وكالات شهدت أوربا، أمس الأربعاء، حركة تعبئة ضد التقشف مع إضراب عام في إسبانيا والبرتغال، البلدين الأكثر ضعفا في المنطقة، حيث يتعاظم الرد الشعبي ضد البطالة وتردي الأوضاع الاجتماعية. كذلك سيتوقف العمل في بعض قطاعات إيطاليا واليونان وتنظم تظاهرات في بلدان أوربية عدة بما فيها فرنسا وألمانيا. وقال أرمينيوس كرلوس، الأمين العام لأكبر نقابة برتغالية، إن «هذا الإضراب الأيبيري الأول» (اسبانيا والبرتغال، تشكلان شبه جزيرة أيبيريا) هو «دليل قوي على الاستياء الشعبي وتحذير للسلطات الأوربية». وتباطأ النشاط في إسبانيا، رابع اقتصاد في منطقة اليورو، التي تعاني من بطالة تطال ربع يدها العاملة، في ثاني إضراب عام منذ تولي حكومة ماريانو راخوي الحكم قبل سنة تقريبا. وتدفق المضربون على شوارع مدريد وكبرى المدن الإسبانية منذ الليل رافعين أعلاما حمراء، وتمركزوا أمام بوابات المصانع والمتاجر وأسواق الجملة ومحطات القطار. وفي شوارع مدريد رفع المتظاهرون لافتات كبيرة كتبوا عليها شعار اليوم الاحتجاجي: «يحرموننا من مستقبلنا، هناك مسؤولون عن ذلك، هناك حلول». وتوالت التظاهرات منذ آخر إضراب في 29 مارس ضد سياسة التقشف التي تنتهجها الحكومة التي قررت توفير 150 مليار يورو بحلول 2014 والتي تطال بشدة الفئات الأكثر تواضعا. غير أن انعكاس حركة الاحتجاج يظل محدودا نظرا لتوفير الحد الأدنى من الخدمات العامة المعتادة في إسبانيا في مثل هذه الحالات. وفي محطات الحافلات والمترو تعود سكان مدريد على الانتظار أكثر من العادة. وقالت الرسامة سوليداد خيمينيث (30 سنة) مشككة: «إن الإضراب ليس أفضل طريقة للاحتجاج»، مؤكدة: «هناك أناس لا يتحملون خسارة راتب يوم عمل»، وأضافت: «سأحاول المشاركة في التظاهرة عصرا». وازدادت التعبئة مع تظاهرتين في مدريد دعت إلى إحداهما النقابات والثانية حركة الغاضبين، التي تعبر عن نفاد الصبر من تزايد الفقر وطرد أصحاب المنازل الذين يرزحون تحت الديون، بينما تلتهم المصارف مليارات اليوروهات من المساعدات التي تمنح لها. كذلك تقلص النشاط في البرتغال وتوقفت القطارات والمترو ولم تقلع العديد من الطائرات في إضراب دعت إليه نقابة «سي.جي.تي.بي» احتجاجا على إجراءات التقشف التي اتخذتها حكومة وسط اليمين. ودعت عدة لافتات علقت بين أعمدة الإضاءة في لشبونة إلى المشاركة في الاحتجاج. وكتب عليها «فلترحل الترويكا» داعية إلى طرد دائني البرتغال الذين يقيمون حاليا إجراءات التقشف التي تنفذها الحكومة مقابل مساعدة دولية بنحو 78 مليار يورو، منحت للبلاد في ماي 2011. وقال الأمين العام لنقابة «كوميسيونيس أوبريراس' إنياسيو فرنانديث توكشو في مدريد إن «هذا اليوم سيكون مرحلة في التاريخ النقابي الأوربي»، داعيا إلى إضراب ضد «حكومة البطالة والبؤس». وفي حين يتوقع أن يظل النمو في منطقة اليورو راكدا ولا يتجاوز 0،1% خلال 2013، حسب المفوضية الأوربية، حذر صندوق النقد الدولي رجال السياسة من أن التقشف قد يصبح «سياسيا واجتماعيا غير محتمل». وحذر رئيس الكونفدرالية الألمانية للنقابات مايكل سومر من سياسات التقشف في بلدان جنوب أوربا. وقال: «في اليونان وإسبانيا والبرتغال تنتهج سياسة تشقف على حساب الناس (...) إنهم يدمرون هذه البلدان بالاستقطاعات (...) لذلك هناك هذه المقاومة وهذه الثورة».