الزمامرة والوداد للانفراد بالمركز الثاني و"الكوديم" أمام الفتح للابتعاد عن المراكز الأخيرة    بووانو: حضور وفد "اسرائيلي" ل"الأممية الاشتراكية" بالمغرب "قلة حياء" واستفزاز غير مقبول    النقابة المستقلة للأطباء تمدد الاحتجاج    اعتقال بزناز قام بدهس أربعة أشخاص        بمناسبة رأس السنة الأمازيغية.. جمهور العاصمة على موعد مع ليلة إيقاعات الأطلس المتوسط    الإيليزيه: الحكومة الفرنسية الجديدة ستُعلن مساء اليوم الإثنين    فيديو "مريضة على نعش" يثير الاستياء في مواقع التواصل الاجتماعي    الكرملين يكشف حقيقة طلب أسماء الأسد الطلاق ومغادرة روسيا    المغرب-الاتحاد الأوروبي.. مرحلة مفصلية لشراكة استراتيجية مرجعية    غضب في الجارة الجنوبية بعد توغل الجيش الجزائري داخل الأراضي الموريتانية    نادي قضاة المغرب…تعزيز استقلال القضاء ودعم النجاعة القضائية        بنما تطالب دونالد ترامب بالاحترام    الجزائريون يبحثون عن متنفس في أنحاء الغرب التونسي        محمد صلاح: لا يوجد أي جديد بشأن مُستقبلي    تعيين مدرب نيجيري لتدريب الدفاع الحسني الجديدي لكرة الطائرة    نيسان تراهن على توحيد الجهود مع هوندا وميتسوبيشي    سوس ماسة… اختيار 35 مشروعًا صغيرًا ومتوسطًا لدعم مشاريع ذكية    توقعات أحوال الطقس اليوم الإثنين    النفط يرتفع مدعوما بآمال تيسير السياسة النقدية الأمريكية    أسعار اللحوم الحمراء تحلق في السماء!    "سونيك ذي هيدجهوغ 3" يتصدر ترتيب شباك التذاكر    تواشجات المدرسة.. الكتابة.. الأسرة/ الأب    أبرز توصيات المشاركين في المناظرة الوطنية للجهوية المتقدمة بطنجة    شكاية ضد منتحل صفة يفرض إتاوات على تجار سوق الجملة بالبيضاء    الحلم الأوروبي يدفع شبابا للمخاطرة بحياتهم..    تولي إيلون ماسك لمنصب سياسي يُثير شُبهة تضارب المصالح بالولايات المتحدة الأمريكية    تنظيم كأس العالم 2030 رافعة قوية نحو المجد المغربي.. بقلم / / عبده حقي    حقي بالقانون.. شنو هي جريمة الاتجار بالبشر؟ أنواعها والعقوبات المترتبة عنها؟ (فيديو)    تصنيف التنافسية المستدامة يضع المغرب على رأس دول المغرب العربي    إعلامية فرنسية تتعرض لتنمر الجزائريين بسبب ارتدائها القفطان المغربي    إدريس الروخ يكتب: الممثل والوضع الاعتباري    السلطات تمنع تنقل جماهير الجيش الملكي إلى تطوان    شركة Apple تضيف المغرب إلى خدمة "Look Around" في تطبيق آبل مابس.. نحو تحسين السياحة والتنقل    من يحمي ادريس الراضي من محاكمته؟    معهد "بروميثيوس" يدعو مندوبية التخطيط إلى تحديث البيانات المتعلقة بتنفيذ أهداف التنمية المستدامة على على منصتها    كيوسك الإثنين | إسبانيا تثمن عاليا جهود الملك محمد السادس من أجل الاستقرار    أنشيلوتي يشيد بأداء مبابي ضد إشبيلية:"أحيانًا أكون على حق وفترة تكيف مبابي مع ريال قد انتهت"    حكيم زياش يثير الجدل قبل الميركاتو.. الوجهة بين الخليج وأوروبا    اختتام أشغال الدورة ال10 العادية للجنة الفنية المعنية بالعدالة والشؤون القانونية واعتماد تقريرها من قبل وزراء العدل في الاتحاد الإفريقي    شركات الطيران ليست مستعدة للاستغناء عن "الكيروسين"        الموساد يعلق على "خداع حزب الله"    مواجهة نوبات الهلع .. استراتيجية الإلهاء ترافق الاستشفاء    إنقاذ مواطن فرنسي علق بحافة مقلع مهجور نواحي أكادير    تشييع جثمان الفنان محمد الخلفي بمقبرة الشهداء بالدار البيضاء    وزارة الثقافة والتواصل والشباب تكشف عن حصيلة المعرض الدولي لكتاب الطفل    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التويجري ل«المساء»: المقاربة المغربية أكثر المسارات الإصلاحية رصانة ورشدا
قال إن سوريا مهددة بالتقسيم والحرب الطائفية والموقف الدولي يتميز بالنفاق والمماطلة
نشر في المساء يوم 09 - 08 - 2012

قال عبد العزيز بن عثمان التويجري، المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو)،
إن ما يجري في سوريا جريمة ضد الإنسانية، في ظل وجود دولة تقتل شعبها وتسميه العدو. ونوه التويجري ب«الحراك المغربي الحضاري»، الذي خرج منه المغرب بمقاربة فريدة وبإنجازات متميزة أشاد بها العالم كله. في هذا الحوار يتحدث المدير العام لمنظمة الإيسيسكو عن رؤيته للوضع في سوريا، ومسار الربيع العربي، ورؤيته لتجربة الإصلاح المغربية، وعدد من قضايا الأمة العربية والإسلامية.
- بداية، كيف تنظر إلى ما يجري الآن في سوريا؟
ما يجري في سوريا جريمة ضد الإنسانية. دولة تقتل شعبها وتسميه العدو، تقتله بكل أنواع الأسلحة الثقيلة، وتنتهك حرمات البيوت والأسر، وتحرم الشعب من حريته وحقوقه، وتلقي اللوم على العصابات الإجرامية الإرهابية الوهمية. لقد خرج الشعب السوري في مظاهرات سلمية منذ بداية تحركاته، وطالب بالحريات وبالعدل وبالكرامة وبالحقوق، التي تضمنها الدساتير الموجودة في كل الدول الديمقراطية، والتي يكفلها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وقبل هذا تكفلها الشريعة الإسلامية. اليوم سوريا مهددة بالتقسيم، والحرب الطائفية، ومخلفات هذه المأساة الكبرى ستبقى في النفوس والعقول، فهناك مئات الألوف من المهجرين في تركيا ولبنان والأردن والعراق وغيرها، وأبشع ما في هذا كله هو الطائفية المقيتة التي تحركت لتفرز المجتمع السوري، وتحدد من هو المقاوم ومن هو العميل، فأصبح المقاوم هو الذي ينتمي إلى الطائفة التي تحكم، والعميل هو عامة الشعب السوري المطالب بحقوقه وكرامته. بالنسبة إلى الإيسيسكو، فقد وقفت موقفا مبدئيا انسجاما مع قرارات منظمة التعاون الإسلامي والجامعة العربية ومنظمة الأمم المتحدة، ونحن ندعو إلى إعطاء الشعب السوري حقوقه، وأن يقرر بنفسه طبيعة النظام الذي يحكمه.
- ما تقييمك للموقف الدولي، خاصة العربي والإسلامي؟
الموقف الدولي فيه كثير من النفاق والتسويف والمماطلة، فهناك لجان تذهب وموفودون يأتون، ومراقبون يذهبون ولا يراقبون، والشعب السوري يقتل يوميا وتدمر مدنه ويسمى بالعدو. الشعب السوري أصبح عدو النظام، وهذه من المفارقات العجيبة، بينما العدو هو إسرائيل التي تحتل الجولان، والتي مازالت آمنة مطمئنة، ولم تُحرك هذه القوات لتحرير الجولان. أما الدول العربية والإسلامية، فإن بعضها وقف مواقف قوية قدم فيها الدعم والمساندة، وبعضها لا يزال مترددا، وبعضها صامت، وهذه مأساة أخرى، لأننا هنا لا نتحدث عن وقوف العالم الإسلامي كجهة تتدخل في شؤون الدول التي لها استقلاليتها وسيادتها، لكن القضية هي قضية إنسانية في المقام الأول.
- الوضع في سوريا جاء في سياق الربيع العربي. ما تقييمك لوضع الدول الأخرى بعد أكثر من سنة على الربيع العربي؟
كل دولة تختلف في مسارها وفي التطورات التي حدثت بعد إسقاط الأنظمة فيها، فتونس حدثت فيها انتخابات أنتجت قيام توافق على المناصب القيادية، وهناك أيضا تحركات كبيرة في اتجاه وضع دستور يتفق عليه أبناء الشعب التونسي بكل مكوناته السياسية وانتماءاته الفكرية، والأمور تسير في اتجاه متدرج، وليس هناك خطر يهدد هذه الدولة العضو في الإيسيسكو. جمهورية مصر العربية أيضا خرجت بانتخابات وتم انتخاب رئيس، والآن تم تشكيل الحكومة، وهناك حراك لترسيخ الدولة الحديثة، التي نرجو أن تكون مراعية لمكونات المجتمع المصري المختلفة، فهناك أقباط ومسلمون وهناك تيارات فكرية وثقافية عديدة، ولا بد من مراعاة كل هذه الأمور حتى تتم المحافظة على وحدة هذه الدولة الكبرى في العالم العربي والإسلامي، التي لها مكانتها وتاريخها، والتي يحتاجها العالم الإسلامي في الدفاع عن قضاياه. أما ليبيا فلا تزال في بدايات المسار الذي اختارته لنفسها، وأرجو أن تتبلور الأمور هناك بشكل سريع لتشكيل الحكومة بعد الانتخابات الأخيرة، ووضع الدستور الذي يرتضيه الشعب الليبي، وإعادة بناء المؤسسات على أساس من العدالة والديمقراطية واحترام التنوع وحرية الرأي. لكن أعتقد أن أفضل وأكثر هذه المسارات الإصلاحية رصانة ورشدا هي المقاربة المغربية، لأنني شاهد عليها ومتابع لما توصلت إليه.
- في هذا السياق كيف ترى تجربة الإصلاح المغربية؟
أنا أسميها الحراك المغربي الحضاري، فالشعب المغربي بحكم تاريخه العريق وبحكم طبيعته التي تتميز بخصائص فريدة، طالب كغيره من الشعوب ببعض المطالب المشروعة، وأن يحصل على بعض الاستحقاقات التي رأى أنها لم تتحقق بعد. لكن الشيء المهم في هذه القضية هو أن صاحب الجلالة الملك محمد السادس، حفظه الله برشده وحكمته وبعد نظره وبمحبته لبلده وحرصه على الحفاظ على سيادته ووحدته ونمائه، استجاب لهذه المطالب، ووافق على إدخال تعديلات مهمة على الدستور المغربي، وأن يتم تنظيم انتخابات برلمانية شفافة وواضحة شارك في الإشراف عليها الكثير من الهيئات الدولية والإقليمية، التي شهدت بنزاهتها وشفافيتها، وتنازل جلالته عن بعض الاختصاصات التي كان الدستور القديم يمنحها لجلالته. من خلال هذه الرؤية الإصلاحية وهذا الإخلاص للوطن، وتماسك مكونات المجتمع المغربي السياسية والثقافية والاجتماعية في توجهها نحو الإصلاح والتجديد، ومحافظتها على وحدة الوطن وسلامته من أن يقع فريسة للفوضى والصراعات المدمرة، خرجت المملكة المغربية بمقاربة فريدة وبإنجازات متميزة أشاد بها العالم كله، وأنا أعبر عن وجهة نظري من خلال ما رأيت وما عايشت بحكم وجودي هنا في المملكة المغربية. وأعتقد أن هذه المقاربة فريدة ويجب أن يحتذى بها، والطريق ميسر أمام المملكة المغربية لتحقيق المزيد من التطور والتقدم في مجالات الحياة المختلفة.
- كيف عايشت هذا التطور؟
هنا أريد أن أركز على نقطة مهمة، فأنا موجود في المغرب منذ عام 1985. كنت مديرا عاما مساعدا في الإيسيسكو إلى جانب أستاذنا العلامة عبد الهادي بوطالب رحمه الله، ثم أصبحت مديرا عاما، وجدد انتخابي مرات عديدة، وعايشت تطور المنظمة والحراك التنموي والإصلاحي الذي حدث في المملكة المغربية. فانطلاقا من الأمانة العلمية ومن الصدق مع النفس لابد أن أقول إنني لم أجد في هذه المسيرة إلا الحركة التصاعدية نحو الأفضل. فإذا قمنا بقياس وضع المملكة المغربية في السنوات الأولى عندما جئت هنا في الثمانينيات من القرن الماضي وما وصلت إليه اليوم، خاصة في الفترة الأخيرة، في عهد صاحب الجلالة الملك محمد السادس، سنلاحظ التطور الكبير الذي حدث في جميع مناحي الحياة. الطرق السيارة التي تربط شمال المغرب بجنوبه وشرقه بغربه، والمطارات الكبيرة والموانئ الضخمة، البنيات التحتية والمدن الكبيرة المزدهرة، الصناعات الكثيرة، الحراك الاقتصادي، الانفتاح السياسي والثقافي، والحركة العمرانية والتجارية، والاستقرار السياسي والأمن الاجتماعي في مختلف مدن المملكة المغربية من طنجة إلى الكويرة. إن هذا التنوع الذي حصل في المملكة المغربية في مسيرتها التنموية لا يوجد في دول لها طاقات وإمكانات كبيرة من المملكة المغربية، والتي لم تحقق هذا خلال عشرين أو أربعين سنة. لقد حقق المغرب قفزة نوعية خلال ثلاث عشرة سنة، وبالتالي فما حدث هو إنجاز نموذجي ممتاز في طريقه إلى التطور والنماء، ولذلك يجب عدم غمط المملكة المغربية حقها من التقدير والإشادة. مع الأسف هناك بعض الذين يرون أن ما حدث شيء عادي ولا يستحق التنويه، لكن هذا إجحاف وظلم لنهضة فريدة تستحق التنويه والإشادة لتستمر في مسيرتها نحو الأفضل.
- هل سيساعد صعود الإسلاميين في بعض الدول العربية على محاربة ما يسمى بالإسلاموفوبيا؟
يجب أن نفرق بين من يدعي أنه يمثل الإسلام ويقوم بأعمال مخلة يرفضها الإسلام جملة وتفصيلا، أو يتطرف في مواقفه باسم الإسلام، الذي هو دين الاعتدال واليسر، وبين من هو منفتح وعقلاني ووسطي يقدم الصورة المضيئة للإسلام وقيمه ومقاصده. أعتقد أن المسار الوسطي المعتدل المنفتح التنويري هو الذي يجب أن يرسخ وأن يشجع، لأنه هو الذي سيواجه الإسلاموفوبيا، التي شوهت صورة الإسلام والمسلمين في العالم. لذلك فالاعتدال الذي تنهجه بعض التنظيمات التي تتخذ من الإسلام مرجعية أولى لها يجب أن تكون معبرة عن مقاصد الإسلام السمحة، وعن روح الإسلام التي تؤلف بين الناس وتسعى إلى ما فيه الخير لهم وللبشرية جمعاء، حتى نرد على أولئك الذين يتهمون الإسلام بأبشع النعوت، والتي يبقى الإسلام منها براء.
- في السياق ذاته، أصدرت الإيسيسكو منهاج تكوين الصحفيين لمعالجة الصور النمطية حول الإسلام. ما مضمون هذا المنهاج؟
هذا المنهاج تم اعتماده في المؤتمر الإسلامي السابع لوزراء الثقافة، الذي عقد في الجزائر في شهر ديسمبر 2011، واعتمده كذلك المؤتمر الإسلامي التاسع لوزراء الإعلام، الذي عقد في شهر أبريل الماضي في ليبروفيل عاصمة جمهورية الغابون، والذي كلف الإيسيسكو بمتابعة تنفيذه. وهو منهاج دراسي تكويني عملي يتوجه ليس فقط إلى الصحفيين في العالم الإسلامي، ولكن إلى الصحفيين والإعلاميين في كل مكان، لتبصيرهم بكيفية التعامل مع هذه الصور النمطية، لأنها ليست عادلة في كثير من جوانبها. فهي صور مجحفة لها رواسب قديمة تاريخية ودينية ومن منطلقات عنصرية تكره الإسلام والمسلمين، وتقلل من قيمة ما حققه المسلمون عبر التاريخ من إنجازات، ولذلك فالمنهاج يتضمن وحدات دراسية تحدد هذه الصور النمطية، نشأتها وطبيعتها وخصائصها، وكيفية مواجهتها بالحجج والحقائق. وهذا الأمر سيتم عبر دورات تدريبية شرعت الإيسيسكو في تنظيمها في أوربا، بتنسيق مع مؤسسات أكاديمية ومعاهد متخصصة، لكي يتعامل الصحفيون والإعلاميون ليس فقط في العالم الإسلامي، ولكن في دول العالم أجمع مع هذه الظاهرة بالعدل والإنصاف. لا نريد من أولئك أن يكونوا أنصارا لنا يمدحوننا ويقفون بجانبنا، إنما نريد منهم أن يقولوا كلمة الحق، لا أن يزوروا الحقائق ويشوهوا الصور وينقلوا الإشاعات الكاذبة والافتراءات الظالمة، وينشروها على أساس أنها حقائق مسلمة. ما أضر بالإسلام والمسلمين هو المواقف المنحازة، العدوانية والمغرضة التي انطلقت من فكرة كراهية الإسلام والمسلمين وكراهية هذا الدين لتشويهه وتنفير الناس منه. ونحن في الإيسيسكو لنا نشاط آخر بجانب هذا المنهاج، حيث قمنا بعقد ندوات متخصصة وأصدرنا دراسات عديدة، كما تعاونا مع العديد من المنظمات الدولية والإقليمية، ومع عدد من المثقفين والمفكرين في دول مختلفة في العالم، يشاركون في ندواتنا ولقاءاتنا لمعالجة هذه الصور النمطية، ومواجهتها بالحقائق.
- الملاحظ هو اهتمامكم المتزايد بالمجال الإعلامي، ما المغزى من ذلك؟
الإعلام أصبح سلطة مهمة في العالم، خاصة في ظل ثورة وسائل الاتصال والمعلومات الحديثة، حيث أصبحت الكرة الأرضية قرية كونية، يتصل أبناؤها بعضهم ببعض بسرعة من خلال الإنترنت وشبكات التواصل والرسائل الإلكترونية. لذلك نحن حريصون على ألا تستغل هذه الثورة العلمية والمعلوماتية استغلالا بشعا يسيء إلى القيم والمبادئ الإنسانية والقوانين الدولية وحقوق الإنسان. حرية التعبير يجب أن تقف عند حدود حقوق الإنسان، لأنه إذا اعتدينا عليها لم تعد هذه حرية تعبير، وإنما تصبح حرية تشهير وتدمير وإساءة. فالمطلوب هو أن يكون هناك توازن بين حرية التعبير، التي هي حق من حقوق الإنسان، وبين حقوق الآخرين في الحفاظ على كرامتهم وعلى مصالحهم المشروعة وعلى ذواتهم المصانة، وألا تنتهك بالإساءة والقذف والسب والافتراء. لذلك لابد من إحداث هذا التوازن في هذين المسارين، وإذا وصلنا إلى هذه النتائج، عندئذ سنكون مثاليين. صحيح أن المثالية صعبة المنال، لكنننا نسعى إلى أن نكون مثاليين بالقوانين المنظمة لهذا المجال. فالمثالية هي السير نحو الأفضل، والإسلام هو الدين الذي دعا إلى أن يكون الإنسان صالحا وفاضلا. ولذلك نولي أهمية بالغة بالقضايا المرتبطة بتطوير القوانين والتشريعات الإعلامية في الدول الأعضاء والتحسيس بضرورة احترام أخلاقيات مهنة الصحافة، وتنمية القدرات المهنية للإعلاميين في العالم الإسلامي والإعلاميين المسلمين المشتغلين في أوربا. وخطة عملنا الحالية والمقبلة تتضمن برامج وأنشطة ومشاريع تهدف إلى تطوير هذه المجالات في الدول الأعضاء. كما شرعنا في تنفيذ خطة عمل يشرف عليها قسم الإعلام في الإيسيسكو تركز على أولويات، منها بناء الثقة وتعزيز علاقات التعاون مع ممثلي وسائل الإعلام في دولة المقر والعالم الإسلامي والإعلام الدولي، وتعزيز انفتاح الإيسيسكو على محيطها الثقافي والإعلامي والأكاديمي في دولة المقر، وتطوير طرق صياغة أخبار الإيسيسكو وتنويع أساليب نشرها ورقيا وإلكترونيا.
- ماذا حققت الإيسيسكو بعد مرور 30 سنة على إنشائها؟
مسيرة منظمة الإيسيسكو منذ إنشائها في عام 1982 وحتى اليوم كانت ناجحة ومتصاعدة في إنجازاتها. إذ استطاعت المنظمة خلال هذه العقود الثلاثة أن تنفذ خطة تأسيسية وخطة ثنائية، وتسع خطط ثلاثية حافلة بمئات البرامج والأنشطة التربوية والعلمية والاتصالية، وثلاث خطط متوسطة المدى، ووضعت 16 استراتيجية قطاعية في مجالات اختصاص المنظمة، وأنشأت مكتبين إقليميين ومراكز تربوية في العديد من الدول، ووضعت مشاريع كبرى مثل مشروع الحوار بين الثقافات والحضارات وبرنامج العواصم الثقافية الإسلامية، وانفتحت على المجتمع الدولي، فارتبطت بعلاقات تعاون وثيقة مع كبريات المنظمات الدولية والإقليمية، وفي مقدمتها منظمة اليونيسكو، ومجلس أوربا، ومنظمات الأمم المتحدة المختلفة. كما استطاعت المنظمة خلال الثلاثين سنة الماضية أن تطور نشاطها الداخلي وهياكلها وإجراءاتها ووسائل العمل فيها، وتمكنت من بناء هذا المقر الكبير، الذي أصبح يوفر لها فرصا أفضل للعمل، بما يحتويه من قاعات ومن وسائل عمل مختلفة، ومن أطر متنوعة من دول عديدة تعمل ليل نهار من أجل ترقية العمل وتجويده، واستمراريته في تحقيق أهداف المنظمة. وقد استطاعت المنظمة خلال هذه الفترة أن تصبح شريكا محترما في الساحة الدولية، فنحن اليوم أصبحنا، بحكم هذه العلاقات الوثيقة مع المجتمع الدولي، نمثل العالم الإسلامي في أهم المجالات الإنمائية، وهي التربية والعلوم والثقافة والاتصال. فنحن شركاء فاعلون لكبريات المنظمات، نساهم بالفكر، والمال والتخطيط، والتنظيم والتنفيذ.
- هل تستهدفون غير المسلمين؟
نعم نستهدف المسلمين وغير المسلمين، وأحد سفراء الإيسيسكو للحوار بين الحضارات هو شخصية سويسرية مسيحية، هو جون بول كارتيرون، رئيس منتدى كرامز مونتانا، وهو متعاطف مع العالم الإسلامي. هذا دليل على أن لنا وجودا في الساحة الدولية، وأن الشخصيات الثقافية المهمة في الغرب تعترف بالإيسيسكو وتتعاون معها.
- نعود إلى الشأن الداخلي للمنظمة. ما حقيقة «طرد» موظفة مغربية من الإيسيسكو؟
أولا، الإيسيسكو منظمة دولية لها ميثاقها وأنظمتها التي أقرتها الهيئات الدستورية للمنظمة، أي المجلس التنفيذي والمؤتمر العام. وتحكم العلاقة بين المنظمة والمملكة المغربية اتفاقية المقر التي وقعها وزير الشؤون الخارجية والتعاون للمملكة المغربية والمدير العام للمنظمة، والتي تنص على حصانتها وامتيازاتها وكل المسائل التي تهمها من قريب أو من بعيد. المنظمة تضم في إدارتها العديد من الموظفين من جنسيات مختلفة من الدول الأعضاء، وأغلبهم من المملكة المغربية، وأغلب هؤلاء تم توظيفهم بتوجيهات مني شخصيا، والموظفون في الإيسيسكو قسمان، موظفون مرسمون وموظفون متعاقدون. المرسمون هم الذين تنطبق عليهم مواد نظام الموظفين، والموظفون المتعاقدون تحكم عملهم المادة العاشرة من نظام الموظفين، التي تنص على أن عقد العمل هو الذي يحكم علاقة المتعاقد بالمنظمة. الذي أحدث هذه الضوضاء هو متعاقد تم توظيفه بشكل مباشر، ولم يكن مرشحا من أي جهة، وصدرت عنه تصرفات غير لائقة، في أمور ليس للمنظمة مصلحة فيها وليست منسجمة مع أنظمتها ولوائحها وقوانينها، فلم يجدد عقده، وهذا حق مخول للإدارة بناء على مواد العقد، فخرج ينشر معلومات مغلوطة، ويهاجم المنظمة ويفتري عليها، ويهاجمني شخصيا بعبارات غير لائقة، ويتكلم باسم الموظفين المغاربة دون أن يكلفوه بذلك، ثم كانت قضية موظفة متعاقدة وظفتها في العام الماضي لأن شخصية أحترمها توسطت لها، وهي ليست لديها خبرة سابقة، لكنني فوجئت بها توجه لي رسالة إنذارية عن طريق أحد المحامين تنذرني بأن أصحح وضعها خلال عشرة أيام، وعقد العمل الخاص بها لم يبلغ بعد نهايته.
- هل هذا الأمر مخالف لقوانين المنظمة؟
بالطبع هذا التصرف مخالف للعقد نفسه ولأنظمة المنظمة ولوائحها، فهي لم تتصل بي ولا بأحد المسؤولين للتعبير عن مطلبها، كما أنها وقعت عقد العمل بمحض إرادتها، ولم تعترض على شروطه. لذلك فقد تجاوزت كل الإجراءات والسلم الإداري ومقتضيات العقد، ووجهت إلي رسالة إنذارية وكأن المدير العام ارتكب جرما ضدها. لقد أرسلت الإدارة المعنية في الإيسيسكو توضيحات وافية بشأن الموضوع إلى وسائل الإعلام الإلكترونية، التي لجأت إليها هذه الموظفة لنشر شكايتها وترويج افتراءاتها، من قبيل كونها أستاذة باحثة أو أنه تم طردها بشكل تعسفي، وهذا أمر غير صحيح. الأمر ليس طردا، بل فسخ عقد كما ينص على ذلك العقد نفسه في مادته الثالثة، لا أقل ولا أكثر. وأود أن أشير هنا إلى أن حقوق المعنية بالأمر المنصوص عليها في العقد مضمونة، والإجراءات الإدارية ذات الصلة تقوم بها حاليا الإدارة المعنية في الإيسيسكو. وعلى كل حال إذا أرادت أن تقدم شكوى ضد إدارة الإيسيسكو فالقضاء المغربي موجود، ونحن نحترمه ونقدر مواقفه ونثق في نزاهته وعدالته. كما أن النظام الداخلي لصندوق التعويض عن التوقف النهائي عن العمل ينص على أن المنازعات يفصل فيها المجلس التنفيذي للإيسيسكو.
- هل صحيح أن الخارجية المغربية نبهت المنظمة حول هذه الحالات؟
أبدا. أؤكد لك أن وزارة الشؤون الخارجية والتعاون المغربية تحترم الإيسيسكو وتحترم استقلاليتها، ونحن نتعاون مع هذه الوزارة تعاونا وثيقا، والأمر نفسه مع باقي الوزارات المعنية بقضايا التربية والعلوم والثقافة والاتصال في المملكة المغربية، وخاصة مع وزارة التعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي، التي يرأس وزيرها اللجنة الوطنية المغربية للتربية والثقافة والعلوم، وهي جهة الاختصاص في العلاقة مع الإيسيسكو. وممثلة المغرب في المجلس التنفيذي والمسؤولون في وزارة الشؤون الخارجية والتعاون في المملكة المغربية يعرفون أن للإيسيسكو أنظمة ولوائح وقوانين تطبق على موظفيها. وفي اتفاقية المقر تقول الحكومة المغربية إنها تعترف بأن جميع موظفي المنظمة مسؤولون أمام المدير العام، وأن المدير العام مسؤول أمام المؤتمر العام.



وجودي على رأس الإيسيسكو شرعي خلافا لما يروج له المشككون
- ماذا عن وجودك على رأس الإدارة العامة أكثر من عشرين سنة؟
هذا موضوع أشكركم على طرحه لأنه يحتاج إلى توضيح. المدير العام للإيسيسكو ينتخبه المؤتمر العام المكون من 50 دولة عضوا من المناطق الثلاث العربية والإفريقية والآسيوية. وقد انتخبت بالإجماع مديرا عاما للإيسيسكو أول مرة عام 1991، وبعدها تم تجديد انتخابي في الدورات التالية للمؤتمر بالإجماع، ولم تتخلف دولة واحدة عن تأييد انتخابي، ولم يترشح أحد للمنصب. وميثاق الإيسيسكو كان ينص على أن المؤتمر العام ينتخب المدير العام لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد. وبعد أن أكملنا بناء المقر عام 2006، قدمت اقتراحا إلى المجلس التنفيذي لتغيير هذه المادة لكي تصبح فترة ولاية المدير العام ثلاث سنوات قابلة للتجديد مرتين فقط، وتم اعتماد ما تقدمت به من طرف المؤتمر العام التاسع للإيسيسكو، الذي عقد في مقر المنظمة في شهر ديسمبر سنة 2006. الانتخابات التي سبقت عام 2006 كانت تتم في ظل الميثاق غير المعدل، وهي كلها قانونية. وبعدما وافق المؤتمر العام المكون من 50 دولة على التعديل الذي اقترحته، تم انتخابي مديرا عاما للإيسيسكو في المؤتمر العام العاشر الموالي للمؤتمر العام الذي أقر التعديلات بالإجماع، فالمؤتمر العام العاشر انتخبني بناء على الميثاق الجديد المعدل، ولا يمكن أن يكون التعديل بأثر رجعي. ولذلك فإن من يروج لدى الرأي العام الادعاء بعدم شرعية وجودي مديرا عاما للإيسيسكو يمارس التضليل ويشكك في اختيار 50 دولة لشخصي المتواضع، ويتدخل في اختصاص دول ذات سيادة، ومن ضمنها دولة المقر المملكة المغربية.



حاوره - المهدي السجاري


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.