قال خوان مانديز، المقرر الأممي المكلف بالتعذيب، إنه تمكن من الوصول بدون عائق يذكر إلى مراكز الاعتقال، وأجرى لقاءات مع المعتقلين دون عراقيل وفي خصوصية تامة.. وهذا على طول المدة الزمنية لمهمته الاستقصائية بالمغرب. المقرر الأممي صرح، ضمن ندوة صحفية عقدها بعد زوال اليوم بإحدى فنادق الرباط، أن الاستعدادات بدت واضحة لاستقباله في كل تحركاته، وأن التحضيرات التي أجريت على الأماكن التي زارها لم تسمح له برؤية الأشياء بشكل تلقائي، إلا أنه شكر المجهودات التي بذلت لتجديد هذه المؤسسات. مسؤول الأممالمتحدة المعين سنة 2010 ليكون مقررا مكلفا بالتعذيب أضاف أن المؤسسات السجنية التي زارها "استفادت من الصباغة و الأسرّة والأفرشة الجديدة.." وتمنى أن تحظى السجون التي لم يزرها بنفس الاهتمام والتحسينات. المعتقل السياسي الأرجنتيني السابق تأسف على "عمليات الرصد" التي كانت مصاحبة للزيارات التي قام بها لعدد من فعاليات المجتمع المدني، قائلا: "للأسف؛ لقاءاتي بالمجتمع المدني كانت ترصدها السلطات، حيث كانت الكاميرات و الوسائل المتعددة الاتصال تنتظرني في كل مكان، مما خلق جوا من التخويف، خاصة أن الرصد لم يكن من طرف وسائل الإعلام..". مانديز قال أيضا إنه اتصل بمسؤولين حكوميين حتى "لا يتم التنكيل" بمن إلتقاهم خلال زيارته، وأضاف أنّ السلطات "التزمت بذلك".. ودائما حسب ما جاء ضمن ندوته الصحفية الملاقية للاهتمام. المسؤول الأممي أورد أن ثقافة حقوق الإنسان بدأت تظهر بالمغرب، وأن هناك قبولا من طرف السلطات لهذه الثقافة، وقد أثنى على الجهود التي يضطلع بها المجلس الوطني لحقوق الإنسان، و لجانه الجهوية، في أوساط السلطات والمجتمع المدني، واصفا المجلس ب "الهيئة المستقلة و ذات المصداقية". ورغم أن ماندير أقر في ندوته بالمجهود الذي قام به المغرب فيما يخص الاعتراف بالممارسات الخاطئة، خلال ماضيه المعروف ب"سنوات الرصاص"، إلا أنه اعترف بصعوبة تقييم الأثر الفعلي لدستور 2011 الذي قال عنه: "أتى بتغييرات تبعث على التفاؤل.. الوثيقة الدستورية التي جاءت بتجريم كافة أنواع التعذيب تستدعي تقييم ما إذا كان المغرب في حاجة إلى التدقيق و تعريف كلمة: تعذيب، حتى تصبح مطابقة للمفهوم الأممي". مانديز، الذي كان يتوسط الطاولة التي جلس إليها خبير دولي في الطب الشرعي و مستشارته القانونية، قال إنه وقف على شهادات ذات مصداقية بشأن التعرض لضغوط بدنية ونفسية خلال عملية التحقيق، ووصفها ب "المتكررة والمستمرة"، حيث أردف أنها "تتعدد بين الضرب باللكمات والصعق الكهربائي والحرق بأعقاب السجائر والتهديد بالاغتصاب..". خوان مانديز، وهو الذي تحدث وسط قاعة غابت عنها أجهزة التكييف وعرفت مشاكل في خدمات تكبير الصوت بشكل صعّب مهمة الإنصات إليه بشكل جيد، زاد أن اعترافات الضابطة القضائية لا تكفي وحدها لإدانة المتهمين بالمغرب، مشددا على ضرورة احترام حقوق من بينها اتصال المتهمين بمحاميهم، خاصة في ملفات الإرهاب والأمن القومي التي لمس فيها نوعا من التقصير في ضمان هذا الحق.. مشيرا إلى أنه لم يقف على أية حالة تم فيها "استبعاد اعتراف أخذ تحت الإكراه"، أو "إحالة لمسؤول على التأديب جراء ثبوث تورطه في هذا النوع الخروقات". أما فيما يخص التظاهرات والتجمعات فقد صرح المقرر الأممي علمه بالعنف المستعمل من طرف السلطات في بعض الحالات، مشيرا إلى أن عنف القوات العمومية "مرفوض في التظاهرات، سواء كانت مرخصة أو غير مرخصة"، ومنبها إلى ضرورة "تناسب ردة فعل قوات الأمن، في حالة خروج المظاهرات عن طابعها السلمي، بما يضمن الحق في الحياة والسلامة البدنية للمحتجين". الندوة الصحفية شهدت مشادة كلامية بين شاب صحراوي و "أحد الحاضرين" للندوة، وجاء هذا بعدما قدم الشاب نفسه كعضو من أسر معتقلي مخيّم "أكديم إزيك" وقال إن أقارب له تعرضوا للتعذيب وأن أسرهم تعاني من المضايقات والمراقبة اللصيقة من طرف السلطات.. بينما رد عليه "ذات الحاضر"، وهو الذي قدّم نفسه صحفيّا، أن الكلام في "ندوة مَاندِيز" ما هو إلاّ "حكر على الصحفيين بعدما عمل المسؤول الأممي على التقاء المعنيين بملف التعذيب في وقت سابق". خوان مانديز أشار، في نهاية تواصله الصحفي، إلى أن تقريرا مفصلا حول الزيارة سيقدم للحكومة المغربية ب "شكل سري" كي تعمل على توفير إجابات على بعض الاستفسارات والملاحظات.. وأن خلاصات الزيارة ستكون علنية خلال شهر فبراير من العام المقبل، حيث سيتم تقديمها أمام المفوضية السامية لحقوق الإنسان.