استغل عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، فرصة حضوره إلى اللقاء، الذي جمع المستشارين ورؤساء الجماعات التابعين للحزب أول أمس السبت بالرباط، من أجل تمرير مجموعة من الرسائل إلى حلفائه في الحكومة وخصومه على حد سواء، خاصة في ظل استمرار الأزمة التي تعرفها الحكومة، بعد إعلان حزب الاستقلال انسحابه موقوف التنفيذ من الحكومة، في انتظار التحكيم الملكي بين الطرفين. بنكيران وجه أولى الرسائل إلى الرأي العام، مؤكدا أن الحكومة تشتغل في انسجام تام، ولا وجود لأي مشاكل داخلها، وأن الأغلبية في البرلمان لا زالت تصوت على القوانين، «ويوم تتغير هذه المعطيات سوف يكون حينها لكل حادث حديث، لكن ماذا عسانا نفعل مع «الحياحة»؟ وأنا أقول لهم إن الطريدة ستنتهي في نهاية المطاف في الطاجين، فلا داعي لكل هذا الصراخ». رئيس الحكومة عاد ليحاول تلطيف الأجواء مع حميد شباط، الأمين العام لحزب الاستقلال، الشريك الأكبر لحزب «المصباح» في الحكومة، مؤكدا أنه لم يسبق له أن هاجم شباط بالاسم في أي من خرجاته الإعلامية، متهما بعض الجهات الإعلامية بالعمل على الإيقاع بين الحزبين، واصفا إياها ب«الصحافة المعادية والمأجورة والتي تحركها جهات معروفة، بهدف تفجير الأغلبية الحكومية وإفشال التجربة الحكومية الحالية». الرسالة الثانية التي وجهها بنكيران كانت إلى حليفه الآخر في الحكومة محمد نبيل بنعبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، الذي استغرب حديثه عن احتمال انسحاب حزبه من الحكومة، خاصة في ظل الحديث الذي راج مؤخرا عن احتمال عقد صفقة بين حزبي الاستقلال والعدالة والتنمية، مؤكدا أنه اتصل به ليؤكد له بأنه متشبث بالتحالف معه ومع حزبه، مخاطبا إياه «راك متحالف مع الرجال أ السي نبيل، ونحن لا نخون عهودنا أبدا». بنكيران لم ينس التوجه بالحديث إلى من يتهمهم بمحاولة عرقلة عمل الحكومة التي يقودها حزبه، مخاطبا إياهم دون تسميتهم: «حاولوا علينا وارجعوا لله»، مؤكدا أنه لن يتراجع عن أهداف الإصلاح التي جاء حزبه من أجلها حتى لو كلفه ذلك شعبية الحزب، مشيرا إلى أن هذه الشعبية سترتفع لا محالة إذا استمر التضييق بهذه الطريقة على الحزب والحكومة بشكل عام، خاتما حديثه إليهم: «أقول لكم لن تنجحوا في مساعيكم، وخليو عليكم هاذ الحكومة في التيقار». الأمين العام لحزب العدالة والتنمية وجه نيران مدفعيته أيضا إلى أحزاب المعارضة، خاصا بالذكر حزب الاتحاد الاشتراكي، الذي اتهم قيادته بالانقلاب على حزب العدالة والتنمية، رغم تشبثه بتحالفاته مع حزب «الوردة» في المجالس الجماعية لمختلف المدن، بل ذهب بعيدا حين وصف من حاول إلباس الحزب المسؤولية المعنوية لأحداث 16 ماي الإرهابية، في إشارة منه إلى الكاتب الأول السابق للاتحاد الاشتراكي محمد اليازغي، الذي لم يذكره بالاسم، ب«المغفلين سياسيا»، مؤكدا أنهم «كانوا مخطئين أو متواطئين ضد الحزب، والشعب المغربي قد عاقبهم في جميع الأحوال»، دون أن ينسى التعبير عن أسفه لخروج القيادي الاتحادي خالد عليوة، دون أن يذكره بالاسم، المتابع في قضايا اختلاسات مالية من السجن بسراح مؤقت، ليستقبل بعدها استقبال الأبطال، على حد تعبير بنكيران. الحزب المعارض الثاني الذي كان هدفا لهجومات بنكيران كان هو حزب الأصالة والمعاصرة، الذي لم يذكره بالاسم، بل أشار إليه خلال الحديث عن تأسيسه، والذي وصفه ب»العروس الذميمة، التي كانت تنتظر ليلتها الكبرى، فإذا بالجميع ينفض من حولها، لتحاول بعد ذلك إرجاعهم بالعصا دون أن تفلح في ذلك، لكن هذه العروس نسيت أنها أساءت كثيرا للوطن بهذه التصرفات، ولا زالت تسيء إليه إلى الآن»، وهو الكلام الذي قرأه المتتبعون على أنه قطع لأي محاولة تقارب بين الحزبين في المستقبل القريب. بنكيران استغل كذلك تواجده وسط منتخبي حزبه ومستشاريه، ليؤكد لهم بأن الحزب ليس مستعجلا فيما يتعلق بالانتخابات الجماعية، «ولو كان بيدي إجراء تلك الانتخابات لقمت بذلك، لكنني أقول لكم إن أيام الله طويلة وحنا ما زربانينش، والسياسة ليست شبيهة بالرياضيات، وفي انتظار تنظيم الانتخابات المحلية أدعوكم إلى العمل والتواجد باستمرار إلى جانب المواطنين، لأن استقامتكم ونظافة أيديكم هما رأسمالكم الحقيقي».