افتتح الثلاثاء الماضي، بقاعة باب الرواح بالرباط، معرض الفنان عبد الرحمان رحول، بحضور وزير الثقافة محمد أمين الصبيحي، وعدد من الفنانين والمثقفين والمتتبعين... واعتبر الفنان رحول المعرض إهداء واعترافا بمجهودات السيدتين «ليلى فراوي وباولين دومازيير»، باعتبارهما من بين المساهمين في ظهور فنانين مغاربة معاصرين، من خلال رواقيهما (قاعة نظر) بالدار البيضاء، و(قاعة مرسم) بالرباط. ويعتبر هذا المعرض تتويجا وجردا تاريخيا لتجربة الفنان عبد الرحمان رحول، جمع فيه بين جنسين تعبيريين (الصباغة والنحت)، بعين معمارية جعلت من اللوحة بؤرة لتصورات هندسية جمعت بين فن العمارة وفن الرسم والصباغة، بطريقة تراتبية انطلقت من الجزء للكل، كبناء لوحدات تتكون من مساحات صباغية مستطيلة وأخرى مربعة ونصف دائرية، لتشكل مشهدا مركبا تركيبا حسابيا جمع بين أيقونة مسطحة وبين طبيعة ميتة، قوامها زاوية من زوايا مدن عربية بقببها ونوافذها، في مواضيع تعكسها الألوان المهيمنة على لحظات معينة، لها علاقة بالأزمنة والأمكنة حسب منبع الضوء، كاللون الأزرق والبنفسجي والأحمر والبني... وارتباط كل هذه الألوان بموقع ونفسية الفنان في لحظات إبداعية خاصة. نوعية الأعمال الصباغية للفنان رحول، هي طبيعة ميتة بامتياز، لعب فيها دور المؤرخ المعماري في غياب الكائنات الحية، بينما اتخذ من شكل المعالجة طريقة للاشتغال على الكائن البشري بتقنية هندسية معمارية من جهة أخرى، بمنظور اقتصر في تركيبه على بعدين فقط، (الطول والعرض)، ليشكل جسرا تبريريا لاهتماماته بجنس آخر اعتبره مكملا أساسيا لمشروعه الفني، كتقنية وفرت له متعة الاشتغال على كائناته بطريقة ملموسة لعب فيها العمق إلى جانب الطول والعرض، دور الفاعل في الفضاء الفيزيائي والثقافي معا، مع استحضار للعناصر الأربعة الأساسية في الكون، وهي الطين والماء والهواء ثم النار، أي المراحل التي قطعها الفنان لإنجاز أيقوناته ومنحوتاته لتصبح على الشكل النهائي. تحررت منحوتات الفنان رحول من كل التفاصيل الدقيقة للبناء الأكاديمي، واعتمدت فقط على رمزية الشكل، كسيمفونية شاعرية بعيدة عن السرد الحكائي لفحوى الموضوع، فجاءت فردية وثنائية ثم جماعية في تكوينها الأيقوني لشخوص ذكرية وأنثوية طينية، يملأها الفراغ بفعل الحفر وتملأها المادة بفعل التركيب.