ينطبق عليهم وصف «المعذبون في الأرض» في نسختها المغربية بدوار أوطا جامع، جماعة السوق القديم، قيادة عين لحصن بتطوان. فحكاية محمد الحداد (52 عاما) لا يمكن تصديقها دون معاينة مأساته عن قرب. فقد تزوج محمد قبل 31 سنة من ابنة عمه حبيبة، فأنجب منها 20 ابنا، 9 منهم توفوا، بعضهم بعد الولادة، و2 إثر حالتي إجهاض، وأخرى بعد بلوغها 6 أشهر، لكن قدر الأبناء ال 11 الآخرين كان قاسيا، فيما كان الأب كل مرة يمني نفسه بأن يرزقه الله بابن معافى صحيا وجسديا. فعلى بعد مسافة ساعة من الزمن مشيا على الأقدام من مقر جماعة السوق القديم، يعيش الأب رفقة زوجته حبيبة، وأبنائه المعاقين. الطفل المختار من مواليد 1999 معاق وأبكم، ونعيمة ذات ال 9 سنوات، وعبد الله البالغ من العمر 12 سنة، وأختهما بديعة (4 سنوات) مصابون بالشلل الدماغي، فيما نبيلة الطفلة البالغة من العمر 6 سنوات فهي بكماء، أما البنت البالغة من العمر 28 سنة، وثلاثة آخرين من إخوتها فيصيبهم العمى ليلا ولا يبصرون إلا نهارا. مأساة عائلية بكل المقاييس، وربما الحالة الفريدة من نوعها في المغرب، يقول الأب، متحسرا على معاناته الأسرية، فالأب عاطل عن العمل، بعدما كان يشتغل حارسا ليليا بفاس «ماعانديش حتى باش نشري خنشة ديال الطحين»، من أجل أن يوفر لأبنائه لقمة من الخبز الحافي مبللة بالماء أو الشاي. فهنا لا تصل وعود الحكومة بتخصيص دعم للأسر المعوزة، كما لا يرتد في هذه القرية أي صدى لوعود وزارة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية، فالأسرة طرقت كل الأبواب طلبا للمساعدة. «توجهت بناء على نصائح بعض الجيران والمعارف إلى ولاية تطوان، علها تساعدني» يقول محمد، بعدها حل القائد بالدوار للبحث في مأساتي العائلية والاجتماعية والصحية، ليغادر المكان دون عودة، فالأسرة تعيش بما يجود به أهالي القرية البالغ عددهم 61 أسرة، وهم فقراء أصلا. «لكني لن أنسى ما قام به أحد المغاربة المقيمين بالخارج حين قدم إلى هنا وقام بترميم منزلي، حيث تطلب منه الأمر إنفاق4 ملايين سنتيم» يكشف محمد، مضيفا أن إحدى الجمعيات اقترحت عليه تشييد بئر، فيما هو يسخر من الأمر قائلا «هل أنا في حاجة إلى بئر أم إلى مساعدة لأوفر لقمة من الطعام لأبنائي».