لا يمكن أن ينسى كريم التازي، الرئيس المدير العام لشركة «ريشبوند» رحلتيه المجنونتين، الأولى سنة 2000 والثانية عام 2010، على متن مركّب شراعيّ من المحمدية إلى «المارتينيك»، في الساحل الأمريكي البعيد، للتحسيس بضرورة توفير الغذاء للمُحتاجين من أجل محاربة الإقصاء والتهميش.. وهي مغامرة «مجنونة» فعلا، تحمّلَ مشاقها، بعد أن عبَر المحيط في رحلة دامت ستة وعشرين يوما، من أجل دعم «البنك الغذائي للتنمية»، الذي كان هو مؤسّسَه. لم تثنيه مخاطر الرّحلة الكثيرة من خوض غمارها، من أجل إيصال رسالة نبيلة عنوانها البارز «الغذاء ضد الإقصاء»، رغم أنه كان بإمكانه، مثل بقية المشاهير، أن يختار الطريق السّهل من أجل التعريف بالأنشطة الإنسانية التي يقوم بها، وأن يلجأ إلى وسائل التواصل المعروفة عبر وسائل الإعلام، أو «يقتنص» بعض اللحظات القوية التي يمكن أن تسلّط الضّوء على نشاطه. هو، إذن، عاشق للبحر، الذي يجد فيه سكينته وراحته النفسية، فمقابل كل انشغالاته اليومية بالعمل في الشركة والبنك والمصانع.. يستقطع كريم التازي بعض الوقت ليرتاح في فضاء طبيعيّ، بعيدا عن ضجيج السيارات ووجع الاجتماعات.. ويحدُث كثيرا أن يستقلّ المقاول يخته في المحمدية وينطلق في رحلة قصيرة في عرض البحر، لساعتين أو أكثر.. بالنسبة إليه فالطبيعة هي الفضاء الوحيدُ الذي يجد فيه «راحته»، سواء بين أحضان الجبال أو في الصّحراء أو في عرض البحر، لأن الأهمّ بالنسبة إليه هو أن يبتعد عن ضغط العمل والرّوتين اليومي للاجتماعات. مثلَ غيره من أغلبية مليارديرات المملكة، لا يمكن فصل ثروة كريم التازي عن ثروة أبيه، التي كانت سندَه لتحقيق «مجده الشخصيّ» في مجال المال والأعمال، مع فارق يُميّز شخصيته، وهو أن الرئيس المدير العام لشركة «ريشبوند» يتميز بمواقفه السياسية الجريئة، في دولة يُحبَّذ فيها ألا يُعبّر رجال الأعمال عن مواقفهم من الشأن السياسي، خصوصا إذا كانت تحمل نبرة منتقدة، كتلك التي عبّر عنها، مثلا، من خلال دعمه حركة 20 فبراير، أو من خلال إعلانه تعاطفه مع «الحزب الاشتراكي الموحد» وإعلانه تصويته لحزب «العدالة والتنمية»، بعد أن قاطع رفاقُ الساسي الانتخابات.. قام التازي -الأب، في مرحلة أولى من مسيرته في عالم المال والأعمال، بصنع شفرات الحلاقة كمرحلة أولى.. لكنّ الثورة الحقيقية التي طبعت مسار التازي هي صنعه مشطا بمواصفات بسيطة وبإمكان جميع المغاربة اقتناؤها.. هكذا غزا التازي الأسواق المغربية ب«مشطة» لم تكن تساوي آنذاك سوى 10 سنتيمات (2 رْيالات).. بعد نجاح هذا المشروع لجأ التازي إلى تصنيع مواد البلاستيك.. ونجح بعد ذلك في إدخال «صوفة النصارى» (البّونجْ) إلى الأسواق المغربية، في الوقت الذي لم تكن الكثير من العائلات المغربية تستطيع تأثيث منازلها بالصّوف، لغلائه.. ساهم في نجاح التازي -الأب في عمله، إلى حد كبير، ابناه كريم وناصر، اللذان طوّرا تجارة الوالد.. واليوم، يتربع كريم التازي على رأس شركة «ريشبوند»، التي يبلغ رأسمالها حوالي 203 مليون درهم، إضافة إلى استثماره في المشروع الذي يعرف ب«مروة» التازي لملابس الفتيات الصغيرات، الذي انطلق باستثمار «متواضع» لا يتعدى 50 مليون درهم، ليحقق لصاحبها ثروة إضافية، جاءت انطلاقا من فكرة ضرورة منافسة الموزّعين الإسبان («أنديتكس» و»أمدويكو»). ومثل أيّ رجل أعمال يربط منطق الربح بالخسارة، فإنّ طموح التازي في توسيع نشاطاته الاقتصادية وصل إلى درجة «فتح» السوق الإسبانية أمام المنتوجات المغربية، رغم أن شركته «ريشبوند» تضرّرت بفعل الأزمة العالمية، مع العلم أنّ مبيعات الشركة في الخارج لا تمثل إلا 5 في المائة.