بظهور الإنترنيت والتطورات التي شهدها العالم نكون قد دخلنا عصر التواصل المستمر على الشبكة العنكبوتية من بابه الواسع. وجراء هذا التحول، الذي يقع بين ظهرانينا دون أن ننتبه إليه، يتم الحديث عن الانتقال من الشرط الإنساني إلى الشرط الرقمي. لنتابع إذن هذا التحول في هذا الحوار الذي أجرته مجلة "لونوفيل أوبسيرفاتور" مع الإعلامي الفرنسي برونو باتينو، الذي يقدم فيه تشريحا لحالة الرقمنة وتأثير التكنولوجيا الحديثة على الهوية الإنسانية. فهل قدرنا هو العالم الرقمي؟ - بالنسبة لك وأيضا لجون فرانسوا فوغيل، أصبحنا نحيى في زمن التواصل المستمر، وقد أضحى الشرط الإنساني في تحول. لقد شرعنا للتو في قياس ما ينجم عن العيش في اتصال دائم بالشبكة العنكبوتية. أسطر هنا على عبارة «شرعنا»، لأن الإنترنيت دخلت للتو مرحلة التحول. فالشبكة العنكبوتية لم تعد كما كانت منذ نحو عشر سنوات. ففي البداية، تم النظر إلى الإنترنيت بأنها شبكة أنابيب لإيصال الرسائل. وبعدها قلنا إن ذلك غير صحيح، وبأن الإنترنيت في حد ذاتها وسيلة من وسائل الاتصال، وهي الوسيلة التي ظهرت بعد الكتب، والصحف، والسينما، والراديو، والتلفزيون. اليوم نعاين بأن هذه الوسيلة في الاتصال تعيش تحولا عميقا؛ إذ أصبحت الإنترنيت مجالا اجتماعيا، وبداخلها نجد المحلات، وعددا من المؤسسات ووسائل اتصال أخرى. لكن قبل كل شيء نجد داخلها أشخاصا جد نشيطين. هؤلاء الأشخاص يتواصلون فيما بينهم، ويتبادلون روابط المواقع، ويبحثون في محركات البحث، ويتشاركون الصور، ومقاطع الفيديو، والرسائل من كل نوع. إن القول بأن وتيرة التواصل من خلال الإنترنيت ارتفعت جدا أمر صحيح، لكن ذلك يؤدي إلى تجاهل الأهم؛ أي أن الإنترنيت قد تغيرت. وجراء ذلك سنتغير جميعا. فنظرا لكوننا على ارتباط دائم بالشبكة، فذلك يغير علاقتنا بالآخرين، وطريقة تصرفنا داخل المجتمع، وطريقة تفكيرنا، وحتى صلتنا بالواقع. - ما الذي عجل بهذه الطفرة التي شهدتها الشبكة العنكبوتية؟ لقد تم ذلك كله في أقل من عامين، بين 2005 و2007، عندما برزت مواقع ال»يوتيوب»، وال»فيسبوك»، وال»تويتر»، وتطبيقات الهواتف الذكية. وأدى استخدام هذه التطبيقات من قبل مستعملي الإنترنيت إلى تغيير الشبكة بشكل جذري. إن من يخلق الشبكة ليس هو التكنولوجيا، وإنما مستعملو الشبكة. وهؤلاء المستعملون إما يجهلون التكنولوجيا الموضوعة رهن إشارتهم، أو يستغلونها ويخلقون منها منفعة معممة. وجراء ذلك تظهر على السطح مجموعة من الاستخدامات، وهو ما يخلق مجالا اجتماعيا جديدا. إن الاستخدام المكثف لموقع ال»يوتيوب» يجعل الحدود التقليدية بين النص والصورة عديمة الجدوى. أما ال»تويتر»، برسائله القصيرة، فيجعل الزمن الحقيقي هو الطابع الغالب على ما هو رقمي. ال»فيسبوك» يفضي كذلك إلى التحكم في الحياة الاجتماعية من خلال أدوات صناعية. وفي المقام الأخير تؤدي الهواتف الذكية إلى تعميم استخدام التطبيقات، وتستهدف منح استخدامات تكون تجربة استعمالها أكثر مرحا من تطبيقات أجهزة الكمبيوتر. وبهذه الأدوات تصبح الشبكة مجالا للنصوص والصور التي نُطعمها باستمرار، وتُطعمنا في زوبعة تبادل يكون فيها ما هو اجتماعي؛ أي ما يتم تبادله بين المستخدمين، أكثر أهمية من أي شيء آخر. - لكن الحياة الاجتماعية لم تنتظر ظهور التكنولوجيا الرقمية لكي توجد. نعم هذا صحيح. لكن الحياة الاجتماعية لم تحيَ أبدا على نفس هذه الوتيرة وبهذا الزخم. فمع التواصل الفوري وإمكانية الولوج إلى صفحات على الإنترنيت، حيث تكون لدى كل شخص مئات أو آلاف الأصدقاء أو الأشخاص الذين يتابعون حياته الافتراضية، يحيى الأشخاص واقعا مختلفا. المسؤولون عن المواقع والمنابر يدركون هذا الأمر جيدا، لأنه لا تجرى على ألسنتهم سوى كلمة واحدة هي «الارتباط». الارتباط هو النشاط الذي ينخرط فيه مستعمل الشبكة العنكبوتية من خلال تشارك المعلومات، والتعليق، والبوح بما يحب أو ببساطة القول بأنه علم لتوه بما يراه على شاشة حاسوبه. إن مستخدم الشبكة هو من يتكفل بالترويج لما يعثر عليه على الإنترنيت. وبالتالي أصبح تتبع نسبة «ارتباط» جمهوره، وفعل كل شيء للرفع من تلك النسبة، سواء كان ذلك على موقع للأخبار أو موقع للتجارة، هو جوهر المهنة. هذا الأمر منطقي، لأن جمهور اليوم هو أفضل مستشهر أو مستقطب لجمهور جديد. فعندما ينصحك صديق بالذهاب لرؤية شيء ما، أو اختيار منتج معين، أو عدم الذهاب إلى فندق معين، فإن احتمال تتبعك نصائح صديقك يبقى كبيرا جدا، سواء تعلق الأمر بتاجر أو صحفي معين. هناك كم كبير من الدراسات التي أجريت في هذا الصدد، وكما قال أرسطو: «الإنسان حيوان اجتماعي»، وهذا الأمر يصح أكثر إذا كان من مستخدمي الشبكة العنكبوتية. مستعمل الإنترنيت ليس فحسب هذا المخلوق الاجتماعي، بل هو يفرض وجوده في العالم كفرد. في الواقع، يوجد من خلال الارتباط بما يجده خارج الشبكة. فمثلا على صفحة ال»فيسبوك» الشخصية تتجسد طريقة تقديم شخصيتنا أمام الآخرين من خلال تمثل خارجي. فمستخدم الشبكة يحدد هويته من خلال إبراز الروابط على الإنترنيت للموسيقى التي يحب سماعها ومقاطع الفيديو التي يحب مشاهدتها، وكذلك من خلال إظهار آراء أصدقائه، وحتى الكشف عن صور جد شخصية. إن هويتنا الرقمية تتشكل من خلال تشارك المعلومات، وإبراز اللوائح، والتعبير عن الاقتراحات في إطار بعد للحميمية جد متجدد. يمكن هذا الأمر من المشاركة فيما يشبه لعبة فيديو تحدث خلالها انفجارات متداخلة للروابط والرسائل. وعلى الشبكة، فكل شخص منا هو بطل اللعبة، وكرة اللعب في لعبة بينبول، و»دي جي» حفلة للتواصل. «فكر فيما ستضعه على الإنترنيت» كان شعار حملة أوربية لتحسيس مستعملي الشبكة العنكبوتية، الذين قد يجدون حرجا كبيرا بعد الكشف عن صور لهم على المواقع الاجتماعية بعد قضائهم ليلة صاخبة. كما أنه يسود لدينا الانطباع الأولي بأن مستخدمي الشبكة العنكبوتية يتخوفون من عدم التواجد على المواقع الاجتماعية. - تصف ما أطلقت عليه تسمية «الشرط الرقمي» في أجزاء من كتابتك اقتبست عناوينها من كارل ماركس، وأندري مارلو، وألكسيس دو توكفيل، بأنه أمر يبعث على السخرية، لكن يظهر، مع ذلك، بأنك تجد الموضوع غاية في الجدية. في السخرية، هناك دائما قشرة من الواقع. لا نستطيع أن نرى على الدوام الأشخاص منهمكين أمام شاشاتهم، وأصابعهم فوق حامل يعمل باللمس أو فأرة، والاعتقاد بأن لا شيء ملؤه العمق يقع في عالمنا. إن الاقتصاد والحياة الاجتماعية والسياسية والثقافة ونقل المعرفة تتأثر على نحو جد عميق برقمنة الأنشطة ومن خلال الحياة الاجتماعية الناجمة عن ذلك. أما الأمر الذي يبعث على الدهشة، فهو أن ذلك يقع في كل مكان، وفي كل وقت؛ سواء خلال فترة انتظار مجيء الحافلة، أو خلال الفترة بين تنفيذ مهمتين داخل المكتب، فقد نستطيع رؤية مقطع فيديو أو تبادل الرسائل الالكترونية أو اقتراح مقال على مئات الأشخاص. - إذن العالم الافتراضي يغزو كل شيء. إذا كانت هناك من كلمة أختلف فيها كليا مع زميلي جون فرنسوا فوغيل، فهي كلمة «افتراضي». الشبكة العنكبوتية ليست عالما افتراضيا يخالف الواقع، وليست كذلك عالما موازيا أو مرآة عن الواقع. إنها المكان الذي يبحث فيه الأشخاص عن فرصة العمل، والعلاقة الغرامية، أو ما يملؤون به أطروحاتهم الجامعية، أو ببساطة لاقتناء منتوج معين بأرخص ثمن. فهذا العالم لا محالة مجال للواقع، يصل تأثيره إلى الواقع، إلى واقعنا نحن. أكثر من ذلك، يرسم ملامح ذلك الواقع لأجلنا. (...) الواقع يتحول إذن من خلال الاهتمام الذي نوليه لشاشة، وأحيانا لشاشات عديدة، في خضم تلك الحالة المتنافرة التي تجعلنا نظهر وحيدين، لكننا مع ذلك نكون مرتبطين بعالم يتأسس على شبكة اجتماعية تتغير كل لحظة. - التحدي الذي يحمله الارتباط المستمر بالشبكة العنكبوتية ليس على كل حال هو «حرب النجوم». حتى وقت قريب كان التوجه هو التفكير في وجود شكل من الحتمية المرتبطة بالعالم الرقمي. كانت بالنسبة للبعض يوتوبية، وبالنسبة للبعض الآخر كارثية. وفي الواقع، لا يوجد أي شيء محدد، لكن التحديات تصبح جد كبيرة، خصوصا في المجال الاقتصادي. فالملايير من مستعملي الشبكة العنكبوتية، وأحيانا بدون إدراك ذلك، يضعون الكثير من المعلومات عنهم طواعية، ويقدمونها مرفقة بالأوصاف تحت اسم «الارتباط» على الشبكة. في الوقت الراهن تتأسس إمبراطوريات على تجميع هذه المعطيات. فمحركات البحث، والمواقع الاجتماعية، والمواقع التجارية أو المصنعة للمنتجات والخدمات الرقمية على الإنترنيت، كلها مستعدة لمعرفة من نكون (هويتنا)، من يكون أقاربنا وأصدقاؤنا (العلاقات)، وما نقتنيه من منتجات، والموسيقى وشرائط الفيديو التي تروق لنا (الذوق)، واللحظة التي نتفاعل خلالها مع العالم الرقمي (الزمن)، وكذلك، بفضل أنظمة تحديد الأمكنة، في أي رقعة من الأرض يقع ذلك (المجال). وجراء ذلك، يتم اقتراح المنتجات والخدمات علينا ضمن إطار جد متحكم به. - وما هو المقابل؟ في الغالب يظهر الأمر بأنه مجاني، سواء تعلق الأمر بالولوج للأدوات، أو إجراء بحث، أو الحصول على خدمة بريد إلكتروني، أو استعمال موقع اجتماعي. لكن هذه المجانية ليست مثلما قد نتخيل. فالإنترنيت أدت إلى ظهور قانون اقتصادي جديد: «المجانية يؤدى عنها مسبقا». فمع الاستعمال المستمر للشبكة العنكبوتية لا نكف عن توفير المعلومات لفائدة أصحاب تلك المواقع، وأحيانا بشكل أوتوماتيكي. البعض يطلق على هذا الأمر عبارة «المادة الخام»، في حين ينبغي اعتبارها العملة المالية الجديدة التي نحصل بموجبها على منتجات وخدمات تظهر بأنها مجانية، بدون أداء أي مبلغ. وتدريجيا تتحقق سيرورة لتكديس هذه المعلومات التي تشكل الرأسمال الأساسي لهذه الشركات العملاقة. تلك الشركات هي «غوغل»، و»أبل»، و»فيسبوك»، و»أمازون»، التي أصبحت إمبراطوريات المعلومات. فالاستعمال المتواصل للإنترنيت، والحياة الاجتماعية المتواصلة ينتجان تدفق بلا انقطاع للمعلومات، حتى أثناء تحركنا من مكان إلى آخر. اليوم توجد هواتف نقالة أكثر من عدد البشر. ليست كلها هواتف ذكية، لكنها ستصبح كذلك عما قريب. إن الاستخدامات والتكنولوجيا تتداخلان لأجل المساهمة في ظهور فاعلين اقتصاديين من حجم يصيب المرء بالدهشة. - هناك إذن تيار رأسمالي خاص بالعالم الرقمي. إذا عاينا هذا التيار، نجد بأن بين صفوفه حفنة من الفاعلين، لعل أبرزهم الشركات الأربع التي ذكرتها قبل قليل. إنها تمارس على الشبكة العنكبوتية نشاطا ضخما؛ فلديها مئات الملايين من المستخدمين، ومليارات الزيارات على مواقعها. هذه الأرقام تدفعها للتوسع بدون أي قيود. فضلا عن ذلك، نظل جميعا جد أسخياء، ونضع رهن إشارتها بضائع جد قيمة. فتلك المعلومات، هي جزء منا، وتنم عن تصرفاتنا. وكمادة خام، لا تساوي تلك المعلومات أي شيء. لكن بالنسبة للإمبراطوريات الجديدة، فإن تلك المعطيات تتحدد وفقا لثلاثة عوامل: حجمها (الكبير جدا)، وسرعة انتقالها (بنمو متسارع) ودرجة حقيقتها. ويظل أهم شيء لدى امتلاك معلومات مماثلة هو استخراج معنى منها، وهو ما تستطيع قلة فقط من الشركات القيام به. فلأجل القيام بذلك، يتعين إيجاد «منتج» يمكنك من أن تكون مشهورا جدا، سواء من خلال محرك بحث مثل «غوغل»، أو موقع تواصل اجتماعي مثل ال»فيسبوك»، أو منبر للرسائل الآنية مثل ال»تويتر»، أو موقع تجاري مثل ال»أمازون». كما يتعين على الدوام توظيف الأفكار المبدعة للمهندسين القادرين على اختراع أدوات حسابية لأجل تشغيل تلك المعطيات. - وما الذي يعنيه على وجه التحديد «استخلاص المعنى» من تلك المعلومات؟ في أحد الأيام عندما كنت أتحاور مع شخص يعمل لدى «غوغل»، قال لي: «سنكون أتممنا عملنا عندما نتمكن من معرفة السؤال الذي ستطرحه قبل أن يأتي على لسانك». تستطيع شركة «غوغل» أن تقول حتى: عندما نتمكن من معرفة الطريقة التي ستتصرف من خلالها. شركة «غوغل» هي عالم من المهندسين ومن المختصين في الرياضيات، وهم أشخاص يعتقدون بصحة المعادلات الرياضية. لقد حسموا في مسألة الحتمية؛ إذ يعتقدون عن اقتناع تام بأن الكم الهائل من المعطيات حول تصرفات المستخدمين التي يمتلكونها ستمكنهم من وضع معادلة حول تصرفاتنا. لا يهم شركة «غوغل» كثيرا معرفة من تكون، فما يهم بالنسبة لها هو معرفة الطريقة التي تتصرف من خلالها. ما يهم «فيسبوك» هو محيطك المباشر، ومعرفة نوعية الأشخاص الذين ترتبط بهم، وكل ما تحب. كل شركة تتخذ مسلكا مختلفا لأجل الوصول لنفس الشيء؛ أي تجميع المعلومات وتأويلها. الهدف هو نفسه بالنسبة للجميع؛ أي منحك المزيد من نفسك في كل مرة تتفاعل فيها. أتعلم؟ نعشق جميعا هذا! هناك بعد نرجسي في الشرط الرقمي. فالمعادلات الرياضية تمنحك المزيد من نفسك داخل محيط جد محدد، فأنت تظل هو أنت رغم كونك فردا ينتمي إلى «أبل» أو «أندرويد» أو «أمازون» أو «فيسبوك»... * بتصرف عن مجلة «لونوفيل أوبسيرفاتور»
تأثير الأنترنيت على الحياة السياسية - ما هو تأثير الإنترنيت على الحياة السياسية؟ هناك صعوبة مرتبطة بالإنترنيت؛ هي السرعة، وأكثر من ذلك تزايد ارتفاع الوتيرة. فالإنترنيت تمشي بسرعة أكبر مقارنة بتنظيم الحياة الديمقراطية. فالاستعمال المتواصل للإنترنيت يعني الإنهاك الحتمي للسلطة الديمقراطية. فالديمقراطية تستدعي وقتا لإجراء الحملة الانتخابية، تليها ولاية رئاسية، تكون فترتها محددة ومضمونة، وبعد ذلك يتم أخذ كل قرار على حدة في إطار النقاشات البرلمانية والعمل الحكومي. الإنترنيت، على خلاف ذلك، هي كل ما هو فوري، وما يشارك فيه الجميع، بشكل مباشر في النقاشات والتعليق، واستقراءات الرأي. فما الذي يغيره هذا الأمر في السياسة؟ لا أدري، لكنني أعاين شكلا من الطلاق بين النفوذ الكبير للجماهير التي تستعمل شبكة الإنترنيت، والسياسة اليوم. لقد عاش العالم بأكمله هذا الأمر من خلال رؤية باراك أوباما. فهناك فرق شاسع بين التحكم الاستثنائي في استخدام الإنترنيت كأداة للوصول إلى السلطة خلال الانتخابات الرئاسية الأولى والثانية، وذلك الاستعمال الغائب بشكل تام للشبكة في لحظة ممارسة السلطة. إن «مشاركة» المواطنين المرتبطين بشبكة الإنترنيت تحدث في زمن الحاضر الفوري، وبشكل قوي، وجد بعيد عن بطء ممارسة السلطة أثناء الولاية التشريعية. - في مواجهة الإنترنيت يبدو كل شيء بطيئا. بالمقارنة مع تدفق الاتصال عبر الإنترنيت، يصبح العالم الحقيقي بطيئا، وفي الغالب فقيرا، وشديد التعقيد. ومن الممكن ألا يكون في الحجم المناسب للدخول في منافسة مع المجال الرقمي، السريع جدا، والغني جدا، والمباشر، والذي يحمل في طياته حلا فوريا. العالم بطيء، أما الارتباط بالشبكة العنكبوتية فهو دائم. لكن قول هذا الأمر غير صحيح. ففي الواقع، الارتباط بالشبكة العنكبوتية ليس سريعا أو بطيئا، إنه دائم. يؤدي هذا إلى تغيير الوقت ويخلق مجالا من طبيعة جديدة. اللحظة الآنية هي مجال العالم الرقمي. يتعلق الأمر بمفهوم جديد. فالإنترنيت فرضت وجودها في لحظة ظهرت فيها يوتوبيات حول نهاية العالم، عندما تمت مساءلة «النصوص الكبرى» التي اهتمت بتفسير التاريخ. إنه لمن المثير معاينة الطابع الفوري للحظة الانتقاد أو التهكم الذي تجسده مرحلة ما بعد الحداثة وولادة الشبكة العنكبوتية... - هل الزمن الرقمي غير تاريخي؟ الزمن الرقمي ليس له أي معنى، بالمعنى الأولي لوجهة متواصلة، بمرحلة بداية، ومرحلة وسطى، ومرحلة بعدية. إنه زمن دائم ويتغذى من ماض متواصل لأن الرابط الذي يقترحه عليك محرك «غوغل» أو صديق، يكون لأجل رؤية صفحة سبق وضعها على الشبكة العنكبوتية، وتنتمي إلى الماضي.