كلفت اللجنة العلمية لصياغة الكتاب الأبيض، بصياغة تصور لتنمية قطاع السينما المغربية للمرحلة المقبلة، مع الوقوف عند الواقع الحالي للقطاع، واستشراف آفاقه وتحدياته المتنامية. من بين أهداف اللجنة العلمية، إنجاز رؤية تسمح بإعطاء انطلاقة جديدة للصناعة السينمائية المغربية، وتحديد التحديات المستجدة المطروحة على القطاع وبلورة إجابات جماعية حولها... واعتمدت اللجنة مقاربة «تشاركية»، حيث شرعت بالمشاركة في الإعداد الأدبي للمناظرة الوطنية الثالثة حول السينما، التي تميزت بتوجيه صاحب الجلالة محمد السادس رسالة ملكية إلى المناظرة، حدد فيها أهداف المناظرة ومنهجيتها والتوجهات والمبادئ الأساسية التي تؤطر عملا من هذا الحجم في قطاع أساسي بالنسبة للمجتمع والدولة على حد سواء. ولقد نتج عن المناظرة تشخيصات وتوصيات اعتبرتها اللجنة مادة أساسية لمضمون الكتاب الأبيض. وبعد تجميع أعمال المناظرة وترتيبها، عبر ما خلصت إليه الورشات، انقسمت اللجنة العلمية إلى أربع لجان فرعية حول المحاور التالية: 1 – لجنة الإنتاج، والتوزيع والاستغلال؛ 2 - لجنة الفاعلين؛ 3 – لجنة الإشعاع والمهرجانات والمجتمع المدني للقطاع؛ 4 – لجنة اهتمت أساسا بالجانب المؤسساتي والقانون. واشتغلت اللجنة على أساس التقارير التي قدمتها مختلف المجموعات، وفي نفس الوقت نظمت برنامجا للإنصات لكافة الفعاليات المعنية بالقطاع أو المتدخلة فيه بشكل أو بآخر.. تتوزع مواضيع الكتاب الأبيض بين ستة فصول: الفصل 1: الإنتاج الفصل 2: القضايا المهنية الفصل 3: التوزيع والاستغلال الفصل 4: حماية الملكية الفكرية الفصل 5: نحو إشعاع السينما المغربية الفصل 6: المداخل المؤسساتية والقانونية للإصلاح. الإنتاج يبين تشخيص وضع الإنتاج في المغرب أن الدولة قامت بمجهودات مهمة من أجل النهوض بأوضاع الإنتاج، من خلال سياسة الدعم التي تتبعها، وخلق بيئة مشجعة وتحفيزات للإنتاج المشترك، واستقبال الإنتاجات الأجنبية والدفع بدور التلفزة. وخلص إلى وجوب الرفع من مستوى الاستثمار العمومي والخاص في القطاع وبلورة نهج يعتمد نموذجا مناسبا وفعالا للإنتاج، يضمن الاستمرارية والتحسن على المدى البعيد، ويضمن الاستعمال الحسن والشفاف للموارد العمومية وتقييما عقلانيا للمردودية. القضايا المهنية يلقي الكتاب الأبيض نظرة تشخيصية على مختلف المهن المعنية في القطاع من ممثلين، وتقنيين وكتاب سيناريو ومخرجين، ويسجل محدودية التنظيم والضعف النسبي للاتجاه نحو تشغيل ذوي الكفاءات، وضعف التكوين، وغياب الحماية الاجتماعية... ويقترح إعادة تنظيم المهن بشكل مقنع، وتسمياتها، وإعادة تحديد الكفاءات المطلوبة وآفاق تطورها وأوضاعها وحقوقها، بما يعيد لها الاعتبار ويعزز مكانتها الاجتماعية. التوزيع والاستغلال يشكو هذا القطاع من أزمة هيكلية تتجلى في العديد من المؤشرات (انخفاض في عدد القاعات، ضعف معدل تردد المشاهدين على قاعات السينما، ارتفاع أثمنة التذاكر، تراجع الاستثمارات...). كما يتضح أنه من الصعب تجاوز البنيات المهيكلة لهذا القطاع، حيث يمكن إدخال العديد من الإجراءات التي يمكنها أن تحسن أوضاع التوزيع والاستغلال. إن إمكانية ضبط الاستغلال بضمان التنافسية ومواجهة الاحتكار تبدو متوفرة، وتقتضي إيجاد صيغ مناسبة ونماذج جديدة وإحداث آليات في إطار تدخل شمولي ومتوازن للدولة في هذا الباب. حماية الملكية الفكرية يستعرض الكتاب الأبيض أوضاع الحقوق الملكية الفكرية للمؤلفين والمبدعين والحقوق المجاورة، وأوضاع المؤسسات المشرفة عليها ومنظومة القوانين المرتبطة بها كالنسخة الخاصة. ويركز على ضرورة تنظيم مجال الحقوق، الذي يعنى بالملكية الفكرية ويعزز السعي لخلق ثقافة احترامها ويشدد على الجانب التوعوي لهذه المسألة، وفي نفس الوقت يوصي بالاستفادة من الموارد العمومية، على أساس تتبع دقيق للعائدات وإيجاد المستويات المنصفة لتشجيع وإعطاء كل ذي حق حقه. من أجل إشعاع جديد للسينما يندرج مشروع تنمية التربية السينمائية داخل المناهج التربوية وخارجها في إطار إشعاع المنتوج السينمائي بالمغرب، وتفعيل دور المهرجانات، والنهوض بدور النقد، وإعطاء نفس جديد للنوادي السينمائية، ودعم المنشورات السينمائية، والدفع بالديبلوماسية السينمائية المغربية بمقوماتها الفنية وهويتها، وتخصيص برامج سينمائية في التلفزة، ودعوة الصحافة الوطنية للمزيد من الاهتمام بالسينما... وذلك بهدف تعزيز القدرة الإبداعية في المجال السينمائي في المجتمع المغربي. 6 . المداخل المؤسساتية والقانونية لإصلاح القطاع السينمائي 6 – 1 يلاحظ أن تدخل الدولة يطبعه أحيانا نوع من التشتت، وهو في حاجة إلى رؤية وتدبير منسجمين للمنهاج والمبادرات والإجراءات. إن تدخل الدولة مطلوب لكي يوازن بين دورها التحفيزي والتشجيعي للمبادرة والابتكار وواجبها في تتبع ومراقبة أوجه صرف وتدبير الموارد المالية العمومية، وبين القيمة والنجاح للمنتوج السينمائي المغربي، بهدف الوصول إلى دينامية ذاتية للقطاع. 6 – 2 على فاعلي القطاع السينمائي، على اختلاف مواقعهم، أن يساهموا في بلورة وإنجاز وتفعيل الآليات الدستورية الجديدة لتدبير شأن القطاع، فلا يجب أن تبقى هذه الفعاليات الأساسية في المجالات الثقافية غائبة عن النقاش العمومي، حول المؤسسات المزموع إنشاؤها مثل: «لجنة اللغات والثقافات، أو المجلس الأعلى للثقافة». ذلك أنه على السينمائيين كذلك التفكير في ملامحه، وميكانيزماته وطريقة العمل داخله، لتنظيم الشأن السينمائي المغربي. 6 – 3 من ضمن المداخيل المؤسساتية والقانونية الضرورية لإصلاح القطاع، يجب العمل على صياغة مواثيق أخلاقية لتأطير وتوجيه وإثراء التعاون بين فاعلي القطاع. 6 – 4 في مجال القوانين والتنظيمات، يتعلق الأمر هنا، على أساس التشخيصات التي قدمت والحاجيات التي برزت والتوجهات التي رسمت، بمجموعة من الاقتراحات التي يجب إحداثها أو مراجعتها أو مواءمتها.