عاد الجدل المثار على مستوى النقاط التي يحصل عليها التلاميذ في امتحان الباكلوريا. كثير ممن علقوا على الموضوع في المواقع الإلكترونية هنؤوا التلميذة هند الصافي، الحاصلة على معدل 19.05 كأعلى نقطة على المستوى الوطني في شعبة العلوم الرياضية، وهي من إحدى ثانويات التعليم الخصوصي في آسفي، تلتها تلميذة من التعليم العمومي في أكاديمية الدارالبيضاء بمعدل 18.91. وكانت التهنئة مدخلا لمناقشة مستوى هذه النقاط.. جدل طويل عريض، تتقاذفه وجهات نظر المواطنين الافتراضيين على ال»نيت». في غياب أي استجابة أو تفاعل أو تفسير أو تعليق من ال»بيداغوجيين». وال»بيداغوجية»، بالمناسبة، تعني «الغميق» عند «اولاد الدرب». أحدهم علل ذلك بأن الفتاة النابغة ليس لها وقت للمكالمات الهاتفية الفارغة ولا للمسلسلات المملة. وثان لاحظ أن الفرق ضئيل بين نقطتي العمومي والخصوصي، بينما اعتبر غيره أن 18.91 في العمومي أحسن وأصدق من 19.05 في الخصوصي. افتراضي من خريبكة اشتكى من أن نتائج ثانويته لم تتجاوز 16 ناجحا من خمسة أقسام، وكدت أن أصدقه تضامنا، لولا أن زميلا له أجاب: «بكل صراحة احنا ما باغينش نقراو»؛ وأضاف ثالث من ثانوية أخرى: «احنا نجح نصف القسم بميزة مستحسن، و6 بميزة مقبول»؛ وتدخل ثالث بنبرة فخر: «ها هم أبناء ثلاثْ لولادْ، بضواحي سطات، قد بلغت نسبة النجاح عندهم 95 في المائة، أولهم حصل على 18 على 20 ميزة حسن جدا، مع اثنين بميزة حسن. بعض إناث العالم الافتراضي وجدن الفرصة مناسبة للشماتة في أترابهن الأولاد، فقد أصبح مألوفا أن تتقدمَ أكثرُ من تلميذة ترتيبَ الناجحين في الباكلوريا، ولم يعد من المستغرب وجود قسم للعلوم الرياضية به 24 تلميذا، ثلاثة أرباعهم إناث.. وهو ما علق عليه أحدهم بأن المستقبل بيد الإناث، داعيا إلى مهادنتهن من الآن، قبل فوات الأوان. وهناك من اختصر الأمر في كونه خبرا مفرحا لآسفي العزيزة، لم يدركه أحد من أبناء الصويرة. وذهب آخرون إلى أن المعدل لا يعكس مستوى التلميذ، وأن المعرفة هي المقياس. بينما أكد متطرفون في تدقيقهم أن هذه نقطة خيالية، «إنشتاين، العقل البشري الرائع، لم يكن يجيد كل المواد»، حسب أحدهم؛ بينما يؤكد آخر أن «إنشتاين لم يحصل على معدل مماثل»؛ ويعلق آخر قائلا: «لو اشترك أستاذ الرياضيات ومدير الثانوية ووزير التعليم لما حصلوا على هذا المعدل». وينطلق هؤلاء من تصور أن الفائزة حصلت على 20 على 20 في الرياضيات، وهي لا تستطيع أن تتعدى ذلك، فكم حصلت في الفلسفة والاجتماعيات والفرنسية والتربية البدنية؟ فالمعدل المذكور يعني أن تكون نقاط صاحبته فوق 18 على عشرين في كافة المواد المذكورة. لكن مشاركا يرفض ذكر اسمه وثانويته يتساءل ببراءة الحملان: لماذا لا نهتم بمعرفة التلميذ الحاصل على أضعف معدل، حتى تصورت أنه ربما كان هو المعني، ويريد أن يزوره موفد القناة الأولى ليسأله عن شعوره بالمناسبة؟ وفيما اقترح أحد المشاركين في النقاش التخلي عن النظام الفرانكفوني في التعليم، كانت صحيفة «لوموند» الفرنسية تطرح للمناقشة سؤالا: ألم يحن الوقت لإلغاء شهادة الباكلوريا؟ ...................... أما أنا، من فصيلة لا ناقة ولا جمل، فقد ذكرني موضوع النقاط بأستاذ قديم. تلاميذ ثانوية الحسن الثاني بالرباط يتذكرون مسيو تروفي. أستاذ شاب أنيق. بعد أول حصة إنشاء، يتقدم ممسكا الأوراق بيديه، وعيناه تتفحصان التلاميذ لترى درجة الانتباه، تمهيدا لل«وان مان شو». «عشرين على عشرين»، يقولها وهو يستكشف وقعها على الوجوه. تجحظ عيوننا، نتبادل النظرات، من منا يكون صاحب هذا الحدث غير المسبوق؟ يستمتع المسيو بحيرتنا لحظة قبل أن يواصل: «عشرين على عشرين، هل تعرفون لمن هي؟»، وبعد لحظة تشويق أخرى، يقول: «هي لخالق الأكوان رب العالمين». ويواصل سلسلة التشويق: «19 على عشرين، لمن؟؟ لملك البلاد؛18 على 20 لوزير التعليم؛17 على 20 للمندوب الجهوي حتى لو لم يكن يستحقها؛16 على عشرين لمدير الثانوية، وهو رجل طيب دائما؛ 15 على عشرين، تعرفون لمن؟؟ لأستاذكم هذا.. من يجرؤ على الاعتراض؟»، 12 على عشرين كانت أعلى نقطة يمكن أن ينالها نابغة القسم، وقلما كان الحاصلون منه على المعدل يتجاوزون العشرة. تصورت لو تولى مسيو تروفي تصحيح امتحانات الباكلوريا.