سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الوفا يلغي اللجن الجهوية والإقليمية والنقابات ترفض ماأسمته سياسة «التركيع» بعض الأطر التعليمية اعتبرت إصدار الوزارة لهذه المذكرة «ضربة أصابت النقابات في مقتل»
أصدرت وزارة التربية الوطنية مذكرة ستلغي المذكرة السّابقة المنظمة للجن النقابية الجهوية والإقليمية، وستبقي فقط على المذكرة ال111، التي تسمح للنقابات بالدخول ب»الخيط البيض» لفضّ النزاعات بين أطر الوزارة. واعتبرت الوزارة أنّ المذكرة -الإطار المنظمة للحرَكات الانتقالية هي المرجع الوحيد في تدبير تلك الحركات. وإذا كانت المذكرة تحمل في طياتها رسائل «من تحت الماء» إلى بعض من حوّلوا تلك اللجن إلى مناجم «للتكليفات والانتقالات» لبعض المحظوظين والمقرَّبين، فإنها في المقابل ختِمت بطابع «النزاهة» على مسؤولي الإدارة الذين لا تخلو ممارسات بعضهم من التدخّل في تفصيل بعض التكليفات والتنقيلات «المشبوهة للمنعم عليهم» وعدم الإفصاح عن الوضعيات الحقيقية لمناصب الشاغرة، بطرُق أو بأخرى، وهو ما جعل معادلة مذكرة الوزارة غير متكافئة.. نزلت المذكرة الوزارية رقم 3-3795، الصادرة يوم 7 يونيو، في شأن إلغاء اللجن الجهوية واللجن المُشترَكة، «بردا وسلاما» على جميع النقابات التعليمية، وخاصة النقابات الأكثر تمثيلية. ومن المُفارَقات التي احتوتها المذكرة الوزارية أنها تضمّنت، في بداية صياغتها، عبارة «تعزيزا لمنهجية العمل المُشترَك بين وزارة التربية الوطنية والنقابات التعليمية»، أتبعتها مباشرة عبارات مفادها أنّ المذكرة -الإطار المتعلقة بالحركات الانتقالية والإدارية لأسرة التربية الوطنية «نسخت» المذكرات والمُراسَلات السّابقة الخاصة بحركية موظفي هذه الوزارة، بما فيها اللجنة الجهوية لتتبّع الحركة الانتقالية، المشار إليها في المذكرة -الإطار رقم 97، المُنظِّمة سابقا للحركة الجهوية لأطر التدريس، وألغت مذكرة الوزارة اللجن المُشترَكة التي كان يتم إحداثها على الصّعيد الجهوي أو على الصعيد الإقليمي وتعويضها في اللجن المشتركة «لفضّ النزاعات» طبقا لمقتضيات المذكرة 111 الصادرة بتاريخ 8 يونيو 2011. وبالتدقيق في مضامين مُراسَلة الوزارة، التي تلغي اللجن الجهوية والإقليمية، يمكن القول إنّ الوزارة تسعى -بكل الطرُق- إلى إبعاد النقابات عن مسألة تدبير الموارد البشرية جهويا وإقليميا، وهو مؤشّر سلبي عن أداء تلك اللجن وعن تدبير الحركات الانتقالية على الصعيدين الجهوي والإقليمي، بل إنّ البعض ذهبوا إلى حدّ اعتبار إصدار الوزارة هذه المذكرة بمثابة «الضربة التي أصابت النقابات في مقتل»، بعد أن أوجزت عمل اللجن الجهوي في مسألة الدخول ب»الخيط البيضْ» بين المتنازعين في القطاع فقط وإطفاء الحرائق.. وإبعاد النقابات عن «التنقيلات والتكليفات وعمليات إعادة الانتشار»، التي كانت تشرف على تدبيرها اللجن الجهوية والإقليمية، إلى جانب الأكاديميات والنيابات. ورغم أنّ قرار الوفا أغضب بشكل كبير النقابات التعليمية وترك غليانا وسط ممثلي تلك الجن الجهوية والإقليمية، فإنّ عددا من نساء ورجال التعليم، الذين استقت «المساء» تصريحاتهم حول الموضوع، ومنهم منقبون وغير منقبين، ثمّنوا القرار واعتبروه ضربة موجعة لبعض النقابات أو بعض النقابيين، بالخصوص الذين حولوا تلك اللجن إلى «منجم» خصب لجلب تكليفات وتفصيل تنقيلات للمقرّبين والمحظوظين تكون، في غالب الأحيان، «على المقاس»، وهذا الأمر لم ينزهوا فيه الإدارة ومسؤوليها، الذين يكون لبعضهم ضلوعٌ في تمرير ملفات مقرّبيهم كذلك «من تحت طاولة» بعض من تلك اللجن الجهوية والإقليمية.. واعتبر المُتحدّثون إلى الجريدة أنّ بعض المسؤولين النقابين الذين ارتبطت أسماؤهم بقدرتهم على القيام بالتخريجات «السحرية» للحصول على تكليفات وتنقيلات مريحة للمُقرَّبين منهم، سيجدون أنفسهم في حالة «عطالة» في حال تطبيق الوزارة مضامين المراسلة المعنية. معصيد: القرار صدمة مفاجئة تعليقا على هذا الموضوع، قال ميلود معصيد، الكاتب العامّ للجامعة الوطنية للتعليم، التابعة للاتحاد المغربي للشغل، إن نقابته تتشبث بشكل قويّ باللجن الجهوية والإقليمية على اعتبار أنّ النقابات هي الممثلة الحقيقية لنساء ورجال التعليم، وبالتالي، يتابع معصيد: «لا يمكننا أن نقبل من الوزير أن يتخذ هذا القرار في مسائل مصيرية خاصّة بنساء ورجال التعليم»، وأضاف أنّ الوزير الحالي يظهر وكأنه جاء من أجل «تركيع» الحركة النقابية، مؤكدا أنّ «الحركة النقابية الوحدوية المستقلة، التي لا تسعى إلى تسييس العمل النقابي ولا تستغلّ هموم نساء ورجال التعليم لأي أهداف سياسوية، ترفض -بشكل قطعيّ- «خرجات» الوزارة، وقال إنّ الأمور إذا استمرت بهذا الشكل سينتظر منهم الوزير «دخولا مدرسيا أسود». وقال معصيد إنهم يعتبرون أنفسهم شرَكاء حقيقيين في كل القرارات التربوية وإنّ هذا القرار مفاجأة صادمة من الوزير، وإنهم كانوا ينتظرون أي شيء منه إلا مثل هذا القرار، لأن اللجن تكون حاضرة، سواء وطنيا أو جهويا أو إقليميا، في الإعداد التربوي واللوجيستيكي للعمليات المرتبطة بالمدرسة منذ الدخول المدرسي، ومناقشة القضايا التربوية التي تهمّ الشأن التعليمي في المغرب». إيوي: نرفض المذكرة أحادية التنزيل من جانبه، قال عبد العزيز إيوي، الكاتب العامّ للنقابة الوطنية للتعليم -الفدرالية الديمقراطية للشغل، إنّ قرار الوزارة يؤكد أنها تسعى إلى تجميد كل آليات الحوار الاجتماعي، التي تم إرساؤها منذ سنوات، والتي من خلالها كانوا يساعدون الوزارة على حلّ بعض المشاكل التي يعرفها القطاع، مثل الموارد البشرية والحركات الانتقالية. وقال إنّ الوزير الحالي يتبيّن بشكل رسميّ أنه يهيئ الأساتذة الذين ينتقلون في إطار إعادة الانتشار إلى تعيينات رسمية بشكل بيروقراطيّ بعيدا عن التدبير التشاركي. وأضاف المتحدّث ذاته أنّ هذا الأمر يؤشر على «الغليان» الذي ستعرفه الساحة التعليمية مستقبلا، و«نحن نرفض هذه المذكرة، لأنها نزلت بشكل أحادي»، وتؤكد أن الوزارة تسعى من خلالها إلى اتخاذ قرارات أخرى انفرادية على حساب نساء ورجال التعليم، ونحن نستعد لمواجهتها بجميع الطرق». عطاش: لا معنى للمذكرة بدوره، قال عبد الله عطاش، نائب الكاتب العام للجامعة الوطنية لموظفي التعليم -الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، إن الوزير وجّه المذكرة إلى مدراء الأكاديميات والنواب دون استشارة النقابات أو عرض المذكرة عليها للمناقشة، ودون اعتبار لوجود حوار للوزارة مع النقابات على المستوى المركزي والجهوي والإقليمي، ودون اعتبار وجود مشاكل مركزية وجهوية يتم تدبيرها بشكل تشاركي. وقال عطاش «تحدّثنا في آخر لقاء عن تفعيل اللجن المركزية، الموضوعاتية وكذا اللجن الجهوية، لكننا فوجئنا بهذه الرسالة، التي ليس لها معنى، والتي تُبقي فقط على لجن فض النزاعات»، متابعاً: «لقد أصبحت علاقتنا بالوزارة تقتصر فقط على حل المشاكل والنزاعات وإطفاء النيران.. ولم تعد هناك تلك العلاقة الأساسية الأولى، المتمثلة في لجنة الحوار حول القضايا والملفات المرتبطة بقطاع التعليم.. أمّا لجنة فضّ النزاعات فقد كنا اتفقنا على تفعيلها في الحالات الضرورية، في حال وجود مشاكل». وأكد عطاش أنه «بهذا الإجراء الذي أقدمت عليه الوزارة نعتبر أنّ النقابات لم يعد لها أي دور، وسنتساءل عن مصير قضايا وملفات نساء ورجال التعليم المركزية التي لها ارتباط وتأثير مباشر على المستويين الجهوي والإقليمي». الصغير: السعي إلى «تركيع» النقابات يؤدي إلى التوتر في تعليقه على المذكرة، قال محمد الصغير، عضو المكتب الوطني للنقابة الوطنية للشغل الكنفدرالية الديمقراطية للشغل، إنها تعبير آخرُ على انفراد وزير التربية الوطنية بالقرارات دون استشارة مع النقابات الخمس الأكثر تمثيلية، وبالتالي فهذه المراسلة بالنسبة إليه «لن تزيد الوضع التعليمي إلا تأزما واحتقانا وتوترا للعلاقة مع النقابات، التي تعتبر دائما أنّ الشأن التعليمي شأنا عامّاً وليس شأنا خاصّاً لا حق لأي كان حتى وإنْ كان على وزير التربية الوطنية أن يتخذ قرارا منفردا بدون إشراك الشركاء الاجتماعيين»، وقال إنّ سعي الوزير الحالي إلى «تركيع» النقابات سيؤدي حتما إلى التوتر وإنّ آخر لقاء قرّرت فيه اللجنة مقاطعة كل الأمور المتعلقة بالشأن التعليمي، نظرا إلى استمرار الوزير في اتخاذ قرارات انفرادية بهذا الشكل.