أرجأت المحكمة الابتدائية في القنيطرة، أول أمس، الشّروع في مناقشة ملف الموظفة السابقة في المديرية العامّة للوقاية المدنية، التي توجد رهن الاعتقال الاحتياطي في السجن المحلي في القنيطرة، رفقة شخصَيْن آخرين، بتهمة النصب على عشرات الشباب العاطلين مقابل توظيفهم في مختلف مراكز الوقاية المدنية في المغرب. والتمس دفاع المتهمة الرئيسية في هذه القضية تأجيلَ القضية ومنحه مهلة لإتمام إجراءات الصّلح مع أحد أطراف الدّعوى القضائية المرفوعة ضد موكلته، وهو ما استجابت له رئيسة الجلسة، التي حدّدتْ تاريخ السّابع من الشهر الجاري كآخر مهلة، قبل بدء النظر في هذه القضية. وكانت المتهمة «ل. ن.»، الموظفة السابقة في جهاز الوقاية المدنية، قبل أن يتم طردها من منصبها، قد اتَّهمت، خلال أول جلسة، مسؤولين كبارا في الجهاز المذكور بمحاولة الزّج بها في السجن بتهمة مُلفَّقة تتعلق بالنصب على عاطلين مقابل توظيفات وهمية، بعد فضحها ملفات فساد داخل هذا الجهاز، على حدّ تعبيرها. وردّدت الموظفة «ل. ن.» أسماءَ مسؤولين كبار في الوقاية المدنية وقالت، مخاطبة القاضية التي ترأست تلك الجلسة، «إنّ هؤلاء هم من يقفون وراء اعتقالي، بعدما كشفت تورّطهم في التوظيفات المشبوهة مقابل حصولهم على مَبالغ مالية مُهمّة». والتمست المتّهمة من رئيسة الجلسة إعطاءها الوقت الكافيَّ لكي تكشف لها عن «مُعطيات خطيرة» تشير إلى ضلوع عدة مسؤولين في مناصبَ مهمّة في جهاز الوقاية المدنية في تجاوزات يعاقِب عليها القانون، وتُشتَمّ منها رائحة استغلال النفوذ. وحاولت القاضية ثنيَ الظنينة عن الاسترسال في كلامها بمبرّر عدم جاهزية الملف للمناقشة، لكنّ هذه الأخيرة أصرّتْ على مواصلة سرد الأسباب الحقيقية التي تقف وراء «رميها» خلف قضبان سجن «العواد» في القنيطرة، مدّعية أنّ «الجهات المُتورّطة في فبركة الوقائع التي تتابع من أجلها في حالة اعتقال، رفقة شخصين آخرين، هي الآن رهن التحقيق لدى مصالح الفرقة الوطنية للدرك الملكي في الرباط».. وقالت المُتّهمة، التي كانت تشتغل في جهاز الوقاية المدنية برتبة «متصرف مساعد»، قبل أن يتم فصلها عن العمل منذ شهرين تقريبا، إنها وجهت شكاية إلى الجنرال حسني بنسليمان تشرح فيها ملابسات هذا الموضوع. في الوقت الذي قالت العديد من الجهات إن «الموقوفة تحاول إقحام أسماء كبيرة في الملف لتحوير الوقائع وتحريفها، والزّج بأبرياء في ملف متورّطة فيه حتى النخاع»، حسب تعبير تلك الجهات. ويشار إلى أن «ل. ن.» طليقة إطارٍ يعمل في الجهاز نفسِه، سُجلت ضدها عدّة شكايات بالنصب والاحتيال، قبل أن يجريّ اعتقالها في ثامن أبريل الأخير، من طرف عناصر المصلحة الولائية للشرطة القضائية، التي نصبت لها كمينا في محلّ خاص بالتجهيزات المنزلية والمكتبية، يقع بشارع محمد الخامس. ووفق معلومات مؤكدة، فقد سبق للمتهمة أن اعتُقلت من طرف الدّرك بعدما حاولت بيع سيارة في نواحي مدينة فاس، ثبتَ بعد تنقيطها أنّ جزءا من وثائقها مُزورة. وتضيف المعطيات نفسها أن العديد من ضحايا الوعود بالشغل تقدّموا بشكايات ضد الظنينة فور علمهم باعتقالها، لتتم إحالتها على الوكيل العام للملك في فاس، الذي أصدر أمرا إلى الفرقة الوطنية للدرك الملكي في العاصمة الرباط بفتح تحقيق في هذه القضية، التي يتجاوز عدد الضحايا فيها ال130 شابا وشابة. وتشير المصادر إلى أن الظنينة طُردت من الوقاية المدنية، بمعية شخصين من أقربائها، بعد اكتشاف الإدارة المركزية زورية الشواهد الدراسية التي أدلوا بها جميعا قصد الالتحاق بالمديرية العامة للوقاية المدنية. كما ثبت، حسب المعلومات ذاتها، أنّ المعتقلة كانت موضوع شكايات بالعشرات يطالب أصحابها باسترداد الأموال التي سلّموها لها قصد «توظيفهم» في هذا الجهاز، إضافة إلى شكاية أخرى تقدَّمَ بها الكولونيل الحسين الحوبشي، القائد الجهويّ للوقاية المدنية في جهة الغرب، يتهم فيها المشتكى بها بالنصب وانتحال صفة «ضابط» في الوقاية المدنية.