يقدم نجيب ميكو، المدير العام لمكتب التسويق والتصدير، في هذا الحوار روايته في ملف الاختلالات التي عرفها المكتب، والضجة التي أثيرت مع تشكيل لجنة تقصي الحقائق وبعد صدور تقريرها، وفيه يقدم مجموعة من الحقائق التي عايشها خلال مدة توليه مهمة رئاسة المكتب، والفضائح التي تورطت فيها «الحيتان الكبيرة»، والتي سكت عنها تقرير اللجنة، والتي ينتظر أن يكشف عنها القضاء. - بعد الضجة التي أثيرت مؤخرا حول مكتب التسويق والتصدير، ألا تجد نفسك اليوم في موقف من تورط في مؤسسة كان الكل يعلم بأنها مفلسة وتسير نحو الهاوية؟ نهائيا، ولا يمكنني أن أعتبر بأنه غُرر بي لدى تعييني في المؤسسة لأنه ليست هناك مسؤولية جميلة ومسؤولية قبيحة، هناك مسؤولية فقط، وأنا أخذت على عاتقي هذه المسؤولية في ظروف صعبة جدا، إذ لم تكن هناك ظروف مواتية للاشتغال، بل كانت هناك عراقيل كثيرة، حتى أن الوضع الداخلي للمكتب كان يشكك في كون تعييني كان له معنى مادام التوجه والتدابير الداخلية التي تم القيام بها كانا يسيران به نحو الإغلاق. ولا أخفيك أنني وضعت السؤال على وزير التجارة الخارجية السابق عبد اللطيف معزوز، وقلت له: هل عينت لكي أعطي نفسا ودفعة جديدة للمؤسسة أم لكي أعلن موت المكتب، وهو ما لم أقبله لنفسي، كما لم أرضَ أن أكون معينا من طرف جلالة الملك وأن أكون آخر من يقوم بهذه المهمة. ولهذا اخترت الطريق الصعب، وأنا أظن أن الدولة لا توزع الغنائم، بل توزع المسؤوليات، وكل واحد يشتغل، حسب ضميره وأخلاقه، وأنا رفضت كل ما كان يقال لي من كوني «أتلقى راتبا وأستفيد من سيارة ولا حاجة لك بصداع الراس». - ما الذي قمت به لإثارة الانتباه إلى وضعية الإفلاس التي صار إليها المكتب، خاصة أنك معين من طرف الملك، وهذا يضعك أمام مسؤولية عدم السكوت عن الاختلالات الخطيرة التي سيتم فضحها لاحقا؟ لم يكن دوري فقط إثارة الانتباه إلى الوضعية، بل عملت على إخراج ورقة الطريق، التي أعدتها اللجنة بين الوزارية التي كان يترأسها إدريس جطو، والتي كانت تضم وزراء وازنين، بتاريخ 24 أكتوبر 2005، لكنها بقيت حبيسة الرفوف إلى أن تم تعييني. لكن للأسف في الفترة التي كانت تفصل بين إعداد ورقة الطريق وتعييني صيف 2008 تم تنفيذ فقرة واحدة منها، ويتعلق الأمر ببيع ممتلكات المكتب واستعمال الأموال المحصل عليها في تعويض المستخدمين المستفيدين من المغادرة الطوعية، في حين كانت ورقة الطريق تشير بوضوح إلى عكس ذلك، إذ كانت واضحة وتقول بضرورة تطهير البيت الداخلي للمكتب والشركات التابعة له، ووضع استراتيجية وتموقع جديدين للمكتب لأنه لا معنى أن تستمر مؤسسة تابعة للدولة في منافسة الخواص على بيع الطماطم والليمون في الأسواق الدولية، فهذا في نظري دور انتهى منذ سنوات. لقد طلبت الورقة إعداد وسائل الحكامة الجيدة ووضع مشروع قانون جديد لتحويل المكتب إلى شركة مساهمة. وللأسف تم التركيز على بيع الممتلكات دون باقي القرارات، ولهذا قلت إنني وجدت توجها لتصفية المؤسسة. - هل تعتقد أن قرار تصفية المكتب كان مدروسا وتم بسوء نية، أم كان فقط سوء تنفيذ لما جاءت به ورقة الطريق؟ لا يمكن أبدا أن أحاكم النوايا، فأنا أحاكم الوقائع، وهذه الوقائع تقول إن هناك ورقة طريق لم يتم تنفيذ أي من مقرراتها. - إذن أنت مقتنع بأنه كان بالإمكان إصلاح وضعية المكتب دون اللجوء إلى بيع ممتلكاته وتسريح أزيد من 95 في المائة من مستخدميه؟ أنا أتساءل عمن سمح بتسريح مئات الكفاءات العليا التي كانت تشتغل بالمكتب، وكانت من رأسمال المغرب، ومن سمح ببيع ممتلكات عمومية من أجل تمويل هذا الرحيل الجماعي للأطر. أنا اعتبر أن هذه مسؤولية جسيمة، ولا بد أن نعرف يوما ما من كان وراءها. - هذا قرار أكيد أن شخصا أو أشخاصا يقفون وراءه، فهل سنقول مجددا «عفا الله عما سلف» ونغلق الملف؟ أولا، أنا ضد هذا المنطق، ولما عينني جلالة الملك كان أول إجراء طلبته من الوزير الوصي هو أن أرافق من طرف المفتشية العامة للمالية لتحديد الوضعية الحقيقة لمكتب، وحينها لم أكن على علم بورقة الطريق ولا بأي شيء يحدث داخله، والمفتشية العامة وضعت تقريرا فيه من الكفاءة ومن التميز والدقة والاحترافية ما يفرض علينا أن نحترم مؤسسات بلدنا وشرفاءه. وحين وصل التقرير إلى مرحلته النهائية يوم 9 فبراير2011، وجدت فيه من الخطورة ما دفعني لأطلب رأي الوزير الوصي ورأي الوكالة القضائية للمملكة، واتفقنا بشكل جماعي على أن نقدمه باستعجال إلى القضاء، ولم نقل أبدا بشأن ما رأيناه في التقرير: «الله يسامح»، بل قدمناه إلى القضاء، وأكثر من ذلك شكل تقرير المفتشية النواة الصلبة لتقرير لجنة تقصي الحقائق، حيث أخذت ما بين 95 و98 في المائة من خلاصاته. ثانيا، جئت إلى المؤسسة لتدبير مستقبلها وليس لتدبير ماضيها السيء، وشرعت في تخليق المؤسسة وأوقفت بشكل صارم ونهائي جميع مظاهر البذخ وما يتنافى مع الأخلاق التي أتصورها للإدارة المغربية، وكذا وضعية المؤسسة، ولهذا أقول إن من كانوا يراهنون على نجيب ميكو بأن يقبل بالسيارة والأجر ويسكت عن الفضائح التي كانت تحدث بالمكتب فقط، كانوا مخطئين ولا يعرفون أخلاقي ومبادئي. - من تقصد بالضبط؟ أقصد أعداء هذه المؤسسة وأولئك الذين عاثوا فيها فسادا، وكانوا يراهنون على ركوني إلى الصمت، لكنهم فشلوا في رهانهم. - منذ تعيينك على رأس المؤسسة، هل كنت تتلقى تعليمات من أي جهة لتقوم بكذا أو تغض الطرف عن بعض الأمور؟ أبدا، وأنا أشهد الله على ذلك، ولكنني كنت أتمنى صادقا أن يقوم أي أحد بذلك حتى لا تكون هناك مراقبة فقط، بل أشعر بأن هناك مواكبة لعملي، وأنا أتألم لأن هذا لم يحصل لا سلبا ولا إيجابا، ولو حصل سلبا لتجاهلته، ولو حصل إيجابا فقد كنت في حاجة إليه. - لكنك صرحت في وقت سابق بأن مواقفك جرّت عليك الكثير من المتاعب. كانت كثيرة جدا، وكنت أتعرض لمضايقات وتهديدات كثيرة وأشياء مهينة تحملتها، كما تحملتها أسرتي الصغيرة. - هل كانت صادرة عن أناس تربطهم علاقة بالمكتب؟ لا استبعد الأمر. - ولِمَ لَمْ تلجأ إلى القضاء؟ قمت بمشاورات قانونية، وهناك من نصحني بأن أركز على المسار الإيجابي الذي كنت أسير فيه، وأن أهتم بالبناء، وهذا أمر طبيعي لأنك حين تصلح تزعج، ولم يكن ممكنا أن تهدد مصالح بعض الأطراف ويتركونك بسلام. لكن الحمد لله، الثقل الذي كنت أحمله لوحدي لمدة أربع سنوات صار يحمله كل المغاربة بفضل تقرير لجنة تقصي الحقائق. - ألا تعتقد بأن ما وقف عنده التقرير لا يمثل إلا جزءا يسيرا من الاختلالات الكبيرة التي تمت بالمكتب، وأن هناك أمورا أكبر مسكوتا عنها؟ أنا أثق في عمليات المراقبة التي تمت، سواء من طرف المفتشية العامة أو المجلس الأعلى للحسابات أو لجنة تقصي الحقائق، وقد تكون هناك أمور لم يتم الانتباه إليها، لكن الأساسي أنه تمت الإشارة إلى الأمور الأساسية. - ما رأيك في الاتهامات التي ووجهت بها اللجنة من كونها سياسية وتخضع لحسابات انتخابية بين حزب الأصالة والمعاصرة والاستقلال؟ كنت ككل المغاربة أحس بهذا الأمر، لكنني أقسم برب العالمين أن هذا الصراع السياسي لم يشغل بالي ولو لحظة معينة، ولم يكن سلوكي أو تفكيري مرتبطا بأي أطروحة من الأطروحات، وتعاملت مع اللجنة مثلما تعاملت مع المفتشية العامة للمالية. - كان هناك حديث عن تلقيك تعليمات من طرف الوزير عبد اللطيف معزوز بعدم التعامل مع اللجنة؟ حينما استقبلت اللجنة في 15 شتنبر الماضي أخبرتها بمضمون رسالة وزير العدل، التي تقول بضرورة توقيف أشغال لجنة التقصي لكون الملف بيد القضاء. وهو ما تشاورت فيه مع الوزير الوصي، الذي قال لي إن الرسالة واضحة وملزمة، ورغم ذلك ألح علي رئيس اللجنة حكيم بنشماس، وسألني «هل الأمر يتعلق بمشاورات مع الوزير أم بتعليمات»؟ فأجبته «لك أن تقول إنها تعليمات»، لكن الأساس أننا اعتمدنا على رسالة وزير العدل الواضحة. - موقفك جرّ عليك سخط اللجنة، وقيل فيك كلام واتهامات كثيرة. تعاملت مع الأمر بصعوبة بالغة، لكن بالتزام شديد بما يقوله القانون، الذي ينص على ضرورة توقيف عمل اللجنة حين وصل الملف إلى القضاء، والدليل على ما أقول أن اللجنة استقبلتني في جلسة اجتماع دامت أكثر من ساعتين، وقلت لأعضائها ما لم يكونوا يتصورونه أبدا، وأخبرتهم بكل الحقائق وبعمل المفتشية العامة للمالية وبالفضائح التي وجدتُ في المكتب. - ما هي الفضائح التي اكتشفتها ولم يشر إليها تقرير اللجنة؟ التقرير تحدث عن وضعية جنائزية، وأنا أقول إننا كنا بصدد تصفية منظمة لمكتب التسويق والتصدير، وكنت أتمنى أن يخبروني بالحقيقة في أول يوم عينت فيه، ولو كان الأمر كذلك لما كان إدريس جطو ألح علي في قبول المهمة، فهل كان يعقل أن يعين الملك مسؤولا على مؤسسة عمومية بهذا الحجم لمدة شهرين أو ثلاثة ليدبر إغلاقها؟ التصفية كانت، كما قلت، في أذهان من يضمرون الشر لهذه المؤسسة. لقد كانت منظمة في الخفاء بمعزل عن قرارا الوزير الأول وبمعزل عن الإرادة الملكية التي عينت مسؤولا جديدا في هذا المكتب. لقد قمت بما تفرضه علي المسؤولية حين قدمت التقرير الأول للجنة المفتشية العامة أمام المجلس الإداري، ثم التقرير النهائي، وطلبت منها قرارا يدعمنا لإحالة الملف على القضاء وهذا ما كان. فضلا عن أن وزير التجارة الخارجية كان على علم بكل ما أقوم به من تدابير، ولدي اليقين المطلق بأن الوزير الأول «عباس الفاسي» كان على علم بما يحدث. لكن من الممكن أننا لم نكن متفقين حول المآل الذي كان يجب أن يسير إليه الملف أو لم يكن يرغب الوزير معزوز في أن يسير في هذا الاتجاه أو ألا أقوم بهذا السلوك أو ذاك، لكنه لم يصرح لي بهذا أبدا. - ألا يمكن أن يكون سبب ذلك وجود أسماء استقلالية «متورطة» في هذا الملف؟ أنت تتحدث عن منتجين مغاربة، ليسوا لصوصا، فليس هناك فقط قيوح أو بودلال أو بن الشرقي، بل هناك سياسيون وغيرهم من جميع الأطياف ومن جميع جهات المغرب. لهذا لا يجب أن نعتبر أن التسبيقات سبة أو سرقة من طرف هذه الأسماء، وأؤكد أن بإمكاننا استرداد التسبيقات دون أي مشكل، ورغم أنف أصحابها، ولهذا لا يجب أن نقول إن استقلاليا أو منتميا للأصالة أو المعاصرة متورط، لأن الأمر يتعلق بديون عادية. ومقابل ذلك على اللجنة أن تفضح من ثبت تورطهم، وإلا اعتبرت متسترة على الفساد. - من المؤاخذات التي أشار إليها قياديون في حزب الاستقلال غض الطرف عن منتمين لحزب الأصالة والمعاصرة تعاملوا أيضا مع المكتب، وهذا يطرح سؤال مصداقية اللجنة؟ علينا أن نحترم الفلاح المغربي، وعلينا بالمقابل أن نفضح الوسطاء والسماسرة الذين كانوا يستفيدون من تسبيقات دون وجه حق، وعلينا أن نقودهم إلى المحاكمات رفقة من منحهم هذه الأموال، ويجب أن نعرف أن شريحة الفلاحين المغاربة حساسة جدا، وتمويلهم تمويل طبيعي وليس ميكو أو الفلاحي أو جسوس أو لحلو أو الشامي من كانوا يمولونهم، لأن هذا شكل طبيعي للتمويل، لكن ما يجب البحث فيه هو طرق تمويل السماسرة. انتظرت كثيرا أن تقوم لجنة تقصي الحقائق بفضح «الحيتان الكبيرة»، التي تحدثت عنها في أكثر من مناسبة، وبالنسبة إلي فالأمر يتعلق بأولئك الذين اقتنوا الشركات القديمة للمكتب، وهي الشركات التي بيعت منذ الثمانينيات والتسعينيات وبداية الألفية. أين هي هذه «الحيتان»؟ وما هي تفاصيل عمليات البيع؟ للأسف، التقرير لم يعط أي تفاصيل عن ذلك، ولم يقدم تواريخ هذه العمليات، ثم أين هي تفاصيل عمليات بيع الممتلكات التابعة للمكتب؟ - هذا يعني أن التقرير قفز على مجموعة من الحقائق المغيبة؟ لهذا قلت إن حصر النقاش في تورط استقلاليين أو حركيين أو منتمين للأحرار في الحصول على التسبيقات نقاش دون معنى، فالأمر يتعلق بتورط أشخاص في الاستيلاء على ممتلكات المكتب والشركات التابعة له والشركات التي كانت في الخارج، وهي شركات «بالجمع»، لكن للأسف لا أحد يتكلم عنها، ولا أحد يعرف من اقتناها وبكم تمت العملية وفي أي تاريخ تم البيع. كما أن التقرير لا يخبرنا عمن كان يسير الحسابات البنكية بالخارج ومن قام بتصفيتها وإغلاقها. لقد كنت أتمنى أيضا أن تتم تعرية تاريخ بيع الفيلات والعمارات والضيعات والأراضي الفلاحية حتى لا يكون هناك خلط في أذهان المغاربة حول المدير المسؤول: هل الحالي أم الذي سبقه؟ وأنا أنزه نفسي عن ذلك ولا «آكل من هذا الخبز» لأنني وضعت نفسي في خدمة بلدي قبل أي شيء. وأتمنى أن تستقبل اللجنة المديرين السابقين والوزراء السابقين، كما فعلت معي ومع الوزير عبد اللطيف معزوز، مع العلم أنهم صرحوا، كما صرح الوزير لدى مناقشة القانون أمام البرلمان، أن الجزء الأكبر من الفضائح وقع بين سنتي 2002 و2008 في وقت لم تكن المجالس الإدارية تنعقد، وهذا يعني أن الأمور تمت خارج القانون. على هذا الأساس كنت أتمنى أن تفضح اللجنة ما حدث في الماضي، وأنا أعرف أشياء وغابت عني أخرى، ولم آت إلى هنا لمطاردة الساحرات، بل للتحكم في وضع سيء والخروج بالمكتب من وضعية الأزمة، وهذا أمر أؤكد أنني نجحت فيه. - ألا ترى أن موقعك على رأس المكتب يؤهلك لمعرفة جميع تفاصيل المؤسسة، التي تملك بطبيعة الحال أرشيفا ووثائق محفوظة تسهل عليك معرفة من وقّع القرارات ومن تورط في الاختلالات؟ حين قدِمت إلى المؤسسة شهر غشت 2008 لم أجد سوى 22 مستخدما، 14 منهم كانوا يتوفرون على رسالة تسمح لهم بالاستفادة من المغادرة الطوعية شهر شتنبر الموالي، وكان ضمنهم أشخاص كانوا في موقع المسؤولية سابقا، فمنعتهم من المغادرة لأنه من السهل أن تدبر ملفات وتستفيد من 3 أو 4 ملايين درهم وتغادر. كما كان بجانبي فقط ستة أو سبعة أشخاص ندبر قطاعات حيوية، ولهذا لم يكن ممكنا أن ندبر الأرشيف. وحينما جاء قضاة المجلس الأعلى للحسابات آخذونني على أن الملفات لا تُرتب في مواعيدها. هذه مؤسسة كانت تدبر بأزيد من 2500 مستخدم، واليوم مطلوب مني تدبيرها بحفنة من الموظفين، هذا أمر تعجيزي. ولهذا كان هاجسي الأساسي هو الحاضر والمستقبل، ومن يبحث في الماضي فالقضاء أولى بأن يقوم بهذه المهمة، ولديه أرضية تقرير المفتشية العامة للمالية والمجلس الأعلى للحسابات. أما أنا فتوجهت لتنفيذ الإستراتيجية الجديدة في عمق الاقتصاد التضامني، ووضعت وسائل الحكامة الجيدة، والحمد لله وصلنا إلى نتائج مشجعة جدا، فالمؤسسة بدأت تأخذ مسارها الطبيعي، ولهذا أقول إن من الضروري استحضار الماضي والبحث في ملفات الفساد ومتابعة المفسدين المتورطين، لكن بدون التشهير ببعض نخب هذا البلد، وبدون فرجة جماعية، وعلى الدولة أن يكون لديها هاجس استرداد المال العام.
شكرا لبنشماس لأنه أحال الملف على الرأي العام لا بد أن أعبر لحكيم بنشماس عن شكري لأنه جعلني إنسانا سعيدا، وأزاح عن صدري هما عظيما، لأنني كنت أقضي وقتي محاولا إقناع الآخرين بألا علاقة لي بهذه الفضائح، ورغم أنه لم يقدم تواريخ ولم يكشف أسماء «الحيتان الكبيرة»، فقد قام بدور عظيم لأنه أحال الملف على الرأي العام وعلى المسؤولين من موقعه الذي يخول له ذلك، والقضاء كفيل بفضح التواريخ والأسماء الكبيرة. أما أنا فمتأكد من براءتي ولا أفكر لحظة في أن أكون متورطا في أي خلل، بل أكثر من ذلك فإن هذه المؤسسة التي كانت حساباتها السنوية تعلن الإفلاس دائما، حققت اليوم نتائج مالية جيدة لثلاث سنوات متتالية، وهذا بشهادة مكاتب افتحاص خارجية مصادق عليها من طرف المجلس الإداري بدون أي تحفظ وبدون أي مداخيل استثنائية نتيجة بيع ممتلكات تابعة للمؤسسة، علما أنها لا تستفيد من أي دعم عمومي أو دين خارجي أو حتى تسهيلات بنكية ولهذا علينا أن ننظر إلى المستقبل ونمد يد العون للمؤسسة (..)، وأتمنى اليوم أن ننتهي من هذه «الشوشرة» لأنها قد تهدم كل ما بنيناه في هذه السنوات الأربع. وللأسف فمنذ صدور التقرير إلى اليوم توصلت باستقالتين من أطر هامة بالمؤسسة، وهذا يؤلمني ألما شديدا بسبب الجو العام الذي يخلط بين الماضي والحاضر، ولهذا أقول إنه كان على التقرير أن يشير إلى الإيجابيات التي تحققت في هذه المرحلة وألا يقف فقط عند السلبيات.