"آزرو زكاغن" .. أو الحجر الأحمر كما يسميه سكان جماعة اثنين أكلو بإقليمتيزنيت، لم يكن حظه حسنا مع قوانين التعمير ومساطرها المعقدة، فبعد مرور أزيد من 30 سنة على إطلاق مشروع تهيئته بهدف الاستجابة لمتطلبات ومواصفات العمران الحديث، عجز المسؤولون بشكل مباشر أو غير مباشر عن إيجاد حلول له، وفتح باب الاستفادة أمام المئات من الأسر التي تنتظر على أحر من الجمر فرص البناء أو الاستثمار. "آزرو زكاغن"، منطقة استراتيجية بالشريط الساحلي لإقليمتيزنيت، فهي لا تبعد عن مركز مدينة تيزنيت إلا بأقل من عشرين كيلومترا، وهي متنفس لعدد كبير من الأسر الفقيرة ومتوسطة الدخل، وملاذ لجميع الراغبين في الراحة والاستجمام ومتنفس بحري هام بالإقليم. لكن، ورغم قربها من مركز المدينة، ومجاورتها لعدد من التجزئات الشاطئية المحدثة بموجب قرارات محلية أو إقليمية، فإن منطقة "آزرو زكاغن" لا تزال ضمن المناطق التي قُسِّمَ دمها بين قبائل الإدارات العمومية المختلفة، على اعتبار أن المشكل المحيط بالحي المذكور توارثه المسؤولون المتعاقبون على تسيير الشأن العام بهذه المنطقة، دون أن يستطيعوا لحد الآن إيجاد حلول سريعة ومرضية لجميع الفئات المعنية. وقد تعددت الأقوال بخصوص أسباب تجميد قطاع التعمير بالمنطقة، فالبعض أرجع الأمر إلى إجراءات إدارية طويلة ومعقدة، والبعض الآخر أرجعه لغياب رؤية استراتيجية لدى المجالس المنتخبة والإدارات العمومية المعنية، فيما يرى آخرون أن "آزرو زكاغن" يحتاج إلى إرادة سياسية تضع مصلحة السكان والملاكين فوق كل اعتبار، أما الساكنة والفعاليات الجمعوية بالمنطقة، فترى أن تجميد الوضع العقاري بالمقطع الشاطئي المذكور يعود إلى تلكؤ جهات عديدة ومعروفة، ورغبتها في تأخير عجلة التنمية بهذا الحي، عكس المناطق الأخرى المحيطة به. تعرضات بالجملة بلغ عدد التعرضات والملاحظات المقدمة ضد تصميم التهيئة الأخير بجماعة اثنين أكلو 129 ملاحظة توصل بها المجلس الجماعي خلال مرحلة البحث العلني، منها 99 تعرضا يهم عقارات مشمولة كليا بالطرق، و23 تعرضا تهم عقارات مشمولة بطرق وتجهيزات، إضافة إلى تعرضات أخرى متعلقة بالتنطيق وعددها سبعة تعرضات، فيما قدمت جماعة اثنين أكلو 16 ملاحظة، ومثلها من طرف الجمعية المواكبة لمجريات التصاميم المنجزة بالمنطقة. وفي رسالة موجهة إلى عامل إقليمتيزنيت، أوضحت جمعية مصطاف شاطئ ازرو زكاغن أنها عقدت سلسلة من اللقاءات التواصلية مع الساكنة وملاكي الأراضي، انصبت كلها على التحسيس بالمسؤولية والمشاركة الإيجابية لتصحيح الوضعية الحالية للموقع الشاطئي تطبيقا للأهداف الواردة في القانون الأساسي المصادق عليه، كما وجه رشيد كوسعيد، رئيس الجمعية، ملتمسا برفع الضرر إلى المجلس الجماعي منذ الثالث عشر من شهر دجنبر الماضي، بهدف تفعيل الملاحظات المسجلة ضد المشروع وإحاطة المجلس القروي علما بالاختلالات القانونية التي تشوب التصميم المنجز حفاظا على مصالح الساكنة والملاكين. وفي الرسالة ذاتها، التي تتوفر "المساء" على نسخة منها، التمست الجمعية من عامل الإقليم، التدخل الإيجابي لدى المصالح المعنية حتى لا تستمر معاناة وانتظارات السكان والملاكين، وبالتالي ضياع فرصة تمكينهم من تجهيزات أساسية ومقومات للحياة على غرار مجموعة من الدواوير المحيطة بمنطقة "آزرو زكاغن" والتجزئة السياحية المجاورة لها، كما طالبت بضرورة الأخذ بعين الاعتبار التصميم الطبوغرافي المنجز من طرف أحد المهندسين المكلفين بالبحث العقاري والشبكة الطرقية القائمة والمتفق عليها سابقا بين الملاكين، مع إمكانية توسيعها إلى حدود عرض 10 أمتار، مشددة على ضرورة حذف الطرق العرضية المرقمة تحت عدد R9 و R17، والتي أحدثت أضرارا بالغة في الممتلكات وأثارت احتجاجات الملاكين، بعدما اخترقت مجموعة كبيرة من الصكوك العقارية والبقع المحفظة وبنايات قائمة، إضافة إلى اختراق مشروع سياحي قائم وبنايات مهدمة. تعديلات مطلوبة في السياق ذاته ، شدد المتضررون على ضرورة إدخال تعديلات على التصميم المنجز، بناء ملاحظات الساكنة والجماعة القروية، في إطار مقاربة تشاركية وصفوها ب"الحقيقية"، وفق مقتضيات الدستور الجديد الذي يكفل حق الملكية الفردية ومبدأ المساواة قبل إحالة ملف التصميم وإعادة الهيكلة على أنظار اللجنة المركزية التي تترأسها الوكالة الحضارية، كما طالبوا بالإسراع في فتح التعمير بالضفة اليسرى للطريق الإقليمية رقم 1905، خاصة أن وعودا كثيرة قدمت في عدة اجتماعات للمنعشين العقاريين الراغبين في تقديم مشاريع استثمارية بالمنطقة، علما أنهم على استعداد لدمج تجهيزات الهيكلة في مشاريعهم المستقبلية، وإحداث مساحات خضراء وفضاءات للترفيه ومستوقفات بالجانب الأيسر للطريق. كما طالب المتضررون بإزالة الشوارع التي يفوق عرضها 10 أمتار، نظرا لإخضاع هذا النوع من الطرق لقرارات التخطيط العامة أو ما يعرف بقرارات التخلي، اعتبارا لما ستشكله هذه القرارات من عبء مادي على الجماعة القروية فيما يتعلق بتجهيزها، واقترحوا أن لا يتعدى عرض جميع الطرق 10 أمتار، حتى يستطيع السكان وجماعتهم الترابية تجهيزها طبقا للقوانين المنصوص عليها في المواد 120 و121 و122 من مدونة التعمير، وفي مقابل ذلك، طالب ملاكو الأراضي بجعل عرض الإفريز مطابقا وموازيا لإفريز الشريط الساحلي المتواجد بتجزئة المجلس الإقليميلتيزنيت. تنامي الأصوات الرافضة من جهة أخرى، طالب ملاكو الأوعية العقارية بمنطقة "أزرو زكاغن" بضرورة تصحيح إشكالية حي "آزروزكاغن" التي عمرت أكثر من ثلاثة عقود، حرصا على حقوق المعنيين، الذين يطالبون بالدفاع عن ممتلكاتهم جراء هذا التصميم الذي وصفوه ب"الجائر" والذي لا يصب في مصلحة الملاكين بقدر ما يزيد المشكل تعقيدا والمنطقة تهميشا. وفي مراسلة موجهة لرئيس جماعة أكلو بإقليمتيزنيت، التمس المتضررون من المجلس الجماعي عدم المصادقة على التصميم الجائر في نظرهم لأسباب تتعلق باعتماد تصميم التهيئة على مسح طبوغرافي يعود تاريخه إلى سنة 2000، وهو تصميم - يقول المتحدثون للمساء- إنه لا يجسد الواقع الحالي للمنطقة، على اعتبار أنه اعتمد على استنتاجات التصميم المديري للتهيئة العمرانية، وتصميم التنطيق المصادق عليهما على التوالي منذ سنتي 2004 و2005، على الرغم من وجود عدة اختلالات تقنية ومعمارية فيهما، حيث لم تتم إعادة النظر في التنطيق والتوجهات العمرانية على طول الشريط الساحلي، ويتجلى ذلك بالأساس في عدم تحديد العوامل الأرضية بالنسبة للمناطق المفتوحة للسياحة، وعدم تخصيص بعض التجمعات السكنية لإعادة الهيكلة، خاصة بمناطق "إدولحيان وسيدي بونوار وفركريك" بنفوذ جماعة "أكلو". كما برر المتحدثون رفضهم للتصميم الحالي، بعدم مراعاته للمقتضيات المنصوص عليها في القانون رقم 25.90 والمتعلقة بالتجزئات والمجموعات السكنية وتقسيم العقارات، وهي المقتضيات التي تسري على عمليات إعادة الهيكلة، وتستوجب في نفس الوقت إنجازها على أساس مسح طبوغرافي شامل، وهو ما لم يتم التعامل معه ومراعاته في التصميم الأخير. العدالة العقارية في أحد الاجتماعات بمقر عمالة الإقليم، أقر المجتمعون بضرورة الإسراع بتفعيل مقترحات الساكنة المحلية، بإجراء بحث عقاري وأسري بالمنطقة، أسندت خلاله عملية إنجاز المسح الطبوغرافي لأحد المهندسين الطبوغرافيين، الذين أجروا بموجب ذلك بحثا عقاريا وبحثا أسريا، اتخذ كأساس لإنجاز التصميم الطبوغرافي للمنطقة، الذي شمل جميع الأوعية العقارية (بما فيها العقارات المحفظة، والعقارات التي في طور التحفيظ والعقارات العارية والبنايات القائمة والمهدمة، إضافة إلى الشوارع والأزقة المتفق عليها من طرف الملاكين، والبقعة المخصصة لبناء مسجد قُدِّمَ كهبة من أحد المحسنين، لكن التصميم الطبوغرافي المذكور لم يتم اعتماده في مشروع الهيكلة الجديد رغم تمويله من مالية الجماعة الترابية لأكلو بمبلغ مالي يصل إلى 80 ألف درهم. وقال المتحدثون للمساء، إن التصميم في مجمل توجهاته لم يراع العدالة العقارية بالمنطقة، حيث تم فتح التعمير لتنطيق الفيلات السياحية، على الرغم من عدم توفر الملاكين على المساحات المخصصة لمثل هذه التنطيقات، كما أن الشبكة الطرقية الجديدة ألحقت أضرارا بالغة بممتلكات الساكنة والملاكين حيث اخترقت معظم الأوعية العقارية، منها الصكوك العقارية الأراضي والبقع المحفظة وغير المحفظة والبنايات القائمة، وفرضت مساحات شاسعة للتجهيزات الكبرى، كما برمجت ساحة للحفلات بدوار ازروزكاغن، علما أن معظم الجماعات المحلية بالإقليم والجهة لا تتوفر عليها. تصميم إعادة الهيكلة الجديد لم يشر أيضا إلى وضعية البنايات التي تم هدمها منذ شهر فبراير من سنة 2004، بموجب قرار شفوي من السلطات المحلية آنذاك، حيث لا زال ملفها الشائك يروج بالمحاكم، فضلا عن عدم إعمال المقاربة التشاركية مع المجتمع المدني في أهم مشروع بالمنطقة، وعدم أخذه بعين الاعتبار لملاحظات المجلس الجماعي واقتراحات المجتمع المدني المقدمة على شكل ملتمس إلى عامل إقليمتيزنيت والوكالة الحضرية لأكادير والمجلس الإقليمي والجماعة القروية والمهندس المكلف بالمشروع منذ شهر مارس من السنة الماضية. موافقة مشروطة إلى ذلك، أعلنت الجماعة القروية لأكلو، في دورتها الاستثنائية المنعقدة منتصف دجنبر الماضي، عن تبني جميع الملاحظات والتعرضات المقدمة من طرف المواطنين وملتمس الجمعية، شريطة موافقتها للملاحظات المقدمة من قبل المجلس الجماعي، وعلى رأسها احترام حدود المنتزه الوطني سوس ماسة درعة، وتبيان المحلات التجارية والتجزئة الشاطئية في التصميم بكامل أشطرها الخمسة، وتحويل الطريق ذات عرض 15 مترا في اتجاه الشمال، مع تبيان جميع المشاريع المصادق عليها من طرف لجنة المشاريع الكبرى، كما أكدت على ضرورة فتح التعمير بالضفة الشرقية للطريق الإقليمية 1905، والحذف النهائي للمساحات الخضراء في التصميم، والاقتصار على المساحات الخضراء المدمجة في المشاريع المرتقبة، علاوة على توضيح وتبيان البقع الصالحة للبناء والتجزئ بتصميم إعادة الهيكلة، وحذف المستوقفات والاكتفاء بالتي سيتم إحداثها ضمن المشاريع المستقبلية، مع إضافة بند بدفتر التحملات الخاص بإعادة الهيكلة يسمح بالبناء في المنطقة محرمة البناء، في حالة ما إذا تبين أن البقعة لا تدخل ضمن محرم الوداي، كما اشترطت الجماعة حذف ساحة الحفلات بشكل نهائي، وتعيين ضريح سيدي موسى أوكلو، والمنطقة المحيطة به، واعتبارها منطقة صالحة للبناء. حقوق الملكية من جهتها ترى عمالة الإقليم ضرورة إدماج تجزئة المجلس الإقليمي بجميع أشطرها في التصميم المرتقب، مع الأخذ بعين الاعتبار جميع الاقتراحات الأخرى في حدود الإمكانيات المتاحة، شريطة أن لا تخل بالنسق العام لمشروع تصميم التهيئة ومصالح المواطنين، مع تدارك الاختلالات المعمارية التي شابت الوثيقتين المعماريتين السابقتين، والمتعلقة بالتصميم المديري للتهيئة العمرانية وتصميم التنطيق. كما دعت السلطة الإقليمية كافة السلطات التنظيمية المكلفة بالتعمير، خاصة منها المفتشية الجهوية للإسكان والتعمير والوكالة الحضرية إلى تقديم كافة التسهيلات والمرونة المتوخاة وفق النصوص التشريعية المنظمة لتصميم التهيئة، وفي السياق ذاته، شددت على ضرورة إنصاف المواطنين الذين طال معظم ممتلكاتهم الطرق والتجهيزات والمرافق العمومية، وفق مخطط توجيهي وتنموي يروم تكريس العدالة الاجتماعية والعقارية، ومبدأ المساواة وصون حق الملكية المكفول قانونيا، علما أن المعنيين طالما كانوا ينادون منذ ثمانينيات القرن الماضي بتسوية الوضعية المعمارية للمنطقة بغية الحصول على رخص البناء.