عبد الصمد الصالح «عادت» سيدة متوفاة منذ سبع سنوات إلى الحياة أكثر من مرة، لتنجز معاملات تجارية تهم قطعة أرض قيمتها 16 مليار سنتيم، وتُتمّ إجراءات التقاضي أمام محكمة سيدي قاسم لإتمام بيعها، وتقدم طلبا للتجزيء أمام المصالح المختصة، في قضية تشير أصابع الاتهام فيها إلى رئيس المجلس البلدي لوزان، بصفته مشتري الأرض من الهالكة، وإلى محام من ورثتها تكلف بإجراءات التقاضي نيابة عنها أمام المحكمة. وتعود فصول القضية إلى شهر فبراير من سنة 2000، عندما اشترى محمد كنفاوي، الرئيس الحالي للمجلس البلدي لوزان، جميع الحقوق العقارية للسيدة رقية اكديرة، في الأرض الواقعة على «الشياع» بضواحي المدينة، عن طريق وعد بالبيع، وهو البيع الذي لم يكتمل نظرا لعدم استكمال المستحقات المالية للمالكة، التي عاجلتها الوفاة في 6 يونيو 2005. وبعد أكثر من سنتين على تاريخ الوفاة، رفع كنفاوي دعوى قضائية أمام المحكمة الابتدائية بسيدي قاسم، بخصوص الوعد بالبيع الذي يربطه بالهالكة، مطالبا باستكمال إجراءات البيع، وناب عن الهالكة في القضية محام ينتمي إلى عائلة المالكة المتوفاة، تظهر الوثائق التي حصلت عليها «المساء» أنه ضمن ورثتها. وقضت المحكمة الابتدائية لصالح المدعي، ليصبح الوعد بالبيع الذي يربط الطرفين بيعا نهائيا بتاريخ 27 فبراير 2008. السيدة المتوفاة «قامت» باستئناف الحكم الابتدائي أمام محكمة الاستئناف بالقنيطرة، والتي قضت بتأييد الحكم المستأنَف، ثم واصلت، رغم مرور ثلاث سنوات على وفاتها، الإجراءات القضائية، بالطعن بالنقض أمام المجلس الأعلى للقضاء، قبل أن «تقرر» التقدم بملتمس يرمي إلى التنازل عن طلب النقض، حيث صدر القرار بتاريخ 1 يوليوز 2009 في الملف المدني القاضي بالإشهاد عليها بذلك وهي في حالة وفاة. ويتهم النائب البرلماني عبد الحليم علاوي، الذي رفع دعوى قضائية في الموضوع شهر أكتوبر الجاري، المحامي المترافع عن الهالكة بالتواطؤ مع رئيس المجلس البلدي من أجل «الاستيلاء» على القطعة الأرضية. وأشار علاوي إلى أن الشيك الذي قدمه المشتري لاستكمال عملية البيع، بمبلغ 40 مليون سنتيم، لم يكن باسم البائعة المتوفاة، وإنما باسم وريثها المحامي الذي قام مقامها. القضية ستعرف تطورات جديدة سنة 2009، عندما أصبح كنفاوي رئيسا للمجلس البلدي لوزان، حيث وُضع طلب بالترخيص لتجزئة عقارية في نفس العقار باسم رقية اكديرة، وتم رفض الترخيص لها في الاجتماع الأول بين الوكالة الحضرية بسيدي قاسم والسلطة الإقليمية والمجلس البلدي، لكن بعد أسبوع من ذلك سيتم الترخيص لها بالتجزئة، في اجتماع ثان، كما يبين محضر الاجتماع الذي تتوفر «المساء» على نسخة منه، والذي يوجد اسم الرئيس نفسه ضمن الموقعين عليه، وهو أمر يراه علاوي، صاحب الدعوى، «خرقا سافرا لكل مساطر البناء والعمران، التي تقتضي أن يكون العقار موضوع التجزيء محفظا وخاليا من أية مشاكل أو نزاعات». ويؤكد المتحدث نفسه أن استخدام اسم المالكة الأصلية المتوفاة، وتزوير توقيعها وتقديم طلب باسمها، كان بغرض التحايل على القانون، وتجاوز نزاعات أرض «الشياع»، والمشاكل مع الورثة. ويضيف أن «كل المعلومات والوثائق الخاصة بهذه التجزئة كانت مهربة ومختفية تماما من المجلس البلدي، مما تطلب شهورا من البحث والتنقيب في الوكالة الحضرية والمحاكم قصد جلب الوثائق المتعلقة بها». وقال علاوي إن ورثة الهالكة «لم يبلغ إلى علمهم في الغالب أمر القطعة الأرضية، أو تم إيهامهم بأنها باعتها قبل وفاتها»، خصوصا وأنها كانت مقيمة في مدينة الرباط، شأنها شأن أخواتها الوارثات. وأكد أن القيمة المالية للأرض حاليا، تبلغ أكثر من 16 مليار سنتيم، وتضم 566 بقعة سكنية كما يوضح كناش التحملات. يشار إلى أن الدعوى الموضوعة أمام الوكيل العام للملك بمحكمة القنيطرة بتاريخ 15 أكتوبر الجاري، قدمها كل من العربي محارشي المستشار بالغرفة الثانية، ورئيس المجلس الإقليمي لوزان، وعبد الحليم علاوي النائب البرلماني والمستشار الجماعي بنفس المدينة، من أجل متابعة رئيس المجلس البلدي وفق القانون الجنائي. وقد حاولت «المساء» طيلة صباح أمس الأربعاء الاتصال برئيس المجلس البلدي لوزان، من أجل أخذ رأيه في الموضوع، لكن الهاتف ظل يرن دون جواب.