ضربت أسعار النفط الجديدة عرض الحائط بخطة الحكومة لتفعيل نظام المقايسة، الذي يتيح عكس أسعار النفط العالمية على أسعار المحروقات بالسوق المحلية، بعدما سجلت ارتفاعات اعتبرت الأعلى من نوعها منذ 3 أشهر. وارتفعت العقود الآجلة لخام برنت فوق 108 دولارات مسجلة أعلى مستوياتها في أكثر من ثلاثة أشهر، أمس الاثنين، مواصلة تحقيق المكاسب، بفعل التوترات في مصر التي أججت بواعث القلق إزاء إمدادات النفط العالمية. وحسب الخبراء، فقد أصبح من الصعب على الحكومة تفعيل نظام المقايسة في ظل ارتفاع أسعار النفط، وهو ما سيؤدي لا محالة إلى تأجيل إصلاح صندوق المقاصة شهورا أخرى، خاصة أن الحكومة كانت تعول على تمرير تفعيل نظام المقايسة في فترة تصادف انخفاضات في أسعار النفط العالمية. وكانت مصادر موثوقة كشفت ل«المساء» أن الحكومة تتجه إلى الإعلان عن تخفيض في أسعار المحروقات بحوالي 50 سنتيما للتر، في إطار تفعيل نظام المقايسة الذي وعدت بتطبيقه. وأكدت المصادر ذاتها أن الحكومة تتابع منذ فترة منحى أسعار النفط في السوق الدولية وتحاول اختيار التوقيت الذي يتزامن مع تراجع مهم في الأسعار لكي تفعل نظام المقايسة، مشيرة إلى أن انطلاق العمل بهذا النظام بالإعلان عن تخفيض في أسعار المحروقات سيعطي قرار الحكومة نوعا من المصداقية، بعكس الوضع في حالة الزيادة في الأسعار. وتعقيبا على ذلك، اعتبر الخبير الاقتصادي نجيب أقصبي، أن الحكومة تبيع الوهم للمغاربة من خلال تسويق نظام المقايسة بفكرة إيجابية عبر تخفيض أسعار المحروقات، محذرا من أن فاتورة تطبيق هذا النظام ستكون مكلفة ومؤلمة على المدى المتوسط والبعيد بالنسبة إلى المغاربة، خاصة أن الجميع يعلم أن الانخفاض الحالي لأسعار النفط في السوق الدولية هو طفيف ومرحلي وستتبعه، لا محالة، ارتفاعات يمكن أن تكون قياسية. وأضاف أقصبي أن هذا النظام كان معمولا به منذ بداية التسعينيات، خاصة خلال الفترات التي شهدت فيها أسعار النفط ارتفاعات مهمة، واستطاعت الدولة من خلاله تحقيق مداخيل مهمة، لكن دون أن يستفيد منه المواطن خلال الفترات التي تراجعت فيها الأسعار، مؤكدا أن الحكومة من خلالها تأخرها في الإصلاح الشامل لنظام المقاصة وإعادة تفعيل نظام المقايسة تؤكد أنها تدبر حاليا تبعية البلاد للمؤسسات الدولية ولا تقوم بالإصلاح. وتبدو الوضعية صعبة للغاية بالنسبة إلى الحكومة، فهي تبحث منذ مدة عن الوصفة السحرية لإصلاح صندوق المقاصة وتخفيف الأعباء عن مالية الدولة وطمأنة خبراء كريستين لاغارد، الذين يعكفون حاليا على صياغة تقريرهم «الأسود» حول الإصلاحات الاقتصادية في المغرب، دون أن يكون لها الجرأة على تنزيل مقترحات الإصلاح التي تمت دراستها على مدى شهور عديدة، بالنظر إلى تهديدها المحتمل للسلم الاجتماعي في المغرب.