أشهر قاضي التحقيق في الغرفة الثالثة بمحكمة الاستئناف بمراكش شريطا صوتيا، يتحدث فيه عدد من المستشارين الجماعيين عن اقتسام مبالغ مالية، في وجه عبد اللطيف أبدوح، القيادي في حزب الاستقلال، عندما مثل صباح أمس الأربعاء أمام القضاء. وأوضحت مصادر مطلعة، في اتصال أجرته معها «المساء»، أن قاضي التحقيق يوسف الزيتوني، المكلف بالتحقيق في الجرائم المالية، أطلق، عند شروعه في التحقيق تفصيليا مع الرئيس السابق لبلدية المنارة جليز، شريطا صوتيا سبق لأحد أعضاء المجلس أن سجله على حين غفلة من الحاضرين، خلال إحدى الجلسات المغلقة التي كان يتحدث فيها منتخبون عن اقتسام مبالغ مالية مقابل التصويت على تفويت وعاء عقاري لفائدة «كازينو السعدي». وقد كان لافتا رد الفعل البارد لعبد اللطيف أبدوح، العضو السابق في اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال خلال رئاسة عباس الفاسي للحزب، حيث أكد للقاضي بكل هدوء أن لا علم له بهذا الشريط، نافيا أن يكون على معرفة بهويات المتحدثين في الشريط الصوتي، مضيفا بلهجة تشكيك في واقعية مضمون الشريط أن التكنولوجيا، بكل ما شهدته من تطور، من شأنها تمكين ذوي النيات السيئة من توريط أي شخص، مشددا على ضرورة التأكد من صحة هذا الشريط. وقد انصب التحقيق مع عبد اللطيف أبدوح، الذي قرر القاضي المذكور إغلاق الحدود في وجهه وسحب جواز سفره ووضعه تحت المراقبة، حول عملية تفويت وعاء عقاري مساحته 12000 متر لفائدة «كازينو السعدي» بمبلغ 600 درهم للمتر الواحد. وفي هذا الصدد، زرع القاضي، الذي تلقى تكوينا عالي المستوى في الولاياتالمتحدةالأمريكية حول الجرائم المالية، عددا من «الألغام» في طريق الاستقلالي أبدوح، في محاولة منه لكشف المزيد من المعطيات التي من شأنها أن تفرز حقيقة ما أصبح يعرف ب«فضيحة كازينو السعدي». لكن أبدوح، الذي يشغل حاليا منصب نائب رئيسة المجلس الجماعي لمراكش، ظل يسعى جاهدا خلال جلسة التحقيق، التي استمرت لساعات، إلى التأكيد على أن الموافقة على عملية التفويت بهذا الثمن كانت بعد قرار لجنة التقويم، التي يرأسها والي الجهة محمد حصاد، مشيرا إلى موافقة وزارة الاقتصاد والمالية، وكذا موافقة إدريس جطو عندما كان وزيرا للداخلية، في محاولة للتبرؤ من أي «شبهة» ترتبط بهذا الملف. وخلال حديثه عن المساطر التي واكبت هذه العملية، كان أبدوح يدلي إلى القاضي بالوثائق التي بقيت في حوزته والتي تؤكد «قانونية» عملية التفويت، في محاولة لإقناعه بخضوع العملية لمساطر أشرفت عليها الوزارة الوصية. يذكر أن جلسة التحقيق مع عبد اللطيف أبدوح قد اختلفت بالمقارنة مع جلسات التحقيق التفصيلي التي جرت قبل شهور وأيام مع كل من عبد الرحيم الهواري، المستشار الجماعي عن حزب الاستقلال، وعبد العزيز مروان، نائب رئيسة المجلس الجماعي لمراكش، وأحد المسؤولين المحليين عن حزب الأصالة والمعاصرة، إضافة على محمد نكيل، كاتب المجلس الجماعي، حيث كان القاضي قد تطرق إلى عدد من الملفات التي ارتبط بها اسم أبدوح، حيث وقف على تشييد مدرسة خاصة على بقعة أرضية في حي المسيرة بينما كان من المقرر أن تشيد فوقها مدرسة للموسيقى، وهو الملف الذي رد أبدوح على القاضي بشأنه بكونه لا يعرف خباياه بالرغم من أن زوجته هي صاحبة المؤسسة التعليمية.