بداية.. أهدي لكل امرأة مغربية وردة حمراء عطرة بمناسبة احتفال أرادوه لها أن يكون «يوم 8 مارس فقط»، بمن فيهن اللواتي يجهلن هذه «الذكرى السنوية» وسط الجبال والقرى القصية حيث ينشغلن بأمورهن بعيدا عن العطر والورود والكلمات المعسولة وعن عالم الموضة. إلى كل المكدات المثابرات اللواتي «يذبن» كقطعة ثلج تحت الأشعة ليحيى أطفالهن وأزواجهن.. إلى كل عاملة «تهلك جسدها» خلف الآلات الضخمة وآلات الخياطة.. إلى كل ربة بيت يذوبها النسيان في «التخمال» وترتيب البيت وخدمة أسرتها وزوجها.. إلى كل امرأة «تذبل» شيئا فشيئا ليحيى غيرها.. إليكن جميعا باقة ورد بعطر المحبة والتقدير والاحترام، أجددها لكنّ يوميا على طول السنة، وليس فقط في ثامن مارس، حين تكون الأضواء غافلة عنكن، وأنتن كادحات تبحثن في ظلمة الحياة وقسوتها عن كسرة خبز «ينبض كالقلب». إليك أيتها القروية التي تقطع عشرات الكيلومترات وسط الجبال والأوحال لجلب الحطب لتدفئة أجساد أطفالها وهي «تحبل» بالأحلام الوردية بغد أفضل. تروح سنوات، وتأتي أخرى وأنت ما تزالين على الحال نفسه.. وحظك «العاثر» يسهو عنك «انتقاما» و«إجحافا»، دون أن تمتد إليك يد بوردة، أو تسمعي مجرد كلمة شكر لأنك قبلت العيش بصمود وتحديت الطبيعة والظروف الاجتماعية... لك مني مشاتل من أزهار الأقحوان والريحان والياسمين ... في انتظار «الإفراج» عن برامج وطنية تنموية حقيقية ستكون أجمل من كل الورود التي مصيرها الذبول، وأحلى من الكلمات، التي ستمّحي ذكراها بعد نطقها. في هذا اليوم «الأسطوري» لا يسعني إلا أن أشد على أيديكن بحرارة أيتها العزيزات.. رغم أنه في قرارة نفسي أجد في الاحتفال بكن «تقزيما» و«تغييبا» لكن طول السنة، فهل نحن بحاجة إلى هذا اليوم لتذكير الرجال بوجود نصفهم الآخر. المرأة موجودة إلى جانبك، سيدي، فهي الأم والأخت والزوجة الابنة والعمة والخالة والجدة. هي نصفك الآخر الذي يصعب عليك العيش بدونه، لأنها الصدر الرحب الذي يحضن كل شيء، ومهما اقتنيت لها في هذا اليوم من هدايا ومن ورود فإن عطاءك سيظل ناقصا، خجلا.. سيدي، لا تذكرني يوما في السنة لأن هذا يؤلمني، بل اجعلني جزءا منك واحتفل بي ومعي كل ساعة وكل دقيقة وكل لحظة... لأني ببساطة أحتفي بك يوميا وأضع نفسي رهن إشارتك قدر ما استطعت.. إرضاء لك لا غير.. لا أريد منك وردة ولا قارورة عطر.. فقط أحتاج كلماتك الطيبة الملأى بأحاسيس نبيلة.. لا تنس أني امرأة مرهفة الإحساس أينما كنت.. في القرية أو المدينة.. في البيت أو مكان العمل.. في السفح أو الجبل.. في الهنا أو في الهناك...