الرباط المهدي السجاري انتقد المقرر الأممي لمناهضة التعذيب، الأرجنتيني خوان مانديز، استمرار التعذيب في المغرب «رغم تحسن الوضع بصفة عامة مقارنة بالعقود السابقة التي شهدت عمليات اختفاء واسعة النطاق واعتقالات سرية وعمليات تعذيب». وعبر مانديز، خلال ندوة صحفية عقب انتهاء زيارته للمغرب أول أمس السبت في الرباط، عن أسفه حيال رصد السلطات لتحركاته، معتبرا أن الكاميرات كانت تنتظر وصوله في كل مكان قام بزيارته، مما خلق مناخ تخويف شعر به عدد من الأفراد الذين التقى بهم، وأكد على تلقيه ضمانات من السلطات المغربية بعدم التنكيل أو الانتقام من الأشخاص الذين تحدثوا إليه. وأوضح المقرر الأممي أنه تمكن من الوصول إلى مراكز الاعتقال دون أي تعقيدات، وأجرى مقابلات مع المعتقلين دون أي عائق وفي خصوصية تامة، مسجلا أنه بالرغم من أن الاستعدادات والتحضيرات لاستقباله في السجون ومخافر الشرطة ومراكز الأحداث قد حالت دون استطاعته رؤية هذه الأماكن بشكل تلقائي، إلا أنه عبر عن تقديره للجهد الكبير وما شهدته تلك المرافق من استثمارات لتحديثها». وخلص مانديز إلى وجود بعض حالات حديثة تتمتع بالمصداقية توضح اللجوء إلى الضرب باللكمات والعصي واستخدام الصعق الكهربائي والكي بأعقاب السجائر، وقال إن «هناك ادعاءات ذات مصداقية تشير إلى وقوع اعتداءات جنسية وتهديد باغتصاب الضحية أو أفراد أسرته وأشكال أخرى من سوء المعاملة، وقد قدمت لي عدة حالات تظهر فيها إصابات تدل على وجود معاملة ترقى إلى درجة التعذيب». وسجل أنه «استنادا إلى عدد كبير من الشهادات التي تلقيتها يبدو أن المدعين وقضاة التحقيق قد اعتادوا على استبعاد شكاوى التعذيب ولا يحققون في مثل هذه الادعاءات، كما أنني لم أر بالفعل أي قضية يتم فيها استبعاد اعتراف تم الحصول عليه بالإكراه، ولم تقدم لي أي قضية من هذا القبيل». وأوضح أنه فيما يخص الضمانات لمنع حدوث التعذيب فإنها لا يتم تطبيقها بشكل فعال لأنه لا يوجد دليل على أن هذا التعذيب قد ارتكب وليس هناك جهد كبير للتحقيق والملاحقة ومعاقبة مرتكبي عمليات التعذيب، داعيا السلطات إلى احترام الحق في تقديم الشكاوى وأن تكفل للمتهمين فرصة منصفة لرفع شكاواهم وادعاءاتهم الخاصة بالتعذيب وسوء المعاملة التي قد يكونوا تعرضوا لها على أيدي رجال الشرطة أو المخابرات. ويبدو أن أصداء التدخلات الأمنية العنيفة ضد الأطر العليا المعطلة قد وصلت إلى المقرر الأممي، حيث أكد أن هناك ارتفاعا كبيرا في استعمال العنف إذا تعلق الأمر بتعامل الشرطة أي سلطات أخرى مع الأحداث التي تنطوي على أي تجمعات، وهو الشيء الذي دفعه إلى التشديد على أنه ليس من حق السلطات استخدام العنف المفرط ضد المتظاهرين بغض النظر عن حصولها على التصريح من عدمه. وأكد أن الحق في التظاهر السلمي يجب أن المحافظة عليه، وعندما يبدو أن المظاهرات قد تخرج عن السيطرة فإن الشرطة يجب أن تحافظ على القانون وأن تحد من استعمال العنف لكن ذلك يجب أن يكون وفق المعايير الدولية التي ترتكز على الضرورة والتناسب في الحق في الحياة والسلامة البدنية. وفي حديثه عن الأوضاع داخل السجون المغربية قال مانديز: «المؤسسات التي قمت بزيارتها استفادت من تحسينات كبرى كالصباغة الجديدة والأسِرة والبطانيات التي تم توفيرها ومن عمليات الإصلاح بشكل عام، وأتمنى أن تستفيد المؤسسات التي لم أقم بزيارتها من نفس هذه التحسينات». وسجل أن «مشكلة الاكتظاظ قضية ملحة ويجب أن تعالج، فهنالك نسب تتراوح ما بين 34 و80% في بعض السجون، وهذه الأرقام قد لا تعكس المعدل الفعلي للاكتظاظ لأن هذه النسب ترتكز على عدد الأسرة الخاصة بالسجناء، وفي بعض السجون التي قمت بزيارتها فإن الأسِرة نفسها كانت ملتصقة التصاقا زائدا مما يقلل مستوى ظروف العيش». وأكد أنه من خلال زيارته للسجن المحلي ومستشفى مدينة العيون، فإن القسم المخصص للنساء في السجن وأيضا مركز الرعاية النفسية في المستشفى تم تجديدهما مؤخرا وكانوا على مستوى عال جدا»، مشيرا إلى أنه لم يتمكن خلال زيارته لمدينة العيون من اللقاء إلا بعينة من الذين يدعون أنهم ضحايا وممثلون من المجتمع المدني، وأكد أنه سيقوم بدراسة جميع الطلبات حتى يتسنى له أن يطلع على كافة المعلومات».