغال ميناء الناظور غرب المتوسط    بورصة الدار البيضاء.. اكتتاب مجموعة "CMGP" يجذب 33 ألف مستثمر            الجزائر.. هل يحتاج نظام يتآمر على نفسه إلى مؤامرة مخابراتية فرنسية؟    الكاف يعلن احتضان الرباط قرعة كأس إفريقيا المغرب في يناير المقبل        أسر شهداء ومفقودي وأسرى الصحراء المغربية تستنكر التصريحات المستفزة والمتكررة لرئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان    أعضاء من مجلس إدارة شركة اتحاد طنجة يطالبون بإصلاحات جذرية ويعلنون استقالتهم    أمانديس تواصل جهودها التوعوية لحماية الموارد المائية    وجهة طنجة-أصيلة .. تسجيل أكثر من 1,5 مليون ليلة مبيت سياحية مع متم أكتوبر الماضي    ارتفاع عدد ضحايا التسمم بالجديدة    تأجيل جلسة محاكمة فؤاد عبد المومني إلى يوم 30 دجنبر الجاري    المغرب: عضوية مجلس الأمن    أخنوش: البنيات التحتية شكلت أهم الأولويات التي ارتكز عليها المسار التنموي للمغرب    سلطات أرخبيل مايوت الفرنسي ترجح مقتل «مئات» في الإعصار شيدو    تقرير: قطاع التصنيع يتكبد خسائر بأزيد من 200 مليون دولار بسبب الهجمات السيبرانية    في أول تصريح له.. الأسد يكشف من موسكو ساعاته الأخيرة وكيف غادر سوريا    صفاء وهناء تطرحان "سكر"        التنسيق النقابي لمهنيي السينما يعلن تأييده الكامل لما جاء به القانون 18.23 المتعلق بالصناعة السينمائية        أبرزها زينب قيوح.. تكريم شخصيات بارزة وفاعلة في جميع الميادين بأكادير    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الثلاثاء    العرائش : الدكتور عبد الجبار الراشدي كاتب الدولة لدى وزيرة التضامن والأسرة والإدماج الاجتماعي المكلف بالادماج الاجتماعي في ندوة تأهيل القيادات المدنية        كوريا .. زعيم الحزب الحاكم يعلن عزمه التنحي عن منصبه    تكسير البنية النمطية في رواية "الفصل الخامس" لأحلام لقليدة    النفط يتراجع من أعلى مستوى له وسط ترقب لاجتماع الاحتياطي الاتحادي    المغرب يدعم نزاهة محتوى الإنترنت    عواصف تجتاح ولايات أمريكية مع تساقط كثيف للثلوج    حصيلة القتلى في غزة تتجاوز 45 ألفا    المغرب يتجه لاستيراد اللحوم الحمراء من إسبانيا بأسعار تبلغ 7,65 يورو للكيلوغرام الواحد    عن العُرس الرّيفي والتطريّة والفارس المغوار    لماذا لا يستطيع التابع أن يتحرر؟    تقديم "جائزة العلامة المختار السوسي"    علماء يكتشفون فصيلة "خارقة" من البشر لا يحتاجون للنوم لساعات طويلة    وكالة بيت مال القدس الشريف تطلق تطبيق "هيا" المخصص لتراث المدينة المقدسة        الاحتلال الإسرائيلي يتوسع في الجولان السوري ويرصد 12 مليون دولار للاستيطان    بريطاني أدمن "المراهنات الرياضية" بسبب تناول دواء    دراسة: الاكتئاب مرتبط بأمراض القلب عند النساء    ثورة طبية في اليابان .. اختبار عقار جديد يعيد نمو الأسنان المفقودة    باحثون يابانيون يختبرون عقارا رائدا يجعل الأسنان تنمو من جديد    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بينبين : لولا حبسي لكنت اليوم جنرالا بكرش كبيرة
لو نجح انقلاب الصخيرات لكان الوضع كارثيا لأن مدبريه لم يكن لهم مبدأ أو قيم أخلاقية
نشر في المساء يوم 13 - 03 - 2009

قضى عزيز بينبين 20 سنة وراء القضبان؛ من محنته هذه، خرج حكيما، قوي الإيمان، عازما على أن لا يصدر الأحكام على الآخرين كما ظلمه حكم المصير ذات يوم سبعيني على إثر محاولة انقلابية زُج فيها من حيث لا يدري. ولد بمراكش، وتابع دراسته بها قبل أن ينتقل إلى الجديدة. عاش بورجوازيا وشعبيا وقارئا نهما إلى حدود الخامسة والعشرين من عمره قبل أن يلتحق بالأكاديمية العسكرية باهرمومو، ومنها إلى القنيطرة ثم تازمامارات. عن هذا المصير الغريب وأشياء أخرى فيها كثير من المفارقات والمآسي، يحدثنا عزيز بينبين عبر حلقات «كرسي الاعتراف».
- ألفت كتابك، بالاعتماد على نفسك. ماذا عن أصداء هذا الكتاب، لاسيما أنه الأول وأنك كتبته من منطلق المتعة الشخصية فحسب؟
< وصلتني أصداء طيبة، خاصة على مستوى الأسلوب. كما هنأني الكثيرون على كوني ألفته بالاعتماد على إمكانياتي الذاتية... وعلى كوني كتبت عن الألم والفظاعة والمأساة بأسلوب متزن، وعميق. أي أنني متحت من الأدب لأصف الحقيقة، ولأعبر عن عمق الأحاسيس والحالات الإنسانية. أما لو كنت استعملت أسلوبا عاريا، كاشفا الحقيقة في حالتها الخام، فكنت لأنجح.
- الملاحظ أنك غيّبت، في كتابك، الحراس من حديثك عن جحيم تازمامارت. هل هو موقف منك؟
< لم أذكرهم لأنني لا أهتم بهم. كانوا مثل آلات تنفذ الأوامر؛ وأعتقد أنهم فعلوا بنا ما فعلوا بدافع الخوف أكثر من القسوة الطبيعية. وأنا أعرف أن الخوف يمكن أن يجعل الإنسان قاسيا إلى أبعد الحدود.
- عندما تستحضر سنوات العمر التي راحت في السجن، ألا تحقد على نظام الحسن الثاني؟
< أبدا... ولم الحقد؟ منذ اليوم الأول لدخولي تازمامارت قلبت صفحة الماضي على مستوى التفكير. اعتبرت ما حدث امتحانا لي، كما أن الحسن الثاني له امتحانه. الحساب سيكون أمام الله. وانتهى الأمر.
- في أية رتبة عسكرية كنت ستصبح لو لم يكن مصيرك السجن في تازمامارت؟ وكيف تتصور نفسك ووضعك لو سارت الأمور سيرا طبيعيا؟
< كنت سأكون في رتبة جنرال؛ وما كنت لأكون مختلفا عن غيري؛ أي سأكون جنرالا بكرش كبيرة، واكل ديال عباد الله، واكل ديال الدولة... وربما كنت مدمنا على الكحول، ومتزوجا بأربع نساء. أعتقد، ربما، أن هذا هو بينبين الذي كنت سأصيره لو لم أُسجن! أما ثقافتي الأولى، فقد تركتها في باب الأكاديمية العسكرية باهرمومو قبل التحاقي بالأكاديمية.
- بقوة الأشياء أم بقوة الطبع الشخصي؟
< بقوة الأشياء، وبقوة ما يجري حاليا في البلاد. خيار آخر. إن لم تكن مندمجا في النظام العام، ستحال، ربما، على التقاعد قبل الأوان..!
- ولو عرضوا عليك، اليوم، رتبة جنرال بكل امتيازاتها، هل كنت ستوافق؟
< لا أبدا. سأرفض. الله يجعل البركة. أنا لست غنيا، لكنني قانع بما أنا فيه. صدقني، إنني منذ خروجي من تازمامارت، لم أُضطر إلى مد يدي لأحد. أنا الآن أعيش في بيتي هذا، الذي بنيته من قيمة التعويض الذي توصلت به؛ أنا لم أحذ حذو الرفاق الذين سعوا إلى استثمار التعويض في مشاريع فتعرضوا للنصب.
أما إذا احتجت إلى المال، فسأبيع بيتي وأتعيش من ثمن البيع حتى نهاية أجلي.
- كيف تتصور المغرب لو كانت محاولة الانقلاب نجحت في الصخيرات؟
< كارثيا بكل المقاييس... والمنطق بسيط جدا... اعبابو والمدبوح وأوفقير كلهم كانوا محدودي الاطلاع والثقافة، وكلهم عسكريون، والحال أنه لا يوجد نظام عسكري في العالم نجح في تسيير أمور بلاده كما يجب... زد على ذلك أن هؤلاء الثلاثة لم يكونوا ليقفوا أمام أي شيء. فلم يكن لهم أي مبدإ أو قيم أخلاقية... فماذا عساك تتوقع من هؤلاء؟ ماذا صنعوا، هم، في حياتهم الشخصية حتى يفيدوا المغرب؟
أما نظام الحسن الثاني، فلست أملك مستوى سياسيا كافيا يجعلني أحكم عليه من الناحية السياسية.
- قيل إن أمقران، المتورط في المحاولة الانقلابية الثانية، كان له حس وطني خلافا لهؤلاء الذين ذكرت... هل عرفت بهذا الأمر؟
< لا، لا أعرف شيئا عنه. لكن، مهما يكن من وطنيته، هل رأيته يصل إلى مبتغاه؟ وهل كان أوفقير سيسمح له بذلك؟
- هل من فرق لمسته بين نظام الحسن الثاني ومحمد السادس بعد خروجك من تازمامارت؟
< هنالك فرق كبير، طبعا؛ خاصة على مستوى حرية التعبير. هنالك كتابات ما كانت لتصدر لو كنا في النظام السابق. لم نصل بعد إلى المستوى المطلوب، إلا أننا نلمس بعض التقدم مقارنة بالماضي وببلدان أخرى مثل الجزائر وتونس...
- كيف كان تكيفك مع الحياة بعد تازمامارت؟
< بعد خروجي اتخذت قرارا آخر. قررت أن لا أحمل معي تازمامارت، وأن أسعى إلى الحياة. أما إذا ظللت أجر معي ماضي، فلن أعيش كما أبتغي.
ولن أخفيك سرا إذا قلت إنني لم أحلم، ولو مرة واحدة، بجحيم تازمامارت، ولو مرة واحدة منذ مغادرتي إياه قبل 18 سنة!
- كيف تدبر حياتك وحاجياتك؟
< أتلقى بعض المساعدات من إخوتي، كما أنني أقوم ببعض الصفقات البسيطة التي أقدر على مجاراتها دون مغامرة أو مجازفة... حاليا، أنا أشتغل مع أخي المقيم في الولايات المتحدة كوكيل له في المغرب، حيث ينوي الاستثمار في بعض المشاريع العقارية.
- وكيف كان زواجك بعد تازمامارت؟
< كان بطلب من العائلة بالدرجة الأولى. وقد كنت أول من تزوج ضمن الناجين من ذلك الجحيم. أي في السنة الموالية لخروجنا، سنة 1992 وكنت أول من أنجب.
- هل من تربية خاصة مستوحاة من تجربتك تريد غرسها في ابنك؟
< أحاول أن أربيه على الاعتماد على النفس واستقلالية اتخاذ قراراته بعد التشاور معي طبعا. وأعتقد أنه الآن يعيش حياته بشكل مستقل جدا. إلا أن هنالك أشياء لا أتسامح فيها من قبيل الانحراف إلى عالم المخدرات، السرقة... إلخ
- الآن تعيش حياة العزوبية بعد انفصالك عن زوجتك...
< مشاكل الحياة هي هذي... هنالك مشكل اختلاف العقليات، وما أسميه أنا تراكم الأسباب التافهة التي يكبر حجمها مع الأيام، فيقع ما يقع... المكتاب وصافي.
- لكن يبدو أنك على طريق الزواج مرة ثانية... هل عن حب؟
< نعم، عن حب... لم يكن الأمر صدفة وإن كانت تصغرني سنا. أنهينا تفاصيل عقد الزواج في انتظار الباقي...
- هل من مشروع ثان للكتابة؟
< هنالك مشروع كتاب حول هجرة اليهود المغاربة إلى اسرائيل. ضاع مني جزء منه على الطائرة في أحد أسفاري، وأنا الآن بصدد استعادة ما ضاع من خلال العودة إلى الوثائق التاريخية. أما الباعث على هذا الموضوع، فهو أنني عايشت بعض حالات اليهود وهم يهاجرون من المغرب، وكانت بعض الحالات مؤلمة من حيث إنها كانت كما الانفصال الصعب. رأيت أسرا تنفصل عن بعضها البعض وعرفت يهودا كانوا متشبثين بمغربيتهم ويرفضون الرحيل إلى المجهول. وما ساعدني على ذلك هو أنني عشت بينهم في الملاح هنا بمراكش. وسيساعدني في ذلك بعض الأصدقاء في فرنسا ينتمون إلى الجالية اليهودية هناك.
- من هم أصدقاؤك اليوم من سجناء تازمامارت؟ هل من جمعية تجمعكم؟
< حافظت على علاقة صداقة مع الداودي، والمرزوقي بشكل أكبر.
هنالك جمعية، إلا أنني لا أنتمي إليها وإن كنت أؤدي واجبات الانخراط فيها. أنا أرفض، رفضا باتا، أن أنخرط في هذا الحديث الرائج عن حقوق الإنسان... أنا أؤمن بذلك القول الذي مضمونه أن الضحية قد تتحول إلى جلاد! كثير ممن عانوا الظلم، خاصة خلال سنوات الرصاص، صاروا مثل الجلادين. هؤلاء لم يراعوا مصلحة الآخرين؛ بل اهتموا بأنفسهم فقط. لذلك آثرت أن أترفع عن هذه الأمور.
- وما موقفك من هيئة الإنصاف والمصالحة؟
< أنا أعتبرها خطوة كبيرة في مجال حقوق الإنسان وتقدما كبيرا بالنسبة للنظام المغربي. إلا أنها لم تكن كذلك بالنسبة للضحايا. الهيئة الأولى عوضت الضحايا، وقطعت على نفسها وعودا من قبيل التعويض عن التقاعد والتغطية الصحية... لكن عندما جاءت هيئة الإنصاف والمصالحة شطبت على كل شيء، أي أنها شطبت على جحيم تازمامارت. عندما توفي السعودي، مثلا، من سجناء المعتقل، اتصل بعض السجناء السابقين بالهيئة لتساعدهم على تحمل إجراءات تسلم الجثة والدفن، إلا أن سي حرزني ردهم على أعقباهم، قائلا لهم:«خاصكم تضحيو على البلاد، علاش جايين كطلبوا...ما تجيوش تصدعونا»! وهناك ضحايا آخرون لم يهتم بهم أحد.
- وما السبب في هذا التمييز في التعامل بينكم وبين بقية السجناء السياسين في رأيك؟
< أعتقد أن الأمر يتعلق بأشخاص وعقليات وأمزجة ومواقف... هنالك عدد كبير من الأوصياء على ملف حقوق الإنسان اليوم يعتبرون أن سجناء تازمامارت هم مجرد عسكر، وأنهم لم يناضلوا ولم يمارسوا السياسة كما هي... صحيح أنهم عانوا، لكنهم لم يقوموا بشيء ذي قيمة على المستوى الإيديولوجي والسياسي ! يقولون إننا أصبحنا في الواجهة دون أن نستحق ذلك، بينما هم من يستحقون الواجهة. هذا تفكير مغربي محض. المسألة ينبغي النظر إليها من زاوية أننا جميعا عانينا، أما مسألة الشهرة فهي ثانوية. عد إلى التاريخ، وستجد أن الذين نجحوا النجاح الكبير هم أناس استغلوا الفرص السانحة في الوقت المناسب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.