تمكّن اتحاد كتاب المغرب من اجتياز منطقة الخطر التي كان يتأرجح فيها من مدة، فقد انتخب الكتاب، الذين حضروا أشغال المؤتمر الثامن عشر في الرباط أمس الأحد، عبد الرحيم العلام رئيساً للاتحاد. وقد حصل العلام على 108 أصوات، م قابل 36 صوتا لمنافسه محمد بودويك، بينما حصلت ليلى الشافعي على 12 صوتا وعبد الناصر لقاح على 3 أصوات، أما بوسلهام الضعيف فحصل على صوتين.
ويذكر أن العلام كان يدير الاتحاد لمدة. وهكذا فإن المؤتمر الوطني الثامن عشر لم يأت بمفاجآت، حيث كان اسم العلام يتردد في العلن كما في الكواليس.. كما يذكر أن أشغال هذا المؤتمر عرفت كثيرا من المشاحنات والمشادات.
وفور انتخاب رئيس اتحاد كتاب المغرب، باشر المؤتمرون إلى عملية التصويت على أعضاء المكتب التنفيذي، والذي جاء بالأسماء التالية: يحيى اعمارة، عبد المجيد شكير، مصطفى الغتيري، إدريس الملياني، وداد بنموسى، فاطمة الزهراء بنيس، أمينة المريني، ليلى الشافعي، عبد الدين حمروش وسعيد كوبريت، إضافة إلى رئيس الاتحاد، عبد الرحيم العلام. وقد تم تخصيص 30 في المائة للنساء لافساح المجال للعنصر النسوي ولكي يكون حضوره وازنا.
وقد استكمل الاتحاد جميع أجهزته بعد ليلة بيضاء.. وبعد ذلك، تلا نجيب خداري البيان الختامي، الذي عمل على صياغته كل من عبد الصمد بلكبير ويحيى بن الوليد، إلى جانب خداري، ومن أهم النقط التي جاء بها هذا البيان التأكيد على ميثاق اتحاد كتاب المغرب وهويته الثقافية. كما أنه ثمّن الاستجابة لمطالب الحراك الشعبي في المغرب، وفي مقدمة ذلك الاصلاح الدستوري. ودعا البيان، أيضا، إلى التنزيل السليم للدستور، مشددا على أهمية الواجهة الثقافية، مع الدعوة المُلحّة إلى رد الاعتبار للكاتب والتشديد على قيّم الحرية والتعبير وجعل الكتاب، طبعا ونشرا وتداولا، في مقدمة الاولويات. كما دعا البيان إلى التعجيل بإنشاء أكاديمية اللغة العربية، مع الاهتمام والالتفات الى اللغات. وشدّد، أيضا، على الوحدة الترابية للمغرب. كما أنه نص على وحدة المغرب العربي وعلى ضرورة فتح الحدود مع الجزائر، إلى جانب لفت الانتباه إلى الثغور المغربية التي ما تزال مستعمَرة، مع انتقاده الاستفزازات التي تقوم بها الجارة الإسبانية.
ومن جهة أخرى، ثمّن البيان الحراك العربي ودعا إلى نبذ العنف بجميع أشكاله وإلى الأخذ بالحوار السياسي داخل البلدان العربية التي تشهد صراعات دموية. كما دعا الى التضامن مع القضية الفليسطينية.
وهكذا يكون اتحاد كتاب المغرب، حسب قول أحد أعضائه، قد خرج من عنق الزجاجة، كما لاحظ المتحدث أن ريح الربيع العربي والتطورات التي عرفها المغرب كان أثرها ظاهرا من خلال صيغة انتخاب الرئيس وفسح المجال لأصوات جديدة.
وكان المؤتمر الوطني الثامن عشر للاتحاد٬ الذي انطلقت أشغاله أول الجمعة الماضي٬ قد صادق في ساعات متأخرة من يوم السبت على التقرير الأدبي ب94 صوتا، مقابل اعتراض عضو واحد وامتناع ستة أعضاء عن التصويت٬ كما أنه صادق على التقرير المالي ب88 صوتا وامتناع 6 أصوات.
وإثر المصادقة على التقريرين الأدبي والمالي٬ قدم المكتب التنفيذي السابق استقالته وتشكلت رئاسة المؤتمر، التي ضمّت عبد الرفيع الجواهري رئيسا وعضوية أمال الأخضر ومليكة نجيب وخالد الخضري وبهاء الدين الطود.
وقد انكب المؤتمرون على مناقشة مشروع القانون الأساسي٬ حيث أقرّوا، بأغلبية 75 صوتا مقابل امتناع 52 صوتا، البند الهامّ الذي يقضي بانتخاب رئيس الاتحاد مباشرة من المؤتمر العام قبل انتخاب أعضاء المكتب التنفيذي في عملية اقتراع ثانية٬ على خلاف المسطرة المعمول بها سابقا، والتي تتمثل في انتخاب مكتب تنفيذي يتولى بدوره انتخاب الرئيس.
وقد هيمنت على مناقشة التقريرين عدة قضايا، في مقدمتها السياسة اللغوية للاتحاد وعلاقة المكتب التنفيذي بالفروع وإشكالية الحكامة الثقافية وتمثيلية الشباب والمرأة داخل الهياكل ومعايير النشر المُعتمَدة.
وتوقفت مداخلات المؤتمرين عند ضرورة برمجة أنشطة الاتحاد في إطار رؤية ناظمة للأجندة الثقافية وإتاحة موارد أكبر للفروع والتهييء الجيد للبرامج والاهتمام باللغة الأمازيغية وتعزيز موقع المنظمة في علاقاتها مع المجتمع المدني والرفع من مستوى الخدمات الاجتماعية المقدمة للكتاب وتوطيد استقلالية المنظمة وإشعاعها الوطني والدولي.
يشار إلى أن أشغال المؤتمر الوطني الثامن عشر انطلقت مساء الجمعة في مسرح محمد الخامس في الرباط وعرفت جلستها الافتتاحية تكريم مؤسسي الاتحاد ورواده٬ فضلا على تقديم وصلات موسيقية للثنائي الحاج يونس وأمير علي ومعرض لإصدارات الاتحاد على مدى خمسين سنة.
وفي هذا السياق٬ احتفى المؤتمر بالراحل محمد عزيز الحبابي ومحمد الصباغ والراحل عبد الجبار السحيمي ومحمد العربي المساري وعبد الكريم غلاب ومحمد برادة ومبارك ربيع، من خلال تسليمهم درع الاتحاد.
وأبرز رئيس الاتحاد، عبد الرحيم العلام، في كلمة الافتتاح، ا»لأدوار الطلائعية التي لعبتها المنظمة، من خلال دورها الهام في النهوض بالمشهد الثقافي الوطني على مدى نصف قرن٬ من خلال أنشطته وإصداراته ومواقفه وإشعاعه الوطني والعربي».
وقال العلام إن الاتحاد مدعو الى إعادة النظر في هياكله وإلى بلورة برامج مبتكرة لمواكبة التحولات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي يعرفها المغرب وإلى توطيد مهمته الأصيلة في ترسيخ قيّم الحداثة وحرية الإبداع والحق في الاختلاف. وأوضح أن المنظمة تطمح الى إطلاق حراك ثقافي أكثر دينامية بوسائل مغايرة تفرضها حتمية تطوير آليات الاتحاد على ضوء الأسئلة الجديدة المطروحة على الفاعل الثقافي، متوقعا أن يفتح المؤتمر نقاشا جديا حول تجربة الاتحاد ويصوغ خلاصات نقدية للنجاحات والاخفاقات٬ تسمح بوضع خارطة طريق ثقافية جديدة.
وقد حضر حفلَ الافتتاح كلٌّ من وزير الثقافة، محمد أمين الصبيحي، وزير الدولة، عبد الله باها، ووزير الاتصال، مصطفى الخلفي، ووزير التربية الوطنية محمد الوفا.
وبُرمِجت خلال حفل الافتتاح كلمات مصورة للمحتفى بهم، حيث أكد عبد الكريم غلاب أنه «يجب على اتحاد كتاب المغرب أن يهتم بالثقافة ولا شيء غير الثقافة»، في حين قال محمد برادة، في كلمته، إنه رغم التغيرات فقد تمكن الاتحاد من خلق نشاط وحضور ثقافي نقدي، مضيفا أن «أهم التطلعات المستقبلية تتحدد في خلق حوار ديمقراطي واحتضان الجميع ومقاومة القمع الثقافي، مع فسح المجال للشباب». أما كلمة العربي المساري فقد ألحّت على «ضرورة الاستقلالية»، كما أشار إلى «أهمية المرحلة الجديدة التي دخل فيها المغرب بعد الاتفاق على الدستور، والذي يفرض على الاتحاد الحضور القوي في المؤسسات الثقافية». أما مبارك ربيع فقد شدّد، في كلمة باسم المُكرَّمين، على «ضرورة ربط الجسور مع الرواد، حيث إن من لا تاريخ له لا مستقبل له.. ومن تم فإنه يجب على الاتحاد الحفاظ عليه بأمانة، وعليه أن يبقى حاضنا للجميع ومحافظا على الاستقلالية والتعاون من أجل اجتياز المراحل الصعبة».