استنفر المئات من المشاركين في الوقفة التي نظمها فرع الهيئة الوطنية لحماية المال العام بالمغرب المصالح الأمنية بمدينة مراكش، بعدما تحولت الوقفة، التي نظمت صباح أول أمس الأربعاء أمام محكمة الاستئناف إلى مسيرة، وصار حوالي 500 مشارك يصدحون بشعارات تطالب بإسقاط الفساد، ومحاسبة ناهبي المال العام. لم تكن السلطات الأمنية تتوقع أن يتحول المشاركون في الوقفة إلى متظاهرين في مسيرة خرجت إلى الشارع العام، وصارت تسير مع السيارات والدراجات النارية جنبا إلى جنب. محاولات المسؤولين الأمنيين من أجل إقناع حوالي 500 متظاهر شاركوا في الوقفة، أغلبهم من ضحايا الاختلالات التي عرفتها «تعاونية الحليب الجيد»، باءت بالفشل ليسير الغاضبون في مسيرة جانبت الشوارع المحاذية للمحكمة قبل أن تعود إلى نقطة انطلاقها. «الشعب يريد إسقاط الفساد»، «الشفارة هاهما، والعدالة فينا هي»، كان هذا غيض من فيض الشعارات، التي صدحت بها حناجر المحتجين. وقال محمد الغلوسي، رئيس فرع الهيئة الوطنية لحماية المال العام بالمغرب إن الأخيرة وضعت أمام القضاء ملفات الفساد المالي بالحجة والدليل، و»كشفنا عن الجرائم المالية للعديد من المفسدين، لكن بقي هؤلاء في منأى من المساءلة والعقاب، في الوقت الذي يعتقل فيه صحافيون من أجل الرأي ومواطنون من أجل سرقة 100 درهم أو هاتف نقال»، مضيفا «المجرمون الحقيقيون، الذين استنزفوا مالية المدينة الحمراء، أحرار طلقاء يكدسون المال الحرام، ويكثفون اتصالاتهم الأخطبوطية من أجل الإفلات من العقاب، بل إنهم يتحدون الجميع بخرجاتهم الإعلامية». وأوضح الغلوسي أن ما تتخوف منه الهيئة الحقوقية هو كون هؤلاء على «استعداد تام لتوزيع أموال ورشاوى يمينا وشمالا، لشراء الذمم، وضمان براءة ستشعل نار الاحتجاج»، وحذر الغلوسي في كلمته، التي ألقاها أمام جموع المحتجين من «تحريف مسار قضايا الفساد المالي». وأكدت الهيئة الوطنية لحماية المال العام بالمغرب فرع مراكش، أن هناك «معطيات وقرائن»، سيأتي الوقت للكشف عنها، تبرز «استقواء» لوبي الفساد بعلاقاته الزبونية والمصلحية، معتبرة أن تعتر وتأخر الأبحاث بخصوص عدد من الشكايات التي تقدمت بها، يكشف «عن تحركات المفسدين وناهبي المال العام بطريقة تبدو مريبة، وتهدف إلى محاولة ربح الوقت، والتأثير على القضاء، وتوظيف شبكة العلاقات التي نسجوها من أجل ذلك». ولفتت الهيئة الحقوقية انتباه الجهات القضائية والفرقة الوطنية بخصوص بعض الملفات، التي مازالت عالقة، ولم تتلمس بعد طريقها إلى القضاء، مشيرة في هذا الصدد إلى قضية تعاونية الحليب الجيد بمراكش، التي عرفت اختلالات مالية، و»تمكن بعض مسيريها من مراكمة الثروة بطرق غير مشروعة، أوصلت التعاونية إلى حافة الإفلاس»، مقابل تشريد العمال، والمستخدمين، والفلاحين، الذين ينتظرهم مصير مجهول، إذ لم يتقاضوا ولحدود الآن ما يزيد عن أجر أربعة أشهر من العمل، إضافة إلى ملف الضريبة على الأراضي الحضرية غير المبنية، والتي استفاد منها لوبي العقار بالمدينة، وبعض المنتخبين، والموظفين، والتي مازالت قيد البحث التمهيدي لدى الشرطة القضائية بمراكش. وتساءلت الهيئة عن نتائج التحقيقات التي باشرتها الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بخصوص قضية تزوير المقرر الجماعي الخاص بتصميم التهيئة المتعلق بالعمارات المجاورة للإقامة الملكية بجنان الكبير، مشيرة إلى أنه رغم مرور أزيد من سبع سنوات على هذا الملف، فإن نتائجه لم تظهر بعد. كما أشار الحقوقيون إلى قضية تفويت سوق الجملة بباب دكالة، الذي لم تظهر نتائج التحقيق فيه، ناهيك عن ملفي بناء سوق الجملة للخضر والفواكه بتجزئة المسار بالحي الصناعي، وقضية الاختلالات المالية التي عرفتها جمعية الأعمال الاجتماعية لموظفي وأعوان ومتقاعدي الجماعة الحضرية.