لم يعد أمام بنكيران ووزرائه سوى الإعلان عن حملة وطنية للتضامن مع الحكومة ضد الحاجة إلى المال، مع أن أكثر ما تحتاج إليه حكومتنا هذه الأيام هو أن تحزم رأسها بمنديل وتضع قطعا من الحامض على «النواظر».. لأن شباط الذي صرح قبل يومين بأن المغرب بمقدوره العيش لسنتين بدون حكومة، يعرف أن البلاد واقفة على رجليها ببنكيران أو بدونه، وأن حياة المغاربة غير متوقفة على بقاء هذه الحكومة أو رحيلها. والآن، بعد أن اشتدت الأزمة على بنكيران وفريقه تبين أن الخطأ كان، منذ البدء، حين عقد بنكيران قرانه على أغلبية عجيبة لتشكيل حكومة وأجل الحب بينهما لما بعد الزواج.. واليوم اتضح أن الخلطة كانت غلطة. ولو أمعنا النظر لرأينا أن بنكيران لم يأت بجديد، فكما الحكومات السابقة، يوجد بجانب بنكيران وزير دولة بدون حقيبة ووزراء تقنوقراط لم يقل لنا بنكيران حتى الآن كيف سيحاسبهم الناخب الذي يذهب إلى مكاتب التصويت. وأكثر من ذلك، لدى بنكيران وزراء لم يتحدثوا إلى وسائل الإعلام منذ تعيينهم ولم نسمعهم حتى داخل قبة البرلمان يجيبون عن تساؤلات النواب. وعلى عكس أيام المعارضة، لم تعد قيادات العدالة والتنمية تعلن تحفظها من استوزار التقنوقراط والوزراء بدون حقيبة، وأول ما قاموا به هو التعايش مع هؤلاء بضمان مقاعد وزارية لهم، وإلى حدود اليوم لا نعلم شيئا عن الملفات التي يشتغل عليها الوزير بدون حقيبة باها ويتقاضى عنها راتبا وزاريا من درجة وزير دولة، وما هي طبيعة الأسئلة التي على نواب المعارضة في مجلسي النواب والمستشارين أن يوجهوها إليه لمساءلته عنها تطبيقا للدستور الجديد. وسيكون مناسبا خلال هذه الأزمة التي تضرب الحكومة لو عدل بنكيران نداءه الشهير في خطبه العمومية، بأن يعوض «خوتي المغاربة» ب«خوتي المرفحين»، فقط لأن من يمر بأزمة مالية لا يجدر به التوجه بالحديث إلى البسطاء والفقراء والموظفين والعمال والباعة المتجولين و«العطاشة» ويدعوهم إلى «تزيار السمطة». على بنكيران، من الآن فصاعدا، أن يوجه كلامه إلى المليونيرات المغاربة الذين ارتفعت نسبتهم في 2013 بأزيد من 6 في المائة، حسب آخر تقرير لمركز الأبحاث العالمي لرصد الثروات، فيما ارتفعت ثروة هؤلاء المغاربة بأزيد من 4 في المائة.. ولو احتاج السي بنكيران إلى عناوين هؤلاء «المرفحين» المغاربة ما عليه سوى مراسلة «القرض السويسري»، الذي أشار في آخر تقرير له إلى أن المغرب يتوفر على 14 ألفا من المليونيرات تفوق ثروة كل واحد منهم مليون دولار أمريكي. ولأن «الحباب بزاف والدموع قلال»، يجد السي بنكيران الابتسامة العريضة والكفاية للقاء رجال الأعمال و»الباطرونا» والأخذ بخواطرهم وتبادل العناق والصور معهم، وحين يعتلي منصات الخطابة يخرج رئيس حكومتنا من دولابه قناع «التغوبيشة» وأدوات الوعيد في وجه المعطلين الذين تعهد عباس الفاسي بتوظيفهم، وتماما كالذي «منين ماقدش على احماتو خاصم مراتو»، تصر حكومة بنكيران على دعوة الطبقات الصغرى والمتوسطة إلى «تزيار السمطة»، كما لو أن هذه الفئات من مجتمعنا هي التي تشتري الشقق في باريس بالملايير كياسمينة بادو، أو تتغذى بالكافيار في ملاعب الغولف وترمي الأوراق المالية في الكازينوهات أو تركن اليخوت في «مارينات» السعيدية وأكادير. واليوم، بعد أن أفرغت صناديق الدولة و«التفت الساق بالساق» في حكومة بنكيران ورجع الفساد إلى «أهله يتمطى»، على وزراء بنكيران أن يعطوا المثال في التضحية و يتنازلوا عن رواتبهم الوزارية لصالح الشعب لا أن يتنازل الشعب عن خبزه الحافي.