«عصابة مدججة بالسيوف قامت بالسطو على وكالة لتحويل الأموال تابعة ل»ويسترن يونيون» بشارع طارق بن زياد»، بسرعة كبيرة انتشر الخبر بين سكان مدينة تمارة وقيمة المبلغ اختلفت بين رواية وأخرى. الخبر كان وقعه سيئا على المسؤولين الأمنيين بالمدينة، فالحادث يأتي أياما قليلة بعد السطو على وكالة بنكية بالدار البيضاء، والجناة اختاروا أقصر طريق للسطو على الوكالة، بعد أن قاموا بمراقبتها لمدة طويلة للتأكد من طبيعة الإجراءات الأمنية بداخلها قبل اختيار ساعة الصفر. في حدود منتصف النهار من يوم 28 يناير 2008 سيلج أربعة أشخاص، مدججين بسيوف من الحجم الكبير، وكالة تابعة لشركة تحويل الأموال العالمية «ويسترن يونيون»، ليشهروا أسلحتهم في وجه الموظفين الذين شلتهم المفاجأة وأفقدتهم القدرة على إبداء أية مقاومة خوفا من أن يتحولوا إلى ضحايا للسيوف المرفوعة فوق رؤوسهم. اللصوص قاموا ا فور اقتحامهم لمقر الوكالة بإعطاء أوامر بلهجة صارمة لجميع الموظفين بالبقاء في أماكنهم وعدم إبداء أية حركة، وتعمدوا بين الفينة والأخرى التظاهر بأنهم مستعدون لطعن كل من سولت له نفسه ارتكاب أية حماقة. عامل السرعة في التنفيذ كان مهما للغاية بالنسبة إلى الجناة، فقد تمر دورية للشرطة بالقرب من الوكالة الموجودة بشارع يتميز بحركة دائمة، أو قد ينتبه بعض المارة إلى ما يجري مما سيؤدي حتما إلى إفشال العملية التي استغرق الإعداد لها وقتا طويلا، لذا بادروا إلى احتجاز الموظفين، قبل أن يشرعوا في جمع المبالغ المالية التي كانت بالوكالة، لتكون الغنيمة 20 مليون سنيتم قام اللصوص بالاستيلاء عليها، ووضعها في أكياس قبل مغادرة المكان بسرعة مخلفين وراءهم مفاجأة اهتزت لها المدينة بأكملها. بعد إشعار الأمن بالواقعة ستعلن حالة استنفار، وسيهرع إلى مقر الوكالة عدد من سيارات الشرطة، وعلى متنها مسؤولون أمنيون بارزون إضافة إلى فريق تابع للشرطة العلمية والتقنية، من أجل إجراء مسح لمحيط الجريمة والبحث عن أي خيط قد يقود إلى تحديد هوية الجناة واعتقالهم. المعلومات الأولية أكدت أن اللصوص أشخاص في منتصف العمر دخلوا الوكالة بوجه مكشوفة، عكس ما هو معروف عن لصوص الأبناك الذين يعمدون إلى إخفاء وجوههم دائما وراء الأقنعة، حتى لا يتم تصويرهم من طرف كاميرات المراقبة. مسؤول أمني كان مقربا من التحقيق أكد أن التحريات التي تمت مباشرتها بعد الحادث انصبت بشكل أساسي على جمع معلومات عن أشخاص مشبوهين ظهرت عليهم علامات إثراء مفاجئ، كما تم الاعتماد على أوصاف الجناة التي أدلى بها الموظفون التابعون للوكالة البنكية. الحادث جعل المصالح الأمنية تسابق الزمن من أجل إيقاف الجناة، خاصة بعد الضغط الذي فرضه تزايد عدد عمليات السطو التي عرفتها عدد من المدن المغربية، وكذا الطريقة الجريئة التي تم بها تنفيذ العملية، حيث قام اللصوص باقتحام وكالة بنكية في واضحة النهار وفي شارع يعرف حركة مرور كثيفة. في وقت قياسي واعتمادا على شبكة من المخبرين الذين تم تجنيدهم سيتوصل المحققون إلى معلومات أولية مكنت من إيقاف أحد الجناة، قبل أن يتم تحديد مكان بقية العصابة واعتقالهم، ليتبين من خلال التحقيق معهم أنهم كانوا مسؤولين عن عملية سطو سابقة، وأنهم قاموا بالإعداد للعملية لمدة شهر، وعمدوا إلى تقسيم الأدوار بشكل منظم في ما بنيهم أثناء التنفيذ. الارتياح الذي خلفه إلقاء القبض على أفراد العصابة لم يدم طويلا، فسرعان ما جاء خبر عملية سطو جديدة على وكالة تابعة أيضا لشركة «ويسترن يونيون» بعد يومين من عملية تمارة، وهذه المرة في مدينة سلا المجاورة، غير أن العملية باءت بالفشل بعد أن اختارت العصابة طريقا معقدا ولجأت إلى محاولة حفر الحائط الرئيسي لاقتحام الوكالة المحاذية لمقر الأمن الإقليمي السابق، غير أن المحاولة لم تكلل بالنجاح بالنظر إلى سماكة الحائط، وانتباه أحد الحراس الذي أخبر رجال الشرطة ليلوذ الجناة بالفرار. مسؤول أمني أكد ل»المساء» أن تزايد حالات السطو على الوكالات البنكية تقف ورائه عوامل متداخلة، من بينها أن اللصوص في الغالب يطمحون إلى الحصول على المال بشكل مباشر، عوض أن يتم الاستيلاء على المنقولات ومن ثم تصريفها عن طريق بعض الوسطاء، وهو ما يجعلهم يعرضون أنفسهم لخطر الوقوع في يد رجال الأمن إضافة إلى أن قيمة المنقولات المسروقة تنخفض بشكل كبير. المسؤول ذاته أكد أن عملية السطو على البنك تتم في الغالب من قبل عناصر سبق لها أن تورطت في جرائم ونسجت خلال قضائها للعقوبة الحبسية صداقات متينة، مهدت لتكوين عصابة محترفة، وأن العديد من العمليات تم الإعداد لها من داخل السجن. كما اعتبر أن ضعف الإجراءات الأمنية التي تتخذها الوكالات البنكية، إضافة تزايد أعدادها، يجعلها هدفا مفضلا من طرف بعض المجرمين ممن يرون في أنفسهم الجرأة للقيام بمثل هذه العمليات، التي ظلت إلى وقت قريب غربية عن المجتمع المغربي.