أثار إلغاء غرفة الجنايات المكلفة بقضايا الإرهاب بملحقة محكمة الاستئناف بسلا للحكم الابتدائي الصادر في حق حسن الحسكي، والقاضي ببراءته، وإدانته بعشر سنوات سجنا، تساؤلات بخصوص تغير موقف القضاء المغربي إزاء هذا الملف الذي مازالت تتشابك خيوطه بين مدريد والرباط. ويرى متتبعون لخبايا هذا الملف أن الحكم الابتدائي الأول، الذي صدر في فبراير الماضي وقضى ببراءة الحسكي من جميع التهم الموجهة إليه والمتعلقة بتورطه في تفجيرات الدارالبيضاء في 16 ماي من 2003، لم يكن طبيعيا منذ البداية، وأن الماسكين بأحد أطراف خيوطه من الجانب المغربي أرادوا من خلاله توجيه رسالة إلى القاضي الإسباني غارسون، الذي تولى التحقيق مع الحسكي وسلم كافة الأدلة التي أدانته لما كان معتقلا بإسبانيا، من أجل أن يراجع غارسون موقفه بخصوص الشكاية التي وضعها عدد من النشطاء الصحراويين الموالين للبوليساريو، والتي تتهم عددا من الأمنيين المغاربة بارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان بالمناطق الصحراوية. ويبرر أصحاب هذا الطرح قراءتهم هذه بالزيارة غير الرسمية التي قام بها القاضي غارسون للمغرب أياما بعد صدور الحكم الابتدائي، الذي برأ الحسكي من التهم المنسوبة إليه والمتعلقة أساسا بكونه أحد القادة الأكثر أهمية في «الجماعة الإسلامية المغربية المقاتلة»، وأن فرعا جديدا تابعا لهذه الجماعة بأوروبا كان في طور إعادة التشكل تحت قيادته قبل أن يتم توقيفه سنة 2004، حسب الخلاصات التي انتهى إليها القاضي غارسون والتي على أساسها تمت إدانة الحسكي ب14 سجنا نافذا بإسبانيا. ويكشف أصحاب هذا الطرح أنه أثناء زيارة غارسون للمغرب التقى بعدد من المسؤولين الأمنيين المغاربة، ولا يستبعد أن تكون ضمن أجندته قضية الحكم الابتدائي الذي استبعد انتماء الحسكي إلى الجماعة الإسلامية المغربية المقاتلة. كما أن ذلك الحكم لم يثر القاضي غارسون وحده، باعتباره المعني بالتحقيق مع الحسكي وهو من قدم أدلة تورطه في اعتداءات 11 مارس بمدريد، وإنما أثار أيضا حفيظة الجمعيات الإسبانية المطالبة بالحق المدني التي كانت تراهن على أن تشدد العقوبة في حقه عندما يسلم للمغرب. وحسب محمد ضريف، الخبير في شؤون الحركات الجهادية، فإن الذي أثار الكثير من التساؤلات هو الحكم الابتدائي، على اعتبار أن الحكم الاستئنافي الذي صدر أول أمس الاثنين، القاضي بإدانة الحسكي ب10 سنوات سجنا، كان متوقعا على اعتبار -يضيف ضريف في تصريح ل«المساء»- أن القضاء المغربي عرف بتشدده في ما يخص المحاكمات المتعلقة بملفات الإرهاب. ويوضح ضريف أن حالة الحسكي أثارت الكثير من التساؤلات، فالسلطات الإسبانية كانت تنظر إليه باعتباره أحد العناصر البارزة في الجماعة الإسلامية المغربية المقاتلة، وكانت جميع المؤشرات تصب في اتجاه أنه سيلقى نفس المصير الذي حدث لعدد من الأشخاص الذين تسلمهم المغرب من دول أوربية أخرى، حيث أدينوا بأحكام سجنية مشددة، كما هو الشأن بالنسبة إلى الإمام المغربي الذي برأه القضاء الإيطالي وأدين بالمغرب. ولم يستبعد ضريف أن يكون هنالك ربط بين الزيارة التي قام بها غارسون للمغرب وفرضية تدخله لإلغاء الحكم الابتدائي، إلا أنه استطرد قائلا: «إلغاء حكم البراءة استئنافيا في قضايا الإرهاب يبقى أمرا مقبولا، ولكن من غير المقبول أن يحدث العكس».