اعترف الحسن الثاني، وهو وقتها في أوج قوته مباشرة بعد أن تولى العرش خلفا لوالده السلطان محمد الخامس، أن الموت هو ما يجعل الناس سواسية. وقال لبعض مقربيه إنه حينما وضع جثمان والده أمام إمام المسجد صدم حينما قال الإمام : « جنازة رجل» وليس جنازة ملك أو سلطان. اليوم، تعيدنا جنازة الشيخ عبد السلام ياسين، مرشد جماعة العدل والإحسان التي تردد أن عدد مشيعيها فاق المائة ألف، إلى نفس الصورة. صورة أن المتوفى رجل ليس إلا. غير أن حجم الجنازة، أي جنازة، ظل يطلق الكثير من الإشارات السياسية حول حجم المتوفى، وما توفر له من رأسمال رمزي تترجمه تلك الأعداد التي تسير خلف نعشه إلى مثواه الأخير، خصوصا حينما يتعلق الأمر برجال السياسة أو الفكر. يقال إن عشر أكبر جنازات في القرن العشرين كانت مع الماريشال البولوني « بيلسودسكي» الذي سار خلف نعشه 2 مليون بولوني إلى كاتدرائية وارسو في 1935. وكانت مع البريطاني جورج الخامس سنة بعد ذلك، حيث سارت خلفه قرابة 3 ملايين بريطاني. والزعيم الهندي المهاتما غاندي، الذي امتدت جنازته لخمس ساعات وسار خلف جثمانه مليون شخص، قبل أن ينثر رماد جثمانه في خمسة من أقدس الأنهار الهندية بحضور أكثر من 5 ملايين هندي. والزعيم الروسي ستالين، والأمريكي كينيدي، والبريطاني تشرشل، والهندي نهرو، والصيني ماوتسي تونغ. أما في العالم العربي، فقد شكلت جنازة الزعيم المصري جمال عبد الناصر حدثا غير مسبوق، حيث سار خلف جثمانه الملايين وهم يرددون « ناصر ناصر ناصر»، قبل أن يتابع لحظات الدفن قرابة 350 مليون شخص من مختلف بقاع العالم من خلف شاشات التلفزيون. وفي المغرب الحديث، شكلت جنازة الزعيم الاتحادي عبد الرحيم بوعبيد في 1992 الحدث السياسي الأبرز من خلال الجنازة المهيبة التي خصصت له. كما استقبلت جنازة الملك الحسن الثاني في 1999 أعدادا كبيرة من رؤساء الدول والشعوب، ودفعت المغاربة ليسيروا خلفها بالآلاف. أما في دجنبر 2012 فقد كانت جنازة مرشد العدل والإحسان عبد السلام ياسين حدث نهاية السنة التي نودعها، ليس لطبيعة صاحبها، ولكن لأن أعداد الذين ساروا خلفها كانت مثيرة رغم تضارب الأرقام بين المليون شخص والمائة ألف.