يبدو منتخب «النسور» قريبا من أي وقت مضى للقبض على اللقب الذي غاب عن خزائنه منذ 19 عاما عندما توّج به في بطولة عام 1994 التي استضافتها تونس ونجح فيها في حصد اللقب بعد فوزه على زامبيا في المباراة النهائية بهدفين مقابل هدف واحد. وخلال تلك الفترة الطويلة منذ بطولة «تونس 94 « وحتى الآن، والمنتخب الأخضر الذي صنف دائما في مصاف المنتخبات العالمية، يسعى جاهداً أن يقبض على اللقب الأهم في القارة الأفريقية إلا أن محاولاته دائماً ما كانت تتعثر في الأمتار الأخيرة، فخرج الفريق من الدور نصف النهائي في ثلاث بطولات، عام 2002 على يد السنغال، وفي بطولة 2004 عقب الخسارة أمام تونس البلد المنظمة، و2006 بعد الخسارة أيضاً أمام كوت ديفوار، وكان الفشل الأخير في الدور نصف النهائي عندما خسرت النسور الخضراء أمام غانا عام 2010، ويمتلك المنتخب النيجيري أيضاً خيبة أمل كبرى في إطار سعيه المتكرر للتتويج باللقب للمرة الثالثة في تاريخه عندما خسر في المباراة النهائية لبطولة عام 2000 أمام الكاميرون بضربات الترجيح، علماً بأن النيجيريين كان قد توّجوا بأمم أفريقيا لأول مرة عام 1980 عندما أقيمت النسخة الثانية عشرة من البطولة على أرضهم. منتخب نيجيريا الذي وصل إلى جنوب افريقيا بمنتخب لا يملك من الخبرة إلا القليل ودون أن يراهن عليه أي أحد لبلوغ المربع الذهبي، سيما أنه دخل المنافسة بدون الأسماء الرنانة باستثناء لاعب وسط تشلسي الانكليزي جوزيف اوبي ميكل والقائد المسن جوزيف يوبو (32 عاما)، سيكون عليه اليوم الأربعاء مواجهة منتخب مالي. المنتخب النيجيري، وهو يبلغ هذا الدور يبدو ليس فقط عازما على إكمال المشوار إلى النهاية، ولكن أيضا قادرا على تجاوز أزمة الثقة التي لازمته في كأس العالم الماضية، حين فشلت كتيبة المحترفين التي كان يضمها الفريق، في تجاوز الدور الأول عقب خسارته من الأرجنتين واليونان وتعادله مع كوريا الجنوبية. أما ستيفان كيشي، الذي تولى تدريب الفريق في نونبر2011 فنجح في تشكيل فريق يجمع بين بعض الكبار (يوبو وميكل وبراون ايديي وفنسنت انيياما وايكيتشوكوو اوتشي) وبعض المحترفين للتو, وهو التشكيل الذي أظهر فاعلية كبيرة أمام الكوت ديفوار في دور الربع، رغم أن العديد من الانتقادات وجهت إليهم بعد الدور الأول الذي لم يظهروا فيه بالشكل اللائق حيث حلوا في المركز الثاني خلف بوركينا فاسو. وصرح كيشي الذي بدأ مسيرته التدريبية مع الطوغو ومالي دون أن يصيب النجاح:»لا أحد كان يحسب لنا حسابا ولم يعطنا أي فرصة, لكننا أظهرنا شخصيتنا الحقيقية. عندما تسلمت مهمة الإشراف على المنتخب, كنت أعرف انه يتوجب علينا أن نقاتل وقد ظهر التطور من مباراة إلى أخرى وبانت الشخصية والانضباط».وتلذذ كيشي بكسب المواجهة مع الشك المخيم في بلاده بعد استبعاد بعض أعمدة المنتخب مثل بيتر اوديموينجي واوبافيمي مارتينز لمصلحة لاعبين في الدوري المحلي, وقال «كل اللاعبين أبطال, إنهم نجوم هوليووديون, ولكن من الأفضل أن نرى لاعبين محليين يكشفون عن أنفسهم. للأسف أن بلدنا لم تكن رؤوفة تجاههم». ووضعت الصدفة كيشي في مواجهة مالي التي يعرفها جيدا كونه أشرف على منتخبها في امم افريقيا 2010 وهو لم ينس إقالته بعد الخروج من الدور الأول ويعرف لا شك الطريقة التي سيثأر فيها لنفسه وينهي مشوار «نسور مالي». أما منتخب مالي الذي بلغ الدور نصف نهاية بعد فوزه على منتخب البلد المضيف بالضربات الترجيحية 3-1 بعد التعادل في الوقتين الأصلي والإضافي بهدف لمثله. فبلغت مالي المربع الذهبي للمرة الثانية على التوالي, كما أنه مثله مثل المنتخب النيجري لم يقدم في الدور الأول ما يوحي بأنه من بين المرشحين لا على صعيد الأداء ولا على مستوى النتائج, إذ لم يظهر منتخب مالي بصورة صاحب المركز الثالث قبل عام في الغابون وغينيا الاستوائية على حساب غانا, فخسر أمام الأخيرة في الجولة الثانية بعد أن تغلب على النيجر, ثم تعادل سلبا مع الكونغو الديموقراطية في المباراة الثالثة. علما أن لاعبي منتخب مالي يضعون في اعتبارهم أنهم أمام الفرصة الأخيرة لمعظمهم لترك بصمة حقيقية على صعيد كرة القدم الأفريقية، خاصة بعد أن بلغوا المركز الثالث في آخر دورة.